تابعتُ خلال اليومين الماضيين تفاصيل الخلاف والمخاشنات بين الأستاذين “علي عسكوري” رئيس التحالف الديمقراطى للعدالة الاجتماعية و”مبارك أردول” رئيس المكتب السياسي للتحالف ، وساءني هذا التوتر الذي أفضى إلى قرارات متبادلة أقال فيها كل منهما الآخر !!
~ “عسكوري” و “أردول” يقفان في الصف الأول للسياسيين الوطنيين الصامدين الذين واجهوا انقلاب الجنجويد بقوة وعنفوان وجسارة ، مثلما كانا في مقدمة الرافضين للاتفاق الإطاري ، وبذلا جهداً كبيراً وتحملا الكثير من الأذى والترصد والحرب النفسية جراء مقارعتهما قوى الحرية والتغيير وحاضنتها الخارجية.

~ وللرجلين قدرات وملكات خاصة تميز كليهما ، غير أن أهم ميزة تجمعهما هي الشجاعة والصلابة في المواقف ، وقد تجلى ذلك في موقفهما الثابت والأصيل في دعم وإسناد القوات المسلحة السودانية.

~ ولهذا .. فإن أي سوداني غيور وحريص على مصلحة ووحدة القوى الوطنية الداعمة للجيش ، لابد أن يسعى حثيثاً ويدعو لعودة ثنائية الحُب والسلام بين “أردول” و”عسكوري” بأعجل ما تيسر ، واعتبار أن ما جرى بينهما خلال الأيام الماضية ، مشاهد من (الكاميرا الخفية) التي مرت على كورنيش بورتسودان الحبيبة.

~ ولابد أن يغالب الشريكان الصديقان نزعات النفس وأمراض الذات في حب الرئاسات ، فلا معنى لرئاسة في كيان ضعيف منقسم على نفسه ، مهزوم أمام حلفائه قبل خصومه.
~ ولا معنى للمزيد من التحالفات السياسية إذا كانت تلد انقسامات وتشرذمات داخل الأحزاب والقوى المكونة لتلك التحالفات ! فالتحالف – أياً كان – هو غاية لتحقيق أكبر قدر من التوحد على المشتركات والقدرة على إدارة الخلافات في القضايا غير المتفق عليها ، وليس مجرد تجمعات كبيرة تحفل بالكم وليس الكيف.

~ نحتاج أن ندعو الزعيمين “عسكوري” و”أردول” إلى تطوير المشتركات بينهما سواء في حزبهما أو في تحالف أكبر ، وأن تعود بينهما ثنائية الحُب والسلام.

~ عودا يا رفيقا النضال والمحبة .. عودا للتحالف .. والتآلف .. والقضية .. السودان لا يحتمل مزيداً من الجراح.

الهندي عزالدين

المصدر: موقع النيلين

إقرأ أيضاً:

معنى أن تترك أثرا

الحياة الدنيا هي مزرعة للآخرة، فما تزرعه اليوم من خير أو شر تحصده في دار الحساب والثواب، والإنسان جعله الله خليفته في هذه الأرض، وسخر له كل الخلق، وطلب منه أن يعمل لدنياه وآخرته، فقال الرسول صلى الله عليه وسلم، اعمل لدنياك كأنك تعيش أبدا، واعمل لآخرتك كأنك تموت غدا" ولكن أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل، وليس أجمل من أن تكون الأعمال مستمرة ومثمرة حتى بعد رحيل صاحبها، فهذا هو الأثر الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز حينما قال: "إِنَّا نَحْنُ نُحْيِي الْمَوْتَى وَنَكْتُبُ مَا قَدَّمُوا وَآثَارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ" فالله تعالى عز وجل يتحدث عن يوم الحساب وكيف أنه كتب ما قدموا من أعمال سواء كانت خيرا أو شر، وما تركوه من هذه الأعمال من بعد وفاتهم وهي ما عبر عنه المولى عز وجل ب"آثارهم".

ولوأتينا إلى الأعمال التي تبقى مستمرة بعد وفاة الإنسان، ويصله ثوابها حتى وهو في قبره فإنها تنحصر في أمور ثلاثة لخصها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له" فأول هذه الأمور هي الصدقة الجارية، وتسمى الوقف، ويعرفه الفقهاء بأنه حبس الأصل وتسبيل المنفعة، فالواقف يحبس الأصل سواء كان هذا الأصل عقارا أو مزرعة أو أرضا أو أي ملك تتوفر له صفة الأصل، ويسبل فائدتها أو منفعتها إلى من أوقف عليهم هذا الأصل، فلك أن تتخيل الأجر والثواب الذي يصل الواقف وهو قد انقطع عمله، وبقي أثره الطيب في ذلك الوقف، ولو تأملنا المزارع والأوقاف وما تحتويها من أشجار وثمار تدر على صاحبها أجرا عظيما متصلا، فكل نخلة من غراسه، يأكل منها الطير عندما يقع عليها، ومن ثم يأكل الإنسان رطبها وتمرها، ويخزنه، كما أن بعض هذا التمر الذي يكون غير صالح للاستخدام البشري، وإنما يكون غذاء للحيوانات فكل ذلك فيه أجر لصاحبها، فكرم الله عظيم، وهذا مصداق للحديث الشريف الذي يقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم فيه: " ما من رجل يزرع زرعا أو يغرس غرسا فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة.

وبعض الناس يوقف أرضا لوجوه الخير والبر، فيتم استثمارها وتعميرها ويكون عائدها يخدم شريحة كبيرة من أفراد المجتمع فتبقى هذه الأرض ما بقية السماوات والأرض تدر على صاحبها الأجر والثواب.

وهناك شكل آخر من أشكال الأثر الذي يتركه صاحبه بعد وفاته، ويتصل أجره به، وهو العلم النافع الذي يتركه العالم أو طالب العلم، ويحصل به النفع، والأمثلة على ذلك كثيرة ووفيرة، حتى على المستوى المحلي، فلو نظرنا إلى العلماء الأجلاء المخلصين الذين لا تزال مجالس العلم تحيي ذكرهم بكتبهم ونتاجاتهم المعرفية، وتتشوق النفوس إلى الاطلاع على آثارهم الفكرية في مجتمعهم، فلو نظرنا إلى نتاجات الشيخ نور الدين السالمي وأثرها في الوسط التعليمي لوجدنا أنها عظيمة وجليلة ورائدة ولا يزال طلاب العلم وباحثو المعرفة والفكر والتاريخ ينهلون من معينها، على مختلف مستوياتهم العلمية والمعرفية، وأبسط مثال على ذلك تجد ان الكتاب التعليمي الذي يحمل عنوان "تلقين الصبيان ما يلزم الإنسان" هذا الكتاب على الرغم من صغر حجمه، وبساطة منهجه ومحتواه، إلا أن أثره عظيم ممتد متصل، ويرجع إليه الصغار والكبار في معرفة ما يلزم على الغنسان معرفته في الجانب التعبدي، ولو أتينا إلى أثره في الجانب التاريخي لوجدنا أو كتابه " تحفة الأعيان بسيرة أهل عمان" يعد من أهم المصادر التاريخية العمانية التي وثقة لمراحل مختلفة من التاريخ العماني، وكذلك بقية كتبه ومنظوماته الفقهية، فأثره مبارك وعظيم. ومثله كثير من علماء الأمة الذين خلفوا صنوفا مختلفة من المعرفة العلمية والدينية والإنسانية التي انتفعت بها البشرية.

ومن أشكال الأثر هو غرس الصلاح في الأبناء من خلال تربيتهم التربية الصالحة القائمة على مراقبة الله عز وجل، والقيام بأوامره، واجتناب نواهيه، وجعل هؤلاء الأبناء لبنة صالحة من لبنات المجتمع، وتنشئتهم التنشئة الحميدة، وجعلهم فاعلين ونافعين لأنفسهم وأهلهم ومجتمعها ووطنهم وأمتهم، فيكون نتيجة لهذه التنشئة الصالحة أنهم لم ينسو ما قام به والداهم تجاههم، فهم يدعون لهم ويقدمون القربات لله عز وجل لكي ينالوا بها الأجل والثواب الجزيل، فكان أن ذلك الدعاء الذي يدعو به الولد الصالح لأبيه يصل أجره إليه بعد وفاته.

فعلى المسلم أن يترك أثرا جميلا طيبا في حياته وبعد مماته، وأن يسعى في كل سنة حميدة، وكل خصلة من خصال الخير يحييها ويأمر بها فيكون له أجرها وأجر من عمل بها من بعده، وأن يكون شديد الحذر من أن يترك أثرا من بعده يحمل وزره ووزر من عمل به من بعده إلى يوم القيامة، وما أكثر أعمال الشر والسوء في هذا الزمن الذي تموج فيه الفتن، فيقوم بها صاحبها ويترك أثرا له فيها فتصيل عليه وبالا ونكالا، ويحتمل وزرها حتى وإن رحل عن هذه الدنيا.

ففي هذا العصر الذي انتشرت فيه التقنية، قد يصمم البعض مقطع صوت أو صورة أو مقطعا مرئيا، ويضع فيه ما لا يرضي الله عز وجل، ومما يجلب سخطه وغضبه، ويقوم هو بنشره في وسائل التواصل الاجتماعي ولا يلقي له بالا إلى أنه يتم تداوله على نظاق واسع، ويتم تخزينه في تلك الوسائل، فيقع عليه ذنبه وذنب من شاهد ورسل ذلك الأمر، وهذا يقع كثيرا، فيجب على المسلم أن يميت الباطل بالسكوت عنه وعدم تداوله، لكي لا يحتمل وزره ووزر غيره، فالرسول صلى الله عليه وسلم يقول: " من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص ذلك من أوزارهم شيئا".

ويقول الإمام الشافعي في الأثر الذي يتركه الكاتب في أشعار الحكمة التي اشتهر بها:

وما من كاتِب ِإلا سيفنى

ويبقى الدهرُ ما كتبت يداه

فلا تكتـُب بكفِك غيرَ شيء

يسرُك َفي القيامة ِان تراه

مقالات مشابهة

  • سلام ومحبة ..!!
  • مي عزالدين.. «برنسيسة الفن»
  • اليمن والأردن يؤكدان قوة بينهما وأهمية استمرار التنسيق بين البلدين
  • كيف الخلاص من ثنائية العلمانية والإسلام السياسي؟
  • عزالدين: على أيّ أساس تُمنع الطائرة من الهبوط؟
  • الحفني يعقد لقاءات ثنائية خلال ندوة الإيكاو للطيران المستدام في أبوظبي
  • القنوات الناقلة لمسلسل قلبي ومفتاحه بطولة آسر ياسين ومي عزالدين في رمضان 2025
  • أسماء بنات تدل على الحب
  • ترامب خلال مؤتمر مع رئيس الوزراء الهندي: سنزيد مبيعاتنا العسكرية لنيودلهي
  • معنى أن تترك أثرا