أخطر شبكة تجسس للاحتلال في لبنان.. متورطة باغتيال العاروري
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
كشفت صحيفة لبنانية، تفاصيل تتعلق بأخطر شبكات التجسس لصالح الاحتلال الإسرائيلي، إلى جانب تورطها في معاينة موقع اغتيال نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس صالح العاروري قبل أسبوعين من اغتياله.
وذكرت صحيفة "الأخبار" اللبنانية أن الكشف عن شبكة التجسس جرى بمحض الصدفة في أواخر كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حينما ارتاب عناصر من سرية حرس رئيس مجلس النواب بسيارة كانت تجوب محيط مقر رئيس المجلس في عين التينة ببيروت.
ولفتت الصحيفة إلى أنه بعد توقيف السيارة، تم العثور على جهاز إلكتروني شديد التطور، وعلى هواتف تضمنت عشرات الفيديوهات، بما يشبه مسحا شاملا للمنطقة.
ونوهت إلى أنه تم تسليم الموقوف إلى فرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي بلبنان، ليبدأ تحقيقات كشفت عن اشتباه بالتعامل مع الاحتلال الإسرائيلي، بطريقة تقنية غير مسبوقة، وحصول المدعي عليه على 200 ألف دولار، لقاء هذه المهمة، وهو مبلغ غير مسبوق أيضا في ملفات العمالة للعدو، ما أبرز مؤشر على خطورة ما قام به.
خبيران في هندسة الكمبيوتر والاتصالات
وتابعت: "زود المدعى عليه وشخص آخر يعمل معه، وهما خبيران في هندسة الكمبيوتر والاتصالات، شركة أمريكية وهمية، هي على الأغلب واجهة للاستخبارات الإسرائيلية، بمسح شامل لعدد كبير من المناطق، بما فيها بيروت والضاحية الجنوبية".
وأكدت الصحيفة أن الموقوفين الاثنين زودا الاحتلال الإسرائيلي بنسخة طبق الأصل عن هذه المناطق، بما فيها الشوارع والمباني وأسماء المحال والسيارات المركونة والمتنقلة وأرقام لوحاتها ووجوه المارة، مشيرة إلى أنه تم العثور في هاتف أحد الموقوفين على 56 ألف صورة عالية الجودة.
وأفادت بأن الأكثر خطورة هو التجسس التقني الذي قام به الموقوفان، مستخدمين معدات شديدة التطور، مزودة بنظام سمح الترددات اللاسلكية المتلعقة بمزودي خدمات الإنترنت وعناوين نقاط الوصول access points الموجودة في المنازل والمؤسسات والأماكن العامة، بما يسهّل تحديد الموقع الجغرافي للمستخدم.
التورط في اغتيال العاروري
وأوضحت أن الموقوفين حصلا على اسم كل جهاز "واي فاي" في المناطق التي تم مسحها، وعلى كلمة السر، بما يمكن من تحديد موقع أي مستخدم لهاتف خلوي بمجرد أن يصبح هاتفه على صلة بمزود خدمة الانترنت.
وأشارت إلى أن الاحتلال في حربه الجارية حاليا، استخدم هذه التقنية لتحديد أماكن مقاومين بمجرّد شبك هواتفهم على شبكة "الواي فاي"،.
وأضافت أن التحقيقات أظهرت أن أحد الموقوفين نفّذ عملية مسحٍ في شارع بمنطقة الضاحية الجنوبية، وفي مقابل الشقة التي اغتيل فيها نائب رئيس حركة حماس الشيخ صالح العاروري في الثاني من كانون الثاني/ يناير الماضي.
وذكرت الصحيفة أن المسح جرى قبل نحو أسبوعين من عملية اغتيال العاروري، ورغم أن الموقوفين نفيا أمام قاضي التحقيق علمهما المسبق بأن تكون الشركة التي كلفتهما بالعمل إسرائيلية، إلا أنهما أقرا بأن ما طُلب منهما لا علاقة له بالعقد الذي أبرم مع الشركة للعمل على مشروع لتطوير السياحة الافتراضية.
وأقر الموقوفان أن البيانات والمعلومات التي زودا الشركة بها ذات طبيعة حساسة، وقال أحدهما إن ما طلب منهما لا يمكن إلا أن يكون لمصلحة جهاز استخباري، وأن البيانات التي زودا الشركة الأمريكية المزعومة بها تمكن من إنشاء منظومة مراقبة أمنية في كل المناطق، وتجعل من يملكها قادرا على تحديد موقع من يشاء في أي وقت.
وبحسب صحيفة "الأخبار"، فقد تم إحالة الموقوفين أمام قاضي التحقيق العسكري الأول فادي صوان، الذي استجوبهما وأصدر مذكرتي توقيف وجاهيتين بحقهما.
ولفتت إلى أن مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اللبنانية القاضي فادي عقيقي، أكد أن الموقوفين ارتكبا جرامئ تجسس لمصلحة دولة أجنبية، إلى جانب الحصول على معلومات يجب أن تبقى مكتومة حرصا على سلامة الدولة، والمس بالأمن القومي للبنان، والتي تصل عقوبته إلى الأشغال الشاقة المؤبدة.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية لبنانية التجسس الاحتلال اغتيال العاروري لبنان اغتيال الاحتلال التجسس العاروري صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة إلى أن
إقرأ أيضاً:
شروط الاحتلال الإسرائيلي التي أدت لإلغاء مسيرة العودة
القدس المحتلة- في كل عام، يحمل المهندس سليمان فحماوي ذاكرته المثقلة بالحنين والوجع، ويسير على خُطا قريته المهجرة "أم الزينات" الواقعة على سفوح جبال الكرمل في قضاء حيفا، والتي اضطر لمغادرتها قسرا كباقي مئات آلاف الفلسطينيين، تاركا خلفه طفولته وذكرياته لتصبح جزءا من تاريخ النكبة الذي لا ينفك يعيد نفسه.
سليمان، اللاجئ في وطنه، عاش فصول النكبة الفلسطينية متنقلا بين بلدات الكرمل والساحل، قبل أن يستقر به الحال في بلدة أم الفحم، على تخوم حدود الرابع من يونيو/حزيران 1967.
واليوم، وفي الذكرى الـ77 للنكبة، وبعد عقود من التهجير، يقف كعضو ومتحدث باسم "لجنة الدفاع عن حقوق المهجرين" بالداخل الفلسطيني، محاولًا الحفاظ على ذاكرة القرى التي طمست معالمها، وفي مقدمتها قرية "كفر سبت" المهجرة، في قضاء طبريا في الجليل شمالي فلسطين.
منذ تأسيس "جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين" عام 1997، اعتاد سليمان ورفاقه تنظيم مسيرة العودة السنوية إلى القرى المهجّرة، بالتنسيق مع لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية، حيث أصبحت المسيرات ذات رمزية تقول للعالم "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، وتعيد للأذهان قصص البيوت المهدومة والأرواح التي لا تزال معلقة بأطلال قراها.
"هذا العام كان مختلفا" يقول فحماوي للجزيرة نت بنبرة يغلب عليها الأسى، فبدلا من التحضير المعتاد للمسيرة الـ28 نحو "كفر سبت"، اصطدمت الجمعية بسلسلة من الشروط التعجيزية التي وضعتها الشرطة الإسرائيلية، ما اضطرهم إلى اتخاذ قرار صعب "سحب طلب التصريح".
يوضح فحماوي "كما كل عام، قدمنا طلبا للحصول على التصاريح، لكن الشرطة هذه المرة وضعت شروطًا غير مسبوقة، كان أولها عدم رفع العلم الفلسطيني، ذلك العلم الذي لطالما خفقت به القلوب قبل الأيادي، كما اشترطت الحصول على موافقة المجلس الإقليمي في الجليل الغربي، الذي تقع القرية ضمن نفوذه، إضافة إلى تحديد عدد المشاركين بـ700 شخص فقط".
إعلان"بالنسبة لنا، العلم الفلسطيني خط أحمر" يؤكد سليمان، ويتساءل "كيف لمسيرة تحمل اسم العودة أن تقام دون علمنا، ودون مشاركة الآلاف من أبناء الداخل الفلسطيني الذين يحملون هم القضية؟".
وبين تهديدات الشرطة بالاقتحام، والوعيد بقمع المسيرة حال تجاوز الشروط، وجدت الجمعية نفسها أمام مفترق طرق، ويقول فحماوي "خلال المفاوضات، لمسنا نوايا مبيتة من الشرطة الإسرائيلية وتهديدات بالاعتداء على المشاركين من أطفال ونساء وشباب".
وفي مشهد تتداخل فيه الوطنية بالمسؤولية الأخلاقية، اجتمعت كافة الأطر السياسية والحزبية والحقوقية في الداخل الفلسطيني، ليصدر القرار الأصعب (سحب الطلب)، لخصها فحماوي بقوله "نقطة دم طفل تساوي العالم"، مضيفا "لن نسمح بأن تتحول مسيرتنا إلى ساحة قمع جديدة، اخترنا العقل على العاطفة، لكن شوقنا للعودة لا يلغيه انسحاب مؤقت".
قبل نحو 30 عاما، لم تكن مسيرات العودة جزءا من المشهد الوطني الفلسطيني، وكانت قضية القرى المهجرة تعيش في طي النسيان، مطموسة في ذاكرة مغيبة، تكاد تمحى بفعل الإهمال والسياسات الإسرائيلية المتعمدة، يقول فحماوي، ويضيف "لكن هذا الواقع بدأ يتغير تدريجيا مع انطلاق المبادرات الشعبية، وعلى رأسها مسيرة العودة".
وعلى مدى هذه العقود الثلاثة، شارك مئات الآلاف من أبناء الشعب الفلسطيني -وخاصة من فلسطينيي الداخل- في مسيرات العودة، التي تحوّلت إلى محطة وطنية سنوية ثابتة، تحمل رسائل سياسية وشعبية عميقة، وتؤكد على حق العودة بوصفه حقا فرديا وجماعيا غير قابل للتنازل أو التفاوض.
ورغم قرار سحب طلب التصريح لمسيرة العودة الـ28، لا يتوقف التساؤل لدى أدهم جبارين، رئيس اللجنة الشعبية في أم الفحم، وابن عائلة لاجئة من قرية اللجون المهجرة عن "ماذا يعني أن يمنع لاجئ فلسطيني من العودة، ولو ليوم واحد، إلى قريته التي طُرد منها؟ وماذا يعني أن يجرم رفع العلم الفلسطيني؟"
إعلان"هذه ليست النهاية" يؤكد جبارين للجزيرة نت، ويقول "نحن مستمرون، فحق العودة ليس مناسبة، بل حياة كاملة نعيشها يوميا"، مضيفا "رغم القيود والتهديدات، تبقى مسيرة العودة أكثر من مجرد حدث سنوي، هي ذاكرة حية تورَّث للأجيال، ورسالة واضحة بأن القرى المهجرة ستظل حاضرة في القلوب والعقول، حتى يتحقق حلم العودة.
ويؤكد جبارين أن قرار سحب الطلب "لم يكن تراجعا، بل خطوة واعية اتخذت من منطلق المسؤولية الوطنية، بعد أن اتضح خلال مفاوضات الجمعية مع الشرطة الإسرائيلية وجود نية مبيتة للترهيب والترويع، وحتى تهديد ضمني بإمكانية قمع المسيرة بالقوة، وربما ارتكاب مجزرة بحق المشاركين".
ويقول "نرى ما يجري من حرب إبادة في غزة، وعمليات التهجير في الضفة الغربية، وما لمسناه من سلوك الشرطة يعكس تحضيرات لتنفيذ سيناريو مشابه في الداخل، حيث بات استهدافنا على خلفية إحياء المناسبات الوطنية مسألة وقت لا أكثر".
لكن رغم المنع، لم تتوقف الفعاليات، فالجمعية أطلقت برنامج زيارات موسعًا إلى أكثر من 40 قرية مهجّرة، بمرافقة مرشدين مختصين، لتتحوّل ذكرى النكبة من فعالية مركزية واحدة إلى عشرات الجولات والأنشطة الميدانية.
ويختم جبارين حديثه للجزيرة نت بالقول إن "مسيرة العودة ليست مجرد تظاهرة، بل رسالة متجددة وتذكير سنوي بالنكبة، وتجذير للوعي الوطني، وانتقال للذاكرة من جيل إلى آخر، ورسالة واضحة بأن لا حق يضيع ما دام هناك من يطالب به".
ويضيف أنها "أيضا رد مباشر على المقولة الصهيونية الشهيرة: الكبار يموتون والصغار ينسون، فالصغار لم ينسوا، بل باتوا في مقدمة الحشود، يحملون الراية، ويرددون أسماء القرى التي هُجرت، وكأنها ولدت من جديد على ألسنتهم".