سودانايل:
2025-04-28@23:06:46 GMT

المبعوث الأمريكي والتلويح بالعصى

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

زين العابدين صالح عبد الرحمن
بعد ما قام المبعوث الأمريكي توم بيرييلو بجولة في عدد من دول جوار السودان و ختمها بالسعودية، و التقى بعدد من السودانيين في تلك البلاد، قرر أن يبدأ مشروع وساطته في الحرب الدائرة في السودان برفع العصى القليظة، اعتقادا منه أنها الوسيلة التي سوف تجعل الكل يرضخ.. أن العقل الأمريكي حتى الآن لم يستوعب دروس أمريكا في فيتنام و في افغنستان و الفلبين و عدد من دول أمريكا الاتينية، يجب أن يستوعب بيرييلو أن إرادة الشعوب لا تقهر و لا تنكسر و تضعف لمثل هذا التهديد.

. بل التهديد سوف يعقد المشكلة أكثر، و بدلا من التفاهمات حول القضية المطروحة تتحول الجلسة لتحديات، يريد بيرييلو أن يسير في ذات المسار الذي بدأه السفير الأمريكي السابق جون غودفري و الذي بعناده قاد البلاد إلي الحرب.. و أيضا يريد بيرييلو أن تستمر الحرب، على أن يكون تهديدها باق باستمرار في يمنعها من الاستقرار و التنمية.
يأمل المبعوث الأمريكي للسودان، استئناف التفاوض بين الجيش وقوات الدعم السريع في الثلث الأول من أبريل المقبل. و قال (أن أولويات الإدارة الأميركية في السودان تتمثل في التوصل لاتفاق يُنهي العنف بشكل فوري وضمان وصول المساعدات الإنسانية وإعادة الانتقال المدني وبناء جيش محترف( لا اعتقد هناك من يرفض ذلك؛ و لكن بناء جيش محترف مسألة تخص الشعب السوداني و لا تقبل أي تدخل من دولة خارجية، و السودانيون قادرين على بناء مؤسساتهم الوطنية بالصورة التي تضمن لها الاحترافية و اداء مهامها بالصورة المطلوبة.
ذكرت صحيفة سودان تربيون أن توم بيرييلو طلب في مؤتمر صحفي (بأن تشمل جولة التفاوض المقبلة جميع الأطراف في المنطقة والاتحاد الأفريقي والسعودية والإمارات.ورفض المبعوث مشاركة النظام السابق في التفاوض بقوله: “يجب عدم السماح للمتطرفين والمتشددين للعودة للحكم عبر اتفاقيات تقاسم السلطة) هذه المقولة "رؤية أماراتية" و أن النفوذ الأماراتي بدأ يظهر بشكل واضح عند المبعوث الأمريكي الذي سوف يؤثر سلبا على أي محادثات يريد أن يقيمها، أن حضور دولة الأمارات التي تعتبر أكبر داعم عسكري للميليشيا في المحادثات سوف تكون سببا في إنهائها قبل أن تبدأ. كما أن دعوة عدد من الرؤساء الأفارقة و خاصة في منظمة الإيقاد هي الرغبة الأماراتية التي جعلتها تشتري العديد منهم بالمال... أن حديث المبعوث الأمريكي في مؤتمره الصحفي يبين الهدف من جولته التي قام بها في عدد من الدول، و هي جولة ليست لاستماع الأراء حول القضية بل هي جولة كانت من أجل الحشد و التعبيئة التي ترغب فيها دولة الأمارات. و عدم عودة المتطرفين و المتشددين للسلطة مسألة يقرر فيها الشعب السوداني و لا تفرض عليه من الخارج... السؤال إلي بيرييلو لماذا الولايات المتحدة بعد غزوها لافغانستان و المجيء بمجموعة مستجلبة من دول أوروبا و أمريكا قررت الانسحاب و عودة طالبان للحكم و عجزت أمريكا حتى أن تحمل معها اتباعها و جعلتهم معلقين على اجنحة طائراتها و يسقطوا جثث هامدة؟ كان الاعتقاد أن المبعوث الذي تم أختياره أن يذاكر في كتب التاريخ عن السودان و يقرأ عن الشخصية السودانية الأصلية و ليست المعدلة، و كان عليه أن يتفادى طريق غودفيري...
ثم لوح المبعوث الأمريكي بالعصى عندما تطرق بالحديث عن الحرب، مستهدفا الجيش بالقول ( أن هناك إتهامات تلاحق الجيش بتعمد شن غارات جوية على أهداف مدنية الحقت أضرارًا واسعة بالمدنيين، فيما تُتهم قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم إبادة جماعية والعنف الجنسي المتصل بالنزاع واحتلال منازل المواطنين وقتلهم وتعذيبهم( مقولة بيرييلو هي نفسها المقولات التي تقول بها قيادات "قحت المركزي و تقدم" الأمر الذي يؤكد أن المبعوث الأمريكي يحاول أن ينجز فكرة السفير الأمريكي جون غوديفري التي فشلت، و هي التي تسببت في الحرب الدائرة، و التي يريد إطفائها، أن التهديد الذي بدأ به المبعوث الأمريكي جولته قبل أن يلتقي بقيادة الجيش و القوى السياسية داخل السودان سوف يعقد مهمته، كان عليه أن يسمع من الكل و يتعامل مع الكل بدرجة واحدة، و مادام فضل الانحياز عليه ان يستعد أن يجرجر وراءه اثواب الفشل. نسأل الله حسن الخاتمة..

zainsalih@hotmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: المبعوث الأمریکی عدد من

إقرأ أيضاً:

السودان.. الحرب المنسية وخطر الغياب الدولي

المشهد الذي يعيشه السودان مؤسف جدا، ثلاث سنوات من حرب مدمرة حولت الحرب السودان إلى ساحة ترتكب فيها أبشع الكوارث الإنسانية في العالم دون أن يرى ذلك أحد.

وما بدأ أنه صراع على السلطة بين الجيش الحكومي وقوات الدعم السريع تحوّل بسرعة إلى حرب مفتوحة ضد المدنيين، وأنتج مآسي جماعية مزقت النسيج الاجتماعي السوداني وحولت البلد المتقدم في الكثير من المجالات والذي يملك ثروات طبيعية وغذائية كبيرة إلى بلد يعيش في مجاعة فظيعة.

أرقام الكارثة تروي القصة بمرارتها: عشرات الآلاف من القتلى، مئات الآلاف يواجهون الجوع الكارثي، وملايين أجبروا على الفرار من ديارهم. فيما البنية التحتية، التي كانت أصلا هشة، تهاوت تحت وطأة المعارك المستمرة، وسط غياب أي أفق لحل سياسي حقيقي.

ورغم خطورة المشهد، تبدو استجابة المجتمع الدولي خجولة ومجزأة. النداءات الإنسانية لا تجد تمويلا كافيا، والمؤتمرات الدبلوماسية لا تتجاوز حدود البيانات الرمزية. في غضون ذلك، تتسع مأساة دارفور مجددا، ويُهدد الانقسام الجغرافي والعسكري بخطر تقسيم السودان إلى كيانات متناحرة، مع احتمالات صعود تيارات متطرفة من بين إنقاذ الصراع.

وما يزيد المشهد تعقيدا أن بعض الأطراف الإقليمية لا تكتفي بالمراقبة، بل تساهم بشكل أو بآخر في إذكاء الصراع، إما بدعم مباشر للأطراف المتحاربة، أو بصمت يحفز الاستمرار. وفي ظل هذه التدخلات، تقل فرص الحل السلمي، وتتراجع أولويات إنقاذ السودان من حافة الانهيار الشامل.

لا يمكن تصور حل عسكري لهذا الصراع. بل إن الإصرار على الحسم بالقوة يعمّق النزيف ويدمر القليل المتبقي من مقومات الدولة السودانية. المطلوب اليوم تحرك دولي جاد، لا يقتصر على الدعم الإنساني بل يشمل أيضا، فرض مسار سياسي واضح يربط بين إنهاء الحرب وحماية المدنيين، وتوفير ضمانات لانتقال سياسي حقيقي لا يُقصي أحدا ولا يعيد إنتاج الاستبداد مرة أخرى.

كما أن على القوى الإقليمية، وخاصة الدول العربية والأفريقية، مسؤولية مضاعفة للعمل على تهدئة الصراع ودعم مبادرات حقيقية للحوار الوطني الشامل. فالخراب في السودان لن يقف عند حدوده الجغرافية؛ بل ستمتد تداعياته إلى دول الجوار، كما أن موجات النزوح والجوع ستشكّل تحديا إقليميا متصاعدا.

إن صمود السودانيين رغم المأساة، عبر مبادرات محلية لإغاثة المنكوبين وإعادة بناء الحياة اليومية تحت القصف، يستحق دعما سياسيا وإنسانيا أوسع.

ذلك أن استمرار الحرب بصورتها الحالية لا يهدد السودان وحده، بل يمثل جرحا مفتوحا في ضمير الإنسانية جمعاء، وسؤالا حرجا عن مصداقية النظام الدولي في حماية الشعوب الضعيفة وقت المحن.

السودان لا يحتاج إلى بيانات تضامن عابرة، بل إلى خطة إنقاذ متكاملة تضع إنهاء الحرب وإعادة بناء السلام أولوية إنسانية لا تحتمل مزيدا من التأجيل.

مقالات مشابهة

  • الكوارث الطبيعية والحروب وتأثيرها على عمل الإعلام في السودان
  • جريمة مطلوقة
  • السودان.. الحرب المنسية وخطر الغياب الدولي
  • من هو القيادي الحوثي عبدالله الرصاص الذي استهدفه الجيش الأمريكي في اليمن؟
  • السودان: المُسيّرات التي استهدفت عطبرة حديثة وفّرتها للمليشيا راعيتها الإقليمية
  • من أشعل الحرب في السودان؟ ما الذي حدث قبل 15 أبريل؟
  • موقع الحرب الأمريكي: ما هي الدفاعات الجوية التي يمتلكها الحوثيون في اليمن فعليًا؟ (ترجمة خاصة)
  • إسرائيل مأزومة للغاية من الداخل.. فما الذي يمنعها من الانهيار؟
  • اتفاق المنامة السوداني الذي يتجاهله الجميع
  • جنوب السودان على شفا الحرب الأهلية