تأملات رمضانية كيمياء السعادة..
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
بداية هذا العنوان ليس من عندى بل هو عنوان أحد رسائل الإمام أبوحامد الغزالى المتوفى 505 هـ الفلسفية وهذه الرسالة على صغرها تكاد تلخص رؤية الغزالى العبقرية فى التوفيق بين الطريقين الفلسفى العقلى والصوفى الوجدانى بلغة بسيطة مقنعة لا يخطئها إلا جاحد أو غير منصف؛ فقد بدأها بالحديث على طريقة فلاسفة اليونان الكبار سقراط وأفلاطون وأرسطو عن ضرورة معرفة جوهر النفس الإنسانية مؤكداً أن من عرف نفسه عرف ربه، ونفس الانسان عنده من شيئين: القلب والروح، والنفس مركب القلب، وللقلب عساكر كما قال سبحانه «وما يعلم جنود ربك إلا هو» والقلب مخلوق لعمل الآخرة طلباً لسعادته، وسعادته فى معرفة ربه عز وجل، ومعرفة ربه تحصل له من صنع الله وهو من جملة عالمه، ولا تحصل له معرفة عجائب العالم إلا عن طريق الحواس، والحواس من القلب والقالب (أى الجسم) مركبه، والمركب لا يقوم الا بالطعام والشراب.
وهنا يكون السؤال: ماعلاقة ذلك بالسعادة وكيميائها؟!
إن تمام السعادة فى رأى الغزالى مبنى على أشياء ثلاثة هى قوة الغضب وقوة الشهوة وقوة العلم، ويحتاج المرء لتمام سعادته إلى أن يكون الأمر لكل منها متوسطاً بمعنى ألا تزيد قوة الشهوة فتخرجه إلى الرخص فيهلك أو تزيد قوة الغضب فتخرجه إلى الحمق فيهلك، فإذا توسطت القوتان بإشارة قوة العدل (عن طريق اعمال العقل والعلم ) دل على طريق الهداية وسلك الطريق المستقيم.
والطريف أن الغزالى يقرن بين السعادة واللذة ويرى أن سعادة كل شىء هى لذته وراحته وهى تكون بمقتضى طبعه؛ فلذة العين فى الصور الحسنة ولذة الأذن فى الأصوات الطيبة وكذلك سائر الجوارح. فماذا اذن عن لذة القلب؟!
أن لذته الخاصة هى بمعرفة الله سبحانه وتعالى لأنه مخلوق لها، فالمرء إذا وقع فى معرفة الله سبحانه وتعالى فرح بها، ولم يصبر عن المشاهدة لأن لذة القلب– كما قلنا – المعرفة وكلما كانت المعرفة أكبر كانت اللذة أكبر، وهى كمعرفتك بالوزير والملك فإن فرحك بمعرفة الأخير هى الأعظم فرحاً والأكثر لذة! وليس هناك موجود أعظم أو أشرف من الله سبحانه وتعالى لأن شرف كل موجود به ومنه وكل عجائب العالم آثار صنعته فلا معرفة أعز من معرفته ولا لذة أعظم من لذة معرفته وليس منظر أحسن من منظر حضرته. وكل لذات وشهوات الدنيا متعلقة بالنفس وهى تبطل بالموت، أما لذة معرفة الربوبية وهى متعلقة بالقلب فلا تبطل بالموت لأن القلب لا يهلك بالموت بل تكون لذته أكثر وضوؤه أكبر لأنه خرج من الظلمة إلى النور.
لقد خرج بنا الغزالى هنا من لذة المعارف الحسية والعقلية الدنيوية إلى لذة المعرفة بحقيقة الذات الإلهية وهى المعرفة الأعز والأشرف والأكمل، هى معرفة القلب الذى لم يوهب للإنسان الا ليصله بمعرفة الذات الإلهية وجلالها، فإن لم تطلب أيها الانسان هذه المعرفة الأسمى وغفلت عنها وضيعتها كان ذلك – فيما يقول الغزالى فى نهاية رسالته البديعة – حسرة عظيمة عليك يوم القيامة!
ولذلك فهو يطالبنا بالاجتهاد فى طلبها وترك أشغال الدنيا كلها من أجلها والمعنى هنا أن تترك أشغال الدنيا بقلبك لا أن تترك عملك وتعطل مقومات حياتك كما يظن عامة المتصوفة من الناس! ان الغزالى يعتبر إذن أن الشعور الحقيقى بالسعادة لايتأتى الا بأمرين؛ الأول أن تحيا حياتك الحسية والعقلية منشغلاً بتدبير وسائل السعادة الدنيوية باعتدال وعقلانية، والثانى أن يظل قلبك معلقاً به سبحانه وتعالى فتتقرب اليه بالعبادات والنوافل متأسياً بحياة رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلم) فى كل أفعاله وأقواله. وفى النهاية فكل شرف لم يظهر لك فى الدنيا فستراه فى الآخرة فرح بلا غم، وبقاء بلا فناء، وقدرة بلا عجز، ومعرفة بلا جهل وجمال وجلال عظيمان! تلك هى كيمياء السعادة الحقيقية للإنسان العاقل المؤمن، العارف بالله حق المعرفة.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: نحو المستقبل العنوان رسائل الإمام النفس الإنسانية القلب والروح سبحانه وتعالى
إقرأ أيضاً:
عمرو الليثي ناعيا عادل الفار: «رحم الله صاحب القلب الطيب»
نعى الإعلامي عمرو الليثي، عبر حسابه الرسمي بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك » الفنان عادل الفار، الذي رحل عن عالمنا في الساعات الأولى من اليوم الجمعة متأثرا بأزمة صحية مزمنة.
وشارك عمرو الليثي، صورة عبر حسابه على «فيسبوك»، معلقا عليها قائلا: «رحم الله الفنان صاحب القلب الطيب عادل الفار وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وذويه الصبر والسلوان».
آخر ظهور لعادل الفار مع عمرو الليثيوكان آخر ظهور للفنان عادل الفار مع عمرو الليثي بعد فترة من وفاة نجله، التي كشف خلالها عن سر غيابه وحزنه عليه، مشيرا إلى سبب من أسباب وفاة نجله شادي هو انشغاله الدائم عنه بالعمل، مما جعله يتجه إلى تعاطي المواد المخدرة.
جنازة عادل الفاروشيعت منذ قليل، جنازة الفنان عادل الفار من مسجد القوات المسلحة بمدينة نصر صلاة الظهر اليوم الجمعة، وذلك بعد رحيله عن عالمنا أمس الخميس متأثرا بأزمة صحية اسفرت عن رحيله عن عمر يناهز الـ 62 عاما.
زوجة الفنان عادل الفاروسيطرت حالة من الحزن والانهيار على زوجة الفنان عادل الفار خلال تشييع جنازته إلى مثواه الأخير، مع غياب الوسط الفني، فيما عدا، الفنان مراد مكرم، والفنان حسن أش أش.
آخر أعمال عادل الفارويشار إلى، أن آخر أعمال عادل الفار الدرامية، كانت مسلسل «الفتوة» الذي قدمه بجانب الفنان ياسر جلال عام 2020، والذي جسد فيه شخصية الأعور.
أهم أعمال عادل الفاروشارك عادل الفار في مجموعة من الأفلام الشهيرة، من بينها: هيستريا، شجيع السيما، زكية زكريا، بون سواريه، وحارة البنات. وعلى الصعيد الدرامي، برز في مسلسلات مثل: الكومي، شارع السلام، الاشتباه، صاحب السعادة، وإحنا الشباب.
اقرأ أيضاًعاجل.. وفاة الفنان عادل الفار بعد صراع مع المرض
محامي الحكم محمد عادل: اختصمنا شركة الفار في البلاغ المقدم ضد التسريب الصوتي
آخرهم عادل الفار.. نجوم دمرت المخدرات حياتهم (فيديو)