الميراث.. «القشة» التى قطعت صلة الأرحام
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
«رسمية» 70 عاما وما زالت تبحث عن حقها المسلوب.. و«سعاد» رضيت بالقليل ولم تحصل على شىء
محمد عاشور: أكل الأموال بالباطل عدوان على حدود الله
على المطيعى: موروث جاهلى
داليا الأتربى: ثقافة مجتمعية جديدة لتعديل المفاهيم الخاطئة
قانونى: عقوبات رادعة لمن امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه
لا يزال الميراث هو النقمة العظمى التى مزقت أوصال العديد من الأسر المصرية، وفككت شملها، كالعقد الذى تتساقط حباته، غلبت لعنة المال صلة الرحم بين الأشقاء، أفئدة ملأها الحقد والطمع والضغينة بدلًا من المودة والرحمة والدفء، ونحن الآن فى رمضان شهر الرحمة والمغفرة والمودة وصلة الأرحام التى حث عليها الإسلام، حيث يجب على كل مسلم أن يصل رحمه ليتضاعف أجره، إلا أن الطمع قطع صلة الأرحام بين الأشقاء بسبب حرمان الإناث من الميراث، ونجد من يتسابقون على الصلاة فى المساجد يمتنعون عن تسليم شقيقاتهم ميراثهن، مما دفع الآلاف منهن ممن حرمتهن التقاليد من حقوقهن التى كفلها لها الشرع والدين، للتوجه للمحاكم للحصول على الحق المسلوب لتبدأ رحلة عذاب من نوع جديد مع إجراءات لا تنتهى.
الوفد عاشت لحظات الألم والحسرة مع ضحايا الحرمان من الميراث، منهن من ضاع شبابها بحثا عن حقها الضائع، ومنهن من تنتظر.
سنوات طويلة رسم خلالها الزمن تجاعيده على ملامح وجهها، قضتها فى محاولات للحصول على ميراثها من أشقائها الذين قاطعوها بعد وفاة والدهم عندما طالبت بميراثها منهم، هذه هى حكاية «رسمية.م» البالغة من العمر 70 عامًا، إحدى سيدات قرى الجيزة، قالت والدموع تنهمر من عينيها: أنا البنت الوحيدة ولى 4 أشقاء، توفى والدى منذ 30 عامًا، انتظرت حتى بدأ أشقائى فى تقسيم التركة التى كانت تقدر بملايين، من أراض زراعية وعقارات ومحال، وأرصدة فى البنوك، والدى كان من أغنياء القرية، فوجئت أن والدى كتب لهم كل أملاكه، وعندما تحدثت معهم عن ميراثى طبقًا للشرع والقانون، ردوا قائلين «أنتِ ملكيش حاجة أصلا البنت مش بتورث» قلت لهم: حرام أنتم تخالفون شرع الله، تشاجروا معى وطردونى من بيت والدى وقاطعونى، تحدثت مع كبار العائلة والقرية فى محاولة لأخذ حقى إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل، وعندما قررت اللجوء للقضاء هددونى بقتل أبنائى، فملأ الخوف قلبى عليهم وتراجعت عن رفع القضية خشية على أبنائى.
فى المحكمة
جلست «مريم» ذات الثلاثين عامًا، والدموع تملأ عينيها، لتروى ما حدث لها من شقيقها الوحيد الذى طمع فى التركة وأخذ حقها عدوانًا وظلمًا، قائلة: بعد وفاة والدى طالبت شقيقى بحقى فى الأرض والمنزل والمحل، رد «ملكيش حاجه كله باسمى مكتوب فى الوصية» تشاجرنا وبعدما فشلت كل المحاولات الودية والعرفية، قررت اللجوء للقضاء وها أنا الآن فى انتظار حكم المحكمة.
نفس المصير واجهته الحاجة سعاد صاحبة الـ60 عاما، والتى حكت لنا قصتها قائلة: أنا بنت وحيدة على 3 أولاد، توفى والدى منذ 3 سنوات، جلست مع أشقائى لتقسيم التركة بحضور كبار العائلة، إلا أنهم أخبرونى أن والدى كتب لهم العقارات بيع وشراء قائلين: «أحنا هنراضيكى بمبلغ لكن أنتِ أصلًا ملكيش حاجة» وافقت لتجنب الخلافات، رغم أن المبلغ لا يساوى ربع ميراثى، ومع ذلك تهربوا منى ولم آخذ منهم مليمًا واحدًا حتى الآن.
وأضافت ما ترك غصة فى صدرى هو أن والدى قبل وفاته كان مقيمًا عندى وكان كثير الشكوى من أشقائى وزوجاتهم لعدم الاهتمام به والسؤال عنه، فكيف كتب لهم كل أملاكه وحرمنى منها، ولما رفض أشقائى منحى ولو جزء من حقى طرقت أبواب المحاكم لأسترد حقى المنهوب.
ظلم كبير
حكايات المحرومات من الميراث كثيرة وجميعها تدمى القلوب، وتؤكد أن مخالفة شرع الله أصبحت هينة بعد أن ملأ الطمع القلوب وجعل الأخ يأكل حق شقيقته، وفى هذا الصدد أوضح الدكتور محمد عاشور، أحد علماء الأزهر الشريف، أن حرمان الإناث من الميراث ظلم كبير وأكل لأموال الناس بالباطل «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ» ولا يجوز التعدى على حدود الله، فأكل أموال الناس بالباطل وقطع الأرحام من الكبائر وفيها بث للأحقاد والضغائن بين الأقارب وظلم الضعيف.
وأضاف، أن حرمان الإناث من الميراث من أمور الجاهلية، حيث كانوا لا يورثون النساء، وهو ما انتشر فى بعض المجتمعات فكانوا يعتبرون أن إعطاء المرأة حقها عيب، ويعد الطمع أحد أسباب حرمان المرأة من الميراث، فكلما ازداد الإنسان جشعًا ضعف خوفه من الله عز وجل وقادة حب المال إلى ظلم الآخرين، وهناك من يتحايل بشتى الطرق ليجبر شقيقته للتنازل عن الميراث، والبعض يلجأ للتهديد بالقتل، ومن يدخل المحاكم يجد كمًا كبيرًا من القضايا المتعلقة بظلم الإناث فى الميراث، وهذا يدل على ما وصلنا إليه من بُعد عن الدين والشّرعُ.
وأضاف، أنه لا يجوز تنفيذ وصية فيها ظلم وحرمان الإناث من الميراث، وإن فعل الوالد هذا، فواجب على أبنائه أن يعودوا إلى الشّرع، فلا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق، ولا يجوز تنفيذ وصية الأب لأنه ظالم، وكل وصية فيها ظلم وتعَدٍّ على حقوق الآخرين ومعصية فإنه يؤُثّم بهذا والذى ينفذها آثَم.
وأضاف، أن بعض الناس لا يلجأون إلى الله عز وجل إلا إذا كان الشرع فى حقه، وإذا كان الحق عليه لا يلجأ إليه.
وأشار إلى أن علماء الأزهر والأوقاف عليهم دور هام للقضاء على هذه المشكلة، وهو تكثيف الخطب والدروس والمواعظ المتعلقة بهذه المشكلة على المنابر والخطب الموحدة التى تحددها وزارة الأوقاف، بحيث تشمل جميع مساجد الجمهورية، وبالتوازى مع ذلك لابد أن يكون هناك رادع قانونى للقضاء على هذه الظاهرة، موضحا أن المرأة التى يقع عليها هذا الظلم لابد عليها أولا التحدث مع أشقائها ثم تذهب إلى أقرب شيوخ لها بمنطقتها يساعدوها فى الحصول على حقها بالتراضى وإذا لم تفلح هذه الوسائل عليها اللجوء للقضاء.
موروث جاهلى
وأكد الشيخ على المطيعى، أحد علماء الأزهر الشريف، أن حرمان الإناث من الميراث، موروث جاهلى، لأنهم فى الجاهلية كانوا لا يورثون الإناث، وجاء الإسلام ليعطى للمرأة حقها، وما كانت المرأة قبل الإسلام لا تأخذ شيئًا من الميراث بل كانت هى ميراثًا، يعنى من كانت له زوجة أب ومات أبيه يرث زوجة أبيه ويأخذها لنفسه، وجاء الإسلام وحارب كل ذلك.
وأضاف، لقد فرض الله تبارك وتعالى نصيبا لكل واحد من الذكر والأنثى صغيرًا كان أم كبيرًا، حتى أن علم الميراث يسمى علم الفرائض، وكون أن هناك من يحرم المرأة من ميراثها لادعاءات عدة سواء أنها ستتزوج رجلا من خارج العائلة، ويذهب المال لهذا الغريب، أو بزعم أن الذكور أولى فهذا كلام جاهلى، حرام وباطل شرعًا، فمن حرم الإناث ميراثهم سواء كان أب كتب للذكور فهذا الأب آثم شرعًا، وإذا لم يكتب وجاء الأخ وقال النساء لا ترث فهذا الذى يحرم أخواته آثم شرعًا، يعتبر أكل مالًا بغير حق فقد قال تعالى «وَتَأْكُلُونَ التُّرَاثَ أَكْلا لَمًّا وتحبون المال حبًّا جًّما» فأكل الميراث هذا يدخل على من أكله بالنار والخراب فى الدنيا، ويأتى يوم القيامة وفى أعناقه المال الذى سرقه وهو ليس من حقه، بالإضافة إلى الأحقاد التى تكون بين الأبناء وبعضهم وتصل إلى قطيعة الأرحام وأحياناً إلى حد القتل والثأر، وهذا كله حرام شرعًا، وعلى كل رجل أن يتقى الله تبارك وتعالى فيما أوصى.
حرمان المرأة من حقها
وقالت الدكتورة داليا السيد الأتربى، عضو المجلس القومى للمرأة مساعد رئيس حزب المؤتمر لشئون المرأة: إنه للأسف الشديد فى الوقت التى تتمتع فيه المرأة المصرية بالكثير من أوجه الدعم فى كثير من النواحى إلا أنها ما زالت تعانى من مشكلة فى الحصول على الميراث، ورغم تعديل القانون ٧٧ لسنة ١٩٤٣ فى عام ٢٠١٧ والى وضع نصا عقابيا لمن يمتنع عن تسليم الإرث للأنثى تصل إلى الحبس والغرامة، إلا أنه ما زال هناك ظلما واضحًا لحقوق المرأة فى الإرث رغم إلزامية النص الدينى، ومع ذلك تتكرر هذه الظاهرة وتكثر الشكاوى من حرمان الإناث من الميراث.
وطالبت الدكتورة داليا بضرورة عمل حملات توعية لتعديل بعض المفاهيم الموروثة بشكل خاطئ، ويجب أن نزرع ثقافة جديدة فى المجتمع وهى أن الذكر والأنثى سواء، وأن الميراث حق للمرأة وغيره طبقًا للشرع والقانون، وأن يبتعد المجتمع عن فكرة «الذكورية هى الأمان»؛ لأن المجتمع ناجح بالذكر والأنثى وأن يعى كل إنسان أن أخد الحق يعطى الفرصة لإعطاء الواجبات، وأن الفكر الذى يسود فى حجب الحق هو فكر منع الخير، ويؤدى إلى زيادة الاحتقان فى المجتمع، ورجائى من عقلاء وحكماء بلادنا أن نغير ثقافة ذكورية المجتمع وأننا جميعا نعمل ولكل منا دوره فى بناء الوطن.
جريمة
والتقط أطراف الحديث أيمن محفوظ المحامى قائلا: إن عادات الجاهلية ما زالت منتشرة فى ربوع الوطن، ومن أخطر تلك العادات التى أصبحت ترتقى لمرتبة الجريمة هو حرمان الإناث من الإرث بدعوى أن أموال الإرث لا يجب أن تذهب إلى زوج البنت لأنه غريب، وأحياناً حينما تكون الفتاة غير متزوجة تحرم أيضاً من الإرث، وأصبح الأمر كأنه عرف فوق التشريع السماوى، وهو ظلم بَيِّنٍ حرمه الله على نفسه وبعض الناس يفتخرون بذلك الظلم، رغم أن الشرع قد نظم قواعد الإرث، ولا يجوز مخالفة تلك الأمور، حتى وإن كان الابن أو الابنة غير بارين بأبويهما، لأن الحق فى الإرث سببه النسب وليس الإحسان للوالدين، فالحرمان من الإرث يكون لسبب وحيد هو قتل المورث لأن القاتل لا يرث.
وأوضح أن على كل فتاة أن تعى بأن الحرمان من الإرث طبقًا لنص المادة 917 مدنى يعتبر جريمة.
وأوضح أنه إذا تم الحرمان من الميراث بعد وفاة المورث فإن ذلك لا يجوز طبقًا لقانون المواريث الذى وضع عقوبات رادعة فى حالة الامتناع عن تسليم أحد الورثة نصيبه الشرعى من الميراث، حيث يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة من 20 إلى 100 ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من امتنع عمدًا عن تسليم أحد الورثة نصيبه، وفى هذه الحالة يجوز للمحروم من الإرث مقاضاة من حرمه من نصيبه الشرعى، ويجوز التصالح فى أى مرحلة من مراحل التقاضى وفى هذه الحالة تنقضى الدعوى الجنائية بالتصالح.
وأوضح أنه رغم النصوص القانونية والشرعية التى تحمى إرث الوارث، إلا أن الإناث غير متمتعين بشكل كامل بتلك الحماية لأسباب تتعلق بطبيعة الأنثى من خلال رقة مشاعرها وعدم الرغبة فى خلق خصومة بينها وبين أشقائها.
وأضاف أن بعض العائلات تحرم الفتاة من الإرث فقط لكونها أنثى، وهذا أمر مخالف للشرع والقانون وقبل ذلك فهو مخالف للقواعد الإنسانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الميراث صلة الأرحام الأسر المصرية الإسلام عن تسلیم من الإرث لا یجوز إلا أن
إقرأ أيضاً:
وكيل الأزهر يشارك في حفل تخريج الدفعة الـ ٥٢ لكلية طب البنات بالقاهرة
قال الدكتور محمد الضويني، وكيل الأزهر، إننا لسنا في حفل تتخرج فيه طبيبات ماهرات بعلوم الطب والتشريح فحسب، ولكننا أمام دليل عملي وبرهان واقعي يكشف بهتان المفترين الذين أظلمت عقولهم، وظلمت ألسنتهم فراحوا ينشرون بين الحين والآخر أن الإسلام ظلم المرأة! فكيف ظلمها وقد فتح لها آفاق العلم الرحبة؟ وهل ظلم الإسلام المرأة وقد أباح أن تطلع على المراجع والكتب الأجنبية بما يثقفها ويوجهها ويعلمها؟ وهل ظلم الإسلام المرأة وقد جعلها طبيبة تعالج الأمراض وتخفف الآلام؟ ما لكم كيف تحكمون ؟!
وأضاف وكيل الأزهر خلاف حفل تخرج الدفعة الـ ٥٢ لكلية طب البنات بالقاهرة، أن من تأمل تاريخ الإسلام وجد سجلا حافلا من الإنجازات الحضارية التي وصلت فيها المرأة المسلمة إلى أسمى الدرجات العلمية والعملية، دون أن تخل أو تفرط في واجباتها بنتا وزوجا وأما، ومن الأعاجيب أن بعض المتصدرين يحاولون وضع المرأة بين مسارين: إما أن تثبت ذاتها، وتحقق مكانتها، وإما أن تقوم بواجبها الذي يناسب فطرتها، وكأنها بين خيارات متقابلة متعارضة!.
حكم إخراج الزكاة لشراء أدوية وملابس للمرضى والفقراء.. الإفتاء تجيبحكم خروج المرأة إلى المسجد مُتعطرة .. دار الإفتاء تجيب
وتابع أن الأغرب أن هذا الخطاب المنحرف يحاول بالإغراء مرة وبالإلحاح ثانية وبالخداع أخرى أن يجبر المرأة على السير في هذا الطريق الذي قد يتعارض في بعض ملامحه مع خصائصها، فالتاريخ المشرق لهذه الأمة يقف شاهدا على المحرفين الذين يحاولون تجذير القطيعة بين المرأة وطبيعتها وطموحها، فكم حمل التاريخ من نماذج النساء اللاتي جمعن بين هذه الأمور كلها في غير تدافع ولا معارضة، وهذه أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها يقول عنها عروة بن الزبير ابن أختها: «ما رأيت أعلم بالطب من عائشة»، فأين المفترون من هذا التاريخ ؟!.
وأردف الدكتور الضويني أن حفلنا اليوم هو فرحة تتجدد بزهرات من خير أمة أخرجت للناس، يقد من برهانا أزهريا وردا عمليا على من يتهمون الإسلام بظلم المرأة، مؤكدا أن الأزهر الشريف ليقف مع المرأة وينتصر لقضاياها، ويسعى في تمكينها، بما يحفظها من التقاليد الراكدة، ويصونها من العادات الوافدة، ويقدم للعالم نموذجا أزهريا للمرأة المسلمة القادرة على مواجهة العالم بالعلم والفكر والإبداع.
وأوضح وكيل الأزهر أن هذا الحفل نجني فيه ثمرة التعب والسهر والآمال، وأثق تماما أن الخريجات والآباء والأمهات لتمتلى قلوبهم اليوم فرحا وسعادة، ولكني أدعوكنّ إلى مزيد من الطموح، فلا ينبغي أن تتوقف أحلامكنّ عند شهادة التخرج، وإنما أريدكنّ جميعا أن ترفعنّ راية الأزهر فتكنّ إضافة جديدة في عالم الطب الأزهري» إن صحت التسمية، وأن تسعى كل واحدة منكنّ إلى الحصول على شهادة الخيرية بخدمة الناس ونفعهم، ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير الناس أنفعهم للناس»، وأريدكنّ أن تجمعنّ إلى جنب ذلك دعوة الناس إلى الله، وبث الأمل والرجاء والتفاؤل في قلوبهم، بعيدا عن مفردات المرض والوجع والألم واليأس والإحباط.
وبيّن فضيلته أنه ما أحوج واقعنا إلى خطاب الأمل بعيدا عن خطاب الألم، وما أحوجه إلى خطاب الفرح والسعادة بعيدا عن خطاب الحزن والكآبة، فإن الناظر إلى الواقع الذي نعيشه اليوم، وما فيه من سباق علمي يرفع المجتمعات أو يضعها ، وما يتعرض له الدين والأزهر والوطن من هجمات يدرك أنه واقع متسارع معقد يوجب على المخلصين والمخلصات من أبناء الأمة البررة أن يتحملوا الأمانة بحب، وأن يعبروا عن الأمة ودينها ورسالتها وتاريخها وقيمها وحضارتها بالحكمة والموعظة الحسنة.
واختتم وكيل الأزهر كلمته بأنه لا أشد لحظة واحدة في أنكنّ - أيتها الطبيبات - قادرات - بوعيكنّ الديني وحسكنّ العلمي - على إدراك هذه التحديات والمخاطر التي تحيط بنا وتحاك لنا، وتقف بالمرصاد تتنظر لحظة غفلة منا لتتسلل داخل حدودنا وعقولنا وعافيتنا؛ ولذا فعلينا جميعا أن نقوم بواجبنا، وأن نعمل جاهدين للحفاظ على ديننا وعلى هُويتنا، وعلينا أن نكون صورة مشرقة للإسلام والمسلمين بطريق عملي، ولا أفضل ولا أقدر على نقل تلك الصورة منكنّ أيتها الطبيبات الداعيات إلى الله بالعلم والعمل.