عقد معهد التخطيط القومي الحلقة الخامسة من سمينار الثلاثاء بعنوان: "نحو بناء منظومة وطنية للابتكار"، بمشاركة أ. د شريف حماد الأستاذ بكلية الهندسة جامعة عين شمس، ووزير البحث العلمي الأسبق، متحدثاً رئيسياً، وأدار الحلقة أ.د. مصطفى أحمد مصطفى أستاذ الاقتصاد الدولي بمعهد التخطيط القومي والمنسق العام للسمينار، وذلك بحضور كلٍ من أ.

د. أشرف العربي رئيس معهد التخطيط القومي، وعدد من المفكرين وأساتذة المعهد والمهتمين بهذا الشأن.

محافظة الغربية تصدر قرار بتعديل تعريفة الركوب بين المراكز والمدن


وفي كلمته أكد أ.د مصطفي أحمد مصطفي أن الحلقة تستهدف تسليط الضوء على العناصر والمتطلبات الرئيسية الضرورية لبناء منظومة مصرية للابتكار، ومدى توافر هذه المتطلبات في ضوء ما هو متاح حالياً من مؤسسات للبحث العلمي والتطوير التكنولوجي، وكذلك المجالات الأولى بالاهتمام عند تصميم تلك المنظومة، بالإضافة إلى المساهمة التنموية المأمولة جراء تشغيلها، بما يمكنها من تقديم الحلول والابتكارات العلمية وفق منهجية مدروسة ومعرفة علمية عميقة تُعد حجر الأساس لكافة صور التطوير القائم على معايير الجودة العالمية.
وفي سياق متصل أكد أ. د شريف حماد وزير البحث العلمي الأسبق على دور الجامعات التكنولوجية المصرية في تعزيز منظومة البحث والتطوير باعتبارها ركيزةً أساسيةً في تحقيق التقدم والتنمية الشاملة المستدامة، لافتا إلى أن دور الجامعات لا يقتصر على تقديم المعرفة النظرية بل يتجاوز ذلك إلى تطبيقها العملي في مجالات الصناعة والتكنولوجيا. ووضع برامج في مجالات الابتكار وريادة الأعمال وتنمية المهارات المهنية من أجل التوظيف.
ولفت حماد إلى أن العناصر الأساسية لمنظومة الابتكار ترتكز على تحسين التدريب والتعليم، وتقوية قاعدة البحث العلمي والتطوير إلى جانب العمل على تعزيز الإطار التنظيمي للابتكار، وتقديم كافة أوجه الدعم للمبتكرين من خلال تأهيل طلاب الجامعات لتلبية احتياجات سوق العمل، من خلال التخصصات الجديدة بالجامعات، وتوفير فرص التدريب والتأهيل، وكذلك توفير بيئة مُناسبة لسوق العمل، مشيراً إلى المجالات الأولى بالاهتمام عند تصميم المنظومة المصرية للابتكار.
وبشأن المتطلبات الرئيسية الضرورية لبناء منظومة مصرية للابتكار أكد حماد على ضرورة تعظيم الجهود المبذولة وتذليل العقبات التي قد يواجها المبتكرون ورواد الأعمال، ودفع المزيد من الابتكارات التكنولوجية، والشركات الناشئة إلى سوق العمل، إلى جانب العمل على نشر الوعي التثقيفي بالابتكار وريادة الأعمال، وكذلك ربط الابتكارات باحتياجات المجتمع، وتحويل الأفكار المبتكرة إلى أفكار ذات جدوى اقتصادية، تُسهم في تنمية الاقتصاد المصري.
كما أكد وزير البحث العلمي الأسبق على أهمية وضع سياسات وطنية للابتكار لربط البحث العلمي والجامعات بالصناعة، واحتياجات الدولة وخطة التنمية المستدامة، مشيرًا إلى ضرورة التعاون بين الجهات المعنية والمُستفيدة من البحث العلمي في الصناعة والاستثمار والاتجاهات العملية الخاصة بالبحوث المصرية؛ لتحقيق فلسفة البحث العلمي في الصناعة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: معهد التخطيط القومي الحلقة الخامسة منظومة وطنية التخطيط القومي التخطیط القومی البحث العلمی

إقرأ أيضاً:

ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة

14 مارس، 2025

بغداد/المسلة:

 رياض الفرطوسي

في مسيرة بناء أي دولة، هناك ثلاث ركائز لا يمكن إغفالها: التعليم، العمل، والثقافة. هذه العناصر ليست مجرد قطاعات منفصلة، بل هي منظومة متكاملة تحدد مسار الأفراد وتؤثر في استقرار المجتمع وتقدّمه. فالدولة القوية ليست تلك التي تمتلك الموارد فقط، بل التي تنجح في استثمار العقول، وتوجيه الطاقات، وترسيخ الهوية الثقافية بما يتناسب مع تطورات العصر.

إن نجاح أي مشروع وطني لا يُقاس فقط بقدرته على توفير الخدمات الأساسية، بل بقدرته على تحقيق رؤية شاملة تستند إلى المعرفة والإنتاج والوعي. بدون هذه الركائز الثلاث، تصبح الدولة عرضة للتراجع الاقتصادي والاجتماعي والثقافي، مما يؤثر على استقرارها ومستقبلها.

أولًا: التعليم – حجر الأساس في بناء الدولة

لا يمكن لأي مشروع وطني أن ينجح دون نظام تعليمي حديث وفعّال، حيث يكون التعليم أكثر من مجرد نقل للمعرفة، بل أداة لصناعة العقول القادرة على التفكير النقدي، واتخاذ القرار، والمساهمة في تطوير المجتمع.

في جميع المجتمعات، هناك تحديات تواجه قطاع التعليم، منها:

1. قدرة النظام التعليمي على استيعاب جميع الفئات، وضمان عدم تهميش أي شريحة اجتماعية.

2. جودة المناهج التعليمية ومدى ارتباطها بسوق العمل والتطورات التكنولوجية.

3. توفير بيئة تعليمية تحفز الإبداع والتفكير المستقل، بدلاً من التعليم التلقيني.

عندما تُحرم شرائح من المجتمع من فرصة التعليم الجيد، فإنها تصبح أكثر عرضة لمخاطر اجتماعية مثل البطالة، والتطرف، والفقر، مما يهدد استقرار الدولة ككل. لهذا، فإن الاستثمار في التعليم ليس مجرد خيار، بل ضرورة استراتيجية لضمان بناء دولة قوية ومستقرة.

التعليم ليس مسؤولية الحكومة فقط، بل هو مشروع وطني مشترك، يساهم فيه المجتمع بأكمله. فمن غير المنطقي أن يكون التعليم مجرد مرحلة نمطية في حياة الأفراد، بل يجب أن يكون جسراً نحو الفرص والتنمية، بحيث يكون التعليم المستمر جزءاً من ثقافة المجتمع، وليس مجرد مرحلة تنتهي بالحصول على شهادة.

إلى جانب ذلك، يجب التركيز على دور المعلم، الذي لا ينبغي أن يكون مجرد ناقل للمعلومات، بل قائداً تربوياً يساهم في توجيه العقول وتنمية التفكير النقدي. ومن هنا تأتي أهمية تحسين أوضاع المعلمين، وتوفير التدريب المستمر لهم، حتى يكونوا قادرين على مواكبة التطورات العالمية في أساليب التعليم.

ثانياً: العمل – بناء اقتصاد منتج ومستدام.

العمل ليس مجرد وسيلة لكسب العيش، بل هو العنصر الأساسي في تحريك عجلة الاقتصاد وتعزيز الاستقرار الاجتماعي. غير أن التحدي الحقيقي لا يكمن فقط في توفير فرص العمل، بل في خلق بيئة عمل تحفّز الإنتاجية، وتعزز الابتكار، وتوفر الأمان الوظيفي للعاملين.

في المجتمعات الحديثة، لم يعد النجاح الاقتصادي قائماً فقط على الموارد الطبيعية أو القوى العاملة التقليدية، بل أصبح مرتبطاً بقطاعات مثل الاقتصاد المعرفي، والتكنولوجيا، وريادة الأعمال. إن بناء دولة قوية يتطلب رؤية اقتصادية واضحة، حيث يتم توجيه الطاقات نحو القطاعات الأكثر إنتاجية، مع التركيز على تطوير المهارات والكفاءات بما يتناسب مع سوق العمل المتغيّر.

ومن القضايا التي يجب معالجتها لتحقيق بيئة عمل منتجة ومستدامة:

1. القضاء على البطالة المقنّعة: حيث يكون هناك عدد كبير من الموظفين في وظائف لا تضيف قيمة حقيقية للاقتصاد.

2. تحقيق التوازن بين العرض والطلب في سوق العمل: من خلال توجيه الشباب نحو التخصصات المطلوبة بدلاً من تخريج أعداد كبيرة في مجالات لا تحتاجها السوق.

3. تعزيز ثقافة ريادة الأعمال والمشاريع الصغيرة: بحيث لا يكون الاعتماد فقط على الوظائف الحكومية أو التقليدية.

كما أن العمل ليس مجرد نشاط فردي، بل هو مسؤولية جماعية تحتاج إلى تخطيط استراتيجي طويل المدى، يراعي التغيرات العالمية، ويوفر بيئة عمل مستقرة تساعد على الابتكار والإبداع. فالعامل الذي يشعر بأنه مجرد ترس في آلة إنتاج لا يرى معنى لعمله، سيعاني من الإحباط، مما يؤثر على إنتاجيته واستقراره النفسي والمجتمعي.

لهذا، لا بد من تعزيز ثقافة العمل المنتج، بحيث لا يكون الهدف فقط هو “التوظيف” بل “التوظيف الفعّال”، الذي يساهم في رفع كفاءة الاقتصاد، وتحقيق النمو المستدام، وتحسين جودة الحياة.

ثالثًا: الثقافة – الوعي كأساس للدولة الحديثة

يقول المؤرخ كوردل هيل: “لكي تلغي شعباً، اجعله يتبنى ثقافة غير ثقافته، وابدأ بشل ذاكرته التاريخية.”

هذه المقولة تختصر الدور الحاسم للثقافة في بناء الدول، حيث لا يمكن تصور دولة قوية بدون هوية ثقافية واضحة، تعكس قيم المجتمع وتاريخه، وفي الوقت نفسه، تكون قادرة على التفاعل مع العصر الحديث.

الثقافة ليست مجرد فنون وآداب، بل هي الوعي الجماعي الذي يحدد كيفية تعامل المجتمع مع نفسه ومع العالم من حوله. وعندما تكون الثقافة مشوهة أو مفروضة من الخارج، يصبح من الصعب بناء دولة متماسكة.

التحدي الأكبر ليس في رفض الجديد أو الانغلاق على الماضي، بل في تحقيق توازن ذكي بين الحفاظ على الهوية والانفتاح على التطور. ففي عالم اليوم، تلعب وسائل الإعلام والتكنولوجيا دوراً كبيرًا في تشكيل الوعي، مما يجعل الاستثمار في الثقافة والتعليم الإعلامي أمراً ضرورياً لحماية المجتمع من التلاعب وصناعة وعي زائف.

هناك ثلاث أولويات يجب التركيز عليها في مجال الثقافة:

1. تعزيز الهوية الوطنية، عبر برامج تعليمية وإعلامية تعرّف الأجيال بتاريخها الحقيقي.

2. دعم الإنتاج الثقافي المحلي، من خلال تشجيع الفنون والأدب والفكر المستقل.

3. التصدي لحملات التغريب والتشويه الثقافي، من خلال الوعي النقدي والانفتاح المدروس.

إن بناء وعي حقيقي يعني إعداد جيل قادر على التمييز بين الحقائق والدعايات المضللة، ومحصّن ضد محاولات تفكيك مجتمعه فكرياً وثقافياً.

نحو مشروع وطني متكامل

إذا كان الهدف هو بناء دولة قوية ومستقرة، فلا يمكن النظر إلى التعليم، والعمل، والثقافة على أنها قضايا منفصلة، بل يجب التعامل معها كأعمدة متكاملة في أي مشروع وطني.

فـالتعليم يصنع العقول.

والعمل يحول الطاقات إلى إنتاج.

والثقافة ترسّخ الهوية وتوجّه الوعي.

الدولة ليست مجرد مؤسسات، بل هي مشروع جماعي يحتاج إلى مشاركة الجميع، كلٌّ في مجاله، لإيجاد حلول عملية تضمن التنمية والاستقرار.

لا يمكن انتظار الحلول الجاهزة، بل يجب طرح الأسئلة الصحيحة، لأن من لا يسأل عن المستقبل، لن يكون جزءاً منه.

المسلة – متابعة – وكالات

النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.

About Post Author زين

See author's posts

مقالات مشابهة

  • ثلاثية بناء الدولة: التعليم، العمل، والثقافة
  • «الشباب العربي» يعقد ملتقاه السنوي لشركائه الاستراتيجيين
  • مسلسل النص الحلقة 13.. أحمد أمين يعقد صفقة مع الإنجليز
  • رئيس جامعة المنوفية يعقد اجتماع مجلس الدراسات العليا الشهري "أون لاين"
  • محافظ أسوان يتفقد منظومة العمل بالمركز التكنولوجي لمدينة دراو.. صور
  • محافظ أسوان يتفقد منظومة العمل بالمركز التكنولوجى لمدينة دراو
  • سيف بن زايد: أشكر جهود الأخ عبدالله آل حامد في بناء منظومة إعلامية ابتكارية
  • معهد التخطيط القومي ودراسات الشرق الأوسط يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة في البحث العلمي
  • محافظ بني سويف يتفقد سير منظومة العمل في ملف التصالح
  • التعليم العالي: البحث العلمي شريك أساسي في تحقيق التنمية الصناعية المستدامة