توجّه المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان في خطبة الجمعة للقوى السياسية، مذكراً إياهم أن "لبنان بلد عانى بشدّة من الشحن الطائفي، وللأسف ما زال، ووضعه اليوم لا يحتمل طروحات تقسيم مبطّنة، والخطأ في هذا المجال سيجعلنا في قلب الخنادق، والفدرالية التي تطرح من قبل البعض هي توأم الحرب والخراب، واللامركزية الإدارية الواسعة – بحسب وضعية البلد بالنسبة للمنطقة والعالم – تضعنا في قلب التقسيم، وتجعلنا على خطوط التماس، ولذلك المطلوب من عقلاء أهل السياسة والدين خاصة، حماية الشراكة الوطنية لا إضرام النار فيها، والصبر الوطني أصبح ضرورة استراتيجية لحماية الشراكة الوطنية، واحذروا من الطاحونة الطائفية، لأنها شعلة فتيل لحرب أهلية بين الإخوة والشركاء".



اضاف: "البلد وقواه السياسية مكشوف، واللعبة الدولية موجودة في قلب البلد وعبر قواه السياسية، الواجب علينا التأسيس للملاقاة لأن القطيعة حرام، والذي يصرّ على القطيعة السياسية وخاصة في هذه الظروف إنما يريد بالبلد وناسه المستقبل المجهول، فعودوا إلى الحوار، لأنه لا بد من تسوية رئاسية تليق بالتوافق الوطني، والمُقاطع إنما يدفع البلد نحو الهاوية، ونصيحة لا تلعبوا بالنار لأن لبنان ليس مسرحاً للعب بالنار".

وتوجه الى "من يحب أن يزايد بالوطنية"، قائلا: "قطاع غزّة جزء من ميزان المنطقة وسيادتها ومنها لبنان، ولا يمكن ترك قطاع غزّة دون إسناد وتحشيد ودعم، ونتنياهو يأخذ المنطقة نحو كارثة، وإسرائيل خسرت الحرب، واليوم أصبح واقع المنطقة يحسب بما بعد 7 تشرين، ولا يمكن الحياد في وجه مشروع إسرائيل الكبرى، والتاريخ المعاصر أثبت أن فصائل المقاومة إنما هي ضمانة سيادية لأوطانها".

أضاف: "أما بخصوص الموفدين الدوليين، فالحل بتأكيد سيادة لبنان، ومع ثلاثية الجيش والشعب والمقاومة، لا نحتاج إلى مجلس الأمن ولا نحتاج إلى موفدين دوليين، ومن يحمي لبنان ويضمن ميزان الردع هي هذه الثلاثية، لا الوفود الدولية وخاصة التي تحمل الوظيفة الصهيونية، وبالتالي سيادة لبنان أولاً، ومصلحة لبنان أولاً، وكل صفقة تنتقص من سيادتنا لصالح تل أبيب هي مرفوضة".

وتابع: "على الحكومة أن تكون حاضرة بقوة في العمل الاجتماعي والاستشفائي، وأن تفعّل سلك الرقابة والمتابعة، لأنه يجب أن ننتهي من مذبحة المستشفيات وفواتيرها وعدم الرقابة عليها، بل المطلوب إعلان حالة طوارئ اجتماعية صحية، والمطلوب إعادة هيكلة المصارف في البلد، لأنه دونها البلد من مخاض إلى مخاض، ولا نقبل بحلول تنهب ودائع الناس، ولا نرضى بمرفق عام لا جدوى منه، ما نريده دولة بكل معنى الكلمة، دولة خدمات اجتماعية قوية، دولة تعمل على تحقيق أمن مجتمعي لأهلها".

وختم: "على القوى الأمنية والعسكرية والقضائية العمل الجدّي على محاربة العصابات الإجرامية اللبنانية وغير اللبنانية ويجب الانتهاء من ملف الجريمة المنتشرة والفوضى الأمنية الاجتماعية لأن المزيد من هذا التفلت وإضاعة الوقت في وضع حد له، سيضع لبنان في قعر الأزمات الوجودية".

المصدر: لبنان ٢٤

إقرأ أيضاً:

الأردن في مواجهة العواصف: صمود وطني وإرادة لا تلين

#سواليف

#الأردن في #مواجهة_العواصف: صمود وطني وإرادة لا تلين

بقلم: أ.د. محمد تركي بني سلامة

في عالم تملؤه #الاضطرابات والصراعات المتسارعة، برز الرئيس الأمريكي دونالد #ترامب كأحد أكثر الشخصيات إثارة للجدل على المسرح العالمي. فقد اختار نهجًا قائمًا على المواجهة والصدام، متجاهلًا الأعراف الدبلوماسية ومتحديًا التوازنات السياسية ومبادئ القانون الدولي التي تحفظ استقرار النظام الدولي. هذا النهج جعل اسمه مرتبطًا بالفوضى السياسية وإثارة التوترات على كافة المستويات، داخليًا وخارجيًا.

مقالات ذات صلة مقتل جندي صهيوني بنيران صديقة قرب محور نتساريم 2025/01/28

ترامب، الذي لطالما وصف نفسه برجل “الصفقات الكبرى”، أطلق سلسلة من التصريحات والسياسات التي تجاوزت حدود المنطق السياسي. فمن دعوته إلى ضم كندا كولاية أمريكية، إلى اقتراحه تغيير اسم خليج المكسيك إلى “خليج أمريكا”، أثار حفيظة دول عدة واتُهم بالتعدي السافر على سيادتها. ولم تتوقف طموحاته عند هذه الحدود، بل امتدت إلى طرح فكرة استعادة السيطرة على قناة بنما، ذلك الممر الحيوي للتجارة العالمية، وشراء جزيرة غرينلاند من الدنمارك، في خطوة اعتبرها المراقبون محاولة لإحياء عقلية الهيمنة الاستعمارية. هذه التصريحات، التي عكست انحيازًا واضحًا للغطرسة السياسية، لم تكن سوى وقود أشعل غضب الدول المعنية وأثار تساؤلات حول مدى استدامة السياسة الأمريكية في ظل هذه القيادة.

أما في الشرق الأوسط، فقد كانت سياسات ترامب أشد استفزازًا وتأثيرًا. دعمه المطلق لإسرائيل وطرحه فكرة توسيع حدودها على حساب الحقوق الفلسطينية الشرعية، اقترن بمحاولات لفرض حلول قسرية على القضية الفلسطينية. ومن بين هذه المحاولات، فكرة تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة إلى دول مجاورة مثل مصر والأردن، وهو مقترح أثار غضبًا واسعًا ورفضًا قاطعًا. لم تكن هذه الأفكار مجرد اقتراحات عابرة، بل هي جزءًا من خطة متكاملة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية خدمةً لمصالح إسرائيل. وإلى جانب ذلك، هدد ترامب بوقف المساعدات الخارجية عن الدول التي لا تسير في فلك سياساته، مما وضع العديد من الدول الحليفة أمام ضغوط شديدة.

داخليًا، أطلق ترامب سلسلة من الأوامر التنفيذية التي مست قضايا حساسة، مثل الهجرة والجنسية والسياسات التجارية والرعاية الصحية. هذه القرارات أدت إلى تفاقم الانقسامات السياسية والاجتماعية داخل الولايات المتحدة، وجعلت من إدارته عنوانًا دائمًا للجدل والصدام.

وسط هذه العواصف التي أشعلتها سياسات ترامب، أظهر الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني قدرة استثنائية على الصمود والمناورة. الأردن، الذي يدرك حجم التحديات الجيوسياسية التي تحيط به، تمكن من تثبيت مواقفه الرافضة لأي حلول تنتقص من الحقوق الفلسطينية أو تهدد أمنه واستقراره. فقد جاء رفض الملك عبد الله الثاني القاطع لمشاريع التهجير وتجريد الفلسطينيين من حقوقهم المشروعة ليؤكد أن الأردن لن يقبل أي مساس بثوابته الوطنية ، فهذه المسالة خط احمر لا مساومة عليها .

في مواجهة سياسات ترامب، يتبنى الأردن استراتيجية تقوم على الصمود بحكمة والمناورة بدبلوماسية، معتمداً على إرثه العريق في التعامل مع الأزمات. فعلى الرغم من موارده المحدودة، أظهر الأردن قدرة فائقة على التكيف مع الظروف الصعبة، ونجح في كسب الوقت حتى تمر العاصفة. هذا النهج ليس وليد اللحظة، بل هو نتاج قيادة واعية وشعب يتمتع بإرادة لا تلين، قادر على تحويل التحديات إلى فرص.

صمود الأردن في هذه المرحلة المضطربة يمثل رسالة قوية للعالم بأن الحكمة والإرادة الوطنية كفيلة بتجاوز أصعب الأزمات. فالقيادة الأردنية، التي تجمع بين الصلابة والمرونة، قدمت للعالم نموذجًا في الحفاظ على التوازن والاستقرار في وقت عصفت فيه الأزمات بالمنطقة.

الأردن ليس مجرد دولة صغيرة على الخارطة الجغرافية، بل هو قوة إقليمية تتمتع برؤية ثاقبة ووعي استراتيجي. وبفضل هذه القيادة الواعية التي يلتف حولها الشعب الاردني ، يظل الأردن قلعة حصيتة للأمن والاستقرار، وحصنًا منيعًا في منطقة تشهد تغيرات عميقة واضطرابات متتالية.

ختامًا، فإن الأردن، سيبقى نموذجًا يحتذى به في مواجهة العواصف والتحديات، مجسدًا الإرادة التي تصنع المستقبل، مهما اشتدت الأزمات واضطربت الموازين ،وتخاذل المتخاذلين.

مقالات مشابهة

  • كاريكاتير ناصر الجعفري
  • نشطاء: بطل نفق الحرية زكريا الزبيدي يعانق الحرية بقرار من كتائب القسام
  • حسين فهمي: اعترضت على زواج بنتي لأنه كان غير مناسب
  • الراعي: لتنفيذ الخطط الإصلاحية لأن البلد منهك ويجب إنقاذه
  • مجموعة الأزمات: التمرد في غوما بالكونغو الديمقراطية قد يؤدي إلى حرب إقليمية
  • المفتي قبلان: محاولات تدويل قضية لبنان وإعادة صرفه بلعبة الخارج يضع البلد بقلب الخراب
  • سلطة النقد : حافظنا على الاستقرار المالي رغم كل الأزمات المالية
  • الأردن في مواجهة العواصف: صمود وطني وإرادة لا تلين
  • وزير الشؤون من دار الافتاء الجعفري في صور: تشبث اهل الجنوب بأرضهم تثبيت للعودة
  • الحكمة من ترتيب الأنبياء في السماوات برحلة الإسراء والمعراج