ترجمة: محمد مستعد

مقدمة:

عند اندلاع الحرب في قطاع غزة في 7 أكتوبر 2023، كان الكاتب الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني عاطف أبو سيف (1) في زيارة مع ابنه ” ياسر” (15 عاما)، إلى القطاع الذي ولد وتربى فيه عاطف أبو سيف. جاء من رام الله في زيارة عمل ولتفقد عائلته، لكنه سيجد نفسه محاصرا مع ابنه. فقرر أن يكتب كل يوم طيلة 3 أشهر ليوثق بدقة عن ويلات هذه الحرب التي خلفت أزيد من 30 ألف قتيل فلسطيني نتيجة القصف الإسرائيلي.

هذه المقتطفات من اليوميات، التي تنشرها جريدة “اليوم 24″، نقلا عن جرائد فرنسية وإنجليزية، كانت لها أصداء عالمية. وستصدر قريبا في كتاب بعد أن استطاع عاطف أبو سيف أن يخرج مؤخرا من قطاع غزة.

 

الجمعة 3 نونبر 2023: “إسرائيل تفرض الإخلاء الشامل”

“أصبحت اليوم أعرف جميع السوبرماركتات والمتاجر الموجودة في غزة وفي جباليا. إلا أن جميع مخازنها صارت فارغة، كما أن عدد المتاجر التي ما زالت مفتوحة يتراجع، بحيث يمكن أن نعدها على رؤوس الأصابع. ينبغي علي إذن أن أصبح خبيرا متخصصا في الشراء من بائعي الشوارع. عدد الصيدليات تضائل هو الآخر، وعدد المخبزات أيضا.

نهار أمس، قام الإسرائيليون بإلقاء منشورات على مخيم “الشطي” تدعو السكان إلى إخلاء المكان بشكل كامل وفوري. كانت المنشورات تقول إنها آخر إنذار، قبل إطلاق “هجوم كاسح”، وكانت مطبوعة باللون الأحمر. الموجة الأولى من المنشورات كانت باللون الأخضر، والثانية باللون الأصفر. يبدو أن حياتنا ومصيرنا هنا تم تحويله إلى رموز بالألوان.”

السبت 4 نونبر 2023: “استهداف مدرسة ابتدائية للأولاد”

 “كانت الشمس تقترب من المغيب عندما رأيت الموت وهو قريب مني. كنت على وشك الخروج من مستشفى “الشفاء” بعد زيارتي ل “وئام”. وقفت عند باب المستشفى أجري حديثا قصيرا مع تلميذ سابق كان لاجئا يقيم مع عائلته داخل المستشفى. ثم وجدت بالصدفة صديقي محمد عكياظ الذي كان قد استقر في المستشفى للاعتناء بزوجته الجريحة. فبدأنا نتحدث لبضع دقائق. وفجأة سقط صاروخ على بوابة المستشفى. ثم بدأ الناس ينادون ويصرخون ويجرون .. وهذا المكان غالبا ما يكون مملوئا بالناس: العائلات، والباعة، والسيارات، والصحفيون، والأطباء … كان الإسرائيليون يعرفون جيدا ماذا يفعلون وهم يضربون بهذا الصاروخ.

كنا نأمل في أن نرسل وئام إلى مصر للعلاج، لأن هناك مرضى يتم إرسالهم إلى هناك يوميا عن طريق معبر رفح. تلقت وئام وعودا بإرسالها اليوم، لكن يبدو أن ذلك سيتأجل إلى يوم الغد. وهو تأجيل يؤثر عليها، ويكسر نفسيتها لأنها تتلقى العلاج هنا بدون تخذير، وتصرخ من الألم طيلة النهار، خاصة عندما تقوم الممرضات بنزع وتغيير الضمادات، أو عندما تجري عملية جراحية جديدة. كان كل شيء جاهزا لنقلها إلى مستشفى العريش في سيناء بمصر. لكن نتيجة القصف الإسرائيلي لطريق “الرشيد” أصبحت حركة السير إلى الحدود المصرية محدودة جدا. عشرات الأشخاص لقوا حتفهم، أمس، على هذه الطريق الساحلية وهم متجهين نحو الجنوب. كانت صور جتثهم وهي مشتتة على الطريق تثير الغضب. وهم أشخاص نفذوا، في الواقع، أوامر الجيش الإسرائيلي الذي أمرهم بالذهاب نحو الجنوب. لكن كانت هناك صور أكثر إثارة للغضب في المدرسة الابتدائية للأولاد الموجودة في منطقة “الصفطاوي” على بعد 100 متر من منزلي. مآت العائلات كانت قد وجدت ملجأ في هذه المدرسة التي تعرضت للقصف. وغالبية الأطفال الذين قتلوا هنا كانوا من تلاميذها.”

عاطف أبو سيف كاتب روائي ووزير الثقافة الفلسطيني. يكتب بالعربية والإنجليزية، له كتب في العلوم السياسية، وروايات، منها رواية بعنوان “حياة معلقة”. وكتاب بعنوان ” الدرون يأكل معي” The Drone Eats with Me وهي يوميات كانت تحكي عن حرب 2014 الإسرائيلية على غزة. وصدرت آنذاك بمقدمة للكاتب الأمريكي نعوم تشومسكي.

عاطف أبو سيف هو عضو في الحكومة الفلسطينية في رام الله، علما بأن هناك حكومة موازية بقيادة م حماس هي التي تحكم  قطاع غزة.

 

كلمات دلالية أكتوبر اسرائيل عاطف ابو سيف غزة

المصدر: اليوم 24

كلمات دلالية: أكتوبر اسرائيل عاطف ابو سيف غزة عاطف أبو سیف

إقرأ أيضاً:

يوميات جراح في غزة.. شهادة على الإبادة.. كتاب جديد

أصدرت "الجمعية العالمية للمهن الطبية" في بريطانيا كتابا بعنوان: "يوميات جراح في غزة"، ليكون في متناول الباحثين عن الحقيقة في المجال الطبي والإنساني، ولتوعية النشطاء السياسيين، والساسة، وصنّاع القرار بحقيقة ما يجري على أرض غزة.

في انطلاقةٍ إنسانيةٍ سامقة، خرقت ذلك الجدارَ الآسن من الصمت الذي لفَّ ضمير العالم، لبَّت كوكبةٌ من الأطباء نداء ضميرهم المهني والإنساني، وخاضوا رحلتهم الجريئة لإغاثة أهل غزة في هذه اللحظة الفارقة من التاريخ الإنساني، التي أُعمل فيها الشرُّ كلَّ وسائله، وسخَّر فيها غاشمُ قوتِه لإبادةِ شعبٍ على أرضه المحتلة، فقط لأنه فكَّر في مقاومة محتله.

وقد سجل بعضُ الأطباء في الكتاب الصادر نهاية يناير الماضي، شهاداتهم لتكون عنوانًا لحقيقةِ ما يحدثُ في غزة، ووثيقةً تُدين جرائم الصهاينة فيها.

وهنا نستدعي كلمات فارسٍ من فرسان الميدان في غزة، الدكتور منير البرش، مدير عام وزارة الصحة، في تقديمه للكتاب، حيث قال: "وسط هذا المشهد القاسي، جاءت الوفود الطبية من شتى أنحاء العالم لتحمل رسالة أمل ودعم. حضورهم كان أكثر من مجرد مساعدة طبية؛ فقد جسدوا صورة مشرقة للإنسانية، وأصبحوا شهودًا أحياء على الواقع الأليم الذي يعيشه القطاع الصحي في غزة. هؤلاء الأطباء لم يكتفوا بالتخفيف من معاناة المرضى، بل نقلوا إلى العالم صورة واضحة وصادقة عن حجم الألم الذي يرزح تحته شعبنا، وتحولوا إلى سفراء يحملون الحقيقة إلى كل زاوية من زوايا العالم.

هذا الكتاب، "يوميات جراح في غزة"، ليس مجرد صفحات مكتوبة؛ إنه شهادة حية توثق قصة صمود الطواقم الطبية في مواجهة الموت، وتحكي تفاصيل أيام عصيبة شهدت نضالًا مستمرًا من أجل البقاء. من خلال هذه اليوميات، نرى كيف تحولت غرف العمليات إلى ساحات للصمود، وكيف أصبح كل إجراء طبي رسالة إنسانية تعبر عن قوة الإرادة في وجه القهر والدمار.

إن وجود هؤلاء الأطباء، سواء من غزة أو من الخارج، لم يكن مجرد دعم للقطاع الصحي، بل كان شعلة أمل تضيء في أحلك الظروف. لقد أثبتوا أن الإنسانية لا حدود لها، وأن الالتزام بالقيم النبيلة يمكنه تجاوز كل الحواجز. هذا الكتاب هو دليل حي على أن الإنسانية تبقى أقوى من أي معاناة، وأن الصمود في وجه الظلم هو أعظم رسالة يمكن أن تُكتب."

الأطباء المشاركون بشهاداتهم في الكتاب:

د. أحمد المخللاتي (فلسطيني - غزة)
د. أحمد حبيب (بريطاني)
د. محمد حواري (فلسطيني)
د. محمد شعلان (إيرلندي)
د. عبد الله حنون (سوري - بريطاني)
د. محمد أبو عرب (فلسطيني - نرويجي)

وقد بادر الأطباء القادمون من أوروبا بهذه الرحلة بالتعاون مع "بالمد" (PAL MED UK) – تجمع الأطباء الفلسطينيين في أوروبا - فرع بريطانيا، بالشراكة مع مؤسسة رحمة. أما الدكتور محمد أبو عرب، فقد سافر عن طريق منظمة النورفيك (مؤسسة نرويجية).

خاض هؤلاء الأطباء خلال رحلتهم غمار تحديات وصعوبات جسيمة، وفقهم الله لتخطيها، وكانت رفيقتهم في هذه الرحلة همتهم العالية، التي حملتها أخوّة الإيمان، ومشاعر الإنسانية المجروحة بمشهد المظلومين في غزة. وقد تناولت شهادة بعضهم جزءًا من تفاصيل رحلتهم، لتوثيق تجربتهم هناك.

وبدعم أمريكي، ارتكبت إسرائيل بين 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 و19 يناير 2025، إبادة جماعية بغزة خلّفت أكثر من 159 ألف قتيل وجريح من الفلسطينيين، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 14 ألف مفقود.

مقالات مشابهة

  • جريمة فاريا... توقيف والدة المرتكب والفتاة التي كانت برفقته
  • وزير الخارجية السوداني: بلادنا ستعود لما كانت عليه وأفضل بمساندة مصر
  • وزير الخارجية: العلاقات مع جيبوتي وثيقة.. واجتماع لمجلس أعمال البلدين قريبا
  • ٧٠% من المساعدات كانت مصرية.. وزير الخارجية: الوضع في غزة أصعب مما نتخيل
  • بالفيديو.. مسؤولون: الهليكوبتر التي تحطمت كانت ضمن وحدة استعداد في حالة هجوم على أمريكا
  • يوميات جراح في غزة.. شهادة على الإبادة.. كتاب جديد
  • وزير الخارجية:نزولا لرغبة تركيا سنزور سوريا قريبا
  • أمريكا: تحطم طائرة صغيرة في فيلادلفيا.. وشاهد عيان: رأيت كرة لهب في السماء
  • ترامب: المروحية العسكرية التي اصطدمت بطائرة الركاب كانت تحلق على ارتفاع عالٍ جدا
  • وزير الخارجية: كلنا ثقة في عودة لبنان قريبا إلى التعافي