خطبتا الجمعة من المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
مكة المكرمة
أوصى فضيلة إمام وخطيب المسجد الحرام الشيخ الدكتور أسامة بن عبدالله خياط، المسلمين بتقوى الله – عز وجل – في السر والعلن.
وقال فضيلته في خطبة الجمعة التي ألقاها اليوم في المسجد الحرام: “نحمد الله – عز وجل – الذي منَّ على عباده بفريضة الصيام، وجعل صوم رمضان وقيامه سببًا لغفران الذنوب والآثام.
وأضاف: بين لهو الحياة ولغوها، وفي غمرة خطوبها وأحداثها، وسعير صراعها وهجير مطامحها، يشعر المرء بأنَّه في حاجةٍ إلى ملذات يثوب إليها، ويتفيأ ظلالها، ليأخذ الأُهبة ويعد العُدَّة، لتجديد العزم، وشحذ الهمة، وتقوية الإرادة، حتى يمضي على الطريق موفور الحظ من التوفيق، سالم الخطى من العِثار، ولقد كان من نعم الله السابغة، ومننه الوافرة، وآلائه الجليلة، أن جعل للأمة أزمانًا تسمو على أشباهها، وتعلو على أمثالها، وهيأ لعباده من فرص العمر، ومواسم الخير، وميادين البر، ما يبلغون به المراد، ويصلون به إلى الغاية، ويحققون الأمل.
وأردف قائلاً: وفي الطليعة من هذه الفرص والمواسم: هذا الشهر المبارك رمضان، سيد الشهور، الذي اختص منها بنزول هذا الهدى والنور، والشفاء لما في الصدور، القرآن العظيم، والذكر الحكيم ﴿شَهرُ رَمَضانَ الَّذي أُنزِلَ فيهِ القُرآنُ هُدًى لِلنّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الهُدى وَالفُرقانِ﴾.
وأوضح فضيلته أنه إذا كانت القوة للمسلم ضرورةً وزادًا لا غناء له عنه، ورصيدًا لا مناص له منه، لأنه عونٌ على الحق، وسبيلٌ إلى التمكين، وطريقٌ إلى الظفر، وبابٌ إلى رضوان الله، وسببٌ لمحبته ، فإنَّ في فرصة الصيام في هذا الشهر المبارك، مجالًا رحبًا، ومضمارًا واسعًا، لتقوية الإرادة في نفس المسلم الصائم، فالإمساك بالنهار عن الأكل والشرب وسائر المُفطِّرات، وما يصحب ذلك من صبرٍ على الحِرمان، ومرارة الفقد لما اعتاده المرء من المشتهيات، وكذلك إحياء الليل بالقيام في صبرٍ على نصبه، يقتضي أن ينشأ في نفس المسلم شعور المقاومة لكل إحساسٍ بالضعف، ولكل رغبةٍ في الممنوع المُحرَّم خلال النهار، مهما كثرت المغريات، ومهما تبذَّلت الشهوات.
وأبان الشيخ الدكتور أسامة خياط أنه إذا اجتاز الصائم الامتحان، ونجح في اكتساب زاده من التقوى، كان ذلك عونًا له على استمرار مقاومته، وتقوية لإرادته، في مواجهة المحرم من الشهوات، والصمود أمام التحديات، فكل موقفٍ يواجه فيه نزوةً عابرة، أو رغبةً ملحة، أو بلاءً عظيمًا، هو في الواقع امتحانٌ متجددٌ لإرادته، يعظم فيه نفع التقوى التي تحققت بالصيام، فهو إذن تصويبٌ في المسلك، وتصحيحٌ في المنهج، وتغييرٌ في المسار.
وأفاد فضيلته أن العبد الصائم المتقي ينتقل من ذُل الخطيئة، إلى عزّ الطاعة، ومن مهابط العجز والكسل، إلى ذُرا الجِد والعزم والنشاط، ومن أدران العوائد المقبوحة، والسنن المرذولة، والفِعال الشائنة المحظورة، إلى طِيب العوائد القويمة، والسنن الجميلة، والفِعال الحسنة المرضيّة ، مؤكدًا أنَّ في الصيام الذي روعيت شروطه، واستكملت آدابه، بعثًا للقوة التي وهنت، والإرادة التي خمدت، والعزيمة التي خارت، وتلك آيةٌ بينة على بلوغ الصائم أوفر حظه من التقوى ، لافتًا النظر إلى أنه ثبت في السنة الصحيحة الواردة عن رسول الله -صلى عليه وسلم- أنَّ عمرةً في هذا الشهر المبارك تعدل حجَّة، فقد أخرج الشيخان في صحيحيهما، وأبو داود وابن ماجه في سننهما، وأحمد في مسنده، عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: “قالَ رَسولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ- لِامْرَأَةٍ مِنَ الأنْصَارِ: ما مَنَعَكِ أنْ تَحُجِّي معنَا؟ قالَتْ: كانَ لَنَا نَاضِحٌ -أي البعير أو الدابة التي يستقى عليها-، فَرَكِبَهُ أبو فُلَانٍ وابنُهُ، لِزَوْجِهَا وابْنِهَا، وتَرَكَ نَاضِحًا نَنْضَحُ عليه، قالَ: فَإِذَا كانَ رَمَضَانُ اعْتَمِرِي فِيهِ، فإنَّ عُمْرَةً في رَمَضَانَ حَجَّةٌ أوْ نَحْوًا ممَّا قالَ”، وفي لفظٍ لمسلمٍ -رحمه الله-: “فإنَّ عُمْرَةً فيه تَعْدِلُ حَجَّةً”.
وقال الشيخ الخياط: إنه لفضلٌ قد بلغ الغاية وحاصله أنه صلى الله عليه وسلم أعلمها أنَّ العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب، لكنها لا تقوم مقامها ولا تسدُّ مسدها في إسقاط الفريضة عمَّن لم يحج حجة الإسلام، لأنَّ الإجماع قائمٌ على أنَّ الاعتمار لا يُجزئ عن حجة الفريضة، وفيه كما قال أهل العلم بالحديث: أنَّ ثواب العمل يزيد بازدياد شرف الزمان، كما يزيد بحضور القلب وإخلاص القصد ، مضيفًا أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يعتمر عمرةً واحدة في رمضان من عُمَرَه الأربع، ويُحتمل أن يكون سبب ذلك كما قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-: “أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يشتغل في رمضان من العبادة بما هو أهم من العمرة، وخشي من المشقة على أمته، إذ لو اعتمر لبادروا إلى ذلك مع ما هم عليه من المشقة بالجمع بين العمرة والصوم، وقد كان -صلى الله عليه وسلم- يترك العمل وهو يحب أن يعمله، خشية أن يُفرض على أمته، وخوفًا من المشقة عليهم” انتهى كلامه -رحمه الله-.
وأكد فضيلته أنَّ هذا الأجر والجزاء الكريم، يحصل إن شاء الله، لمن اعتمر عمرةً واحدة في رمضان، ويُخطئ كثير من الناس، بتعمدهم تكرار هذه العمرة مرات ومرات خلال هذا الشهر، فيعتمر مرة كل عشرة أيام، أو مرة كل أسبوع، أو مرة كل ثلاثة أيام، فيشق على نفسه مشقةً بالغة، ويُدخل عليها الحرج، ويزداد الأمر حين يترتب على ذلك: تضييقٌ على إخوانه، أو إيذاءٌ لهم، لا سيما عند شدة الزحام وكثرة المعتمرين.
وفي المدنية المنورة، تحدّث فضيلة إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالمحسن بن محمد القاسم عن فضائل شهر رمضان، وما خصّ الله به هذا الشهر العظيم من فضائل ينالها العبد بالعبادات من ثواب الصيام، وأداء الصلوات المفروضة في وقتها، وقيام الليل، والذكر، وتلاوة القرآن، والعمرة، والصدقة، والتوبة الصادقة، والاستغفار.
وأوضح الشيخ عبدالمحسن القاسم في خطبة الجمعة من المسجد النبوي أن الله فضّل الأيام والليالي بعضها على بعض، واصطفى من الشهور شهراً جعله قرّة شهور العام، وخصّه بمزيد من الفضل والإكرام، ففي شهر رمضان أنزل القرآن، وفيه تُفتح أبواب الجنان، وتُغلق أبواب النيران، وتصفّد الشياطين، وتكفّر فيه الخطايا إذا اجتُنبت الكبائر، قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –: “الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة، ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتُنبت الكبائر” رواه مسلم.
وقال فضيلته: إن صيام رمضان يقي من الآثام والنار، وأما ثوابه فالذي يتولّاه فهو الربّ الكريم، لقول النبي – صلى الله عليه وسلم – قال الله عزّ وجلّ “كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به” متفق عليه.
وأضاف: أن العمل الصالح يشرُفُ في الزمن الفاضل، وأن أفضل القربات توحيد الله، وإخلاص العمل له، وبهذا أُمر جميع الخلق، مبيناً أن الأعمال الصالحة لا تُقبل إلا بمتابعة سُنة النبي – صلى الله عليه وسلم – وطاعته موجبة للجنة، لقوله عليه الصلاة والسلام “من أطاعني دخل الجنة” رواه البخاري.
وأوضح الشيخ عبدالمحسن القاسم، أن الصلاة عمود الدين، وعهدٌ على الله من حافظ عليه دخل الجنة، فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – “خمس صلوات كتبهن الله على العباد من أتى بهن لم يضيّع منهن شيئاً استخفافاً بحقهن كان له عند الله عهدٌ أن يدخله الجنة” رواه أحمد.
وبين أن القرآن الكريم مما امتنّ الله به على هذه الأمة، لقوله جلّ وعلا ” لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ”.
وذكر أن تلاوة القرآن تزيد في الإيمان، وآياته أبكت العظماء، وامتدح الله من تلاه وعمل به، ووعده بالزيادة والوفاء، مبيناً أن أفضل ما يُتلى القرآن في الشهر الذي نزّل فيه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: ” كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن” متفق عليه.
وأشار إلى أن قيام الليل من صفات أهل الجنة، فقال الله تعالى ” كَانُوا قَلِيلا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ” داعياً إلى المحافظة على صلاة القيام في رمضان مع الإمام حتى ينصرف، ليتعرّض لنفحات الله، مبيناً فضائل رمضان، مذكّراً بفضل الدعاء، إذ قال الله سبحانه “ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ “، مؤكداً فضل الدعاء بطلب الهداية، وصلاح الذرية، والسعادة، والفلاح، والرزق الحلال من الله عزّ وجلّ، والدعاء بطلب المغفرة ودخول الجنة.
كما أوضح الشيخ الدكتور عبدالمحسن القاسم فضل الصدقة في رمضان، مبيناً أنها برهان على الإيمان وأفضلها في رمضان، وأن إنفاق المال خير للنفس، إذ تدعو الملائكة للمنفق كل يوم بالخُلف عمّأ أنفق، إذ قال عليه الصلاة والسلام ” ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما اللهم أعطْ منفقاً خلفاً، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكاً تلفاً. متفق عليه .
وبيّن أن مما يُندم عليه عند الممات، ترك الصدقة، قال تعالى ” وَأَنفِقُواْ مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِي أَحَدَكُمُ ?لْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا? أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُن مِّنَ الصَّالِحِينَ”.
وذكر فضل العمرة في رمضان وعظيم ثوابها، مستدلاً بقول النبي – صلى الله عليه وسلم – ” إن عمرة في رمضان حجة” رواه البخاري.
وتابع فضيلته قائلاً: إن أكثر الناس لا يدركون فضل التوبة وحقيقتها، فالتوبة الصادقة من أفضل العبادات، ولا يكملُ عبدٌ ولا يحصل له كمال قربٍ من الله إلا بها، وقد أمر الله جميع المؤمنين بالتوبة لينالوا الفلاح، فقال الله تعالى ” وَتُوبُوا إِلَى اللهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ” وخير يوم في عمر العبد يومٌ يتوبُ فيه إلى الله.
وبيّن فضيلته فضل الاستغفار على المرء من محو الذنوب والآثام ودفع العذاب، كما أن الاستغفار يرفع الدرجات ويجلب الغيث، ويكثر الأموال والبنين، ويُنبت الثمار، ويجلي الأنهار، وبه تتنزّل الرحمات لقوله تعالى ” وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ” وقوله جلّ وعلا “ولولا تستغفرون الله لعلكم ترحمون”.
واختتم فضيلته الخطبة مذكّراً أن المرأة مأمورة بما يؤمر به الرجال من العبادات من تلاوة القرآن والدعاء والصدقة والذكر والاستغفار والتوبة وقيام الليل، إلا أن صلاتها في دارها خير لها من صلاها في المسجد.
وأوصى باستغلال أيام وليالي رمضان، وأن العاقبة لمن اغتنمها، وتدارك ما فات من العمر، والعمل والتوكّل على الله واستبشار الخير بفضله عزّ وجلّ، مبيناً أن المغبون من انصرف عن طاعة الله أو تكاسل عنها، والمحروم من حُرم الخير في رمضان، والعبرة بكمال النهايات لا بنقص البدايات، والأعمال بالخواتيم.
المصدر: صحيفة صدى
كلمات دلالية: المسجد الحرام المسجد النبوي الشريف خطبة الجمعة صلى الله علیه وسلم الشیخ الدکتور رسول الله هذا الشهر قال الله فی رمضان
إقرأ أيضاً:
مرحبا شعبان
عندما يهلُّ علينا شهر شعبان ندرك ونستشعر ونحس بأننا على أعتاب وأبواب شهر كريم هو شهر رمضان، وقد كان الصالحون يدركون فضل هذين الشهرين الكريمين شعبان الذى يعدونه مقدمة لرمضان، ورمضان الذى يجعلونه مقصدهم ومحور اهتمامهم، فستة أشهر يسألون الله عز وجل أن يبلغهم إياه، وستة أشهر أخرى، رمضان وخمسة أشهر بعده، يسألونه سبحانه وتعالى أن يتقبله منهم.
وكانوا يتخذون من شعبان توطئة وتهيئة لاستقبال هذا الشهر الكريم، ولنا ولهم فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، حيث تقول السيدة عائشة رضى الله عنها: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِى شَهْرٍ أَكْثَرَ صِيَامًا مِنْهُ فِى شَعْبَانَ»، ولما سئل صلى الله عليه وسلم عن ذلك، قال:«هُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِى وَأَنَا صَائِمٌ».
وإذا كان أهل الدنيا يستعدون كل الاستعداد لأمور دنياهم ويخططون لها، وحق لهم، وهو أمر محمود لمن يعمل ويخطط لإنجاح ما هو مقبل عليه من عمل، فإن شهرًا كريمًا بما فيه من ليلة هى خير من ألف شهر لجدير أن نعد أنفسنا وأن نهيأها لاستقباله مبكرًا.
وتكون هذه التهيئة بالحرص على النوافل وقيام الليل والإكثار من الصيام فى شعبان اقتداء بسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحرص على أداء الفرائض، ولا سيما صلاة الفجر وأداؤها فى جماعة طوال شهر شعبان.
وإذا كان رمضان شهر القرآن، فلنبدأ رحلتنا مع القرآن مبكرًا، فهمًا ودراسةً وتفقهًا، وإذا كان رمضان شهر البر والإحسان والجود والكرم، فلنبدأ من الآن فى إعداد أنفسنا لإخراج زكاة أموالنا فى رمضان رجاء التعرض لنفحات الله عز وجل فيه بمضاعفة الحسنات، ولنكثر من الصدقات قبيل رمضان، لإحداث التكافل الإنسانى والتوازن المجتمعى بإدخال السعادة والبهجة والسرور على الأسرة الفقيرة والأكثر فقرًا، بحيث لا يكون بيننا فى هذا الشهر الكريم جائع ولا محروم، حيث يقول نبينا: «مَا آمَنَ بِى مَنْ بَاتَ شَبْعَانًا وَجَارُهُ جَائِعٌ إِلَى جَنْبِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِهِ»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٌ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ»، فقَالَ أَبو سَعِيد الْخُدْرِيّ: «فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِى فَضْلٍ».
وقد جعل الإسلام جزاء من يطعمون الطعام وثوابهم عظيما، فقال سبحانه: «وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا وَجَزَاهُم بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا». وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود بالخير من الريح المرسلة، ويقول صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ يَوْمٍ يُصْبِحُ الْعِبَادُ فِيهِ إِلَّا مَلَكَانِ يَنْزِلَانِ، فَيَقُولُ أَحَدُهُمَا: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُنْفِقًا خَلَفًا، وَيَقُولُ الْآخَرُ: اللَّهُمَّ أَعْطِ مُمْسِكًا تَلَفًا»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «ثَلَاثَةٌ أُقْسِمُ عَلَيْهِنَّ وَأُحَدِّثُكُمْ حَدِيثًا فَاحْفَظُوهُ، قَالَ: مَا نَقَصَ مَالُ عَبْدٍ مِنْ صَدَقَةٍ، وَلَا ظُلِمَ عَبْدٌ مَظْلَمَةً فَصَبَرَ عَلَيْهَا إِلَّا زَادَهُ اللَّهُ عِزًّا، وَلَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ إِلَّا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ».
شهر شعبان على ما عليه جمهور أهل العلم هو شهر تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، حيث يقول الحق سبحانه: «قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِى السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِم وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ».
ومن ثمة نقول مرحبا شعبان ومرحبا بنسائم رمضان.. فيا باغى الخير أقبل، ويا باغى الشر أقصر.. اللهم بلغنا رمضان بكل خير.
الأستاذ بجامعة الأزهر