آليات النهوض بفكرنا العربى والإسلامى المعاصر
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
نعيش فى واقع عربى وإسلامى يعج بالمتناقضات, لا أحد يستطيع أن يتكهن بما سيحدث وما سيطرأ عليه, لا أحد يستطيع أن يكوِّن رؤية نقدية عن مستجداته ومتغيراته, ومن يجتهد ويحاول تكال له الاتهامات, إما بالعمالة أو بالخيانة أو بتنفيذ أجندات مقابل بضع عملات.
وإن فتح فمه ودعا للتفكير والنقد, أخرجوه من قريتكم إنه يتطهر, فإما أن ينفى من الأرض, أو يعزل جبرياً عن علية القوم (عرة القوم)، ولم لا وهو الذى يريد أن يبدل دينهم ويظهر فى الأرض الفساد.
لكن سيقيض الرحمن الرحيم لهذه الأمة راشداً رشيداً, يظل قائماً على الحق ظاهر عليه, لا يحزنه من خذله, أولئك هم أصحاب الأقلام الحرة التى لا يجبرها أحد على ما تقول وإنما رؤيتهم من عندياتهم وتمليها عليهم ضمائرهم وما يشاهدونه ويرونه.
ومن هنا بات الأمر ملحاً من إعادة هيكلة العقل العربى والإسلامى عن طريق منهجية نقدية موضوعية تبغى هيكلة الفكر.
نعم كثيرة هى المناهج التى تستخدمها العلوم, سواء العلوم النظرية أوالعلوم العملية, لكن الأهم من كثرة هذه المناهج هو كيفية استخدام هذه المناهج وتوظيفها التوظيف الصحيح للخروج بمنتوج فكرى راقٍ على كل مستويات وأصعدة البحوث العلمية التى يقوم بإعدادها الباحثون سواء فى مرحلتى الماجستير أوالدكتوراه أو فى المراحل التمهيدية التى تسبق التسجيل للدرجات العلمية والدبلومات العليا، أو فى مرحلة الليسانس, أو فى مراحل التعليم الإلزامى.
ولم لا والجميع ينادى ويطالب بإحداث نهضة علمية وتصحيح مسار للعمليات التعليمية فى كل مراحل التعليم التى أصبح حالها مرثاة, إلا ما رحم ربى، القابضون على الجمار، لكن حتى تقال هذا العثرات وتحدث الغاية المرجوة ونجد ضالتنا المنشودة وتتحقق بغيتنا, لابد من إعادة البناء, إعادة الهيكلة, لن أتحدث عن هيكلة التعليم والمؤسسات التعليمية وخلافه, لأننى كتبت عن ذلك كثيراً- راجعوا محرك جوجل إن شئتم- وإنما ما أتحدث عنه ها هنا هو هيكلة فكرية, فقد يبدو المصطلح غريباً إلى حد ما, فهل لنا أن نعيد هيكلة الفكر, نعم نعيد هيكلة الفكر, فالفكر يعتمد على العقول والعقول أعدل الأشياء قسمة بين الناس, نعم لكن التفاوت والاختلاف فى توظيف هذه العقول, وهنا تأتى عملية الهيكلة, عن طريق إعادة تكوين هذه العقول التى ارتضت واعتادت المدرسة التقليدية الكلاسيكية, أكتب ما يملى عليك, لا يا سادة لا نكتب ما يملى علينا، وإنما نكتب ما تمليه علينا عقولنا, فنحن من يمسك القلم بيديه, لا الأقلام هى التى تمسك بيدنا, نحن الذين نفكر ولا أحد يفكر لنا دونما تقليل من خبرات الكبار, نحن لا نقلل من الكبار ومن فقههم وعلمهم وعملهم, لكن ما المانع أن نعاود قراءة هؤلاء بفكر معاصر مستنير يواكب العصر وتطوراته وحداثته، ونحن الآن نعيش فى عالم يعج بالفكر الحداثى والتقدم التقنى والسماوات المفتوحة, إذن لا بد أن يكون لدينا انفتاح على هذه الثورة المعلوماتية وإلا سيحدث لنا ما لا تحمد عقباه، سيندرس رسمنا وستنسحق هويتنا وستتحطم ذواتنا ولن يكون لنا كيان وجودى.
نعم ضرورة ملحة فرضتها ظروف العصر ومتغيراته, هذه الضرورة هى المواكبة والمعاصرة دونما إخلال بثوابتنا وبقيمنا ودونما عبث بمقدراتنا وبهويتنا الفكرية التى إذا ما حدث تواصل مع الآخر فستزداد نمواً وازدهاراً.
نعم إذا أردنا صحوة فكرية وهيكلة فكرية حقيقية فلابد أن ننتهج منهجاً فكرياً دقيقياً يتحول بنا من مرحلة القص واللصق إلى مرحلة الرأى الحر الواعى المستنير إعمالاً وتفعيلاً لظاهرة التأثير والتأثر.
وللحديث بقية
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: ى المعاصر الأرض الرحمن الرحيم
إقرأ أيضاً:
الطبيعة والميثولوجيا في سلطنة عُمان ندوة تعزز روح الانتماء والهُوية
العُمانية/ نظم النادي الثقافي بالتعاون مع شبكة المصنعة الثقافية إحدى المبادرات الثقافية بوزارة الثقافة والرياضة والشباب، الندوة الوطنية "الطبيعة والميثولوجيا في سلطنة عُمان، نحو رؤية وبرهانات متجددة"، وذلك بمقر النادي بمسقط.
تضمنت الندوة جلستين، شارك في الأولى المتخصّص في ميثولوجيا الأدب، أ. د حمود بن خلفان الدغيشي بورقة عمل بعنوان "زئير البحر، قراءة في الطقس والأسطورة في عُمان"، وناقش خلال ورقته طقوس أهل البحر في معتقداتهم الشعبية، كونها امتدادًا تاريخيًّا لعصورٍ متجذّرة في الزمن القديم حين كان الإنسان يخاف من زئير الطبيعة، ويتشاءمُ من عنفها، فحاول أن يفسِّر ظواهرها، متفاعلًا معها بوسائل متعددة ـ بحسب الباحث ـ فظل الإنسان في عُمان يمارس طقوس البحر حتى القرن العشرين قبل أن تختفيَ معظمها عند أهل البحر في سلطنة عُمان.
أما الأكاديمي الأردني أ. د خالد دغلس فقد تطرق من خلال ورقته المعنونة بـ "البعد الرمزي والأسطوري للقى الأثرية العُمانية"، إلى الأسطورة في سلطنة عُمان حاضرة في المجتمعات الريفية على وجه الخصوص، وترتبط بالمواقع الأثرية المحيطة في تلك المجتمعات. وتشيع الروايات بين جميع أفراد المجتمع ويتم تناقلها شفويًّا من جيل إلى آخر، والتي غالبًا ما يتعامل معها أفراد المجتمع على أنها مسلمات لا يمكن المساس بمصداقيتها.
وقدم الباحث والكاتب يونس بن جميل النعماني، ورقة عمل بعنوان "تمثلات الأساطير في البيئة العُمانية، الأشجار أنموذجًا" تضمنت جملة من المحاور، الأول: علاقة الأشجار بالميثولوجيا، والثاني: النخلة، والثالث: شجرة اللبان، والرابع: شجرة الكيذا. من خلال هذه المحاور قدم النعماني وصفًا تحليليًّا للمعتقدات الشعبيَّة المرتبطة بالأشجار وعلاقتها بالأساطير. واستخدم الباحث النعماني المنهج المثيولوجي الإحيائي في دراسة توظيف الأساطير وعلاقتها بالأشجار، فضلاً عن المنهج الوصفي التحليلي في تناول نماذج من الأشجار التي تنمو في البيئة العُمانية؛ إذ ارتبطت أفكار الإنسان منذ القِدم بما يحيط به من بيئة وطبيعة، وأثرت بطريقة أو بأخرى في وعيه، ومنها الأشجار.
وشارك في الجلسة الثانية الأكاديمي والمؤرخ الفني المصري الدكتور ياسر منجي بورقة عمل بعنوان "تَجَلِّيَات الرموز الطبيعية والميثولوجِيّة في الفنون والآداب العالمية، رهانات الرافد الحضاري في آفاق الإبداع العُماني المعاصر"، وذهبت ورقته إلى دراسة دور الرموز الفنية – بما لها من خصائص تركيبية بصرية – في تنويع مظاهر التعبير عن تَجَلّيات الروافد الطبيعية والميثولوجية، في الفنون والآداب العالمية؛ ومِن ثَمّ إلى محاولة إيضاح دورها الفاعل في رَفد الإبداع العُماني المعاصر، برؤىً متجددة، تظهر الموروث الحضاري في سياق مُعالجاتٍ فنيةٍ وأدبيةٍ تُوافقُ روح عصرها الراهن. وتناولت الورقة بالدراسة، والتحليل، والمقارنة، عددًا من الأمثلة، من مجالات فنية وأدبية مختلفة، يتجلى خلالها جوهر العلاقة التركيبية بين الطبيعة والميثولوجيا.
وفي ورقة فنية بعنوان "الأساطير مصدرًا للعبور إلى الفن المعاصر"، حاولت الفنانة التشكيلية العُمانية والباحثة في الفنون البصرية صفا بنت محمد الفهدية تسليط الضوء على الأساطير التي تعد مصدرًا للإلهام وإثارة الخيال للفنانين من مختلف الحضارات، مع التركيز على أسطورة (طفل النذر) كنموذج للتعبير عن خيال الإنسان في عُمان قديمًا ومعتقداته ومكنوناته الفكرية، متبعة الوصفي التحليلي من خلال تحليل أهم الممارسات الفنية العالمية التي عبّرت عن أساطير الشعوب المختلفة وإسقاطها في أعمال فنية معاصرة.
أما الباحث والفنان التشكيلي سعيد بن عبد الله النحوي فقد ذهب من خلال ورقته البحثية المعنونة بـ "دور التقنيات الحديثة في توظيف أسطورة جرنان في الفن المعاصر" الحديث عن أحد الأساطير العُمانية المتمثلة في أسطورة جرنان في سياق قالب فني معاصر من خلال توظيف التقنيات الحديثة، مركزًا على أهمية الوسائط الرقمية والتقنيات الحديثة، ومدى إمكانية الاستفادة من التقدم التكنولوجي والتقني في المجال الفني.
فيما قدم الكاتب والباحث في النقد الأدبي جاسم بن جميل الطارشي ورقة عمل حول "توظيف الطقوس والمعتقدات الشعبية في الخطاب الشعري العُماني، المدونة الشعرية لسما عيسى أنموذجًا"، وسلط الضوء من خلال ورقته على تجليات حضور الوعي الأسطوري في شعر الشاعر العُماني سما عيسى، في الطقوس والمعتقدات الشعبية العُمانية؛ بهدف الكشف عن حضورها في المدونة الشعرية للشاعر وتمثّل خطابه الشعري لها.
الجدير بالذكر أن هذه الندوة العلمية تهدف إلى التعريف بالأبعاد الثقافية الطبيعية في عُمان؛ مما يعزز روح الانتماء والهُوية، ودور الفن في زيادة الوعي بالتراث الثقافي العُماني، وتعرّف بالعلاقة الوطيدة بين الطبيعة ـ البيئة والميثولوجيا، وحضور الميثولوجيا في الأدب العُماني.