عربي21:
2024-06-29@11:20:52 GMT

الأمــانة

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

الأمانة سلوك:

هي تعبير سلوكي منبثق عن الشخصية أي العقلية والنفسية في الإنسان الأمين، وقد تكون معبرة عن وسيلة لجذب الثقة، وهي مطلب النفعية والمصلحة، وإن كانت الأمانة لهذا الغرض فلا يعني أنها سلبية بل هي تدل على تطور مدني وسيادة القانون في الدولة الحديثة التي لا تأخذ السلوك كقيم أخلاقية تعتمد على مدى رسوخ القيمة عند الفرد وفهمه، وإنما تضعها وفق معايير النفعية في خلق نمط في المعاملات التي لا بد أن تكون فيها الثقة سمة من سمات الاستقرار والمعاملات المريحة.

. إن لم تك مخلصا في عملك أمينا؛فلا تغش في بضاعتك وإنما تخبر الزبون بنوعيتها وان لم تك من النوعية الجيدة، فان الزبائن سيشعرون بأن التاجر هذا أو البائع غشهم وليس له مصداقية فيبتعدون عنه وهذ يسبب خللا في النمط الحياتي.

نلاحظ أن الأمانة هنا سلوك، ربما ضعف في مجتمعنا الذي لا تعمل به الدولة الحديثة مع ضعف القيم وتشويه العقائد وتبديد الهوية نتيجة صراع الأطماع وتجهيل الناس لتمرير مخططات من التخلف واحتقار الآدمية.

سطحية الفهم:

في منظومة تنمية التخلف التي نعيش فيها ونشكل بيئتها ننظر إلى الأمور بسطحية، تعجبنا كلمة ليبرالية، فنزعم أننا ليبراليون لكن الحقيقة أننا مستبدون نرفض الآخر وأن الكلمة محض حاوية عليها عنوان لكن فارغة، تحولت الأفكار التي نستوردها إلى عناوين لا محتوى لها ولا فهم حتى لمعناها الحقيقي لكن نجد أغلب زاعميها نماذج تمثل الهزيمة والجهل في مجتمع يتكبرون عليه للتيه وعنفوان الأنانية.

الليبرالية والعلمانية وغيرها في الغرب ليست قيما أخلاقية وإنما آليات لإدارة الدولة الحديثة والناس وفيها اجتهادات، لكن لا بد أن تكون النتيجة تطبيق القانون واتباع اللوائح في العلاقات لتكون الحياة أو نمط الحياة المستقرة التي يعيشها الناس، فهم يعتنقون الليبرالية ليس ليضحوا من أجلها ولا العلمانية، وإنما هم يدافعون عن نمط حياتهم لهذا ترى تراجع الحريات عندما تكون قوانينها تحمي من يؤثر على نمط الحياة فيقيد ويهجر ويوصف بأوصاف فيها خطورة وانطباع خوف كالإرهاب وغيرها، أو توجه لتسيس الدين (إضافة صبغة دينية على دعواهم وما يبرر أفعالهم) كالإنجيليين الجدد، لكن هنالك ما هو خطر أيضا ومختلف عليه مثل الليبرالية الحديثة التي تزيد من تفكك النظام وتضرب أهم ما فيه، وهو سيادة القانون والاستقرار وتزيد التفكك الأسري الهش أصلا وتعظم من تفاهة الحياة.

آليات بلا أطر:

وجدنا جميلا أن نسلك أسلوب التجارة والتوصيل، والمطاعم مثلا قدمت نموذجا ناجحا نوعا ما لكن ليس متكاملا، فهو يعمل ضمن سيطرته على الأمور ولا يعتني بتدريب نفسه وعماله على نوع من الالتزام، ناهيك عن استغلال مجهولية المكان، في مخاطبة الحاجات غير العلمية، كإرسال أدوية مزعومة لا تدري كم ضررها، أو أنك ترى صورة لنظارات ما مثلا، وعندما تأتيك ويكون من أوصلها قد غادر تجد أنها ليست بذات المواصفات بل أمرا لا تستفيد منه، فهذا النوع من الغش ليس من آليات تضبطه وغالبا الناس تسكت عنه، فلا حصلنا القيم ولا حصلنا الدولة الحديثة.

عندما تتعامل بيئة منظومة تنمية التخلف مع المدنية وهي لا وسائل قانونية أو تقنية أو إدارية لها كما في الغرب الذي بناها عبر قرون وما زال يعاني نتيجة التقلبات، فإننا سنجد أن التقنيات والوسائل المتطورة كالتواصل الاجتماعي أو المجتمعي عبارة عن لهو وبذاءة ومشاحنات وتشهير ونقل القمع بدل الحرية في فضاء وهمي، وليس لما أنشئ له كحاجة عند الغرب لتقليل أثر البعد وانشغال حياة الإنسان بالعمل لتحصيل رزقه، أو الاستفادة منها لتطوير الأعمال الصغيرة والترويج.

الأمانة مغنم:

المتولي لأمر الناس يستلم أمانة ولعل التراث يخبرنا كيف يهرب الورعون من تقلد الأمانة خوف ألّا يفون بحقها، ونجد في عصرنا الحالي مباركة لمن يوضع في هذا الاختبار وترشيحا للذات لها وصراعا عليها، والغاية ليست الخدمة العامة غالبا وإلا لتقدمت الإنسانية وتطورت البشرية، واصطلح حال الناس بالإنتاج والإعمار، تجد بدل هذا ترصدا لأخطاء ثم التشهير بها والمساومة على السكوت عليها، وهنا نجد الخيانة المركبة للأمانة والتي يعتبرها البعض شطارة بينما هي لا يقبلها حتى عصر الجاهلية.

الأمانة عند المدرس أكبرها، والدروس الخصوصية لنفس طلابه إخلال بالأمانة، والطبيب، المهندس، الإداري في كل مكان.. السعي للتطوير أمانة وترك المواطن في أذى للكرامة والوقت والحيرة خيانة للأمانة.

الأمانة في الكلمة والرأي والحكم على الرأي الآخر وعلى العلم وتطويره، ووضع الكفاءات موضعها من أكبر الأمانات، لأن إهمال الكفاءات أو تبديد جهدها بغير موضعها دمار ونخر في الدولة والمجتمع والمستقبل للبلد وأجياله.

الأمانة في التصرف بما لك حق فيه سواء كان سياسيا أو اقتصاديا، وكل قرار تتخذه وتؤثر به على المجتمع وأنت لا تحرص على ضبطه، ليس من الأمانة إبعاد الصالح وتقديم الطالح، فهذا مدخل إلى فساد المنظومات وإحباط الكفاءات، وظلم الناس خيانة للإنسانية والمسؤولية التي أعطت الصلاحية.

الأمانة مع الذات:

لعل هذه من اهم مواطن السلوك الأمين، فالنفس معرضة لحاجات وغرائز، وتحتاج إلى معرفة وغربلة للمعرفة، فالأمانة بالسلوك مع الذات ألا نخادع الناس ولا أنفسنا وإنما نتحرى الصواب، وأن لا نبقي النفس في طفولتها أو تائهة، فالمعلومة هي من ترتقي بعمر النفس والغربلة هي من تصوب الطريق وتحددها فلا يتيه الإنسان.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مدونات مدونات الأمانة السلوك الأخلاق المصلحة السلوك الإخلاص الأمانة مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات مدونات سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة سياسة صحافة سياسة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الدولة الحدیثة

إقرأ أيضاً:

مناقشة هادئة لرسالة مشحونة بالعنف

كلام الناس
نورالدين مدني
noradin@msn.com
مناقشة هادئة لرسالة مشحونة بالعنف
*تسعدني المداخلات التي تصلني عبر بريدي الإلكتروني ولأنني للأسف لا أستطيع متابعة التعيقات التي تكتب مباشرة في مواقع النشر الإلكتروني‘ يكفي أن تحرك الكتابة الدواخل وتوقظ الهمم وتفتح طاقات الحوار والتشاور والدفع بالتي هي أحسن.
*إستوقفتني قبل فترة رسالة وصلتني عبر إيميلي من القارئ محمد عبد القادر حسن من حي العمدة بأمدرمان بكل ما فيها من حدة وعنف لفظي واتهامات وسخرية لاداعي لها‘ وذلك في معرض تعقيبه على كلام الناس بعنوان" من أجل أبنائنا وبناتنا ومعهم/ن وبهم/ن".
*كان كلام الناس موضوع التعقيب عن الندوة التي نظمها المنتدى الأدبي السوداني بسدني حول "تجسير الفجوة بين الأجيال وتحصين الشباب من عدوى تيارات التطرف والغلو ومن الإنحراف والرزيلة‘ التي عقدت في ليفربول في ذلك الوقت. ج
*بدأ محمد عبد القادر تعقيبه قائلاً : إننا لسنا في حاجة لندوات في أصقاع الدنيا ولا نحتاج لأنبياء جدد‘ وطمضى قائلاً انه بعد كل تلك السنوات من الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية - في السودان - مازلنا نرزح تحت نير عدم تطبيق الشرع الإلهي‘ وقال إن كتابنا مكتمل والسنة واضحة‘ وأضاف قائلاً : الشباب يجدون "الفكرة" في الحركات المتطرفة لذلك ينضمون إليها!!.
* الغريب أن محمد عبد القادر يطالبنا في رسالته هذه بنشر الإسلام المعتدل وفي نفس الوقت يقول : "دعونا من ندوات ليفربول ..ليفربول قال"‘ هكذا ختم رسالته التي لاتخلوا من إشارات إيجابية رغم هجومه على إقامة الندوات في هذه الأصقاع البعيدة.
*إنه يعترف بانه بعدمرور سنوات عديدة من الحديث عن تطبيق الشريعة الإسلامية ما زلنا نرزح تحت نير عدم تطبيق الشرع الإلهي‘ وهذا يؤكد أن المعضلة ليست في الرسالة الإسلامية السمحة التي جاءت رحمة للعالمين ونوراً يهدي للتي هي أقوم بالتي هي أحسن‘ لكن للأسف فإن الحركات المتطرفة بأعمالها العدوانية وممارساتها السالبة تخصم من رصيد القبول العالمي للإسلام.
*نحن نرى أن العالم في حاجة ماسة لمثل هذه الندوات في ظل تنامي الحركات المتطرفة التي يدعي صاحبنا أن الشباب وجدوا عندهم " الفكرة"‘ لذلك نجتهد دون إدعاء وصاية أو حكمة أو إكراه في تحصين الأجيال الصاعدة من أبنائنا وبناتناخاصة في المجتمعات المفتوحة التي تتيح لهم حريات قد يسيئون استغلالهاسواء بالإنضمام لجماعات التطرف والعنف أو الوقوع في براثن الإنحراف والرزيلة والعياذ بالله.
*بل إننا نرى ضرورة تكثيف هذه الندوات في كل أصقاع الدنيا مصحوبة ببرامج جاذبة للأطفال والشباب يشاركون فيها بأنفسهم‘ ليس بهدف شغل وقت فراغهم ‘ وإنما بحسن إستغلاله لتنشئتهم/ن وتقويمهم/ن بالتي هي أحسن على هدى وبصيرة تنفعهم/ن وتعينهم/ن على بناء مستقبلهم/ن بعيداً عن التطرف والعنف والإنحراف والرزيلة.  

مقالات مشابهة

  • برلماني: "30 يونيو" نقلت مصر إلى مرحلة بناء الدولة الحديثة
  • مناقشة هادئة لرسالة مشحونة بالعنف
  • قطاع الزراعة ثاني مصادر النقد الأجنبي ويمثل 15% من الناتج المحلي (فيديو)
  • الأنبا باسيليوس لخدام كنيسة بني مزار: استخدموا التكنولوجيا الحديثة لجذب الشباب
  • ملتقى الحوار الوطني الفلسطيني: فرصة متجدّدة للانطلاق
  • نيمار يرشح فينيسيوس للكرة الذهبية
  • «برلماني»: ثورة 30 يونيو وضعت أسس الدولة المدنية الحديثة
  • الكهرباء «ببلاش» فى إسبانيا.. لماذا؟
  • أمين الجوف يبحث مع مدير فرع البيئة المبادرات المقترحة والشراكة في المهرجانات الزراعية بالمنطقة
  • الصورة الشعريّة الحديثة