هيئة المحامين في تونس تصعّد لهجتها ضد الرئيس.. لماذا الآن؟
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
تونس- تباينت ردود الفعل بشأن موقف هيئة المحامين تجاه وضع الحقوق والحريات وجهاز القضاء في تونس، فبينما اعتبر البعض أنها عادت بعد طول غياب لتنتفض ضد نظام الرئيس قيس سعيد بسبب ما تعتبره تدهورا للحريات، قال آخرون إن موقفها يقع في إطار دفاعها عن الحقوق المادية فحسب.
وبعدما وُصفت بأنها مساندة للرئيس سعيد، أصدرت هيئة المحامين في خطوة مفاجئة أمس الخميس بيانا نددت فيه بما وصفته "التضييقات على الحريات، وتواتر استهداف المحامين والصحفيين والنقابيين والناشطين السياسيين والحقوقيين، بموجب قوانين زجرية أحكامها قاسية، من دون احترام الإجراءات القانونية وحقوق الدفاع، وبدون ضمانات قضائية".
واستنكرت هيئة المحامين "تردي" واقع الحريات العامة والفردية، بسبب تواتر الملاحقات القضائية بموجب المرسوم 54، المتعلق بمكافحة جرائم المعلومات والاتصالات، والذي تعتبره المعارضة ونقابة الصحفيين وغيرها من المنظمات الحقوقية "سيفا مسلطا على رقاب كل من ينتقد الرئيس سعيد"، وقالت هيئة المحامين إن "استفحال" الملاحقات القضائية بموجب ذلك القانون "يعتبر تجسيدا لقمع حرية التعبير ومصادرة الرأي المخالف للسلطة".
تهديد باحتجاجاتويأتي بيان هيئة المحامين إثر شكاوى عديدة من قبل محامين يتم التحقيق معهم بتهم التآمر على أمن الدولة والإساءة للغير، ويتم أيضا التضييق على عملهم بإجراءات تعسفية تنتهك حقوق الدفاع عند الوقوف إلى جانب موكليهم، سواء أمام الفرق الأمنية أو إدارات السجون، بحسب محامين.
ولا يقتصر بيان هيئة المحامين فحسب عند حدود التنديد والاستنكار بوضع الحريات، وتواتر الملاحقات أو ضرب استقلال قطاع المحاماة أو جهاز القضاء، وإنما بلغ درجة التهديد بالقيام بتحركات احتجاجية، بدءا بالمقاطعات في الجلسات، وصولا إلى الوقفات للتنديد بتردي أوضاع الحريات.
وبالفعل، فقد أصدرت هيئة المحامين بيانا ثانيا، بعد سويعات من بيانها شديد اللهجة ضد السلطة، دعت فيه عموم المحامين للحضور بكثافة يوم الأربعاء المقبل، للاحتجاج على محاكمة المحامي عبد العزيز الصيد، أحد أعضاء لجنة الدفاع عن المساجين السياسيين، المتهمين من قبل السلطة بالتآمر على أمن الدولة.
وطالبت الهيئة بالإفراج الفوري على كل المساجين السياسيين والمحامين والصحفيين، وغيرهم ممن زج بهم في السجون بسبب مواقفهم، أو إبداء آرائهم، احتراما لقرينة البراءة وتوفيرا لظروف المحاكمات العادلة، ودعت إلى إرساء نظام سياسي عصري وديمقراطي وتشاركي يفصل بين السلطات.
ويعتبر البعض هذه الانتقادات والدعوات الموجهة من قبل هيئة المحامين ضربة قوية ومباشرة للرئيس قيس سعيد، ومنظومته السياسية التي يسعى لإرسائها منذ 25 يوليو/تموز 2021، والتي قام بموجبها بالإطاحة بالبرلمان السابق وإلغاء دستور 2014، ليسن دستورا جديدا يحظى فيه بنفوذ يكاد يكون مطلقا.
الناشط الحقوقي العياشي الهمامي يرى أن بيان هيئة المحامين لم يكن كافيا لكنه خطوة في الاتجاه الصحيح (الجزيرة) خطوة إيجابيةيرى المحامي والناشط الحقوقي العياشي الهمامي أن بيان هيئة المحامين "جاء متأخرا، قياسا بالتاريخ النضالي لقطاع المحاماة، وفي ظلّ الانتكاسة التي تشهدها تونس بسبب الانقلاب على الدستور من قبل الرئيس قيس سعيد"، لكنه يعتبر أن بيان الهيئة خطوة في الاتجاه الصحيح لإدانة "الانقلاب".
وفي تصريح للجزيرة نت، يقول الهمامي، وهو أحد المحامين الملاحقين قضائيا بتهمة التآمر على أمن الدولة، وبموجب المرسوم 54، إن "هيئة المحامين سجلت موقفا إيجابيا بفضحها الممارسات القمعية للنظام الحالي، وتمسكها بمبادئ الديمقراطية، واستقلال القضاء والمحاماة ضد هيمنة السلطة ووضع اليد عليها".
لكنه يعتبر أن بيان هيئة المحامين لم يكن كافيا، لأنه لم يدع إلى إرجاع 57 قاضيا لعملهم، بعد عزلهم من قبل الرئيس سعيد في الأول من يونيو/حزيران 2022 بتهم الفساد، مستشهدا باتهامات تشمل عرقلة التحقيقات المتعلقة بالإرهاب، والفساد المالي والأخلاقي، رغم أن المحكمة الإدارية قررت في أغسطس/آب 2022 أحكاما لإرجاع 49 قاضيا مشمولا بالعزل إلى عملهم.
كما قال الهمامي إن بيان هيئة المحامين لم يتوجّه مباشرة للرئيس سعيد لإلغاء المرسوم رقم 35 لسنة 2022، الذي منح بموجبه لنفسه "سلطة إعفاء القضاة والوكلاء العامين على هواه، استنادا إلى تقارير من جهات مخوّلة غير محددة، تفيد بأنهم يشكلون تهديدا للأمن العام أو المصالح العليا للبلاد".
ومع ذلك يؤكد الهمامي أن بيان هيئة المحامين يعد "البيضة الأولى في السلة"، باعتبار أن قطاع المحاماة التونسية له تاريخ عريق في مقاومة الاستبداد والنضال من أجل الديمقراطية، وليس تاريخ التقرب من السلطة، لافتا إلى أنه "من السابق لأوانه الحديث عن تداعيات الموقف الجديد لهيئة المحامين".
موقف متأخرمن جهة أخرى، يقول القيادي في حزب التيار الديمقراطي هشام العجبوني إن "بيان هيئة المحاماة يأتي في المسار الصحيح، ردا على تدهور مناخ الحريات في البلاد"، لكنه يؤكد للجزيرة نت أنه "جاء متأخرا بالنظر إلى موقفها الصامت والمؤيد لمسار الرئيس منذ تاريخ إعلانه عن التدابير الاستثنائية في سنة 2021".
وأشار إلى الانتقادات العديدة في حق هيئة المحامين، بسبب صمتها عن فضح الانتهاكات الحاصلة، قائلا "الهيئة لم تقف حتى إلى جانب المعتقلين السياسيين من أجل المهنة، على غرار غازي الشواشي ورضا بالحاج ونور الدين البحيري، وحتى عميد المحامين لم يكلف نفسه عناء زيارتهم في السجن".
ولا يعلم العجبوني إن كان تغيير موقف هيئة المحامين من النظام الحاكم يأتي في سياق مراجعة جذرية لخياراتها، بناء على استنتاجها لتردي الأوضاع العامة وواقع الحريات، أم أنه مجرد مناورة لتحسين شروط التفاوض، بسبب بعض المستجدات ذات العلاقة بمهنة المحاماة، والتي تمس مصالح المحامين المادية.
ويرى بعض المنتقدين لهيئة المحامين أنها فوتت على نفسها تسجيل موقف مشرف بمواجهة "الانقلاب" وقبولها بالإجراءات التي أقرها الرئيس في 25 يوليو/تموز 2021، مشيرين إلى أنه تمت مكافأة عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة برئاسة البرلمان الحالي بعد دعمه للرئيس سعيد.
وقبل أيام، أعلن مجلس المنافسة اتخاذ قرار وقتي بوقف العمل بقرار هيئة المحامين، المتعلق بتحديد قائمة في مقادير الأتعاب الدنيا للمحامي ومعايير تحديدها، إلى حين البت في الموضوع، وأثار هذا القرار حفيظة هيئة المحامين الممتعضة أصلا من إحالة مشروع قانون عدول الإشهاد للنظر في البرلمان.
ويوسع مشروع هذا القانون صلاحيات عدول الإشهاد، خاصة في مستوى إبرام عقود الزواج وتنظيم مسارات الطلاق إذا كان بالتراضي بين الزوجين، وهو مشروع تعترض عليه جملة وتفصيلا هيئة المحامين، وتعتبر أن فيه "استيلاء على صلاحيات وتخصصات المحامين، وضربا لمكتسبات الأسرة التونسية".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات المحامین لم من قبل
إقرأ أيضاً:
«التعاون الخليجي» يرفض التدخل في شؤون سوريا و«الجامعة العربية» تصعّد لهجتها ضد إيران
أكد مجلس التعاون الخليجي على “ضرورة التمسك بسيادة سوريا واستقلالها ووحدة أراضيها ورفض التدخل الخارجي في شؤونها”.
وأعرب مجلس التعاون الخليجي في الاجتماع الوزاري الاستثنائي السادس والأربعين “عن دعمه لكافة الجهود والمساعي العاملة على الوصول إلى عملية انتقالية شاملة وجامعة تحقق تطلعات الشعب السوري في الاستقرار، والتنمية والحياة الكريمة”.
وقال المجلس في بيان: في ضوء التطورات الحالية في سوريا ولبنان عقد المجلس الوزاري لمجلس التعاون لدول الخليج العربية اجتماعه الاستثنائي في دولة الكويت، برئاسة وزير الخارجية الكويتي عبدالله علي اليحيا، رئيس الدورة الحالية للمجلس الوزاري، وأكد على أن أمن سوريا واستقرارها ركيزة أساسية من ركائز استقرار أمن المنطقة”.
وحث المجلس الوزاري جميع الأطراف ومكونات الشعب السوري على “تضافر الجهود وتغليب المصلحة العليا والتمسك بالوحدة الوطنية، وإطلاق حوار وطني شامل لتحقيق تطلعات الشعب السوري في الأمن والاستقرار والتنمية والازدهار، مرحبا بدعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى إنشاء بعثة للأمم المتحدة لمساعدة ورعاية العملية الانتقالية في سورية، مع التأكيد على ضرورة التمسك بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بما في ذلك سيادة الدولة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، وحسن الجوار، وفض النزاعات سلميا، حفاظا على السلم والأمن الإقليمي والدولي”.
وأشار المجلس الوزاري إلى مضامين البيان الصادر عن وزراء خارجية لجنة الاتصال العربية الوزارية بشأن سوريا في 14 ديسمبر 2024، في مدينة العقبة، “بشأن دعم جهود الأمم المتحدة في مساعدة الشعب السوري في إنجاز عملية سياسية يقودها الأشقاء السوريون، ورعاية اللاجئين والنازحين، والعمل على عودتهم الطوعية والآمنة إلى ديارهم، وفقا للمعايير الدولية”.
وأدان المجلس الوزاري “الهجمات الإسرائيلية المتكررة على سوريا، بما في ذلك احتلال المنطقة العازلة على الحدود السورية، في انتهاك صارخ لسيادة سوريا، واتفاق فض الاشتباك المبرم في عام 1974، مشددا على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته لوقف هذه الاعتداءات على الأراضي السورية، وانسحاب إسرائيل من كافة الأراضي السورية المحتلة”.
وأوضح المجلس الوزاري أن “هضبة الجولان أرض سورية عربية”، معلنا إدانته لقرارات إسرائيل بالتوسع في الاستيطان في الجولان المحتلة، في انتهاك جسيم لميثاق الأمم المتحدة ومبادئ القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة”.
الجامعة العربية تصعد لهجتها ضد إيران
حذرت جامعة الدول العربية، اليوم الخميس، “من محاولات إشعال الفتنة في سوريا، مؤكدة رفضها للتصريحات الإيرانية التي وصفتها بأنها “مُزعزعة للسلم الأهلي”.
وفي بيان رسمي، أعربت الأمانة العامة للجامعة العربية عن قلقها إزاء “الأحداث التي تشهدها عدة مدن ومناطق سورية بهدف تأجيج فتيل الفتنة”، مشددة على ضرورة احترام سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها”.
وأضاف البيان: “ترفض الجامعة التصريحات الإيرانية الأخيرة الرامية إلى تأجيج الفتن بين أبناء الشعب السوري، وتعيد التأكيد على أهمية احترام إرادة السوريين وخياراتهم”. كما دعت إلى حصر السلاح بيد الدولة وحل جميع التشكيلات المسلحة، ورفض كافة التدخلات الخارجية التي تزعزع استقرار البلاد”.
وأشار البيان إلى “أهمية الوقوف إلى جانب الشعب السوري في هذه المرحلة الدقيقة وتقديم العون اللازم له لتحقيق تطلعاته، معربًا عن ثقته في قدرة السوريين على الحفاظ على السلم الأهلي واللحمة الوطنية، والخروج من الأزمة الحالية أقوى من ذي قبل”.
من جانبه، أعرب المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، عن “قلق بلاده إزاء الأحداث الأخيرة في سوريا، بما في ذلك الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت على خلفية ما وصفه بـ”انتهاك حرمة أحد الأماكن المقدسة”.
وفي تصريحات نقلتها وكالة “تسنيم”، نفى بقائي، “الاتهامات التي وجهتها بعض الأطراف الإعلامية بشأن تدخل إيران في الشؤون السورية، معتبرًا أنها “مزاعم لا أساس لها”، مؤكدا على دعم إيران لوحدة سوريا الوطنية والإقليمية، مشددًا على ضرورة تشكيل نظام سياسي شامل يضمن مشاركة جميع المكونات السياسية والقومية في البلاد”.
وأضاف بقائي، “أن بلاده ترفض أي تصعيد للعنف أو انعدام الأمن في سوريا، داعيًا إلى ضمان أمن المواطنين السوريين وحماية حقوق الأقليات والمواقع الدينية”.