مساجد الطائف.. جوهرة تاريخية في العمارة الدينية ومنهل للإشعاع المعرفي والعلوم القرآنية
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
بعمارتها الإسلامية العريقة، تشكل مساجد الطائف الأثرية، مشهدًا مهمًا من التكوين الحضاري للمحافظة منذ أمد بعيد، كونها لا تقتصر أدوارها على أداء العبادات وحسب، بل باتت منهلاً للعلوم الشرعية واللغة العربية، ومصدرًا منيرًا للإشعاع المعرفي.
ولهذه المساجد التي يبلغ عددها 25 مسجدًا، منزلة رفيعة في وجدان أهالي الطائف؛ خاصة وأنها كانت محطات للحجاج والمعتمرين العابرين إلى بيت الله الحرام من الطائف إلى مكة المكرمة، إضافة إلى تاريخها الإسلامي العريق، والإبداع المعماري الذي عاصر العديد من الحضارات.
ويعود تاريخ بعض هذه المساجد لأكثر من 1200 عام، ومنها مسجد عبدالله بن العباس، ومسجد الهادي، والكوع، ومسجد الخبزة "الحصن"، ومسجد السنوسي "الريع"، ومسجد العرابي وابن عقيل ومسجد بحرة الرغاد، والغريب بالسليمانية، ومسجد باعنتر ومسجد المحجوب ومسجد القنطرة ومسجد الراية الذي ضم في توسعة مسجد بن العباس.
وتتميز هذه المساجد بأنها تأخذ شكلاً جماليًا شبيهًا بالعمارة والزخرفة الإسلامية ورسومها الهندسية وإنشاءاتها التي تتمثل في هيكل القباب والرواشين الجاذبة، والثريات المطعمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المصنوعة يدويًا.
وتتركز 10 من هذه المساجد التاريخية بالمنطقة التاريخية بسوق البلد أو كما يطلق عليها "البلدة القديمة" في محافظة الطائف، تحيط بها المحال التراثية والساحات والميادين، التي تحتفظ بمخزون هائل من الموروث الثقافي والاجتماعي، حيث يجد الصائم في ليالي الشهر الفضيل طعمًا مختلفًا في إقامة صلاة التراويح في هذه المساجد التي توصف بتميزها كشواهد تاريخية.
هذه الأماكن التي تحتضن المساجد، تحكي قصص التاريخ والناس الذين عاشوا فيها، فالحارات القديمة كالسليمانية وحارة فوق وأسفل، يطوّقها سور الطائف القديم ببواباته الثلاث "الريع والعباس والحزم"، حيث تنامت فيها المجتمعات من مختلف الأجناس، واحتضنت في جوفها المباني العابرة عبر السنوات في محيط قرية الهضبة القديمة، التي لا تزال محمّلة بعبق الماضي وشذى الذكرى التي تفوح في أرجاء المكان.
ولا تزال بعض هذه المساجد شاهد عيان على عصور مضت، ترسخت ملامحها في مخيلة الزائر؛ بروعة جدرانها العتيقة المبنية من الحجر، والتفاصيل المغايرة لكل مئذنة، فمنها ما اتخذ شكل المربعة، ومنها الحلزونية، والأسطوانية، أو هندسية الأضلاع الملفتة للأنظار.
ورصدت عدسات مصوري "واس" صوراً متنوعة وفريدة من داخل مساجد وجوامع الطائف سواءً المتمركزة في المنطقة التاريخية وسط المحافظة أو المحاذية لأودية الطائف الشهيرة؛ ومنها مسجد الهادي الذي أنشئ في حدود سنة 1050 من الهجرة، حيث تم هدمه وبناؤه بأحدث الطرق المعمارية الحديثة في العهد السعودي الزاهر، وتزينه القباب السداسية التي تنسدل منها أشعة الشمس؛ وتشمل بإضاءتها أرجاء زواياه.
كما يتربع مسجد الكوع على سفح جبل أبي زبيدة، ويحكي عن طبيعة جغرافيا المنطقة الجبلية، بوجود صخرة كبيرة بركن المسجد من الداخل، حيث يقع المسجد في المثناة من الجهة الشمالية، وهي قرية صغيرة فيها بساتين ومزارع تحيط بها من كل جانب على امتداد وادي وج، الذي تنحدر منه العيون الجارية الساقية للبساتين العامرة بأشجار العنب والرمان والحماط والورد الطائفي.
Mohamed Raafat#فيديو_واس | مساجد الطائف.. جوهرة تاريخية في العمارة الدينية ومنهلاً للإشعاع المعرفي والعلوم القرآنية.https://t.co/wkOTUJYW3i#واس_جودة_الحياة pic.twitter.com/LgnycXe6vh
— واس جودة الحياة (@SPAqualitylife) March 22, 2024المصدر: صحيفة عاجل
كلمات دلالية: المساجد الأثرية هذه المساجد مسجد ا
إقرأ أيضاً:
أمين سر اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ: الطفل المعاق اختبار من الله للوالدين
أكدت الدكتورة خضرة سالم، أمين سر اللجنة الدينية بمجلس الشيوخ، أن المرأة تُعتبر ركيزة أساسية في المجتمع، حيث تلعب دورًا محوريًا في مختلف مجالات الحياة، بما في ذلك رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، وبفضل عاطفتها وقوة تنظيمها، تُسهم المرأة بشكل فعّال في توفير بيئة داعمة تساعد هؤلاء الأفراد على إبراز إمكانياتهم وتحقيق ما يعود بالنفع عليهم وعلى المجتمع.
وأشارت الدكتورة خضرة سالم، خلال برامج الجامع الأزهر الشريف الموجهة للمرأة، إلى أن المرأة سواء كانت أماً أو أختًا أو معلمة أو خبيرًة في المجال، تتحمل مسؤوليات كبيرة في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، ويتطلب هذا الدور جهدًا نفسيًا وبدنيًا كبيرًا، مما يجعل دعم المرأة أمرًا بالغ الأهمية لضمان استمرارية عطائها وحفاظها على توازنها.
ولفتت إلى أن الأم تعتبر هي المسؤولة عن كل أعباء رعاية الطفل المعاق في الأسرة، حيث يُعدّ ميلاد طفل معاق صدمة كبيرة لها، وللأسف تتعامل بعض الأسر مع هذا الطفل كأنه عبء، مما يؤدي إلى تجاهله في مجالات الحياة المختلفة، لكن الحقائق العلمية والتجارب الشخصية تؤكد أن العديد من ذوي الاحتياجات الخاصة حققوا تقدمًا ملحوظًا في مجالات عدة، بل وتفوقوا في بعض الأحيان على الأطفال الأسوياء.
وشددت على أن الأم تلعب دورًا حيويًا في نجاح طفلها المعاق، حيث تعمل على تعزيز كفاءته، لكونها الأقرب إليه، خاصة في سنواته الأولى، ويُعتبر الطفل المعاق اختبارًا من الله للأب والأم، يقيس صبرهما وقدرتهما على البذل والعطاء.
ونوهت د. خضرة سالم، عن أهمية الدعم المقدم للأم في رعاية ذوي الاحتياجات الخاصة، بما في ذلك الدعم النفسي، الذي يساعد في تخفيف الضغوط النفسية التي تواجهها الأمهات، ويوفر مساحات للراحة والتفريغ العاطفي لتجنب الإرهاق، ومنها الدعم المجتمعي الذي يشمل بناء شبكات دعم من الأصدقاء والجمعيات الخيرية لتبادل التجارب، ويعزز التوعية بدور المرأة، مما يساعد على فهم احتياجاتها وتقديم خدمات مثل برامج العناية المؤقتة لتوفير الراحة.
وخلال حديثها ، عن واجبات المجتمع تجاه ذوي الهمم، شددت د. هبة عوف، أستاذة التفسير بجامعة الأزهر، على أهمية الجانب النفسي، فقد نهى الإسلام عن السخرية من الآخرين، حيث قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ يَسْخَرْ قَوْمٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلاَ نِسَاءٌ مِّن نِّسَاءٍ عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلاَ تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلاَ تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}، لذا لا يجوز مناداة ذوي الاحتياجات الخاصة بألقاب تسيء إليهم، ويتحمل المسؤولون عن هؤلاء الأفراد واجب توعية المحيطين بهم، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء، بحقيقة تأثير الإهانة والتحقير على مشاعرهم، فتحريم السخرية يمثل ضمانة نفسية للمعاقين، مما يساعدهم على التكيف مع إعاقتهم ويعزز من اندماجهم الاجتماعي، دون إضافة عبء الكراهية إلى ما يعانونه من إعاقات.
وعن الواجب الاجتماعي، أكدت أستاذ التفسير بجامعة الأزهر، أنه يجب العمل على رفع مكانة ذوي الاحتياجات الخاصة، وقد جاء ذلك في القرآن الكريم من خلال ذكر عبد الله بن أم مكتوم، الذي رفع الله مكانته وأنزل فيه آيات تُتلى إلى يوم القيامة، ولفتت إلى أنه يتعين علينا دمج ذوي الاحتياجات الخاصة في المجتمع وتعزيز قدراتهم، ليتمكنوا من تجاوز عجزهم بقوة تعويضية يمتلكونها. وقد أشار الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهمية ذلك حين استخلف عبد الله بن أم مكتوم في المدينة، رغم كونه أعمى.
وأضافت: لقد كان للمرأة في الإسلام دورًا بارزًا في الاهتمام بذوي الهمم، حيث وقفت بجانب هذه الفئة الضعيفة سواء كانت أمًا أو زوجة، ومن الأمثلة التاريخية على ذلك، السيدة هند بنت عمرو، زوجة عمرو بن الجموح، التي كانت داعمة له في تحقيق أمنيته في القتال في سبيل الله بالرغم من إعاقته الحركية، والسيدة أم عمرو، زوجة معاذ بن جبل، التي رعت زوجها بعد إصابته في غزوة بدر، والسيدة صفية بنت عبد المطلب التي وقفت بجانب زوجها الحارس بن حرب بعد إصابته في المعارك.
وأوصت بضرورة دمج ذوي الهمم في المجتمع ومشاركتهم في الحياة اليومية، واهتمام جميع الهيئات والمؤسسات بهم، وقد أظهر الأزهر الشريف ريادته في هذا المجال من خلال دمج الأطفال ذوي الهمم مع الأطفال الأصحاء في التعليم، مما يعكس التزام المجتمع بدمج جميع أفراد، مما يعكس التزامه بتعزيز شمولية التعليم للجميع.
من جهتها أوضحت د. حياة العيسوي ، أن الله تعالى كرم بني آدم، حيث قال في كتابه العزيز{وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، وأبرزت أن التمييز بين البشر يعتمد على التقوى وليس على الأشكال أو المظاهر، كما ورد في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ} فالأكرم عند الله هم المتقون، بغض النظر عن صحة أجسامهم أو ما يعانون منه من اعتلالات.
وأكدت د. حياة العيسوي، أن الإسلام يعتبر أفراد المجتمع إخوة تربطهم رابطة الإيمان بالله، كما قال تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} فالإسلام لا يفرق بين ذوي الإعاقة وغيرهم، بل يحدد للناس حقوقًا متبادلة، حيث يُعتبر أصحاب الإعاقة أولى الناس بتحصيل حقوقهم، رغم ضعفهم، كما أشارت إلى أن الصبر على بلاء الدنيا يُورث الجنة، مستشهدة برواية عن ابن عباس رضي الله عنهما، حيث ذكر امرأة سوداء جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو من مرضها، فقال لها"إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك"، فاختارت الصبر، مما يعكس قوة إيمانها ورضاها.