في المحاضرة الرمضانية التاسعة لشهر رمضان 1445 هـ أكد السيد القائد على أن قصة خلق الله الأرض وخلق سيدنا آدم عليه السلام ، كان في تدبير الله سبحانه وتعالى تهيئة الأرض للإنسان وجعل فيها معايشه كلها، وبث فيها من كل دابة، والنباتات المتنوعة ذات المنفعة الكبيرة للإنسان من جميع النواحي ، وبارك فيها وقدر فيها أقواتها، وجعلها مهدا في كل متطلباته، وجعلها ذلولا للإنسان، وبركات وخيرات متنوعه ونافعه للإنسان، وفيما يتعلق بما هو قبل بداية خلق الإنسان وبما هيأه الله للإنسان، كان الله قد أخبر الملائكة بزمن انه سبحانه سوف يخلق هذا الإنسان، وعرفت الملائكة أن الإنسان سوف يسفك الدماء ويفسد في الأرض، ولأن للملائكة أدوارا كبيرة في حياة البشر في التدبير الإلهي، فكان اندهاش الملائكة وهذا ليس اعتراضا منهم، بل كبر عليهم وشق عليهم أن يكون هناك مخلوق يقوم بالإفساد في الأرض ويسفك الدماء، ولذلك عرضوا أن يكون لهم الاستخلاف في الأرض، ومفهوم العبادة بالنسبة للملائكة هو التسبيح والتقدير والتمجيد والتعظيم لله سبحانه وتعالى.

.
برحمة الله وبحكمته وفضله اقنع الله الملائكة في اطار الهداية لهم وهو درس عظيم، وقد خلق أدم عليه السلام من طينة الأرض ونفخ فيها من روحه، والله سبحانه حلق منه حواء ومنهما توال خلق البشر، والإنسان من بداية خلقه هو باستخلافه بالأرض، وهذا ليس انتقاصا للإنسان أو نفيا له، كما تقول بعض الروايات المغلوطة ، وانعم عليه نعم الأرض، وأنعم عليه في خلقه وتركيبه وجماله ومنحه الله طاقات وقدرات تتناسب معه ومع دوره ومهمته في الأرض، وبعد ذلك علم الله آدم الأسماء كلها، تعريف لما يحتاج لمعرفته في باستخلافه في الأرض، وعرض الله سبحانه تلك الأسماء على الملائكة، فقال «سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا» وادركوا على الفور بجهلهم، فاعترفوا انه لم يكن ينبغي لهم أن يتساءلوا، وعرفوا أن الإنسان هو الأنسب للقيام بهذا الدور، والدور يعود إلى أن يتذكر المخلوق المبدأ الذي يؤمن به وهو أن الله هو العليم الحكيم، فلما أخبرهم آدم بالأسماء فاعترفوا بكفاءة البشر بالقيام بهذه المهمة، وكانت هذه المعالجة الارتقاء بدايتهم، تذكروا واستحضروا حكمة الله وعلمه باستخلافه آدم على الأرض..
أمر الله سبحانه وتعالى الملائكة بالسجود لآدم، عبادة وخضوعا وتسليما وطاعة لله وتكريما لادم عليه السلام، وبدون تردد وتساؤلات سجدوا ، وهناك كان موقف مخالف وهو موقف إبليس، الذي كان من الجن، وكان قد أرتقى إلى جانب الملائكة، وقصة عصيان إبليس هذه فيها دروس كبيرة، امتناع إبليس من السجود وكان في دافعه التكبر وكان ممارسه التكبر والعياذ بالله، وقد أساء لله وكفر بالله، وبعقدة تلك التي احتقرت سيدنا آدم واتهام لله في حكمته وعلمه، ولهذا كانت معصية إبليس معصية شنيعة جدا، ثم بدأت بداية عملية الاستخلاف لادم عليه السلام في الأرض، واسكنه الله وزوجته حواء في الجنة، وهذه من حكمة الله وعلمه أن تكون البداية في جنة وهي ليست جنة الآخرة، وبهذا أراد الله لآدم وحواء أن لا يباشرا العناء في هذه الحياة، ومنعهما من الاقتراب من شجرة، ولا يأكلا منها وهذا تمرير لهما للالتزام بالمسئولية، وهذا كان اختبارا لهما، رغم سعة تلك الجنة، وحذرهما الله من الشيطان وانه يسعى لطردهما من الجنة، كون الشيطان الذي حمل العداء والحقد الشديد على آدم وحواء وذريتهما وركز على تلك الشجرة..
حاول الشيطان تقديم تصور خاطئ لادم وحواء، وهو أن تلك الشجرة هي سر الخلود وسر الترقي ليكونا ملكين، وهذا يكشف لنا كيف يدخل الشيطان للإنسان للتأثير على الإنسان، فالنسيان وفقدان العزم والتصور الخاطئ اقدم آدم وحواء للأكل من الشجرة، وكأن هنا العصيان هو النسيان والرغبة مؤثرات التصور الخاطئ، بعكس عصيان إبليس الذي أساء لحكمة وعلم الله، وكانت هذه أول عملية إغراء للإنسان عن طريق الحق بأسلوب الخداع، ومن يعمل هذا الخداع فهو عمل شيطاني، أمر الله أن ينزل الجميع على الأرض، وبما أن الوجود على الأرض وجود مؤقت ينتهي بالموت ويوم القيامة، وبعد ذلك ندم حواء على هذه المعصية ولجأ آدم عليه السلام إلى الله، وعلمه الكلمات، فتاب عليه، واجتباه واصطفاه، ثم أتي أمر الهبوط في الأرض يواجه آدم وحواء الشقاء والعسر والشدة، وهنا يتحدد مصير الإنسان وألجان أيضا مصيرهم مرتبط من موقفهم تجاه هدى الله مع كتبه ورسله وأنبيائه ومن يسير في هداهم، وهنا نجد أن هناك درسا مهما جدا لآدم في بقية حياته، تعامل فيما بعده بحذر شديد من الشيطان..

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

بعيداً عن السياسة

بعيداً عن السياسة التي باتت تفرق أكثر مما تجمع وعلي المستوي الشخصي اعبر عن اسمي ايات التقدير لشعب مصر الذي وجدناه في محنتنا يقف معنا قلبا وقالبا فجزاه الله سبحانه وتعالى كل خير

لا أود ولا اطيق خاصة في هذه الأيام التي نحن فيها في أضعف حالاتنا وقد تركنا وطنا عزيزا كريما مضيافا تمزق اربا اربا ووصل بنا الحال أن نري موتانا الاعزاء في قارعة الطريق تمزقهم الكلاب الضالة وقد بلغ منا العجز أن نسترهم بما يليق بحرمة الميت !!..
لا أود ولا اطيق أن اسمع أصواتا نشازا بدأت تبث احاديثا سالبة وقدحا في غير محله ضد اخوتنا الاعزاء الكرام في مصر المحروسة ، مصر العروبة ، ام الدنيا هذا البلد الذي منذ أن عرفناه داره مفتوحة وابوابه مشرعة لكل من تقطعت بهم السبل من أبناء الأمة العربية يدخلونها بسلام وامان ويجدون الاذرع ممدودة لهم تحتضنهم بكل مودة واحترام من غير تكلف أو من أو اذي وهذه شيمة عرفت فيهم منذ أقدم العصور !!..
مصر أصبحت تمثل الأمة العربية بكل شعوبها وأفراد هذه الشعوب صاروا يدا واحدة في بوتقة رائعة حملتهم جميعا دون أن يضيق صدرها وكان التلاقح والتلاحم والتصاهر والقلب الطاهر والثغر الباسم والألفةالصادقة البيضاء هذا غير خفة الروح والنكتة الحاضرة الذكية !!..
من غير أهل مصر تتزاحم أمام معابره الملايين وقد جاءوا في عجلة من أمرهم يطاردهم الخوف وهم في حالة يرثي لها فتفتح لهم الابواب وتصبر السلطات الأمنية علي تزاحمهم ومنهم من قدم من غير استعداد ولازاد ولا ملابس وغيارات إلا التي عليهم وكان الهلال الأحمر وبقية المنظمات تقدم الطعام والشراب والدواء ومن احتاج الي إسعاف أو إدخال الي مشفي فقد قدموا له الواجب وزيادة !!..
مصر والسودان بلد واحد ومن ينكر ذلك فهو مكابر وهي الأخ الشقيق الأكبر وكل الذين طلبوا العلم من زمان شدوا الرحال للازهر الشريف منذ رواق السنارية ونهلوا من جامعة القاهرة الام ومن بعدها بقية الجامعات ودرس كبار الأطباء بها وخرجت القاهرة لنا الافذاء في القانون والعلوم والآداب والفنون !!..
كنا نقرأ مطبوعاتهم بشغف وشوق ونعرف فطاحلتهم فردا فردا وجذبتنا إذاعة القاهرة وصوت العرب ومجمع اللغة العربية وطه حسين والعقاد ويحيي حقي والابنودي وحتي السينما كنا نفرد للفيلم العربي مساحة مقدرة من ليالي ترفيهنا لنشاهد السهل الممتنع عند زكي رستم ، وهذا الممثل الفلتة الذي جسد شخصية البوسطجي وثرثرة علي النيل والثلاثية ومن غيره أنه عماد حمدي الذي سلم الراية للاسطورة محمود يسن الذين اشاعوا فينا البهجة بالافلام الراقية الهادفة والمسرحيات المصرية والعالمية وقد وصلت السيدة سميحة ايوب بالمسرح المصري ووضعته في عتبة واحدة مع مسرح ابسن ذلك النرويجي الذي نافس البريطانيين في لغتهم ومسرحهم وفن أدائهم علي الخشبة !!..
وحتي في مجال كرة القدم برز لنا عمالقة فيها أعطتهم مصر من الصقل والتدريب حتي صاروا أرقاما صعبة ومنهم عمر النور ، سمير محمد علي ، وغيرهم من الذين وضعوا بصماتهم في النجيل الاخضر هنالك خاصة قرن شطة الذي اوصلوه ليكون قياديا في الاتحاد الافريقي لكرة القدم وقد درس عندهم الجامعة وصار مهندسا إلكترونيا يشار إليه بالبنان وصارت له شركات في هذا المجال العصري الهام .
ودرس عندهم مطربنا المهذب صاحب الأداء التمثيلي الذي برع في الأناشيد الوطنية سيد خليفة ومنهم وصل العالم صوت المامبو السوداني ونشيد ازيكم كيفنكم أنا لي زمن ماشفتكم وقد استمعت في السعودية لنشيد ازيكم من مطرب تايلندي أوصلني حد الدهشة والإعجاب المنقطع النظير !!..
ياحليل جامعة القاهرة فرع الخرطوم وذكراها مازالت باقية وماقدمته لأبناء السودان سيظل ذكري تدق في عالم النسيان ولن ينسي الطلاب الاب المربي طلبة عويضة وهذا الاستاذ صبحي المختص في علم الاجتماع الذي افتخر بأن اول رسالة ماجستير في مادته التي يدرسها منحها للطالبة آنذاك خديجة صفوت وهي الآن بروفيسور بالجامعات الأمريكية يشار لها بالبنان !!..
قال البروف صبحي أنه بكي في حياته مرتين يوم ماتت والدته ويوم نقل من جامعة القاهرة فرع الخرطوم الي بلاده .
هذه هي مصر وصلناها بعد أن أخرجنا من ديارنا التي أحببناها بكل ذرة من كياننا ورغم الالم والضيق فقد وجدنا الشعب المصري قمة في الترحيب حيثما اتجهنا ولأنهم شعب متدين بالفطرة كانوا يدعون لنا بأن يقيل الله سبحانه وتعالى عسرتنا وان يفرج كربنا وان يعيدنا الي اهلنا سالمين غانمين سعيدين فرحين مسرورين وكنت أكثر سعادة وانا استمع في كل جمعة الي أمام المركز الإسلامي الذي اصلي فيه وهو يرفع يديه بالدعاء الي الله سبحانه وتعالى أن يخفف عن أهل السودان ويرفع عنهم هذا البلاء الذي جثم علي صدورهم وكذلك كانوا يدعو لأهل غزة بأن يزيل الله سبحانه وتعالى كربتهم وان يسدد رميهم وان ينصرهم علي أعدائهم اليهود الملاعين والصهاينة المجرمين.
التحية لمصر المحروسة ولن ننسي جميلهم الذي طوقوا به أعناقنا ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يحفظهم ويجعلهم ذخرا للأمة العربية كما عودونا بكل ما تحمل نفوسهم الطيبة من حب للخير وتقديم العون والمساعدة في أوقات الشدة .

حمد النيل فضل المولي عبد الرحمن قرشي .
معلم مخضرم.

ghamedalneil@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • بعيداً عن السياسة
  • مفتي الجمهورية لـ «الأسبوع»: من حق المرأة تولي منصب الإفتاء إذا توافرت فيها هذه الشروط (حوار)
  • السيد القائد: المعركة في البحر الأحمر أثبتت أن حاملات الطائرات الأمريكية نظام قديم عفا عليه الزمن
  • فريضة النهوض الاقتصادي وارتباطها بمبدأ الموالاة والمعاداة
  • السيد القائد حول أزمة الحجاج: السعودي يسيء لنفسه بتعنته ويفضح نفسه وعواقبه السيئة عليه
  • من وعي كلمة السيد القائد حول آخر المستجدات 4 يوليو 2024م
  • استهداف 162 سفينة إسناداً لغزة.. السيد القائد يدعو الشعب للخروج المليوني غداً في العاصمة والمحافظات
  • السيد القائد: استهداف 162 سفينة مرتبطة بالعدو الصهيوني
  • حزب الله: الردود على اغتيال القائد أبونعمة ستستمر وستبقى هذه الجبهة قوية ومشتعلة
  • كيف للإنسان أن يشعر بالاستحقاق وتقدير الذات؟