بوابة الوفد:
2025-04-28@04:12:33 GMT

شراكات استراتيجية

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

«الشراكة الاستراتيجية» من المصطلحات حديثة العهد فى حقل العلاقات الدولية التى ظهرت نهاية القرن العشرين، وهو مصطلح مستنبط من حقل الدراسات التنظيمية (الأعمال والإدارة)، وعلى الرغم من حداثته لا يمكن على وجه التحديد حصر أول تطبيق لمفهوم «الشراكة الاستراتيجية» على مستوى العلاقات الدولية، لكن الإرهاصات الأولى لذلك المفهوم كانت بين كل من البرازيل والصين اللتين أقامتا شراكتهما الاستراتيجية فى عام 1993.

والتطبيق الأبرز كان إعلان موسكو 1994 بين الرئيسين الأمريكى بيل كلينتون والروسى بوريس يلتسين، الذى حدد «مرحلة جديدة من الشراكة الاستراتيجية الناضجة القائمة على المساواة والمنفعة المتبادلة والاعتراف بالحقوق المتبادلة». 

و«الشراكة الاستراتيجية» مفهوم ومستوى تعاون مختلف عن مفهوم «التحالف» فهى أقل «رسمية» من «التحالف» لكنها أعمق، والتحولات الدولية منذ الحرب الباردة كانت أحد أبرز الأسباب فى تبنى الدول لنمط «الشراكات الاستراتيجية»، أيضاً هناك ثلاثة عوامل معاصرة أخرى هى: العولمة الاقتصادية، والتهديدات الأمنية غير الحكومية، والأسلحة النووية، تفسر قرار القوى العالمية الناشئة والقوى المتوسطة «بالابتعاد عن التحالفات الرسمية» وخروج الجهات الفاعلة الدولية، منذ نهاية الحرب الباردة، من نموذج التحالف وتبنت بدلاً من ذلك الشراكة كونها توفر أشكالاً أكثر مرونة من التعاون الدولى مما يمكن أن توفره أطر التحالفات.

إذن؛ جوهر الشراكة الاستراتيجية يكمن فى التعاون القائم على المساواة وتبادل المنافع بين الدول ذات الأهداف المشتركة، ورغم أن القضايا الأمنية تشكل أهمية مركزية للشراكات الاستراتيجية، فإن نطاق هذه الشراكات يمكن أن يكون واسعاً للغاية، بما فى ذلك التجارة والاقتصاد والتكنولوجيا وما إلى ذلك. ونظراً لأنها توفر مجالاً هائلاً للتفاعل فى مجالات متعددة، فقد أصبحت الشراكة الاستراتيجية واحدة من أكثر الأساليب المرغوبة لمشاركة الدول فى السياسة العالمية المعاصرة. 

القاهرة منذ أيام قليلة استضافت قمة مصرية أوروبية رفيعة المستوى، انتهت إلى إعلان رفع العلاقات المصرية الأوروبية إلى مستوى «الشراكة الاستراتيجية» على مختلف الأصعدة: سياسياً، واقتصادياً، وتجارياً، وثقافياً. وهى قمة تاريخية ونقلة نوعية فى مسار العلاقات بلا شك. كان نتاجها الفورى والسريع دعماً أوروبياً ضخماً قيمته 7,4 مليارات يورو على مدى أربعة أعوام، فى مجالات مختلفة تشمل قروضاً ومساعدات واستثمارات، ويشتمل على مساعدات مالية قدرها خمسة مليارات يورو واستثمارات بقيمة 1,8 مليار يورو، ومنح قدرها 600 مليون يورو. والأهم تمويل طارئ قدره مليار يورو من ضمن المساعدات المالية سيصرف هذا العام.

سبق ذلك قمة مصرية برازيلية بمناسبة مرور 100 عام على العلاقات المصرية البرازيلية انتهت أيضاً بإعلان «الشراكة الاستراتيجية» بين كلتا الدولتين، والبرازيل دولة مركزية فى أمريكا اللاتينية ومهمة على الجانب التجارى والسياسى. كذلك كانت الزيارة التاريخية للرئيس الهندى إلى مصر فى يونيو 2023، وشهدت التوقيع على الإعلان المشترك لرفع العلاقات بين البلدين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية، والهند هى الأخرى دولة مركزية فى قارة آسيا وعملاق اقتصادى قادم بقوة.

فى السياسة كل سلوك له دلالة؛ والشراكات المصرية الاستراتيجية تعكس دلالات مهمة؛ فهى شراكات متعددة ومتنوعة توضح مدى توازن برنامج السياسة الخارجية المصرى، وكيف أن مصر ما بعد يونيو 2014 أقرت واتبعت برنامج عمل خارجياً قائماً على استقلال القرار السياسى المصرى والسيادى، وسياسة خارجية عقلانية رشيدة تعمل فى إطار تحقيق المصلحة الوطنية المصرية، على النحو الذى مكن مصر من استعادة مكانتها الدولية وريادتها الإقليمية، وعودة فاعلية الدور المصرى المحورى فى مختلف دوائر التحرك المختلفة.

وعلى جانب الآخر؛ توضح تلك الشراكات الكيفية التى يرانا بها العالم، ومدى الأهمية الاستراتيجية لدولة مصرية مستقرة من كل الجوانب فى خضم إقليم مضطرب، بل يمكن القول مشتعلًا، سواء فى غزة شرقاً، أو السودان جنوباً، وليبيا غرباً، أو على مستوى التوترات المتصاعدة فى البحر الأحمر. وهى شراكات تعكس مدى محورية ومركزية الدولة المصرية للعالم أجمع فى إطار الحفاظ على السلم والأمن الإقليمى والدولى، ومسارات التجارة العالمية. هى مصر كانت وستبقى ركيزة الأمن القومى العربى والإقليمى، والدور المصرى ريادى لا يمكن تجاوزه أو تجاهله.

لذلك؛ عزيزى القارئ، لا تفكر أو تحلل بذهنية الإخوانى المتربص الذى يرى الأمور من زاوية واحدة تخدم أهدافاً ضيقة، بل بعقلية المصرى الوطنى الذى يتمنى الخير لوطنه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: وليد عتلم شراكات استراتيجية البرازيل والصين الشراکة الاستراتیجیة

إقرأ أيضاً:

الإمارات ومالطا تناقشان دفع الشراكة الثنائية في قطاعات الاستثمار والاقتصاد الرقمي والزراعة

استضافت وزارة الخارجية الدورة الأولى للجنة المشتركة الإماراتية - المالطية في أبوظبي، وترأس الاجتماع كل من أحمد بن علي الصايغ، وزير دولة، والدكتور إيان بورغ نائب رئيس الوزراء ووزير الشؤون الخارجية والسياحة في جمهورية مالطا، بمشاركة كبار المسؤولين من كلا البلدين.
وتركزت مناقشات اللجنة على دفع الشراكات الثنائية قُدماً في قطاعات استراتيجية رئيسية، شملت الاستثمار، والاقتصاد الرقمي، والزراعة، والخدمات الحكومية الإلكترونية، والثقافة، والطاقة المتجددة وتغير المناخ، والرعاية الصحية، وتقنيات الصناعات الدوائية في الفضاء، والتعليم والتعليم العالي، والسياحة.
كما استعرض الجانبان فرص التعاون في مجالات مثل تبادل أفضل الممارسات في مجال مكافحة تمويل الإرهاب، والتعاون القضائي، والأمن السيبراني، إضافة إلى تنسيق الجهود على المستويين الثنائي والمتعدد الأطراف.
وأثنى الصايغ خلال الجلسة على العلاقات الوطيدة والمتقدمة بين دولة الإمارات ومالطا، مشيداً بالتعاون المشترك الذي يجمع البلدين في مختلف الميادين.
وفي كلمته الافتتاحية، قال: «إن انطلاق أعمال الجلسة الأولى للجنة الإماراتية-المالطية المشتركة يعكس التزامنا المتبادل بتعميق العلاقات الثنائية القائمة وتوسيعها لتشمل مجالات إضافية ذات الاهتمام المشترك».
وتناولت الجلسة سبل ابتكار آليات فعّالة للنهوض بالتبادل التجاري، وتعزيز دور القطاعين العام والخاص في دفع عجلة التعاون وفتح آفاق مستقبلية واعدة.
وأكد الجانبان حرصهما على توحيد الجهود الثنائية نحو رؤية شمولية للازدهار، وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
من جهته، أعرب الدكتور إيان بورغ في كلمته، عن تطلع جمهورية مالطا إلى رفع مستوى العلاقات الاقتصادية مع دولة الإمارات، وتوسيع مجالات التعاون في القطاعات التقليدية والناشئة على حد سواء.
واختُتمت الجلسة بالتوقيع الرسمي على محضر اللجنة المشتركة، في خطوة محورية في مسار تعزيز الشراكة بين دولة الإمارات ومالطا.
(وام)

مقالات مشابهة

  • «مدبولي» يطالب الاتحاد الأوروبي بسرعة صرف 4 مليارات يورو
  • رئيس الوزراء يؤكد عمق وقوة العلاقات الاستراتيجية بين مصر وألمانيا
  • عاجل - السيسي يثمن الشراكة الاستراتيجية بين مصر والمجر ويؤكد أهمية التعاون البرلماني والاقتصادي
  • 7 حقول نفطية تعزز الشراكة الاستراتيجية بين روسيا وإيران
  • الإمارات ومالطا تناقشان دفع الشراكة الثنائية في قطاعات الاستثمار والاقتصاد الرقمي والزراعة
  • «اللواء محمد الغباري»: الاستراتيجية المصرية بعد 30 يونيو غيّرت مفهوم سيناء بشكل جذري
  • شراكات استراتيجية تبرز أهمية «الشارقة القرائي للطفل»
  • المشاط تبحث آلية مساندة الاقتصاد الكلي ودعم الموازنة (MFA) بـ 4 مليارات يورو
  • مصر تبحث مع الاتحاد الأوروبي الجدول الزمني لدعم الموازنة بقيمة 4 مليارات يورو
  • تركيا عازمة على تعميق العلاقات الاستراتيجية مع أمريكا