قال الدكتور محمد سالم أبو عاصي، أستاذ التفسير وعميد كلية الدراسات العليا السابق بجامعة الأزهر، إن المفسرين وجدوا أنفسهم أمام إشكالية كبيرة في آيات الحوار بين الله عز وجل وبين الملائكة، عندما قالوا "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك".

وأضاف خلال حديثه ببرنامج "أبواب القرآن" تقديم الإعلامي الدكتور محمد الباز، على قناتي "الحياة" و"إكسترا نيوز"، أن الإشكال هنا هل كان هناك خلق قبل آدم؟  ومن أين علمت الملائكة أن هذا الجنس البشري سيفسد في الأرض ويسفك الدماء، إلا إذا كان هناك فساد وسفك دماء قبل ذلك.

سالم أبو عاصي: يمكن فقهيًا دخول غير المسلم المسجد الحرام سالم أبو عاصي: كتب الفقه تحتاج غربلة وخطاب تقييد خروج المرأة من البيت تدمير

ولفت إلى أن بعض المفسرين كان لديه جرأة، وقال هذا بلا شك اعتراض من الملائكة على الله، أتجعل فيها من يفسد فيها، أما الأكثرية قالوا لا الملائكة يستفهمون، لا يعترضون.


وأردف: "إذا كان السؤال على سبيل الاستفهام، فمن أين علموا؟ إذن هناك خلق يسفك الدماء، ويفسد في الأرض، وهناك دراسات كثيرة جدا تفرق بين آدم والإنسان، وأن آدم ليس أول إنسان على الأرض، لذا هذه الآيات تحتاج إلى إعادة نظر وفكر".

وتابع: "البعض يقول لأ هو اعتراض، وفي هذه الحالة كيف يعترض أو كيف تعترض الملائكة على الله؟ نقول أن الله منح للخلق حق أن تعترض وأن تفهم وأن تستفهم وتسأل ليه".

ونوه إلى أن الحوار بين ربنا والملائكة، هدفه أن الله يريد يقول للملائكة هناك من هو أعلم منكم، وهناك من علمته ويعلم أشياء أنتم لا تعلمونها وأن له عز وجل حكمة في هذا. 

ميزة آدم

وأضاف : "وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة، فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء"، الله عز وجل أراد أن يظهر مزية خلق آدم لماذا خلق جنسا آخر من غير جنس الملائكة، كي لا تظن الملائكة أنهم الأفضل وأنهم الأعلم فأراد الله بهذا ان يبين أن هناك جنسا آخر خلقه الله عز وجل، وأنهم ليسوا أعلم الخلق وليسم الأفضل، وأنه ممكن يخلق خلقا آخرًا". 

وعقب الباز، قائلا: "الفارق بين الحوار الله مع إبليس وحوار الله مع الملائكة في الحوار الأول أن ربنا يعلمنا أن نتيح الفرصة للخصم أن يستوفي حجته، وأن نستمع له حتى النهاية مهما كان ما يقول، ومهما كانت قناعتي، ومهما كان شأن الآخر صغيرًا أو كبيرًا، وفي الحوار الثاني مع الملائكة له دلالة أخرى أنه حتى لو كانت لي سلطة الأمر على أحد فلابد أن أقنعه، لأن الله لم يقل أعلم ما لا تعلمون، وأنهى الحوار، بل عرض الحجة والدليل". 

ووافقه أبو عاصي الرأي، قائلًا: "نعم، الله هي عرض الأسماء على الملائكة، وقالوا سبحانك ما علم لنا إلا ما علمتنا، فكان الحوار في النهاية وصل إلى قناعة عند الملائكة، كان ممكن ربنا يرغمهم إني أعلم ما لا تعلم وانتهى الموضوع، إنما قال وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال انبئوني باسماء هؤلاء إن كنتم تعلمون، وهنا وقفوا عاجزين، ما دام وقفوا عاجزين يبقى ألزموا بالحجة".

 إننا نجد في القرآن الكريم مساحة واسعة جدًا من الحوار، والله عز وجل حاور إبليس، وحاور الملائكة، ونجد في القرآن حوارًا بين الإنسان والإنسان، موضحًا أن الله أراد أن يضرب نموذجًا للحوار.

إرساء الحوار

ولفت إلى أن القرآن أرسى قاعدة للحوار وهي أن تدخل إلى القضية وأنت خالي الذهن من أي فكر مسبق، وأن تتقبل أن فكرك ربما يكون خطأ، وأن الحوار يكون بغض النظر عن الاتفاق في المعتقد أو الفكر، وهذا واضح في الآية التي يتحدث فيها الله مع النبي صلى الله عليه وسلم، أن يقول للمشركين "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين" فلو نظرنا للمعتقد النبي على الحق والمشركون على باطل، لكن الرسول لم يقل لهم من أول الأمر أنا على الهدى وأنتم في ضلال مبين".

واستطرد: "إذا كان الحوار في القرآن الكريم بدأ القضية بـ "وإنا أو إياكم لعلى هدى أو في ضلال مبين"، وفي آية أخرى قال تعالى  "ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن"، والحكمة هي وضع الشيء في موضعه"، مشيرًا إلى أن بعض المفسرين فسر الحكمة بالسنة، وهذا التفسير خطأ.

وأشار إلى أن ربنا يقول "لقد آتينا لقمان الحكمة"، ما يؤكد أن الحكمة هي وضع الشيء في موضعه، وليس السنة، أما الموعظة الحسنة، هي الكلام اللين الذي يحول العدو إلى صديق، وليس بالغلظة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: محمد سالم أبو عاصي سالم أبو عاصي جامعة الأزهر آدم الملائكة الله عز وجل أبو عاصی سالم أبو أن الله إلى أن

إقرأ أيضاً:

ليه ربنا ساب لينا الاختيار إن إحنا ننتحر؟ علي جمعة يجيب

وجه أحد الشباب سؤالا إلى الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، وعضو هيئة كبار العلماء في الأزهر الشريف، يقول فيه (ليه ربنا ساب لينا الاختيار إن احنا ننتحر؟

ما حكم القتل الرحيم للمريض بمنع العلاج عنه؟.. علي جمعة يجيبحكم الدعاء بقضاء حوائج الدنيا في الصلاة.. علي جمعة يوضح

وقال الدكتور علي جمعة، في إجابته على السؤال، خلال برنامجه الرمضاني اليومي "نور الدين والدنيا"، إن هذا من أجل الاختبار والامتحان، فالطالب يمنح الكتاب للمذاكرة وقد يهمل المذاكرة فلا يستطيع الإجابة في الامتحان.

وتابع: احنا بشر مش ملائكة وهذه حكمة الله في الكون، فالله اختارنا وكرمنا وجعل الملائكة تسجد لنا من أجل ما معنا من الاختيار.

حكم الانتحار

أكد مركز الأزهر العالمي للفتوى الإلكترونية، أن طلب الرّاحة في الانتحار وهم، وترسيخ الإيمان، والحوار أهم أساليب العلاج، مشيرًا إلى أنجعل الإسلام حفظ النفس مقصدًا من أَولىٰ وأعلىٰ مقاصده حتىٰ أباح للإنسان مواقعة المحرم في حال الاضطرار؛ ليُبقي علىٰ حياته ويحفظها من الهلاك.

وقال المركز عبر صفحته بـ«فيسبوك»، أن الإسلام جاء بذلك موافقًا للفطرة البشرية السّوية، ومؤيدًا لها،لذا كان من العجيب أن يُخالِف الإنسان فطرته، وينهي حياته بيده؛ ظنًا منه أنه يُنهي بذلك آلامه ومُشكلاته.

وتابع: ولكن الحق علىٰ خلاف ذلك، لا سيما عند من آمن بالله واليوم الآخر، فالمؤمن يعلم أنّ الدنيا دار ممر لا مقر، وأن الآخرة هي دار الخُلود والمُستقَر، وأن الموت هو بداية الحياة الأبدية لا نهايتها.

وأشار إلى أن الآخرة دار حساب وجزاء، وأن الدنيا لا تعدو أن تكون دار اختبار وافتتان ومكابدة؛ قال سبحانه: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي كَبَدٍ» [البلد: 4]، وقال عز من قائل: «وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ» [الأنعام: 165]، موضحًا:وهذا بلا شك يوضح دور الاعتقاد والإيمان في الصبر علىٰ الحياة الدنيا وبلاءاتها، وتجاوز تحدياتها.

ولفت إلى أن المؤمن يرىٰ وجود الشَّدائد والابتلاءات سُنّة حياتيّة حتميّة، لم يخلُ منها زمانٌ، ولم يسلم منها عبد من عباد الله؛ بَيْدَ أنها تكون بالخير تارة، وبالشَّر أخرىٰ، بالعطاء أوقاتًا، وبالحرمان أخرىٰ، قال سُبحانه: «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ» [الأنبياء: 35]،ويعلم حقيقة الابتلاء الذي يحمل الشَّر من وجه، ويحمل الخير من وجوه؛ إذ لا وجود لشرٍّ محض.

وواصل: ويستطيع ذَووا الألباب أن يُعددوا أوجه الخير في كل محنة، والله سبحانه وتعالىٰ قال عن حادثة الأفك في القرآن الكريم: «إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ ۚ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَّكُم ۖ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ...» [النور: 11]، رغم ما كان فيها من الشِّدة والبلاء علىٰ سيدنا رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وزوجه أم المؤمنين السّيدة عائشة رضي الله عنها، والمجتمع الإسلامي كله.

مقالات مشابهة

  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • عبدالعزيز الدوسري: سالم الأفضل حاليًا ويوسف الثنيان أسطورة لا تتكرر .. فيديو
  • ليه ربنا ساب لينا الاختيار إن إحنا ننتحر؟ علي جمعة يجيب
  • بدرية البشر تكشف دور ناصر القصبي في تشكيل شخصية “وضحى” في شارع الأعشى.. فيديو
  • كيف نتغلب على العادات السلبية؟.. محمد المهدي يجيب «فيديو»
  • الهياكل الثلاثة(50-500)الله اكبر
  • فرحة سالم الدوسري بعد تحطيمه الرقم القياسي في دوري روشن .. فيديو
  • ما هي «التيارات النفاثة» التي تسبب ارتفاع درجات الحرارة في الشتاء؟ خبير مناخ يجيب «فيديو»
  • شيخ الأزهر: كرمٌ الله مطلق لا يشوبه نقص.. وكرم البشر محدودٌ بطبائع النفس
  • الجوهر: هناك أندية لم تُبلغ بتحديثات قرعة دوري أبطال آسيا.. فيديو