بوابة الوفد:
2025-03-16@23:13:40 GMT

د. كريمة عودة تكتب.. مصابيح القلوب

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

يحيا الإنسان وهو يحاول التعايش بصفاء روحي في واقع مشحون بأعاصير من الاضطرابات، يتعثر وينهض، تارة يستلهم مصادر القوة ويتصالح مع مشاق الحياة، وأخرى يشعر بالتراجع وعدم القدرة على مواصلة السير، وهنا يحتاج لما ينير دربه ويسهل سيره، ويعينه على تخطى أهواء نفسه، والسبيل إلى ذلك التمسك بما كان عليه خير البريه ونورها ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ؛ حيث أرشدنا إلى مفاتيح العيش في الحياة بلا عنت، ووسائل تهدي القلوب وترشد البصائر، وسَنُعَرّج في هذه الكلمات حول بعض الوصايا النبوية التي تُضيء القلوب، وتُسعدها، وتُسَكِّنها عند ثورتها، وفي الالتزام بها دليل على حسن عبودية العبد لباريه.

البحوث الإسلامية يصدر عدد رمضان من مجلة الأزهر مع ملف خاص عن الشهر الفضيل مصابيح القلوب 

ومن مصابيح القلوب: تهذيبها من الشوائب التي تجعل الإنسان مشغولًا بغيره، ينظر لما في يده من نعمة، متناسيًا قَدَر الله في خلقه، الذي قسم الأرزاق بين عباده لحِكَم قد تخفى علينا، وفيها الخير لكلٍ منَّا، والمصباح الذي يزيل عن القلب ظلمته، ويعيده إلى فطرته التمسك بهدي المصطفى ــ صلى الله عليه وسلم ـــ في قوله: "لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ". (رواه الشيخان)، ففي هذا الحديث قاعدة إيمانية عظيمة؛ لو طبقها الإنسان في حياته بأن يحيا متمنيًا لغيره الخير، سعيدًا بما يحظى به؛ ستهدأ روحه، وتسكن نفسه، ويسعد بما قُسم له من رزق. 

ومن مصابيح القلوب: الرضا، ولا يقصد به الرضا بالنفس؛ لأن من رضي عن نفسه استحسن حالها، ولم يدافع المعاصي ويخالف هواه، ولكن المقصود هو الرضا بالرزق من مال وصحة وولد بعد الأخذ بأسباب السعي المشروعة، فقد نبهنا المصطفى ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ لذلك في قوله: "فَمَنْ رَضِيَ فَلَهُ الرِّضَا، وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ" (سنن الترمذي)، بالرضى ينشرح الصدر وتهدأ النفس ولا تكترث بمصابها بشكل يعوقها عن القيام بدورها. قال أحد الصالحين في فضل الرضا: إنه عبادة لا ينقطع أجرها.
مع ملاحظة أن الرضا لا يتنافى مع حسن السعي، وليس المقصود به الرضا بالنقائص فقد قال الطيب المتنبي: ولم أر في عيوب الناس عيبًا ... كنقص القادرين على التمام. 

ويضيء القلب أيضا بالصبر عند الابتلاء، والقدرة على تخطي ما أصابه دون فزع، وكذلك الصبر على الطاعات بعدم الانقطاع عنها، ويدل على عظم أجر الصبر أن المولى عز وجل ذكره في القرآن في نحو سبعين موضعًا، وقال الإمام الغزالي ـــ رحمه الله ـــ: "فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر". تذكر أجر الصبر يضيء القلب عند الجزع، ويعين الإنسان على التمسك بأسباب القوة النفسية والمادية التي يحتاج إليها ليواصل السير في دربه بتوازن وحِكمة.
فإذا رضي الإنسان برزقه، وصبر على ما ألمَّ به، ولم يقارن حاله بغيره، سينعم بنور في بصيرته، وسبيلًا للسير في الحياة بلا أسى، ولم تطغى عليه طِباع السوء.

بقلم د. كريمة عودة، باحثة بمجمع البحوث الإسلامية

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: التعايش

إقرأ أيضاً:

أحمد عمر هاشم: الظلم محرم بين العباد.. والعدل من أعظم القيم

أكد الدكتور أحمد عمر هاشم أن العدل من أعظم القيم التي رسّخها الإسلام، مستدلًا بالحديث القدسي الذي رواه أبو ذر الغفاري عن النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال الله عز وجل: "يا عبادي، إني حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّمًا، فلا تظالموا".

هل الإنسان مجبر على أفعاله أم يمتلك حرية الاختيار.. أحمد عمر هاشم يوضحأحمد عمر هاشم يكشف علامة نجاة الله للعبد من العذاب

وأوضح أحمد عمر هاشم خلال تقديم برنامج «كأنك تراه»، على قناة صدى البلد، أن هذه الصيغة اللغوية "تظالموا" تشير إلى تبادل الظلم بين الناس، مما يؤكد ضرورة عدم الاعتداء على حقوق الآخرين. وأشار إلى أن الله سبحانه وتعالى، رغم كونه الخالق المدبّر الذي لا يُفرض عليه شيء، إلا أنه حرّم الظلم على نفسه تأكيدًا على خطورته وأثره المدمر في المجتمعات.

كما تطرق أحمد عمر هاشم إلى حاجة الإنسان المستمرة لهداية الله، مستشهدًا بقول الله تعالى: "يا عبادي، كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم"، مشددًا على أن طلب الهداية من الله أمر ضروري لكل فرد، وأن الإنسان لا غنى له عن العون الإلهي في كل مراحل حياته.

وفي ختام حديثه، دعا أحمد عمر هاشم إلى التأمل في معاني الحديث القدسي والعمل بمقتضاه، عبر تجنب الظلم والسعي الدائم للهداية والاستغفار، لأن كل إنسان مسؤول عن أعماله وسيحاسب عليها يوم القيامة.

مقالات مشابهة

  • أحمد عمر هاشم: الظلم محرم بين العباد.. والعدل من أعظم القيم
  • فى يوم 16 رمضان.. النبي صلى الله عليه وسلم يصل بدر ووفاة السيدة عائشة
  • د. نصار عبد الله: للصيام حكمة تتمثل في تحمل الإنسان الشدة والضيق بإرادته قبل أن تُفرض عليه
  • مساجد الشارقة.. صور تجسّد عمارة القلوب
  • الإنسان مفتقرٌ إلى هداية الله الواسعة
  • المجلس الوطني لحقوق الإنسان يدعو إلى مواجهة التحديات التي تعاني منها فئة ذوي الاحتياجات الخاصة
  • أمر لا يحبه الله.. تحذير قرآني من الإسراف في الأكل والشرب
  • علي جمعة يكشف كيفية شفاعة الرسول لنا يوم القيامة
  • لماذا يخاف الناس من الموت؟.. رد مفاجئ من علي جمعة
  • أخطر ما تصاب به القلوب.. خطيب المسجد النبوي يحذر من 4 أفعال شائعة