يتدحرج ملف مكتومي القيد في لبنان في آتون الإهمال اللبناني مع ارتفاع أعداد الأجانب الذين يتواجدون على أراضي البلاد، إذ كان الأمر يقتصر على اللبنانيين والفلسطينيين، ليمتد عام 2011 إبان اندلاع الحرب السورية ويشمل أيضا السوريين، الذين باتوا يولدون في لبنان من دون الحصول على أوراق رسمية لهم. ليس عن عبث ارتفعت هذه الأرقام، فمخطئ تمامًا من يظن أن السوريين ولأسباب مستحيلة لم يتمكنوا تسجيل أولادهم، إذ إن هذه العملية منظمةٌ، لا وبل متقنة، وقد شكّلت بمكان ما "بزنس" خاص، استطاعت جهات محددة الإستفادة منه، كالمخاتير مثلاً، الذين حولوا مكاتبهم لمكاتب خاصة بمكتومي القيد، مستفيدين من تسليمهم الأوراق التي تضاعفت أسعارها حسب بورصتهم الخاصة.

وحسب الأرقام الحالية، يوجد ما يقارب 90 ألف شخص من مكتومي القيد في لبنان، فهم الذين لا يتمتعون بالحقوق السياسية والاجتماعية، لا يحق لهم الانتخاب أو التعلم، ولا يحصلون على أي حق من الحقوق التي نص او اعترف بها الدستور اللبناني. هؤلاء يستذكرون أسلافهم منذ 92 عامًا، تاريخ آخر إحصاء رسمي قامت به الدولة اللبنانية، فآنذاك تقول الروايات أن أجدادهم تعمدوا إخفاء نفسهم خوفًا من التسجيل الرسمي وما قد يترتب عليهم من موجبات، والقسم الاخر أهمل أهله تسجيله عند ولادته. ويوعز البعض السبب الأكبر إلى الحرب، عندما تزوجت لبنانيات من أزواج غير لبنانيين وأنجبن منهم الأولاد، ومع انتهاء الحرب لم يرضوا بتسجيلهم وافترقوا عنهن وبقين لوحدهن مع الأولاد. هذه هي حالة أحمد تمامًا، الرجل الستينيّ الذي يسكن في ضواحي بيروت الفقيرة. يقول أحمد لـ"لبنان24" أنّ والدته كانت قد تزوجت من جندي فرنسيّ، إلا أنّ الأخير ظلّ يؤجّل عملية التسجيل إلى أن عاد إلى فرنسا، ليترك أحمد لمصيره، من دون أي أوراق رسمية. حاولت والدته القيام بالعديد من الأمور بغية تسجيله، إلا أن القانون لم يقف إلى جانبها. يشير أحمد خلال كلامه إلى المصائب التي يعاني منها، لم يستطع الدخول إلى المدرسة، ولا شراء أي منزل، أو الحصول على قرض.. كل شيء أُغلق أمامه، لا بل يبدي ندمًا كبيرًا بعدما تزوّج، وورّث ابنته مريم وابنه رامي هذه المصيبة، إذ إنّهما لم يستطيعا الدخول إلى المدارس، وهم بمثابة "نكرة" على الأراضي اللبنانية حسب تعبيره، علمًا أن مريم تعاني من مرض يستدعي أخذها للدواء بشكل دوري، وهذا ما منعها من زيارة الطبيب لأنها غير موجودة قانونًيا، حيث لم تستقبلها أي مستشفى في لبنان، وتعيش اليوم على مساعدات أهل الخير الذين تكفلوا بها. الأمر هو نفسه بالنسبة للفلسطينيين الذين تهجروا إلى لبنان إبان النكبة، واستقروا من دون أي أوراق رسمية إلى أن دخلت الأونروا. إلا أن أرقامًا خاصة حصل عليها "لبنان24" تشير إلى تواجد حوالي 3000 فلسطيني لم يلتزموا بإجراءات الأونروا، وهذا ما جعلهم غير مشمولين بملفاتها أو بملفات الدولة اللبنانية. وحسب مصادر خاصة أكّدت لـ"لبنان24" أن عملية تسجيل المولود الفلسطينيّ الذي يبلغ أكثر من عام معقدة، حيث تحتاج لتحقيق من قبل الاونروا، وفي بعض الحالات تستدعي تدخلا من الأمن العام، وفي حال كان هناك أي شك بالمعلومات يتم طلب فحص "DNA"، ليستغرق الطلب وقتا طويلا والذي قد يصل في بعض الأحيان إلى أكثر من عام. ويؤكّد المصدر أن الفلسطينيين الذين نزحوا إبان النكبة لا يزالون إلى حدّ اليوم يواجهون معضلة التسجيل، فمنهم من تزوج، إلا أن نساءهم لا يزلن مسجلات بقيود عائلاتهن، حيث يعتبرن عازبات. وتكمن المشكلة بعدم قدرة هؤلاء على الوصول إلى وزارة الخارجية الفلسطينية، التي يعود لها الحق الحصري بإصدار الوثائق الخاصة بهم. ويشير المصدر لـ"لبنان24" إلى أنّ السفارة الفلسطينية وبعد عدم قدرتها على تلبية مطالب مكتومي القيد في لبنان، اضطرت إلى تأمين بطاقات هوية لهم، بعد أن عمد بعضهم إلى شراء بطاقات مزوّرة. بزنس مربح
الوجه الآخر من قضية "مكتومي القيد" يتلخص بالبزنس، وهذا ما اتجه إليه بعض مخاتير البلدات اللبنانية، ضاربين القوانين بعرض الحائط. فعمليًا لا يحق للمختار أن يعطي صفة "مكتوم قيد" لأي كان، أو يعطيه أي حق من الحقوق، إذ إن هذه المهمة بمجملها تقع على عاتق الأمن العام، إلا أن البعض استغل الأمر ومرّر أوراقا ومستندات غير قانونية للسوريين بشكل خاص، وكانت تعتبر كأوراق إثبات مكان الإقامة وكأنّهم قد تسجلوا قانونًيا. والحدث الأكبر هو تعمّد هؤلاء دخول المخافر لأجل تسطير ضبطٍ بحقهم مما يساعد على قيدهم، إذ إن القانون يستدعي إثبات أن الشخص يعيش في لبنان، ولمجرد تسطير ضبط بحقه يكون قد وصل إلى هدفه وهو إثبات تواجده على الأراضي اللبنانية. وهذا ما قد يعطيهم فرصة مستقبلية للحصول على الجنسية اللبنانية على غرار أسلافهم من مكتومي القيد الذين حصلوا على الجنسية بقرار من رؤساء الجمهورية.   المصدر: خاص لبنان24

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: وهذا ما إلا أن

إقرأ أيضاً:

وصلت إلى 7500 جنيه و5 آلاف اشتراك بمعهد ‏المحاماة.. استياء بين شباب خريجي الحقوق بسبب ‏رسوم القيد بنقابة المحامين

سادت حالة من الاستياء بين خريجي كليات الحقوق والشريعة والقانون الراغبين فى الانضمام لنقابة المحامين، بعدما رفع قيمة الاشتراك بالنقابة لتصل إلى 7500 جنيه إلى جانب 5 آلاف جنيه اشتراك بمعهد المحاماة، ووصف البعض منهم أن النقابة تريد انضمام الأغنياء فقط لعضويتها، وأنها بذلك تكون أغنى نقابة في مصر.

وتشمل رسوم القيد بقيمتها الجديدة 1500 جنيه رسم سحب ملف الاشتراك، و4آلاف قيمة رسوم قيد فعلية، و5 آلاف رسوم اشتراك بمعهد المحاماة لا بد من دفعها، والتوقيع على إقرار بحضور محاضرات المعهد، إلى جانب 500 جنيه كشف طبى، و200 جنيه دمغات، وحوالى 1000 جنيه قيمة استخراج شهادة تحركات من الجوازات وفيش وتشبيه وأوراق أخرى مطلوبة.

ويتخرج في كليات الحقوق والشريعة والقانون آلاف الخريجين سنويًا الأغلبية العظمى منهم تتجه للعمل بالمحاماة، وحتى وأن من لا يعمل بالمهنة الجميع يرغب في الانضمام للنقابة من أجل المزايا والتغطية التي تقدمها النقابة لأبنائها ولكن ارتفاع الرسوم الذى يحدث لأول مرة منذ سنوات وجد حالة إحباط بين شباب الخريجين.

وقال كريم كامل خريج كلية الحقوق جامعة حلوان المفروض أننا فى بداية الطريق وتخرجنا في كليتنا واتجهنا لسوق العمل الخاص بنا.. فكيف يكون الانضمام إلى النقابة بكل هذه التكلفة ونحن فى بداية الطريق؟

هل أصبحت النقابة للأغنياء لأنه لا يخفى على أحد أننا ما زلنا نمثل عبئًا على أسرنا حتى نستطيع العمل والإنفاق على أنفسنا، فأي اسرة يمكنها تدبير أكثر من 13 ألف جنيه لابن واحد فقط ليحصل على كارنيه مزاولة مهنته ويستطيع بداية مشواره؟

ويضيف إيهاب ياسر: منذ سنوات قليلة والدفعات السابقة لنا كان الاشتراك بالمعهد، ورسوم القيد لا تتعدى 6 آلاف جنيه فكيف يتم رفع كل هذه القيمة مرة واحدة، حتى وإن كانت النقابة تقدم خدمات فهي مثل أى نقابة كالصحفيين والمهندسين، وحتى الأطباء رسومها لا تتعدى 8 آلاف جنيه وأقل، لا بد من مراجعة القرار خاصة رفع رسوم معهد المحاماة، والتي هي عبارة عن محاضرات يحضرها المحامي بالنقابات الفرعية.. لماذا ترتفع تكلفتها لهذا الحد؟

وتعلق مريم سلامة خريجة حقوق حلوان دفعة 2023 رفع رسوم القيد هذا العام بالنقابة ليست في متناول الكل حتى وإن كان المبلغ طبيعيًّا للبعض، ولكن الأغلبية منا تجد مشقة في جمعه خاصة وهناك أوراق يتم استخراجها وتقدم مع الملف والمقابلة الشخصية التي تلزمنا بزى رسمي كلها أمور جانبية مكلفة غير الرسوم المدفوعة، واتجهت للعمل من أجل استكمال مبلغ القيد وجمعه، والمفروض أن النقابة تكون من أول الجهات التى تساعد شبابها للانضمام إليها.

وسألنا بعض أعضاء المجلس رد علينا بأن كل رسوم جديدة من أجل الارتقاء بالخدمات المقدمة، ولتقديم تغطية علاجية كبيرة، ومن الممكن الحصول على كل هذه الخدمات من المحامين العاملين بالمهنة بالفعل فهم المقدم لهم الخدمة فعليًا، ولديهم دخل للأنفاق على مشروع العلاج، وخدمات النقابة.

وأكد حامد على موظف بالإدارة المالية بالنقابة أن النظام الجديد للقيد بالنقابة رفع الرسوم من أجل صالح المحامين وتقديم خدمات مميزة خاصة بعد إنشاء نوادٍ للمحامين على أعلى مستوى بالعديد محافظات الجمهورية، كما أنه تم تقسيم المشتركين حديثًا لفئات عمرية فالعضو تحت سن 30 عامًا يدفع قيمة الاشتراك 7335 غير اشتراك معهد المحاماة، أما لو كان بين 30 إلى 35 عامًا فالاشتراك 9195 جنيهًا فى حين أن تحت سن الخمسين يدفع 13935 جنيهًا، وكلما زاد السن ارتفعت القيمة وهذا معمول به فى كافة النقابات كما أن النقابة قامت بعمل إجراءات جديدة كالكشف الطبي والمقابلة الشخصية وكلها لصالح شباب المحامين وللارتقاء بالمهنة.

مقالات مشابهة

  • يونيفيل تطالب بانسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية
  • ‏وكالة الأنباء اللبنانية: آليات إسرائيلية تتقدم عبر وادي الحجير في جنوب لبنان وتقوم بعمليات تمشيط بالأسلحة الرشاشة
  • ‏اليونيفيل تحثّ الجيش الإسرائيلي على الانسحاب في الوقت المحدد ونشر القوات المسلحة اللبنانية في جنوب لبنان والتنفيذ الكامل للقرار 1701
  • الساحة اللبنانية… ثوابت تحدّد شكل المرحلة المقبلة
  • تطور الحالتين اللبنانية والسورية وانعكاساتها على حرب الإبادة بغزة
  • حالة ذعر في طرابلس.. سقوط مبنى ومواطنون عالقون تحت الأنقاض (فيديو)
  • وصلت إلى 7500 جنيه و5 آلاف اشتراك بمعهد ‏المحاماة.. استياء بين شباب خريجي الحقوق بسبب ‏رسوم القيد بنقابة المحامين
  • أزمة الطوابع: التحوّل الرقمي هو الحلّ.. والإدارة الحكيمة الاساس
  • خروقات متواصلة.. الاحتلال يواصل أعمال التفجير والنسف في القرى الجنوبية اللبنانية
  • مواقف الشرع لمستقبل العلاقات اللبنانية السورية قد تمهد لصفحة جديدة