الجزيرة:
2025-03-17@16:03:45 GMT

هل أصبحت موسكو على حافة القطيعة مع تل أبيب؟

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

هل أصبحت موسكو على حافة القطيعة مع تل أبيب؟

ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية عن استدعاء السفير الروسي في تل أبيب، أناتولي فيكتوروف لـ "توبيخه" على خلفية "تصريحات ضد الدولة العبرية" أدلى بها مسؤولون روس، وإن لم يصدر تعليق عن وزارتي الخارجية في كلا البلدين، لا يبدو خبرًا مفاجئًا أو مستبعدًا أمام ما وصلت إليه العلاقات من توتر لم تشهدها من قبل، حتى لو لم يكن هذا الخبر صحيحًا أو غير دقيق.

ومن المهم بمكان، العودة في هذا السياق إلى حادثة تؤكد هذا التدهور في العلاقات بعد أن استدعت الخارجية الروسية السفيرة الإسرائيلية في موسكو، سيمون هالبرين، في 5 فبراير/شباط، على خلفية تصريحات أدلت بها لصحيفة "كوميرسانت"، قالت الخارجية إنها لم تحترم فيها جهود روسيا لإطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين لدى حماس.

علاوة على ذلك، لم تمرر الخارجية العبارة التي قالتها هالبرين بخصوص أن روسيا "تقلل من أهمية" المحرقة، وأنه لم يسبق في التاريخ أن عرف العالم مثل هذه الإبادة الجماعية والممنهجة على أسس قومية، والشعب اليهودي وحده من تعرض لذلك"، ووجدت في هذه "السقطة" فرصة لتذكِّر السفيرة الإسرائيلية بأن "مقولة أن المحرقة كانت إبادة للشعب اليهودي وحده تتعارض مع قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بهذا الخصوص".

بدأ التوتر الروسي الإسرائيلي يأخذ منحًى جديدًا بعد أن حاولت تل أبيب أكثر من مرة توجيه اللوم إلى موسكو بأنها لم تأخذ موقفًا حادًا من أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول في قطاع غزة.

واقع الحال يقول؛ إن موسكو أدانت هجوم حماس على إسرائيل. لكن ما شاهدناه – بعد ذلك من ممارسات إسرائيلية في القطاع تفوق تخيل العقل البشري – "يشطب" هذا الهجوم من ميزان المقاربة بين الفعل ورد الفعل.

فعندما تقوم إسرائيل بقتل عشرات الآلاف من المدنيين في قطاع غزة، والذين جلهم من الأطفال والنساء، بالغارات والقصف العشوائي والبربري، فما هو رد الفعل الذي تنتظره تل أبيب من روسيا أمام مشهد مروع تمارسه القوات الإسرائيلية ساعة بساعة ودون توقف. كما أن مطالبة روسيا من خلال مجلس الأمن الدولي بالوقف العاجل لإطلاق النيران، ومجمل العمليات العدائية في قطاع غزة، لا يوجد في ذلك أيُّ شيءٍ معادٍ لإسرائيل أو مؤيد للفلسطينيين.

هذا الموقف ينبع من اعتبارات إنسانية صرفة؛ لأن هول المجازر التي تمارسها إسرائيل في قطاع غزة، وضد سكانه يجب أن تتوقف على الفور.

وبطبيعة الحال، لا يمكن بموازاة ذلك تجاهل أن العلاقات الروسية الإسرائيلية، تردّت بشكل خطير قبل ذلك، وليس على خلفية أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، بل لاعتبارات أخرى.

فالتقارب والتعاون اللذان أخذا يبرزان بشكل أكثر وضوحًا بين روسيا وإيران على ضوء الأحداث في أوكرانيا، سبَّبا بدورهما قلقًا لدى الإسرائيليين. ولكن هنا يجب القول كذلك؛ إن إسرائيل فعلت كل ما وسعَها لتوتير العلاقات مع موسكو، وليس فقط فيما يخص الموقف من النزاع مع أوكرانيا. فالضربات التي يشنها الطيران الإسرائيلي بشكل مستمر على أهداف داخل سوريا تضرّ بشكل مباشر بـ"هيبة" روسيا في الشرق الأوسط، رغم أهمية التذكير دائمًا بأن روسيا موجودة في سوريا تحت شعار محاربة الإرهاب.

هنا يجب أن نذكّر إسرائيل بأن روسيا لا تعتبر حماس حركة إرهابية، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تنطلق من هذه الجزئية عند تقييم مواقفنا تجاه هذه الحركة

هذه الضربات الإسرائيلية تسيء بشكل كبير لسمعة موسكو في المنطقة، وهو ما نراه بشكل متواتر في تعليقات وسائل الإعلام العربية. فهل هذا يدخل ضمن الأهداف الإسرائيلية لهذه الاعتداءات؟

وهناك مسألة أخرى، تتعلق بأنه عندما بدأت العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا، لم نرَ من الإسرائيليين أية جهود وساطة أو أية محاولات للجم الاندفاع الأميركي المتهور نحو المواجهة، رغم أنه كان بإمكان تل أبيب أن تلعب دور الجسر أو الوسيط مع الأميركيين، لكن تبين أن الأمور لم تكن على هذا الحال.

على العكس تمامًا، فقد تبين أن إسرائيل وقفت بالتدريج إلى جانب الموقف الأميركي وتمازجت مع موقف كييف، رغم تأكيد موسكو أن أحد أهداف العملية العسكرية في أوكرانيا، هو القضاء على النزعات النازية داخل هذا البلد.

ولا أرى هنا ضرورة لشرح العلاقة التي سادت بين الحكم النازي في ألمانيا والشعب اليهودي هناك، لكي نفهم الأبعاد الأخلاقية، بالحد الأدنى، للسلوك الإسرائيلي.

ومن بين الأشياء اللافتة التي يجب الإشارة إليها في هذا السياق، أنه تبين أن حليفنا السياسي والعسكري بل وحتى الاقتصادي في مقاربة الحرب مع أوكرانيا، هي إيران. فالتعاون بين موسكو وطهران يتواصل بوتائر سريعة، وفي المقابل تعبر إسرائيل عن عدم رضاها، وتستدعي سفيرنا بين الحين والآخر لتعبر عن "الانزعاج". ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل عبّرت إسرائيل عن استيائها من استقبالنا عدة مرات في موسكو قيادةَ حماس، وتخرج تل أبيب باستنتاجات وتصريحات توحي وكأننا نلتقي بإرهابيين، وهذا بالتأكيد غير صحيح.

هنا يجب أن نذكّر إسرائيل بأن روسيا لا تعتبر حماس حركة إرهابية، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تنطلق من هذه الجزئية عند تقييم مواقفنا تجاه هذه الحركة. بإمكان إسرائيل أن تقول ما تريد، لكن هذا هو موقفنا من حماس: لا نعتبرها حركة إرهابية، ولدينا اتصالات مستمرة معها، وتضمنت هذه الاتصالات – من بين أمور أخرى – بحث ملف إطلاق سراح من أسرتهم الحركة في 7 أكتوبر/ تشرين الأول.

وبدلًا من أن تقيّم تل أبيب عاليًا دور روسيا على هذا الخط، بدأنا نسمع انتقادات من الإسرائيليين وعادوا من جديد لمسلسل استدعاء سفيرنا لديهم.

ولنعد قليلًا إلى مجلس الأمن الدولي، عندما حاولت روسيا بشتّى الطرق وقف الحرب الدموية في قطاع غزة. الأمر لم يتوقّف عند هذا الحد، بل أوغلت تل أبيب في القصف العشوائي واستخدام التجويع كوسيلة ضغط على الفلسطينيين. ونحن لسنا بـ "عميان"، ونشاهد هذه الممارسات يوميًا وبشكل واضح من جانب الإسرائيليين.

عندما تطرح روسيا مشروع قرار لوقف إطلاق النار بشكل عاجل في قطاع غزة تنزعج إسرائيل منا. لماذا تنزعج؟ هل قامت تل أبيب بخطوات بناءة قبل 7 أكتوبر/تشرين الأول لتسوية النزاع مع الفلسطينيين؟ هل تحركت باتجاه خيار حل الدولتين والقبول بدولة فلسطينية مستقلة؟

لا، هم لم يفعلوا ذلك، بل عطلوا كافة أشكال الحلول السياسية، بل ووسعوا من الرقع الاستيطانية وبنوا مستوطنات يهودية جديدة.

وهنا لا جديد في الموقف الروسي، لا جديد أبدًا. مقاربة روسيا معروفة ولم تتغير. حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بناءً على القرارات الدولية ذات الصلة، والحل واضح.

آفاق تطور العلاقات

أعود وأقول إن المشهد غريب جدًا. توجد مصالح إسرائيلية وتوجد مواقف إسرائيلية، وكل شيء آخر أو موقف آخر لا قيمة له عندهم.

بالنسبة لهم، لا أهمية للمصالح أو الهواجس الروسية. أما نحن فقمنا من خلال قواتنا الخاصة في سوريا بتسليمهم رفات الطيار الإسرائيلي زخاري باومل الذي كان مفقودًا منذ العام 1982، وذلك عشية انتخابات كانت مهمة جدًا بالنسبة لبنيامين نتنياهو في إسرائيل.

أي أننا عمليًا قدمنا له هدية مجانية وذات قيمة كبيرة في ذِروة حملته الانتخابية. في المقابل ردوا علينا باستهداف المناطق السورية، فهل يعقل ذلك؟

على هذا الأساس، الحديث عن آفاق العلاقات بين موسكو وتل أبيب يتطلب إعادة "ضبطها" على أساس الاحترام المتبادل.

ومن البديهي أن تدرك تل أبيب أنه ليس بالضرورة أن نكون متطابقين معها في كل شيء وفي كل زمان، لا سيما في القضايا الجوهرية. لكن الاحترام المتبادل والتخلص من عقدة الأنانية التي لا يمكن تصور حجمها، والتي تعاني منها إسرائيل، هما شرطان لا بد منهما لتمهيد الطرق نحو تسوية العلاقات.

إذا رأينا أن إسرائيل تجاوبت مع هذه المطالب، فسنقوم بخطوة تجاهها. لا سيما أنه من المهم بالنسبة لنا مواصلة التواصل معها في أكثر من ملف.

ولكن في حال بقيت مواقفهم على ما هي عليه الآن، فإننا لن نكون في وارد التفريط بمصالحنا، وسنذهب إلى خيار التشبُّث بشكل أكبر بها، وفي ذات الوقت، بمزيد من عدم المبالاة تجاه المصالح الإسرائيلية.

الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء الكاتب ولا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لقناة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات تشرین الأول فی قطاع غزة أن روسیا تل أبیب

إقرأ أيضاً:

صندوق مكافحة الإدمان: مصر أصبحت نموذجًا عالميًا في التوعية والعلاج

أكد مدحت وهبة، المستشار الإعلامي والمتحدث الرسمي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي، أن اختيار الأمم المتحدة لمصر كأول دولة على مستوى العالم لتطبيق مبادرة "تشامبس" يعكس الدور المحوري الذي تلعبه الدولة المصرية في مجال الوقاية من الإدمان، كما يعد استمرارًا لوفائها بتعهداتها الدولية ومسؤولياتها الوطنية لمكافحة إساءة استعمال المخدرات والاتجار غير المشروع بها.

الصحة: تقديم التوعية ضد مخاطر الإدمان لـ183 ألف مواطن من الشباب والمراهقينمخاطر الإدمان .. ندوة بـ ألسن عين شمس

وأضاف خلال مداخلة هاتفية مع رشا مجدي وعبيدة أمير، ببرنامج صباح البلد، المذاع على قناة صدى البلد، أن الوفد المصري يشارك في اجتماعات الدورة 68 للجنة الدولية للرقابة على المخدرات المنعقدة في مقر الأمم المتحدة بفيينا، حيث استعرضت مصر تجربتها الرائدة في مكافحة الإدمان والتي حظيت بإشادة واسعة من ممثلي أكثر من 2000 مشارك من مختلف الدول.

وتابع أن المبادرة تهدف إلى تعزيز أنظمة الوقاية الموجهة للأطفال حتى سن المراهقة، وذلك من خلال أساليب إبداعية تتماشى مع المراحل العمرية المختلفة، بهدف رفع وعيهم بمخاطر المخدرات وحمايتهم من التعاطي.

وأشار إلى أن التجربة المصرية في علاج وتأهيل مرضى الإدمان والبرامج الوقائية أصبحت نموذجًا عالميًا، حيث استقبل صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي العديد من الوفود العربية والدولية خلال الأشهر الماضية للتعرف على التجربة المصرية التي اعتبرتها العديد من الدول تجربة ملهمة ومبتكرة في مجال التوعية وحماية الشباب من المخدرات.

مقالات مشابهة

  • كيف أصبحت الصومال حجر الزاوية باستراتيجية تركيا في أفريقيا؟
  • إعلام إسرائيلي يكشف عن سقوط صاروخ حوثي بالأراضي المصرية.. ومسؤول أمني يعلن استعداد تل أبيب لأي تصعيد حوثي
  • صندوق مكافحة الإدمان: مصر أصبحت نموذجًا عالميًا في التوعية والعلاج
  • موسكو تحث واشنطن على وقف استهداف الحوثيين وتدعو للحوار
  • لقاء بوهلر مع حماس يقرع أجراس الإنذار في تل أبيب.. لماذا؟
  • “تل أبيب” تسارع بنفي علاقتها بالغارات على صنعاء وأمريكا تعترف
  • عاجل | مجلة إيبوك الإسرائيلية عن تقديرات أمنية: نظام الشرع قد يغض الطرف عن عمليات ضد إسرائيل من داخل سوريا
  • كاتب من تل أبيب: انتصار إسرائيل «وهم خطير» والفلسطينيون باقون بأرضهم
  • جستنيه: ألوان الاتحاد أصبحت فال خير للأهلي والوحدة
  • التداول في عام 2025: ثورة التكنولوجيا وتغيير مفاهيم الاستثمار