بروكسل- انطلقت أمس الخميس قمة الطاقة النووية، التي نظمتها الرئاسة البلجيكية لمجلس الاتحاد الأوروبي والوكالة الدولية للطاقة الذرية، في بروكسل، حيث يلتقي رؤساء الدول والصناعيون في هذا المجال لمناقشة كيفية التوسّع واستكشاف الطاقة النووية، والتأكيد على الالتزام بالحد من انبعاثات الغازات الدفيئة من قطاعي الطاقة والصناعة.

وفي مؤتمر صحفي، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للجزيرة نت أنه بصدد مناقشة مسألة الطاقة النووية الروسية، وتهديدها للدول الأوروبية خلال اجتماعه مع باقي القادة.

وبالموازاة، أدان نشطاء من حوالي 40 منظمة من جميع أنحاء العالم هذا الاجتماع، الذي اعتبروه منفصلا عن الواقع في مظاهرة خارج مركز المعارض الرئيسي بالعاصمة البلجيكية.

تواصل أعمال قمة الطاقة النووية في بروكسل وسط احتجاجات (الجزيرة ) تطلعات نووية

وقال الرئيس الفرنسي إن بلاده ستواصل الابتكار والبحث في مجال الطاقة النووية للوصول إلى النضج التكنولوجي والنموذج الاقتصادي الأمثل "عندما ننظر إلى الأسعار، فإن الإستراتيجية الجديدة التي يجب اتباعها تقوم على 3 ركائز: الرصانة، والطاقة المتجددة، والطاقة النووية".

وأشار في حديثه للصحفيين إلى أن "كافة التقارير التي رفعتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغيّر المناخ إلى وكالة الطاقة الدولية تظهر بوضوح شديد أن هناك تكاملا بين هذه النماذج الثلاثة".

ويرى ماكرون أن المنافسة الدولية -خاصة مع الشركات الأميركيةـ أمر طبيعي، وستدفع الجهود الأوروبية إلى بذل مزيد من الجهد لإزالة الكربون في صناعاتها.

وقال رئيس الجمهورية الفرنسية إنه "لم يكن من الممكن تصور هذا التحالف للطاقة النووية بين الدول الأوروبية قبل عامين"، لافتا إلى نشر واستخدام حوالي 50 جيجاوات من القدرة النووية خلال السنوات المقبلة في أوروبا للحفاظ على القدرة التنافسية وتقليل الانبعاثات.

وأشاد ماكرون بإتقان "جيل ما بعد فوكوشيما" للطاقة النووية بشكل آمن وتمكّن بلاده، التي سلكت طريق الاستثمار في الخدمات العامة، من حجز مقعدها بين الدول النادرة التي تصدّر الكهرباء في العالم.

وفي ظل التوترات الأخيرة بين باريس وموسكو، قال الرئيس الفرنسي إنه سيقوم بمناقشة الطاقة النووية الروسية وتداعياتها على دول المنطقة، ولكن عند سؤاله عن تكلفة التكنولوجيا النووية والمتجددة، امتنع عن الإجابة.

حكاية خيالية

وقد تأخر ماكرون في الوصول للإدلاء بتصريحاته الصحفية بسبب إخلاء منطقة الصحافة "لأسباب أمنية"، بما في ذلك الصحفيون، بعد أن قام أحد نشطاء منظمة "السلام الأخضر" برفع لافتة كُتب عليها "حكاية نووية خيالية" فوق المبنى الذي يستضيف قادة وممثلي حوالي 40 دولة.

وظل الناشط معلقا في الهواء لمدة ساعة تقريبا قبل أن يتدخل أفراد من الأمن لفك الحبل الذي كان معلقا به واعتقاله، وتُعرف منظمة "السلام الأخضر" بأنشطتها المناهضة للأسحلة النووية وحملاتها التي تجذب الانتباه.

وعند تواصل الجزيرة نت مع أحد أعضاء المنظمة غير الحكومية، قال إن "هذا النوع من التحركات سيستمر إلى أن تتوقف أوروبا عن الاستسلام لجماعات الضغط في الصناعة النووية"، معتبرا أن الحكومة الفرنسية "تسعى إلى الحصول على أموال طائلة لتمويل مشروعها النووي الجديد".

وندد عضو المنظمة -الذي لم يُرد الإفصاح عن اسمه- بالتكاليف الباهظة التي يجب على الدول وشعوبها دفعها لصالح مشاريع وهمية وبطيئة للغاية، فضلا عن غياب الشفافية بكل ما يتعلق بالطاقة النووية في الدول الكبرى.

ألقى نشطاء البيئة مسحوقا ورديا وأضاؤوا المشاعل لإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى القمة في بروكسل (رويترز) تنديد خارج المبنى

ومع اقتراب مواكب السيارات الرئاسية وغيرها في ساعات الصباح الأولى، ألقى نشطاء البيئة مسحوقا ورديا وأضاؤوا المشاعل لإغلاق الطرق الرئيسية المؤدية إلى القمة في معرض بروكسل، والتأكيد على أن هذا النوع من القمم لا يمثل سوى إلهاء خطيرا عن الحلول الحقيقية للمناخ، كما رفع المتظاهرون لافتات كُتب عليها "حكاية خيالية" و"الحكايات النووية: أزمة المناخ" و"أوقفوا الوهم".

وفي بيان صحفي، وصفت منظمة "السلام الأخضر" اجتماع قادة الدول في القمة بأنه "منفصل عن الواقع، ويديم الأسطورة القديمة المتمثلة في وجود طاقة قوية يمكنها إنقاذ المناخ".

وأضافت المنظمة غير الحكومية أن "الطاقة النووية الجديدة، سواء فيما يتعلق بالمفاعلات الكبيرة أو المفاعلات المعيارية الصغيرة، هي أسوأ خيار ممكن لمستقبلنا الخالي من الكربون".

وردا على ما أعلنته مجموعة من الدول في مؤتمر الأطراف 28 في دبي، كشفت المنظمة في فرنسا أن مضاعفة القدرة النووية العالمية 3 مرات بحلول عام 2050 سيتطلب إنجاز 70 مفاعلا على مستوى العالم سنويا بين عامي 2040 و2050، وحتى الآن، تمت إضافة 21 مفاعلا فقط إلى الشبكات العالمية في السنوات الأربع الماضية، في حين تم إغلاق 24 مفاعلا.

منظمات بيئية ترفع شعارات "أوقفو ا الوهم" ضد القمة النووية ببروكسل (الفرنسية)

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الطاقة النوویة

إقرأ أيضاً:

العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية

الفيتو الروسي اليوم (18 نوفمبر 2024م) أبطل مشروع قرار الدول الغربية الذي قدمته بريطانيا لمجلس الأمن، والرامي لشرعنة التدخل الإنساني في السودان، وحظر الجيش وكافة عملياته، بالتوقف القسري لجميع العمليات ضد الميليشيا وشرعنة النهب والاغتصاب وقتل المدنيين، مما يعني عمليا تقسيم السودان بين مناطق سيطرة الميليشيا وتلك التي يتواجد فيها الجيش. وهذا يعني انفصال دارفور فعلياً، وخلق كانتونات في الجزيرة وولاية الخرطوم وغيرها، وإصدار شهادة ملكية للميليشيا وشرعنتها بالقانون الدولي والفصل السابع.

نفس القرار طبق من قبل على عراق صدام حسين في التسعينيات، فأدى لإنفصال إقليم كردستان من الناحية العملية، ومثيله القرار ضد ليبيا القذافي عام 2011م فأفضى إلى تشكيل حكومتين في بنغازي وطرابلس لا تزالان تختصمان حتى اليوم.

الذي يحمد للإتحاد الروسي مصداقيته في الوقوف مع سيادة السودان بالعمل وليس بمجرد العبارات المنمقة، كما فعل مع سوريا من قبل. فأوقف مسلسل العبث الطاغي والمتطاول على سيادة السودان، وتسييره مغلولا ومعصوب العينين من قبل دول الاستعمار الجديد المعروفة، لإمضاء مخططاتها المتماهية مع أعدائه المعلنين.

هذا موقف مشرف من الإتحاد الروسي يستحق التقدير ورد التحية بأحسن منها، فما جزاء الإحسان إلا الإحسان.

بيد أنه تبين الآن أن تطاول عمليات حسم هذا التمرد المدعوم بأجندة الخارج تعيق التقدم دبلوماسيا، وتكبل السياسة الخارجية. وظل هذا شأن السودان مع هذه الدول منذ الاستقلال، وعلى كافة الحكومات، الإنقلابية والعسكرية، بالتآمر المستمر، وتبادل الأدوار في كل مرحلة حسب مقتضياتها. وينشط التآمر الخارجي بنصب الحبائل في أجواء المعاناة المكفهرة التي تصنعها بيادقه من جيوش العملاء المتماهين مع المرتزقة حملة السلاح، ومن خانوا قسم الولاء للوطن فخانوه، ورفعوا السلاح المعد للعدى في صدور زملائهم رفقاء العقيدة الوطن.

ولذا فيتعين على الحكومة القائمة التعامل مع الوضع الراهن بالجدية والحسم المطلوبين. فأول مطلوب عملي هو تسريع عمليات تطهير البلاد من جيوب التمرد الآفل في كل مسارح العمليات، وبدءا بولاية الجزيرة، قلب السودان النازف، وتسريع عمليات تطهير بقايا التمرد في أطراف الخرطوم لإعلانها ولاية خالية من التمرد، والشروع في إنفاذ برامج إعادة البناء والإعمار.

ففي كل يوم تتأخر فيه القوات المسلحة المدعومة، أكثر من أي وقت مضى، بالمستنفرين والمقاومين، وكل شعب السودان، عن الحزم الموعود، فإن ذلك المدى الزمني يفتح فصولا جديدة من التآمر والتربص ونصب الحبائل. فقد أعلم بمثيل هذا التربص المولى تعالى رسوله، وهو في ساحة الجهاد مع المسلمين السابقين الأولين بقوله:-
“ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم إن استطاعوا” ثم أوصاهم بعدم التهاون والتردد في الحسم مهما كانت التضحيات:
“ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين” موصياً ومحرضاً لهم بالثبات على المبدأ وتحديد الوجهة والتوكل الحازم.

أما على مستوى العلاقات الخارجية الثنائية، فقد تبين الآن للجميع، وبوضوح ساطع، من يقف مع السودان، ومن يدبر له المكائد.

وبالتالي فيتعين أن تعتمد مقاصد وتوجهات السياسة الخارجية هذه البوصلة التي لا تكذب.

فيتعين إبرام اتفاقيات دفاع مشترك واتفاقيات اقتصادية وتجارية، واتفاقيات التبادل النقدي مع دول صديقة وموثوقة كالإتحاد الروسي والصين وكافة الدول الصديقة، التي أكدت بالقول والفعل احترمها لسيادة السودان ووحدة ترابه واستقلال قرار شعبه السياسي، بدلا من الخضوع المتقاعس لأجندة الخارج التركيعية، وتوعداته التثبيطية، التي لن تقود إلا لمزيد من التشظي والفرقة، وبذر الشقاق والاحتراب بين أبناء الوطن الواحد، والسعي لتموضع العملاء والوسطاء لإذكاء المزيد من الفتن واستطالة أمد الحرب.

بالأمس اجتمع المستشار الألماني أولاف شولتز مع الرئيس بوتين، وقد خلص المراقبون إلى أن الهدف من اللقاء المفاجئ، الذي أذهل العديد منهم، يصب في خدمة السياسة المعلنة للرئيس المنتخب دونالد ترمب، الذي قرر إنهاء الحرب في أوكرانيا، كما أن ألمانيا نفسها ظلت تعاني من التدهور الاقتصادي بسبب قطع إمدادات الغاز والنفط الروسي عنها منذ عام 2022م ، فأدى ذلك لإغلاق عدد من مصانع السيارات مثل شركة فلكسواجن، وتجميد استثمارات أجنبية لصناعة الموصلات الإلكترونية تقدر ب 30 مليار دولار، وتزايد نسب العطالة والتذمر واستقالة وزير المالية والاقتصاد وتصدع الائتلاف الحاكم، فضلا عن أن نسبة النمو الاقتصادي خلال العام الجاري تناقصت إلى 0.2% وعلما بأن الاقتصاد الألماني يؤثر على كل دول الإتحاد الأوربي وضَعفه يعاني معاناتها. وبالتالي فلم يعد لأوروبا من مناص سوى التوصل لحل لمشكلة أوكرانيا نزولا على مبدأ الرئيس ترمب.
وبالتالي فإن الرهان الأوربي للوقوف مع أوكرانيا ضد روسيا وهزيمتها بدون أمريكا أصبحت معالمه واضحة للجميع.

بالأمس أعلنت حكومة الانقلاب في القابون التي يترأسها الجنرال بريس انقويما نتيجة الاستفتاء العام على الدستور الجديد، والذي حصل على تأييد أكثر من 91% من المواطنين، وجاء ذلك بموافقة ورعاية فرنسا ماكرون للانقلاب العسكري الذي جرى في أغسطس 2023م ضد حكومة الرئيس المنتخب علي بونقو في ديسمبر 2022م. وفي السودان نحتاج لتجربة أفضل لأن مرور خمس سنوات دون حكومة منتخبة يضحي أمرا مقلقاً.

عموما على الرئيس البرهان العمل والتصرف كرئيس حكومة أمر واقع، ودولة ذات سيادة، فعليه الشروع في تشكيل حكومة المهام الانتقالية من الخبراء والتكنوقراط، وإعلان برنامج إعادة الإعمار، وإصدار خارطة طريق للانتخابات لاستعادة المشروعية المسنودة بسيادة الشعب وسلطة حكم القانون. فالعالم لا يحترم من يتقاعس وينتزع موقعه المستحق بين الدول، ولا يحتفي بالمترددين المرتكسين المنتظرين لإشارات الآخرين. فالمياه الراكدة يفسدها طول الركود فتفسد ما حولها. والله يخاطب الرسول القائد تعليما للمسلمين في مثل هذه المواقع: ” فإذا عزمت فتوكل على الله”..

دكتور حسن عيسى الطالب
المحقق

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • ‏مصدر عسكري أوكراني: أوكرانيا فقدت أكثر من 40% من الأراضي التي سيطرت عليها في منطقة كورسك الروسية
  • مجموعة Sandworm الروسية تستهدف البنية التحتية للطاقة الأوروبية قبيل الشتاء
  • وزيرة الخارجية الألمانية خلال "كوب 29": العدالة المناخية والتعاون أساسيان لمواجهة التغير المناخي
  • لفهم خطورة الأمر.. إليكم عدد الرؤوس النووية الروسية الممكن حملها على صواريخ مثل MIRV التي ضربت أوكرانيا
  • وزير الكهرباء: متابعة مستمرة لمستجدات المحطة النووية بالضبعة
  • هل تحديث العقيدة النووية الروسية يعزز الردع النووي؟.. أستاذة علوم سياسية تجيب
  • العلاقات الروسية وخارطة الطريق السودانية
  • إلى التي تجسد كرامة هذه المنطقة... هكذا عايد ماكرون السيدة فيروز في عيدها
  • الأهرام: الجمهورية الجديدة تضع الأولوية للطاقة النووية كمحرك لإنجاز التنمية الشاملة
  • «الأهرام»: الجمهورية الجديدة تضع الأولوية للطاقة النووية كمحرك لإنجاز التنمية الشاملة