حذر مقال في مجلة "فورين أفيرز" من أن تسييس المؤسسة العسكرية الأميركية قد يتفاقم قريبا، لا سيما إذا نجح تيار اليمين في الحزب الجمهوري في نيل مبتغاه من وراء ذلك.

وكتبت ريزا بروكس، أستاذة العلوم السياسية جامعة ماركيت بولاية ويسكونسن  -في مقالها بالمجلة الأميركية- أن السياسيين غالبا ما كانوا يستخدمون أفراد القوات المسلحة أدوات سياسية، بينما كان الجيش يقف متفرجا على إضفاء الطابع السياسي (التسييس) على صفوفه.

وقالت إن السياسيين يسعون، المرحلة المقبلة، إلى إخضاع كبار الضباط لاختبارات أيديولوجية قبل ترقيتهم وتعيينهم في مناصب أعلى. وأضافت أن من شأن هذه المحاولات، إذا ما نجحت، أن تحيل الجيش الأميركي من قوة غير حزبية كما هو الحال اليوم، إلى حليف لأحد فصائل الحزب الجمهوري، وعلى وجه التحديد التيار اليميني.

وحذرت من أن نتيجة ذلك ستكون وبالاً على الأمن القومي للولايات المتحدة، مضيفة أن القيادات العسكرية تسعى جاهدة إلى انتهاج الحياد في إسدائها المشورة لرئيس البلاد، والمشرعين والمسؤولين المدنيين الآخرين عندما يتعلق الأمر باستخدام القوة العسكرية.

تسييس المؤسسة العسكرية
غير أن هؤلاء القادة قد يصوغون، في المستقبل، توصياتهم بما يتوافق مع مصالح حزبهم السياسي المفضل، رغم أن "تسييس" المؤسسة العسكرية قد ينال من وحدتها جراء تغلغل الخلافات الحزبية عبر صفوف أفرادها، وفقا للمقال.

وتعتقد الكاتبة أن ثقة الشعب الأميركي في مؤسسته العسكرية ستتراجع عندما يرون أنها أصبحت مجرد كيان آخر مُسيَّس.

غير أن ذلك لا يعد قدرا محتوما -برأيها- إذا عمل عدد كاف من السياسيين في كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي على وقف التسييس عند حده.

وقالت الكاتبة إن على الجمهوريين، بوجهٍ خاص، حمل زملائهم على التراجع عن جر المؤسسة العسكرية إلى نزاعات سياسية، وعليهم كذلك تحذير حزبهم من مغبة تحويل الجيش إلى قوة حزبية. وفي الوقت نفسه، يتعين على ضباط الجيش تعضيد أخلاقياتهم المهنية القائمة على الحياد السياسي، ومقاومة الانجرار إلى معترك الصراعات الحزبية.

وذكرت أن السياسيين الأميركيين استخدموا أحيانا تصريحات القادة العسكريين "عصا غليظة" ضد الحزب المعارض، أو اعتمدوا عليها في الترويج لسياساتهم زمن الحرب.

وأضافت أن هذا النمط من التسييس اتخذ السنوات الأخيرة منحى "قبيحا" تمثل في تأخير ترقيات الضباط في بعض الأحيان بدوافع سياسية، مشيرة إلى أن إحدى الطرق لذلك استندت إلى الاستخفاف بسياسات وزارة الدفاع (البنتاغون) الرامية إلى تكون حصص الولايات من التجنيد أقرب إلى خصائص التركيبة السكانية في المجتمع الأميركي.

تلاعب بالتعيينات

وكشفت الكاتبة أن السياسيين قد يتلاعبون بالتعيينات والترقيات لتنصيب ضباط في القيادة العسكرية بغية تسخير موارد القوات المسلحة وأفرادها لخدمة أجندة ومآرب التيار اليميني داخل الحزب الجمهوري، دون اعتبار لمصالح الحزب، ناهيك عن مصلحة الأمن القومي.

وقالت إن جعل الترقي في المؤسسة العسكرية مشروطا بالميول الأيديولوجية من شأنه أن يرسل إشارة قوية إلى الضباط بأنه ينبغي عليهم التصرف باعتبارهم حلفاء للحزب الذي ينتمي إليه رئيس البلاد، أو على الأقل التزام الصمت إذا تصرف آخرون على ذلك النحو.

وأكدت الكاتبة أن الولايات المتحدة ستخسر الكثير إذا تخلى الجيش عن حياده السياسي، كما أن أمن البلاد القومي سيعاني بسبب تأثير عملية التسييس على ما يسديه القادة العسكريون من مشورة إلى الرئيس وكبار المسؤولين.

وأضافت: ربما يكون لتسييس الجيش أثره أيضا على وحدته، ذلك أن أفراد الخدمة العسكرية إذا لم يتحرجوا من التعبير عن وجهات نظرهم الحزبية أثناء قيامهم بعملهم، فقد تستشري الخلافات السياسية داخل صفوفهم. وقد يؤدي ذلك لتقويض الثقة بين أفراد الجيش، كما سيفقد المواطنون الثقة في قواتهم المسلحة إذا تيقنوا أن الضباط يمنحون الأولوية لمصالح حزب سياسي على حساب مصالح البلاد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات ترجمات المؤسسة العسکریة

إقرأ أيضاً:

تصاعد الجدل السياسي في كينيا حول شعار يرحل روتو

تعيش كينيا في خضم جدل سياسي متزايد بعد بروز شعار "روتو يجب أن يرحل" الذي أصبح رمزًا للاحتجاجات الشعبية المتزايدة ضد حكومة الرئيس الحالي وليام روتو.

وقد أثار حضور الرئيس روتو مؤخرًا مباراة تصفيات كأس العالم بملعب في نيروبي بين منتخبي كينيا والغابون حنق عدد من الجماهير التي استمرت في ترديد الشعار طوال المباراة، مما أثار جدلًا حول مشروعية المطالبة برحيل الرئيس.

يعكس هذا المطلب، الذي انتشر بسرعة على منصات التواصل الاجتماعي وفي المظاهرات في شوارع العاصمة نيروبي وعدد من المدن الكبرى، حالة من الاستياء العميق بسبب السياسات الاقتصادية والاجتماعية التي يرى العديد من الكينيين أنها فشلت في تحسين أوضاعهم المعيشية.

محتجون كينيون على سياسة حكومة الرئيس روتو (الأناضول)

ومع تصاعد حدة الاحتجاجات وتفاقم الأزمة الاقتصادية، أصبح هذا الشعار من أكثر العبارات تداولًا بين معارضي الحكومة.

المتظاهرون الذين رفعوا هذا المطلب على لافتاتهم خلال المظاهرات الأخيرة طالبوا برحيل الرئيس، معتبرين أن حكومته لم تتمكن من الوفاء بتعهداتها الاقتصادية ولم تقدم حلولًا فعّالة للأزمات التي يعاني منها المواطنون، مثل ارتفاع الأسعار وتدهور الوضع الاقتصادي.

ردود الأفعال الحكومية والمعارضة

تصاعد الجدل حول هذا المطلب دفع الحكومة الكينية إلى اتخاذ موقف حازم ضد من يرفعونه، معتبرة إياه تهديدًا لاستقرار البلاد.

إعلان

فقد طلب المدعي العام الكيني جاستن موتوري من الشرطة فتح تحقيق رسمي ضد الناشطين الذين يرفعون هذا الشعار، مؤكدًا أن ذلك يشكل انتهاكًا للقوانين التي تحظر التحريض على الفتنة والإزعاج العام.

ومع ذلك، أصدرت المعارضة ردودًا قوية على هذه الإجراءات. فقد اعتبر رئيس الوزراء السابق رايلا أودينغا أن هذه الخطوات تمثل محاولة لتقييد حرية التعبير في البلاد، وأكد أن "الاحتجاجات والمطالب الشعبية هي جزء من الديمقراطية".

وأضاف أودينغا أن الحكومة يجب أن تتعامل مع هذه الاحتجاجات بشكل بناء بدلًا من قمع الأصوات المعارضة.

السياسات المالية لحكومة الرئيس روتو أدت إلى احتجاجات أسفرت عن قتلى في سنة 2024 (رويترز) التأثيرات الاقتصادية وأسباب الاحتجاجات

من جهة أخرى، يظل التدهور الاقتصادي في كينيا أحد المحركات الرئيسية للاحتجاجات الشعبية.

فمع الارتفاع المستمر في أسعار السلع الأساسية، إضافة إلى أزمة البطالة التي يعاني منها الشباب، يجد المواطنون الكينيون أنفسهم في مواجهة صعوبات متزايدة لتلبية احتياجاتهم اليومية.

ورغم أن الحكومة قد أعلنت عن خطط للإصلاح الاقتصادي، فإن كثيرين يرون أن هذه الخطط ليست كافية للتعامل مع الأزمة الحالية.

المستقبل السياسي لكينيا

مع استمرار التصعيد في الاحتجاجات، يُتوقع أن يكون المستقبل السياسي لكينيا محط اهتمام داخلي ودولي، وسط تحذيرات من عواقب العنف.

وقد حذرت بعض المنظمات الدولية من مغبة التصعيد في التعامل مع الاحتجاجات، مشيرة إلى أن العنف قد يؤدي إلى أزمات أعمق داخل المجتمع الكيني.

وأمام هذا المشهد، تبدو الحكومة الكينية في موقف حرج؛ بين الحاجة إلى الحفاظ على النظام واستقرار البلاد وبين ضرورة الاستجابة لمطالب المواطنين التي لا يمكن تجاهلها.

مقالات مشابهة

  • المالية تنفي مزاعم قطع تغذية الجيش وعرقلة صرف المرتبات
  • تصاعد الجدل السياسي في كينيا حول شعار يرحل روتو
  • د. عصام محمد عبد القادر يكتب: قيمنا المجتمعية تعزز الأمن القومي المصري
  • وول ستريت جورنال: المشهد السياسي الفرنسي قد يشهد تحولا زلزاليا
  • قائد الجيش: واجب المؤسسة العسكرية حماية لبنان وأبنائه على اختلاف انتماءاتهم
  • الجيش الإسرائيلي يوسّع عملياته العسكرية في الضفة الغربية
  • بعد سجن إمام أوغلو.. هل يعيد أردوغان تشكيل المشهد السياسي في تركيا؟
  • شقيق وزير الدفاع الأميركي.. منصب يثير التساؤلات في البنتاغون
  • بوليتيكو: مقترح لإقالة مستشار الأمن القومي الأمريكي بسبب "فضيحة سيجنال"
  • مستشار الأمن القومي الأمريكي: ترامب ملتزم بحماية جرينلاند ومصالح واشنطن في القطب الشمالي