عبر صفحات تاريخ أهل الكتابة والصحافة نطالع من آن إلى آخر حواديت تتعلق بمسيرتهم ومواقفهم وما تعرضوا له من أحداث يتناولونها بالعرض والسرد للتاريخ تعد شهادات ووثائق يمكن الاستدلال منها على أحوال البلاد والعباد فى زمانهم..
وبالاقتراب من سيرة الكاتب الصحفى «سليم شاهين سركيس» الجورنالجى الحريف اللبنانى البيروتى الذى نال شهرته فى مصر، كتب الكثيرون عن خصوصية موهبته فى الإنشاء وإجادة النكتة على صفحات جريدة (لسان الحال) البيروتية، وبعد أن رحل إلى باريس ولندرة، فاراً من عسف بعض الحكام، وعاد إلى الشرق أنشأ فى مصر جريدة (المشير) ومجلة (مرآة الحسناء)، وكانت له فى «المؤيد» و«الأهرام» جولات وإبداعات مهنية، واستمرت إلى آخر حياته، وله من الكتب «الندى الرطيب فى الغزل والنسيب» و«غرائب المكتوبجى» و«تحت رايتين».
غير أن أكثر كتبه إثاره للجدل كان كتابه «غرائب المكتوبجى» الذى انتقد فيه وبشده سياسة المراقب العثمانى على الصحف والكتب..
ويرى «سركيس» أن أهم النكبات التى عاناها، أن مولده فى بيروت، فصار من رعايا الحكومة العثمانية، وهذه أنكى المصائب وأولاها فى تصوره، أما النكبة الثانية فكانت فى إرساله إلى المدارس حيث تلقى تعليمه، فأصبح فى علمه مستحق أن يشفق عليه الجاهل، والنكبة الثالثة تعلمه اللغة الإنجليزية بنوع خاص، فأصبح كما يقول لا يقوى على احتمال الخمول، وهو يقرأ جرائد أوروبا ويدهش بمبادئ التقدم والحرية، والنكبة الرابعة عندما عهد إليه بتحرير جريدة «لسان الحال»، فلبث فى ذلك العمل مدة ٨ سنوات وأمسك زمام «الرأى العام» كل تلك المدة، إلا أنه لم يتمكن من حريته فى إدارته، وأدرك من مطالعة الصحف الأوروبية منزلة الحرية ومقام الإخبارى، والنكبة الخامسة كانت كما يقول فى رحيله إلى أوروبا فزار إيطاليا وفرنسا، وأقام فى إنجلترا نحو عامين فقرأ جرائدها واجتمع مع رجال الصحافة وأرباب السياسة فيها وحضر جلسات البرلمان ومجتمعات الأدباء واستمع خطب الخطباء، والنكبة السادسة والأخيرة فى هجرته بلاد الحرية والعودة إلى بيروت، وإلى تحرير «لسان الحال» تحت ضغط المكتوبجى وظلم الحكومة بعد أن تذوق حلاوة الحرية..
ولعل فى رسالته الشهيرة إلى السلطان العثمانلى عبدالحميد الثانى خير مثال على ما شهد به على ذلك العصر.. ونذكر منها بعض تلك السطور بحروفه..
«مولاى.. يسوءنى أننى من جملة رعاياك، لأنه يسوءنى أن أكون عبداً، وأنت عودتنا أنك تعتبر الرعية فى منزلة عبيد لك بدلاً من أن تتبع الحقيقة، لكن كما أن الدول المتمدنة قد ألغت الاسترقاق والنخاسة وأعطت العبيد السود حريتهم، كذلك قدر الله العلى الحكيم أن أخرج من مملكتك وأن أقيم فى حمى حكومة مصر العادلة، فمن هذا القطر الذى أصبح سعيداً من يوم تقلص ظل نفوذك عليه أعرض لمسامعك الشاهانية ما أشكوه أنا ويشكوه سائر رصفائى فى تركيا من السياسة الخرقاء التى تبعتها جلالتك..».
دامت مصر العادلة.. تحيا مصر كل عصر.. مصر الشعب والجيش والقائد والتاريخ والحاضر الطيب.. والمستقبل المشرق المبشر بإذن الله بكل خير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: مصر العادلة رؤية صفحات تاريخ المشير مصر جريدة
إقرأ أيضاً:
فضيحة تسريبات الرعاية الإخوانية لمؤتمر "الحرية الجنسية"
فضيحة جديدة تهز أروقة جماعة "الإخوان" الإرهابية، بعد تسريب رسالة صوتية للدكتور صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام، تدعم مؤتمرًا متهمًا بالترويج للحرية الجنسية والمثلية والتحول الجنسي. التسريب الذي التقطه جناح القيادي محمود حسين واعتبره ضربة قاضية للإخوة الأعداء، كشف تزكيات قدمها قياديون بارزون لمنسق المؤتمر وأعضاء اللجنة المنظمة، رغم علمهم بمحتوى جدول أعماله المثير للجدل. فكيف تورطت قيادات الجماعة في هذه الأزمة؟
في الأسبوع الأخير من نوفمبر 2024، ظهرت تسريبات هذه الفضيحة لأول مرة على شكل تساؤلات موجهة إلى أصحاب القرار الإخواني في جناح القيادي صلاح عبد الحق. جاءت هذه التساؤلات مغلفة برقائق من الحزن والشفقة، مع ادعاءات بالتمسك بالمبادئ والقيم وما هو معلوم من الدين بالضرورة، بالإضافة إلى الحرص المزعوم على سمعة "القيادات التاريخية الربانية".
زَعَم ناشر التسريبات أن الدكتور "سيد.ز" اتصل عبر الإنترنت بالقيادي محمد البحيري، باعتباره من أصحاب القرار في التنظيم الدولي الإخواني في قارة إفريقيا، وطلب منه تزكيته لدى عدد من أعضاء الوفود الإفريقية المشاركة في فعاليات المؤتمر. استجاب البحيري للطلب وأرسل تزكية يؤكد فيها أن الدكتور "سيد.ز" معروف لديه شخصيًا، ويمكن الوثوق به وتقديم الدعم اللازم لإنجاح المؤتمر وتحقيق أهدافه.
لم يكتفِ الدكتور سيد بتزكية البحيري له، بل استدرج "الإخوان" إلى ما هو أبعد من ذلك. أقنعهم بأهمية أن يلقي الدكتور صلاح عبد الحق، القائم بأعمال المرشد العام لجماعة "الإخوان"، كلمة عبر الهاتف في افتتاح المؤتمر. وبالفعل، تحققت مساعيه، حيث تضمنت كلمة عبد الحق شكرًا صريحًا وإشادة بالدكتور سيد وأعضاء اللجنة المنظمة من أمريكا ودول إفريقية، وكذلك بالمدربين المسئولين عن تحقيق أهداف المؤتمر، داعيًا لهم بالتوفيق والسداد.
طلب المنسق العام للمؤتمر، "المدعوم إخوانيًا"، من الحضور التوقيع على وثيقة المؤتمر وهي "وثيقة 2030" التي تبنتها الأمم المتحدة. ورغم أن "الإخوان" بجميع أجنحتهم المتصارعة، ومعهم جماعات وكيانات أخرى، سبق لهم إصدار بيانات تعلن رفضهم لما جاء في الوثيقة بدعوى أنها "تحمل أهدافًا خبيثة وتهدف إلى إباحة الحرية الجنسية والمثلية والتحول الجنسي، وتشجع على ممارسة الشذوذ، مما يهدد المجتمع المسلم والأسرة المسلمة تحت شعار المساواة بين الجنسين".
القيادي الإخواني الهارب محمد البحيريلم تتحقق أهداف المؤتمر، إذ انسحب عدد كبير من أعضاء الوفود بعد رفضهم التوقيع على الوثيقة. كما أصدروا بيانًا استنكاريًا لما جاء فيها، لينفضّ المؤتمر بعد ثلاثة أيام من انعقاده، ونشر حساب تابع لجناح القيادي محمود حسين فيديو يتضمن التسجيل الصوتي لرسالة القائم بأعمال المرشد العام في جناح الإخوة الأعداء، وصورة من إحدى جلسات المؤتمر وأسماء أهم المشاركين في اللجنة المنظمة. استغل المعترضون على الوثيقة رسالة البحيري وكلمة عبد الحق، وأمطروا قيادات الجماعة الذين تسببوا في "فضيحة الدعم الإخواني لمؤتمر الحرية الجنسية" بوابل من رسائل اللوم والتقريع، وأكدوا أن ادعاء الجهل بحقيقة المؤتمر وما يدور خلف الكواليس لا يعفي صلاح عبد الحق والبحيري من المسئولية.
أكد الإخواني ناقل تسريبات الفضيحة أنه حاول الاتصال بالقائم بأعمال المرشد العام للتحقق من خلفيات رسالته الصوتية وما إذا كان يعلم هو والبحيري بما كان يدور خلف الكواليس، لكنه لم يتلقَّ أي رد على اتصالاته، وفشل في الوصول إليه عبر الدائرة المحيطة به. وطرح تساؤلات عديدة منها: "هل يُقبل أن نعذر الدكتور صلاح والبحيري وغيرهما من المشاركين في المؤتمر بجهلهم بحقيقة أهدافه؟! هذا أمر غير مقبول بالمرة من أشخاص قضوا أعمارهم في هذه الجماعة. فإذا لم يكن مثلهم على اطلاع بالوثيقة المنشورة للجميع وبالأحوال والأخبار، فهل يصلحون لقيادة جماعة كبرى مثل الإخوان؟ وهل الأسماء الإخوانية المشاركة في هذا المؤتمر، والتي أُسندت إليها مهام التدريب أيضًا، مجرد "دراويش" لا يعرفون ماهية الوثيقة؟".. وهل توجد صلة بين رسالة القائم بأعمال المرشد العام الدكتور صلاح عبد الحق إلى المؤتمر وقيام المسئولين عن موقع "الإخوان" الرسمي بحذف بيان سبق نشره لإعلان موقف الجماعة الرافض للوثيقة الأممية؟".
تُسلط هذه التسريبات الضوء على أزمة أعمق داخل جماعة "الإخوان"، تتعلق بمصداقية قياداتها ووعيهم بما يدور حولهم. فهل يمكن لجماعة تدّعي الربانية والالتزام بثوابت العقيدة أن تبرر تورطها في مؤتمر يروج لقيم تتعارض مع مبادئها المزعومة أم أن هذه الفضيحة تكشف عن فصل جديد في مسلسل صراعات داخلية أعمق بين أجنحة القيادات المتناحرة على المكاسب والمغانم؟