الثورة نت:
2024-07-02@01:08:23 GMT

التفاعل مع المستوى الحضاري

تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT

الدين فطرة الله، فطر الناس عليها، فالإنسان يحتاج إلى قوة خفية تحدث له توازنا وجوديا في الحياة، ولذلك نجد في الكرة الأرضية التي نعيش فيها – مع الانفجار المعرفي وذوبان الثقافات في بوتقة التقنيات التي جعلت من العالم قرية صغيرة – شعوبا تدين وتخضع لقوى خفية متعددة، وتمارس طقوسا وعادات تعتقد فيها، نحن نراها على غير اتساق مع الفطرة وهم يرونها عين الصواب، فقد وصلتهم عبر أجيال وأجيال وتاريخ بعض المعتقدات ممتد عميقا في تاريخ بعض الشعوب والبعض مستحدث.


في تاريخ الشعوب والأمم تحولت الظواهر إلى معتقدات وكانت سببا مباشرا في تمزيق الأمم إلى كيانات وطوائف، وحين يشتد عود أي طائفة تمارس طغيانا واستبدادا هي نفسها كانت تنكره قبل أن يشتد العود ويستقيم الأود، ولذلك نرى أن ما كنا ننكره يفترض أن يكون منكرا، فلا نأتي خلقا نحن لم نكن نقره في الظروف التي تتشابه مع ظروفنا .
كل الديانات السماوية بما فيها الإسلام، ابتعدت كل البعد عن فرض نفسها على البشر، ولعل الإسلام كان واضحا وضوحا لا مراء ولا جدال فيه بقطعية دلالة النصوص في موضوع الدين كطريق وكمنهج فهو يقول بحرية المعتقد، وحدد الرسالة في البلاغ المبين وبالجدال الحسن لبلوغ الحجة، وحصر علاقة الفرد بمجتمعه بالبلاغ وتنمية الذات فهو يقول : “لا يضركم من ظل إذا اهتديتم “، ولا يطلب من معتنقيه هلاك أنفسهم في موضوع الآثار والممارسات والعادات والتقاليد، بل قال “وجادلهم بالتي هي أحسن” تحقيقا لفكرة السلام الاجتماعي والوحدة الوطنية حتى لا تصاب بالتشظي فتصبح الحياة جحيما وعداوات وحروباً وتربصاً.
ونجد اليوم أنفسنا في محك هذه التجارب من خلال حالات الانفعال التي تتجاوز أطرها التي حددها القرآن في نصوصه قطعية الدلالة التي أجمع عليها الفقهاء من مختلف المذاهب والمفسرون وعلماء اللغة، لسنا نشازا في كون يمتاز بالتعدد وبتعدد المستويات الحضارية، ولسنا تاريخا لا يمكنه التفاعل مع عصره، كما أن الإسلام ليس جامدا حتى يترك الحضارة المعاصرة ليعود أدراجه إلى القرن الأول للهجرة، بل الإسلام حالة ديناميكية متحركة، بدأت هذه الحركة من زمن حروب الردة، ثم توالت في زمن التحديث للدولة وتشكيل ملامحها بالدواوين، ورأينا حالات الانتقال التشريعي من طور إلى طور بعد الوقوف على تطور المجتمع، فقد ألغيت تشريعات كانت تعد من الثوابت واستبدلت بغيرها وبما يتسق مع ظروف المراحل، فحين وقعت مجاعة في ديار المسلمين تم تعطيل الحدود، وحين تطورت الدولة وتحسنت أحوال المجتمع الاقتصادية ألغت الدولة الإسلامية في صدر الإسلام نصيب المؤلفة قلوبهم، وقد رأى بعض علماء التفسير وعلماء الفقه الإسلامي أن الناسخ والمنسوخ في القرآن يحمل دلالة تغير الأحكام طبقاً لمتغيرات الزمان، وقالوا: طالما كان الواقع متغيراً فالفكر يتغير بتغيره، وقالوا إن الأحكام مرتبطة بالمكان والزمان، أي بالمتغيرات ولا يضير ذلك الثوابت في شيء .
إذن نحن مطالبون اليوم بالتعامل مع الأشياء، ليس وفق ثقافات العولمة، بل وفق ثقافتنا الإسلامية، فنحن نملك القدرات الإبداعية والابتكارية في التفاعل مع المظاهر الحضارية المعاصرة، بما يتسق وثقافتنا وقيمنا ومعتقداتنا، وبدلا، أن نترك الحبل على الغارب، نحاول تقديم المحتوى الذي يعبر عن ثقافتنا وعن هويتنا، أما فكرة الإلغاء والعودة إلى فكرة سيد قطب في التعامل مع الجاهلية المعاصرة بنفس التعامل مع الجاهلية الأولى، فذلك تيه درنا حول رحاه نصف قرن من الزمان أو يزيد ولم نلق منه إلا توحشا ودمارا ودماء تراق كل يوم، وها نحن نرى الإخوان اليوم الذين كانوا يرون الغناء خدشا للدين وحراما ويريقون دم أربابه، يتفاعلون معه اليوم، كأن لم يقل أحد منهم يوما بعدم جوازه ولم يرق دم أحد من أرباب صنعته، بل كادت قنواتهم أن تبثه في أوقات الصلاة دون أن ينكر ذلك من كان يقول بتحريمه بالأمس القريب .
نحن اليوم أمام قضايا شائكة ومعقدة تواجه المجتمع، وسبق لنا بيانها والتطرق إليها، لذلك وقعنا في عمق الأزمات المعقدة، ولم نستطع حل قضايا حقيقية ومعقدة ومتكاملة ومرتبطة ببعضها، مثل فكرة الاستقلال، وفكرة تطوير المجتمع، وتحديث قانون حركة التغيير في الطبيعة والمجتمع.
ولذلك نقول أنه لا يجوز تحليل الوعي المجتمعي، من خلال مواقع طبقية أو إيديولوجية واحدة، لأنه سيكوّن قراءة منحازة، فنحن نخطئ إذا استنتجنا أن الأفكار التي تحرك الفرد موجودة في الفرد وحده، فالتفكير يقوم به الناس في جماعات معينة، وضمن سياقات كانت قد طورتها لنفسها كأسلوب خاص في التفكير، وهو ما يمكن اعتباره تشكلًا لـ “هوية ثقافية”، وبعض المفكرين يرى أن الناس يعيشون في جماعات لا يمسون فيها كأفراد منفصلين، بل يتصرفون مع أو ضد بعضهم، ضمن جماعات متنوعة التنظيم

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

أول تعليق لسباليتي بعد سقوط إيطاليا أمام سويسرا في ثمن نهائي "يورو 2024"

وجد المدرب لوتشانو سباليتي نفسه في وضع صعب لدرجة أنه لم يكن حاسما بشأن مستقبله مع منتخب إيطاليا، وذلك بعد خسارة "الأتزوري" أمام سويسرا 0-2 أمس السبت في ثمن نهائي "يورو 2024".

وقدم "الأتزوري" مباراة سيئة بكافة المعايير ضد منتخب سويسري استحق عن جدارة بلوغ ربع النهائي للمرة الثانية تواليا بعدما سيطر منذ الثانية الأولى، وسط عجز رجال سباليتي الذين كانوا غير قادرين لفترات طويلة عن تجاوز منتصف الملعب.

إقرأ المزيد سويسرا تجرد إيطاليا من لقبها وتبلغ ربع نهائي "يورو 2024" (فيديو)

واعتبر سباليتي بعد اللقاء أن "الوتيرة كانت متدنية خلال المباراة وإذا كنت غير قادر على الاستحواذ على الكرة، فالمستوى يهبط. عانينا من بعض الأفراد الذين كانت سرعتهم (في التحرك والانطلاق) متدنية على غير عادة".

وتابع في حديث لتلفزيون "راي" الإيطالي "بهذه الوتيرة، يصبح من الصعب الحديث عن أي شيء آخر".

وأجرى سباليتي ستة تغييرات في التشكيلة مقارنة بالمباراة ضد كرواتيا التي خطف فيها منتخبه نقطة التعادل 1-1 في الوقت القاتل ما سمح له ببلوغ ثمن النهائي.

وبرر ذلك بالقول "قمت بالتغيير اليوم (أمس) بهدف إشراك لاعبين غير مرهقين"، مقرا "لكن المستوى كان أدنى من مستوى المنافس"، مضيفا "من الصعب الحديث عن خطة المباراة عندما تلعب بهذا المستوى".

واعتبر أن "هذه التجربة، هذا الإقصاء، يمنحانا مؤشرات عن الأشياء التي نحتاج بالتأكيد إلى تغييرها. علينا أن نتحرك بشكل أسرع لأن هذا ما يصنع الفارق في المساحات التي يجب أن تغطيها".

ولدى سؤاله عما إذا كان سيناقش مستقبله مع رئيس الاتحاد الإيطالي غابرييلي غرافينا الذي كان حاضرا في المدرجات أمس السبت، أجاب سباليتي "المسؤولية تقع دائما على المدرب لأنني من يتخذ القرارات. لطالما تصرف غرافينا بشكل جيد معي.. سنتحدث وسنرى ما سنقوله لبعضنا البعض. جميع المدربين مسؤولون عن النتائج التي تسجل في الملعب".

وكرر سباليتي الذي تسلم مهمة الإشراف على المنتخب الإيطالي في سبتمبر 2023 بعد القرار المفاجئ لروبرتو مانشيني بترك منصبه: "أتحمل مسؤولية ما حصل. أنا من اختار الفريق".

المصدر: وكالات

مقالات مشابهة

  • حماس فكرة أم حقيقة صلبة على الأرض؟
  • حب الدنيا وكراهية الموت.. استمرار العون من الله
  • قراءة إناسية في نشأة الدولة الإسلامية الأولى
  • الجامع الأزهر يناقش الإسلام وحقوق الجار.. غدًا
  • التنسيق الحضاري يدرج اسم الفنانة مريم فخر الدين ضمن مشروع «عاش هنا»
  • نقابة تندد بفشل الحكومة في "تدبير أزمة الغلاء" بمناسبة عيد الأضحى
  • بتكلفة 27 مليون جنيه.. الانتهاء من أعمال التطوير الشاملة لشارع ستالينجراد في بورسعيد
  • صراع الأفكار
  • أول تعليق لسباليتي بعد سقوط إيطاليا أمام سويسرا في ثمن نهائي "يورو 2024"
  • إزالة فورية لـ 170حالة إشغال بالمنوفية