مسجد المسيح عيسى بن مريم في الأردن.. أصالة التعايش الديني
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
عمّان – بمئذنته الشاهقة وشكل بنائه الهندسي الثماني واسمه اللافت، يتربع "مسجد المسيح عيسى بن مريم" في محافظة مأدبا -التي تبعد 33 كيلومترا جنوب غرب العاصمة الأردنية عمان- على مقربة من كنيسة الروح القدس الكاثوليكية اللاتينية، في واحدة من رسائل التعايش والتسامح والتقارب الديني الإسلامي المسيحي في المدينة الضاربة في جذور التاريخ.
تكمن رمزية مسجد المسيح عيسى بن مريم في اختيار اسمه، فهو أول مسجد في العالم الإسلامي يحمل اسم نبي الله عيسى عليه الصلاة والسلام، وتعود فكرة بنائه إلى الحاج غالب العتيبي، أحد سكان مدينة مأدبا، الذي بحث كثيرا عن اسم لم يرد من قبل لجميع مساجد العالم، وكذلك للدلالة على روح التآخي والتسامح التي تجمع سكان المدينة الواحدة من مسلمين ومسيحيين، لا سيما وأن الأرض التي بني عليها المسجد تعود في الأصل لأحد أبناء المدينة من المسيحيين، فكان أن وقع الاختيار على اسم النبي عيسى عليه السلام، في سابقة دينية أجازها مفتي المملكة في ذلك الوقت.
"الجزيرة نت" زارت المسجد، واطلعت على الطريقة المتميزة في بنائه، فهو تحفة معمارية تجمع ما بين الأصالة والمعاصرة، إذ تحتوي جدرانه الداخلية على لوحات فنية من خشب البلوط، صنعت خصيصا في حلب، مكتوب عليها آيات قرآنية، تركز على قصة النبي عيسى وأمه مريم عليهما السلام، حيث نقرأ مثلا "إنّما المسيحُ عيسى ابنُ مريمَ رسولُ اللَّهِ وكلمتهُ أَلقاها إلى مريم وروحٌ منهُ" (النساء/الآية 171)، وكذلك "إنّ مَثلَ عيسى عندَ اللّه كمثَلِ آدمَ خلَقهُ من تراب ثمّ قال له كُن فَيكونُ" (آل عمران/ الآية 59).
ومن خلال تجوّلنا داخل المسجد، نجد الزخارف الشرقية الإسلامية، والأعمدة والجدران، والقباب المختلفة، لتنثر جوا من الراحة النفسية والروحانية العميقة، وقد بنيّ المسجد على مساحة ألف متر مربع، وهو مؤلف من ثلاثة طوابق ورواق وقبة طولها نحو 51 مترا.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4بتمويل قطري.. افتتاح أكبر مسجد في آسيا الوسطى بالعاصمة الطاجيكة دوشنبهlist 2 of 4"تعالوا نلعب معا".. إمام تركي يبتكر طريقة لتشجيع الأطفال على القدوم إلى المسجدlist 3 of 4ما قصة مسجد "كوشلات" الذي تقام فيه الصلاة مرة واحدة سنويا؟list 4 of 4بلديةٌ تركيةٌ توزع مئات الهدايا على أطفال صلّوا بالمسجد 30 يوماend of listفضلاً عن ذلك، بني المسجد على شكل هندسي ثماني من الحجر الأبيض الجميل، وهو قريب في بنائه من مسجد قبة الصخرة المشرفة بالقدس المحتلة، بمئذنة طولها 60 مترا هي الأطول على الإطلاق في المدينة، ليؤكد القائمون على المسجد ورواده من المصلين أن تسميته تأتي استكمالا لحالة التنوع الاجتماعي والديني والثقافي التي تعيشها مأدبا.
إمام المسجد الشيخ حمزة الرواجيح قال للجزيرة نت إن "مدينة مأدبا يختلط فيها التنوع الديني، وجاء بناء مسجد عيسى بن مريم قبل سنوات في حي لم يكن يعج بالسكان"، لكن اللافت في الأمر أن عدد السكان المسيحيين المحيطين بالمسجد اليوم يساوي عدد المسلمين، مما يعني أن عددا كبيرا من المسيحيين سكنوا بالقرب من المسجد الذي يحمل اسم نبي الله عيسى بن مريم عليه السلام.
الرواجيح أشار إلى أن "المسجد أصبح مزارا للعديد من المواطنين خارج محافظة مأدبا، وكذلك بات معلما سياحيا يزوره الناس من خارج الأردن مسلمين ومسيحيين"، لافتا إلى أن المسيحيين والمسلمين على حدٍ سواء دائما ما يؤكدون أن المسجد يحمل رسائل التآخي والتسامح التي يعيشها مواطنو هذه المدينة، و"وجود المسجد بالقرب من الكنيسة يؤكد هذا المعنى".
ومما يروى عن مدينة مأدبا أن إمام أحد مساجد المدينة مرض مرضا شديدا في شهر رمضان، مما منعه من إعلام المسلمين الصائمين بدخول وقت الإفطار، فلاحظ هذا الأمرَ القائمُ على الكنيسة المجاورة للمسجد، فعلم الرجل المسيحي بأن شيئا ما قد حدث لجاره المسلم، فما كان منه إلا أن بدأ بقرع أجراس الكنيسة ليعلم المسلمين بأن موعد الإفطار قد حان.
وتقع محافظة مأدبا بموازاة ما يسمى "طريق الملوك" التاريخي الذي يزيد عمره على 5 آلاف عام، ويقدر عدد سكانها بنحو 150 ألف نسمة، وتعرف بأنها مدينة الفسيفساء والكنائس القديمة نظرا لاكتشافات عديدة تحت أرضها لآثار تاريخية مصنوعة من الفسيفساء المحفورة والمرسومة، والتي ترجع إلى العصرين البيزنطي والأموي، مما جعلها مقصدا مفضلا للسياحة الدينية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات محافظة مأدبا
إقرأ أيضاً:
إخوان الأردن: مصلحة المملكة فوق كل اعتبار ولا علاقة لنا بالخلية التي اعتقلتها المخابرات
قالت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، إن كل ما تم التطرق إليه خلال المؤتمر الصحفي الحكومي، بشأن اعتقال خلية كانت تخطط لعمليات تخريب في المملكة، هي أعمال فردية، على خلفية دعم المقاومة، ولا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمت لها بصلة.
جاء ذلك ردا على بيان حكومي ودائرة المخابرات العامة بأن أعضاء في الخلية ينتمون للجماعة.
وتابع بيان الجماعة بأنها "التزمت منذ نشأتها قبل ثمانية عقود بالخط الوطني، وظلت متمسكة بنهجها السلمي، ولم تخرج يوماً عن وحدة الصف وثوابت الموقف الوطني، بل انحازت على الدوام لأمن الأردن واستقراره".
وتابع البيان بأن "مصالح الأردن العليا فوق كل اعتبار، وأن الحوار والتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع هو السبيل لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات.".
ورفضت الجماعة محاولات التشويش والتخوين على حد تعبيرها، مشيرة إلى حملات تحريض على الجماعة، مؤكدة أنها لا تخدم الأردن وتستهدف منعته.
في سابق، الثلاثاء، كشف وزير الاتصال الحكومي الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني تفاصيل إحباط دائرة المخابرات العامة لمخططات كانت تهدف إلى المساس بالأمن الوطني وإثارة الفوضى داخل المملكة، على حد تعبيره.
وقال الوزير إن المخابرات العامة ألقت القبض على جميع الضالعين بتلك النشاطات التي تابعتها الدائرة منذ عام 2021.
وبين أن دائرة المخابرات عملت بعد متابعة استخباراتية دقيقة امتدت على فترات زمنية طويلة على إحباط هذه المخططات التي كانت تهدف إلى تنفيذ أعمال داخل الدولة.
وأوضح الوزير أن هذه الأعمال التي تمثلت بأربع قضايا رئيسة انخرط بها 16 عنصراً ضمن مجموعات كانت تقوم بمهام منفصلة، وشملت هذه القضايا؛ تصنيع صواريخ قصيرة المدى يصل مداها بين 3- 5 كم، وحيازة مواد متفجرة وأسلحة أوتوماتيكية، وإخفاء صاروخ مُجهز للاستخدام، ومشروعاً لتصنيع طائرات مسيرة، بالإضافة إلى تجنيد وتدريب عناصر داخل المملكة وإخضاعها للتدريب بالخارج.
وأعلن المومني أن المتهمين بالقضايا السابقة أحيلوا إلى محكمة أمن الدولة بالتهم المسندة إليهم خلافاً لأحكام قانون منع الإرهاب، وذلك بعد انتهاء إجراءات التحقيق معهم ومصادقة النائب العام لمحكمة أمن الدولة على قرار الظن الصادر بحقهم أصولاً ووفق أحكام القانون.
وقال الدكتور المومني في رده على سؤال، إن هناك انتماءات سياسية للمتهمين في هذه القضايا وهم منتسبون لجماعة غير مرخصة ومنحلة بموجب أحكام القانون، في إشارة إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وفي رده على سؤال آخر، أكد المومني أن الأردن لم ولن يقبل المسوغات لتبرير ما جرى لأنه تم على الأرض الأردنية ويشكل تهديدا مباشرا على الأمن الوطني الأردني وعلى سيادة الدولة الأردنية.
وتاليا بيان جماعة الإخوان المسلمين كاملا:
تابعت جماعة الإخوان المسلمين، مجريات المؤتمر الصحفي الذي عقده وزير الاتصال الحكومي ، وما تبعه من اتهامات غير منصفة لجماعة الإخوان المسلمين، وعليه نؤكد أن جماعة الإخوان المسلمين قد التزمت منذ نشأتها قبل ثمانية عقود بالخط الوطني، وظلت متمسكة بنهجها السلمي، ولم تخرج يوماً عن وحدة الصف وثوابت الموقف الوطني، بل انحازت على الدوام لأمن الأردن واستقراره، وكانت وما زالت جزءاً أصيلاً من نسيج الوطن، تقدم مصالح الأردن العليا فوق كل اعتبار، وتؤمن بأن الحوار والتكامل بين مؤسسات الدولة والمجتمع هو السبيل لمواجهة التحديات وتجاوز الأزمات.
وعليه فإن جماعة الإخوان المسلمين تؤكد أنّ كل ما تم التطرق إليه خلال المؤتمر الصحفي وما تلاه إعلامياً من مجريات وأحداث وأفعال، هي أعمال فردية، على خلفية دعم المقاومة ، لا علم لجماعة الإخوان المسلمين بها ولا تمت لها بصلة .
كما نؤكد أنّ المرحلة تتطلبُ وعياً وطنياً صادقاً، وتكاتفاً مسؤولاً، وترسيخاً للوحدة الوطنية وتمتيناً للجبهة الداخلية على قاعدة المصالح الوطنية العليا للوطن، بعيداً عن محاولات التشويش أو التشويه أو التخوين وحملات التحريض التي لا تخدم الأردن وتستهدف منعته، لا سيما في ظل التحديات والمخاطر التي تستهدف الأردن وتسعى لحل القضية الفلسطينية على حسابه عبر التهجير والوطن البديل.
وأخيرا ، لقد أثبت الأردنيون على الدوام أنهم قادرون على تجاوز التحديات بالحكمة والرشد والمسؤولية والحوار الوطني ، وأن الدولة الأردنية بتماسكها وتعدديتها وانفتاحها، قادرة على احتضان كل رأي حر، والتفاعل مع كل صوت مخلص في إطار من الاحترام المتبادل والشراكة الوطنية الصادقة.
والله تعالى نسأل أن يحفظ الأردن عزيزاً منيعا، آمناً مستقراً، وأن يجمع كلمتنا جميعاً قيادة وشعباً وقوى سياسية ومجتمعية على الخير والحق.
والله غالب على أمره، ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
*جماعة الإخوان المسلمين – عمان/ الأردن*
17-شوال-1446هـ
الموافق 15-نيسان-2025م