المشاجرات الرمضانية تحولت لطقس معتاد في هذا الشهر الكريم، وبالأخص قبل الأفطار، وبين الرجال في نهار رمضان، فقد أشارت دراسة أجريت في جامعة جنوب غرب ولاية ميزوري الأمريكية، إلى أن النساء يغضبن بدرجة مماثلة للرجال، ولكنهن أكثر قدرة على احتواء غضبهن، ويتجنبن باستمرار الدخول في صراعات جسدية مع الآخرين، وهذه السلوكيات لا يمكن معها تربيع الدائرة، لأنها أصبحت من مسلمات معظم الصائمين، وفيها مؤشر على أن (العضلة الأخلاقية) لديهم، والتي يعتبر الدين جزءًا مؤثراً فيها، ليست بالقوة الكافية لضبط تصرفاتهم، وبالتالي يمكن اعتبار صيامهم بمثابة صيام عادة لا عبادة.
قبل أكثر من ألف عام استخدم الصينيون أسلوبا لخفض التوتر اسموه (شيغونغ)، وهو يعتمد على التنفس العميق وبشكل منتظم لثلاث مرات، وهذه الطريقة كما يرونها، تساعد في تنشيط الدورة الدموية، وفي تحسين أداء القلب والعضلات، وفي إفراز هرمون السعادة (الدوبامين)، وإخراج الشخص من مزاجه العصبي، ولعل الجديد ما أوضحته دراسة قام بها مئات الباحثين، ونشرتها جامعة (لانسيت) الطبية العالمية في مارس الجاري، والتي توصلت في نتائجها إلى إصابة 43% من سكان العالم باضطراب عصبي في عام 2021، أو ما يعادل ثلاثة مليارات وأربع مئة مليون شخص من الجنسين، والنسبة السابقة زادت بمقدار الضعف عند مقارنتها بأرقام عام 1990، وقد فسرت الدراسة ما سبق، بنمط الحياة المتسارع في الوقت الحالي، وكثرة المهام المطلوبة من الأشخاص، وارتفاع أعمار الناس في بعض الدول، وما يصاحبه من مشاكل كالسكتات الدماغية والزهايمر، وارتباك عمل الجهازين الهضمي والمناعي.
بالإضافة لذلك يوجد شيء يسمونه (الفومو)، أو رهاب تفويت الفرصة، بمعنى أن الشخص يتوتر قبل صلاة المغرب، لأنه يخاف من تفويت الإشارة الخضراء، أو عدم الوصول إلى بيته في التوقيت المناسب واستباق الأذان، أو يتوقع عدم وجود زحام في الشارع، أو يقوم بالمفاضلة بين خيارات حقيقية وأخرى متخيلة، وكلها تفسر ارتفاع معدلات الحوادث المرورية، ومعها معدل المشاجرات المرتفع في هذا الوقت دون بقية الأوقات، وبحسب المختصين، فالصائم عندما يغضب يرتفع إفراز الادرينالين لديه بمعدل 30 ضعفاً، ما يجعل انفجاره في وجه غيره مدوياً، والقانون السعودي حرص على هذه المسألة في تحويله للمشاجرة من جنحة إلى جناية، إذا زادت مدة شفاء المعتدى عليه على 15 يوماً، وجعلت حكمها تقديريا للقاضي، بالسجن أو الجلد أو الغرامة المالية، لأن فيها تهديدا لأمن المجتمع.
أبو الاطباء الطبيب اليوناني أبقراط، يرى أن المخ أو الدماغ مصدر رئيس لكل انفعالات الأشخاص، وأنه المسؤول عن البهجة والحزن والألم والعنف، حتى وإن لم تكن محفزاتها الفعلية موجودة في الواقع، ورغم أن وزنه لا يتجاوز واحد كيلو واربع مئة غرام، ويمثل ما نسبته 2% من إجمالي حجم جسم الإنسان، فهو يستهلك 20% من طاقة الجسم، ويحتوي على 86 مليار خلية عصبية، تدير عمليات التفكير والمشاعر والتعلم والذاكرة والتوازن، وتنقل الإشارات فيما بينها بسرعة 480 كيلو مترا في الساعة، والمخ يميل إلى الرتابة والتكرار والأنماط الثابتة، ويعمل على تحويلها إلى عادات تمارس بشكل آلي في اللاوعي، والمعنى أنه لا يرتاح لتغيير عاداته، والصيام يفعل ذلك ويضعه تحت تأثير التوتر والضغط العصبي، بخلاف أن 75% من تكوين المخ عبارة عن ماء، والأخير ينقص في رمضان، ومن وجهة النظر العلمية، فالعصبية أثناء الصوم سببها نقص المياه والغلوكوز في الدماغ.
في الدول الأوروبية ترتفع المشاكل والجرائم، بشكل عام، بمجرد وصول سخونة الجو إلى 26 درجة مئوية، بينما تصل حرارة رمضان في المملكة، أحياناً، إلى 40 درحة مئوية، وقد ثبت بالدليل العلمي، أن الحرارة المرتفعة تعتبر محفزا إضافيا للغضب والانفعال، ولتحويل الناس إلى قنابل غضب متحركة في منتصف نهار الصوم، إذا نقصت التروية، ولم يحرص الشخص على تناول ثلاثة لترات من الماء طوال المساء الرمضاني، وليس دفعة واحدة في السحور، يتم تفريغها في الزيارات الأولى لدورة المياه.
تناول مسكنات الصداع في وجبة السحور، وبشهادة أهل اختصاص والمعرفة، مفيد في تحييد احتمالية العصبية المفرطة، وفي تجنب الدخول في صراعات جسدية أو لفظية غير مبررة، وتحديداً عند مدمني النيكوتين والمنبهات كالشاي والقهوة، وأكدت دراسة في جامعة شرق لندن البريطانية، عدم صحة الاعتقاد القديم الذي يقول بوجود فوائد صحية للتنفيس عن الغضب والمشاعر السلبية، فقد توصلت إلى أن من يفعل ذلك أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب، مقارنة بمن يكتمون الغضب ولا يظهرونه، ويحيل البعض العصبية والمزاج الحاد في الصيام، إلى تناول البهارات الحارة في الإفطار، وإلى الحموضة، والأهم، في رأيي، هو الأطعمة التي تحتوي على فيتامين سي كالبرتقال والليمون، لمساعدتها في خفض التوتر ومعادلة ضغط الدم ومستويات الكورتزول في فترة الصيام، ولأن مثيرات الأعصاب أصبحت موجودة في الشارع والشاشة معاً.
د. بدر بن سعود – جريدة الرياض
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
5 عادات يومية.. تجنبها يمنع الإرهاق الذهني
المناطق_متابعات
في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا بشكل متواصل، أصبح الإرهاق الذهني شائعًا جدًا، لكن بحسب ما جاء في تقرير نشره موقع Daily Motivation News، فإن هناك بعض العادات اليومية التي يمارسها الكثيرون من دون إدراك مدى مساهمتها في هذا الشعور بالإرهاق والتوتر، كما يلي:
1. قول “نعم” دائمًاقال المؤلف الأكثر مبيعًا غريغ ماكوين: “إذا لم تُعطِ الأولوية لحياتك، فسيفعلها غيرك”. إنها مقولة مؤثرة بالفعل. إذا لم يضع الشخص حدودًا وتعلم أن يقول “لا” (أو على الأقل “ليس الآن”)، فإن الأمر ينتهي به إلى العمل وفقًا لجداول الآخرين. إن تعلم قول “لا” مهارة، وهي ليست قاسية أو مُواجهة كما تبدو. إنها تعني ببساطة قول “نعم لنفسي ولصحتي” وفقا لـ “العربية”.
2. تعدد المهامإن تعدد المهام من أكبر الخرافات في الحياة المعاصرة، فلسنوات ساد اعتقاد بأن إدارة مهام متعددة في آنٍ واحد تزيد من الإنتاجية. لكن الخبراء لاحظوا أن تعدد المهام يمكن أن يقلل الإنتاجية بنسبة تصل إلى 40%. ينبغي التركيز بشكل مكثف على مهمة واحدة لفترة مُحددة قبل الانتقال إلى المهمة التالية.
3. الإفراط في العمليُقال: “كُن أكثر العاملين اجتهادًا في الغرفة”. اعمل 60 أو 70 أو حتى 80 ساعة أسبوعيًا – أسبوعًا بعد أسبوع – لتتقدّم. ولكن هناك خطٌّ فاصلٌ بين التفاني والإفراط المُدمّر.
توصلت دراسة، أجرتها جامعة ستانفورد، إلى أن من يعملون أكثر من 55 ساعة أسبوعيًا لا ينجزون أكثر مما ينجزونه ممن يعملون 70 ساعة فأكثر. يمكن استنتاج أنه بعد 55 ساعة، تتوقف الإنتاجية تمامًا. لا يستطيع العقل والجسم التعامل مع الكثير قبل أن تنخفض الكفاءة بشكل حاد.
كما أن هناك ما يسمى بقانون باركنسون، والذي ينص على أن العمل يتوسع لملء الوقت المتاح لإنجازه. إذا حدد الشخص لنفسه حدًا أقصى صارمًا، سيصبح أكثر تركيزًا خلال ساعات عمله، لأن هناك حدودًا واضحة.
4. إهمال العناية بالنفسإن عدم الإفراط في العمل أمرٌ مهم، ولكن ماذا يفعل المرء بهذا الوقت “الإضافي” عند تسجيل خروجه أو وضع هاتفه على الوضع الصامت؟ يشتمل الأمر على تجنب العمل لساعات أطول، كما يتعلق بالقيام بنشاط يُعيد شحن الطاقة والعناية الذاتية. إن قلة العناية بالنفس يمكن أن تؤدي إلى “الشعور بالإرهاق النفسي” وحتى “تفاقم أعراض الصحة النفسية كالاكتئاب أو القلق”.
5. إهمال النوميُنصح منذ الصغر بالنوم ثماني ساعات يوميًا، ومع ذلك يتعامل الكثيرون مع هذه التوصية وكأنها اختيارية. إذا حصل الشخص على خمس أو ست ساعات من النوم، فإنه يستيقظ منهكًا وغاضبًا، بل يعتمد بشدة على الكافيين. مع مرور الوقت، يتراكم هذا النقص اليومي في النوم ليتحول إلى موجة إرهاق هائلة – وربما يصل الأمر لمرحلة الانهيار.
إن الحرمان المزمن من النوم يمكن أن يؤدي إلى كل شيء، من ضعف الوظائف الإدراكية إلى ضعف جهاز المناعة. ويمكن أن يصبح الشخص أكثر عرضة لارتكاب الأخطاء، والانفعال على الآخرين بسبب تفاهات، والشعور بالإرهاق بحلول الظهر.