نموذج فريد للأمومة بحب جارف وعطاء لا ينضب

دبي: سومية سعد

تصوير: هيثم الخاتم

تجمع جائزة دبي الدولية للقران الكريم نماذج فريدة من الحفظة، من بينهم المتسابق يوسف الأشعل، أحد أبناء سيدة من النماذج الفريدة في العطاء بحب جارف وصبر لا ينضب، ترعى بعزيمة وتخدم بوفاء أبناءها الثلاثة المكفوفين وتصل بهم إلى تحقيق إنجازاتٍ جمة تساندهم في الحياة هذه الأم العطوف تعتبر مثالًا للصبر ولديها إصرار وعزيمة لاتلين لأداء رسالتها على أكمل وجه، واستطاعت أن تكون نموذجاً ومثالاً للرحمة والإنسانية مع الأمومة.

تعيش صابرين أبو الحديد الأم المصرية الرؤوف بين أبنائها المكفوفين الثلاثة في صمت عطائها راضية قانعة وتقول: إنها مرضية من الله سبحانه وتعالى، لتعينهم خلال رحلتها في تلك الحياة دون كلل أو ملل، أولادها يحفظون القرآن كاملاً، حيث قامت برعايتهم وتوصيلهم إلى مدارسهم ثم جامعاتهم وكانت الأب والأم معاً.

صابرين ابو الحديد

إنها قصة تصور هذه الأم التي تعيش بين أبنائها الثلاثة المكفوفين، وتقوم بدورها بصمت وتفانٍ لمساعدتهم على مواجهة تحديات الحياة. قصة عن الحب الذي يتجاوز الظروف الصعبة ويصنع المعجزا ت، صبرها وتضحياتها تعكس قوة الروح الإنسانية، وقدرتها على التغلب على الصعاب من أجل راحة وسعادة أبنائها، إن تعليم القرآن لأطفالها المكفوفين يظهر إصرارها على توفير أفضل سبل التعليم والتنمية الروحية لهم، وهو إنجاز رائع يشير إلى قوتها العظيمة كأم

هذه القصة تذكرنا بأهمية الدعم والرعاية لأولئك الذين يعانون من التحديات والإعاقات الخاصة، وتثبت أنه بالحب والرعاية يمكن أن التغلب على أي عائق.

وقالت صابرين أبو الحديد ل«الخليج» خلال لقائها في مقر جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم ومعها ابنها الثالث المتسابق يوسف السيد عبد المعطى الأشعل: إن هذا الأمر تتويج لمسيرة كفاح في تربيتي لأبنائي الثلاثة، وكنت داعمة لهم وأحسهم على التفوق والنجاح والالتزام بالقيم الدينية، وبعد صبر وكفاح.

وتقول بدأت قصتي بإنجاب 3 مكفوفين، وبمفردي واجهت مسؤولية تربيتهم والعمل لتلبية احتياجاتهم اليومية دون أن ألجأ لأحد، حيث إني لهم الأم والأب معاً بعد وفاة الأب وأهتم بهم في أدق التفاصيل الخاصة بحياتهم، إضافة إلى، أني أسعى وراء رزقي.

وتضيف اشتدت المحنة عليا، خاصة وأنهم جميعاً مكفوفين، فحرصت على تعليمهم رغم الصعاب حتى حصلوا على على مؤهلات عليا، الأكبر أحمد خريج كلية دار العلوم، وحصلت الابنة الثانية على ليسانس آداب، والابن الثالث يوسف بكلية علوم القران في طنطا بالصف الثالث.

وتشير مرت الأيام ثقيلة علي، خاصة بعد أن صممت أن أربي أولادي وأعلمهم تعليماً عالياً، وتحولت إلى أم ذات طاقة خاصه بما تفرضه المسؤوليات وتحدده الواجبات، وتضيف ينصبّ اهتمامي على التواصل مع معهم وعمل كل شيء خاص بيهم منذ بداية دراستهم الابتدائية وحتي الجامعية، مروراً بجهودها المتواصلة في تلبية الاحتياجات اليومية لتلك الشريحة.

وقد استطاع الأبناء أن ينجحوا في حياتهم على جميع المستويات، بالإصرار واستطاعوا متسلحين بالإرادة والأمل والصبر وإصرار الأم تحويل الإعاقة إلى سبب ودافع لإنجاز قصص نجاح مهمة ولافتة ومبهرة وملهمة.

وأضافت صابرين أبو الحديد، أنها تصحو كل فجر للصلاة وتعد الإفطار وتطعم أولادها وتقوم بتغير ملابسهم وعمل ما يلزم لهم وتذهب معهم إلى كل مكان لتوصيلهم وترجع بهم إلى المنزل لتعد لهم الطعام.

وبعد العشاء تقوم بغسل ملابسهم وتطعمهم وتضعهم بجوارها في السرير، لكن دائماً ما تصحو عندما يطلب أحد منهم الماء أو غيره، وفي أحيان يقومون بمفردهم ويتسلقون الجدران للخروج من المنزل، حتي لا يتعبوني ولكني أقوم مسرعة لمساعدتهم.

المتسابق يوسف عبد المعطى الأشعل

المتسابق يوسف

ويقول المتسابق يوسف السيد عبد المعطى الأشعل، وهو يتيم وكفيف: تقوم أمي على تربيتي مع إخوتي وأنا طالب في كلية علوم القرآن في طنطا والتابعة لجامعة الأزهر ويضيف، ولدت كفيفاً، وبدأت حفظ كتاب الله في سن الثالثة، وختمته في الثامنة من عمري.

الأشعل استطاع أن يجيب عن الأسئلة الخمسة التي وجهت له من قبل لجنة التحكيم الدولية، دون أن يخطئ في الحفظ مطلقاً، وإنْ كان وقع في بعض الأمور المتعلقة بأحكام التجويد، وتحديداً مخارج بعض الحروف مثل القاف التي جعلها تميل إلى الكاف.

ويقول يوسف: منحني الله موهبة تمكنني من معرفة رقم الآية والسورة ورقم الجزء والحزب، وأحرص أن «أراجع أكثر من ثلاثة أجزاء من القرآن الكريم في اليوم، ولدي أربعة إخوة، اثنان منهما أيضاً فاقدان للبصر».

صابرين وابنها يوسف خلال حوار الخليج

المصدر: صحيفة الخليج

كلمات دلالية: فيديوهات جائزة دبي الدولية للقرآن الخليج

إقرأ أيضاً:

أمي.. ظل لا يغيب

 

سلطان بن محمد القاسمي

في سكون الليل الحالك؛ حيث يستتر العالم تحت وشاح الظلام، تبقى نجمة واحدة تلمع في سماء قلبي، تلك هي أمي. كانت تلك الروح النابضة بالحياة، التي علمتني كيف أعتنق النور حتى في أشد الأيام ظلمة.

محرومٌ جدًا من لا يعشق ظلًا في الدار ينطقها العالم أمًّا، ويحكيها القلب روحًا، ويترنمها القول أنغامًا. محرومٌ جدًا من يسكن بجوار الحب ولا يدري كيف يحياه ويعيشه. محرومٌ جدًا من لا تحتفل به أمه عمرًا، ذاك الذي يتصدق بكلمة في يوم الأم، والأم هي الأيام، والحب، بل هي أنت.. يا أنت.

الأم، يجهل قدرها من لا قدر له، من لا علم له، من لا فهم له، من لا تشغله إلّا نفسه. وقد يشعر بعد فوات الأوان، بعد أن يخسرها، كم ضيع من عمره أيامًا وأيامًا كانت لتكون أبهى لو جلس عند قدمي أمه، يطلب رضاها ودعاءها، وتقبيل كفها ورأسها، ويتلمس في عينيها ما ترغب، فيلبي لها قلبه قبل يديه، ويسعى ليسُرَّها بروحه قبل جيبه. من فَقَدَ أمه ولم يُرضها فَقَدَ الكثير الكثير، فمن يكافئ الأم بعد الفقد؟ لا أحد.. إلا قلب آمن بالله، أرضاها من قبل، وأسعدها بعد بعمل صالح، وصدقة مستمرة، ودعاء عريض آناء الليل وأطراف النهار.

وأنا لم أكن أظن يومًا أني سأفقد ذلك الظل الظليل بهذه السرعة.. ما كنت أظن.. أن الآجال تتخطف الناس من حولي على حين غرة.. وإن كانت أمي ومن قبلها أبي.. ولو كنت بأمس الحاجة لهما.. لكنه أجل لا بُد أن يأتي.. ولا بُد لي أن أبرّ وأن أُحسن لمن فقدت .. فإني أظنُّ - وهذه المرة أثق بظني- أن ما أقوم به سيصل إليهما سرورًا وسعادةً.. ومحبةً وفرحًا.. كأنني أراهما الآن يضحكان لكلماتي.. يبتسمان... ينتشيان.. يتعانقان.. وكأنني أسمع لصوتهما صدى يقول: رضي الله عنك.. يا بني.. كما أرضيتنا.. واسعدك كما أسعدتنا..  وكأنني اسمع صدى الوحي يردد: "وقل ربِّ ارحمهما كما ربياني صغيرًا"..

أمي، ذاك الاسم الذي يكتنفه الحب الخالد والحنان الذي لا يفتر. في رحيلك، يا أمي، خلّفت خلفك فراغًا لا يملؤه الزمن، وذكريات تفوق العد. كنتِ مثال العطاء بلا حدود، والصبر الذي يقهر الصعاب، والأمل الذي لا يعرف المستحيل. في وجودك كانت الحياة أكثر إشراقًا، وفي غيابك بات كل شيء يحمل لون الحنين.

لقد علمتني، بصمتك النبيل، دروسًا عظيمة في الحب والتضحية. كنت تنسجين من روحك ثوبًا يحتوينا، يحمينا من قسوة الأيام وبرودة الوحدة. كنت لنا السند الذي إن مالت به الدنيا، تماسك ولم ينثني.

أتذكر الآن كيف كانت يداك تلك البوصلة التي تهديني خلال عواصف الحياة. لم يكن هناك خوف يستطيع أن يقتحم سكون الليل طالما كنت أستمد الأمان من صدرك. كنتِ اللحن الذي يتردد في أعماقي، يوقظ فيّ الأمل ويبعث النور في دروبي المظلمة.

يا أمي، في كل مرة تشرق الشمس أراك في أشعتها الذهبية، وفي كل مساء إذ تغفو الأفق تحت طيات الغسق، أرى ظلك يمتد على جدران قلبي. لقد كنتِ لي الدفء في برد الوحدة، والسلوان في لحظات الأسى. كيف لا، وأنتِ من علمتني أن الحب لا يعرف حدودًا ولا يقيده زمان أو مكان.

رحيلك، يا أمي، كان كسرًا لا يُجبر، لكن في كل يوم أجد فيه قوة أن أمضي، أعلم أنه بفضل القوة التي زرعتيها فيّ. وأنا الآن، إذ أكتب هذه الكلمات، أحاول أن أرسم من حروفي صورة لمحبتك، أتأمل أن تحلق فوق عالمي كطائر الفينيق الذي يولد من جديد من تحت الرماد.

لم يكن حبك مجرد مشاعر تتردد في أرجاء البيت؛ بل كان عملًا مُستمرًا، صلة لا تنقطع، تعبيرًا عن الجمال في أسمى معانيه. في كل زاوية من هذا البيت، في كل لمسة على الأثاث، في كل قطعة من الزهور التي زرعتها، أرى بصمات يدك التي لطالما كانت مصدر إلهامي وأماني.

أمي الغالية، اليوم أنتِ لست بيننا بجسدك، لكن روحك تظل تحوم حولنا، توجهنا وترعانا. أشكرك على كل ما قدمتيه، وإن كانت الكلمات لا تفي حقك أبدًا. سأحمل ذكراك في قلبي، كعهدٍ أبديٍّ بأنني سأظل أحبك وأذكرك، حتى يوم أن نلتقي مجددًا في عالمٍ لا يعرف الفراق.

في رثائك، يا أمي، لن أقول وداعًا، بل إلى اللقاء. لأنني أعلم أن كل نسيم يحمل إليّ عطرك، وكل ضحكة تذكرني بصوتك، وكل دمعة تعكس صورتك. فأنتِ هنا، معي، دائمًا وأبدًا، في القلب تسكنين، وفي الروح تعيشين.

من كانت له أم تنعم بالحياة، فلينعم هو ببرها، ومودتها، ولا يضيع يومًا دون أن يبرها ولو بكلمة، الخسارة الحقيقية ليست خسارة المال، ولا الوظيفة، الخسارة الفادحة فَقْدُ الأم، لأنها خيمة لك من برد وحر، وأُنس لك من وحشة وفقر، ووطن لك من غربة ووحدة. الأمُّ جنة الله في الأرض، فاسكنوها واعمروها وانعموا بأفيائها وخيراتها، فإن من ورائنا يوم فقد شديد وعصيب. وكم أني حزين لفراقها، وأسعى لأن أعوِّض ذلك في أن أقص على أولادي أجمل قصة في حياتي هي قصة أمي..

تعجَّل.. يا من لك أُمٌّ تعيش معك.. بالقرب منك.. لا تُطل بينها المسافات.. وتُعكِّر عليها أيامها.. لاتُسئ إليها.. أحسن ثم أحسن ثم أحسن... فإن للمحسنين سرورًا.

رحم الله أمهاتنا جميعًا، ومنح الأحياء منهن صحة وسلامة وعزيمة.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • "من حقك تعيشى يا ماما".. صابرين تكشف موقف أبنائها من زواجها
  • بمناسبة اقتراب عرضه..كل ما تريد معرفته عن مسلسل "إقامة جبرية"
  • لأول مرة.. صابرين تكشف الستار عن حياتها الشخصية
  • حملة ترامب تخطط لمهاجمة كاملا هاريس البديل المحتمل لبايدن ضد ترامب
  • مساء اليوم.. صابرين في ضيافة «الراديو بيضحك»
  • اليوم.. صابرين ضيفة فاطمة مصطفى في برنامج "الراديو بيضحك"
  • الإيطالي بيولي مدرباً للاتحاد لثلاثة مواسم
  • أمي.. ظل لا يغيب
  • تريد حجز طاولة في أفضل مطبخ في العالم؟ عليك أن تتحلى بالصبر.. إنتظر عاما كاملا وستنال ما تتمنى
  • الكلب الدليل روبوت صيني لمرافقة المكفوفين في تنقلاتهم (شاهد)