إعلان الفائزين بجائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
دبي (الاتحاد)
أعلنت ندوة الثقافة والعلوم بدبي أسماء الفائزين في الدورة الأولى من «جائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي» التي أطلقتها الندوة بهدف الاعتناء بالشعر العربي وإبراز أميز التجارب الإبداعية الشعرية في الوطن العربي، وتكريم الشعراء المتفردين، فضلاً عن تأكيد حرص دولة الإمارات على رعاية الشعر بوصفه الفن القولي الذي بدأ به الإنسان العربي توثيق حياته وتاريخ أمته وأحاسيسه على مر العصور.
جاء هذا الإعلان احتفاءً بيوم الشعر العالمي الذي يصادف الحادي والعشرين من شهر مارس الحالي. وقد أطلق على هذه الدورة من الجائزة اسم الشاعر الراحل «سلطان بن علي العويس» تقديراً لمكانته ومساهمته الشعرية والإنسانية في الساحة الثقافية والأدبية. وتعتني جائزة ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربي بالشعر العربي الفصيح بأقسامه الثلاثة: الشعر العمودي، شعر التفعيلة، وقصيدة النثر.
وقد نال جائزة الشعر العمودي الشاعر اليمني تيمور سعيد أحمد العزاني، الحاصل على بكالوريوس الأدب العربي جامعة صنعاء 2018. وللشاعر مشاركات عدة في المهرجانات والفعاليات الأدبية والثقافية، وصدر له ديوان شعري عن دائرة الثقافة بحكومة الشارقة عام 2020 بعنوان «أُسافِرُ حافي المعنى»، وديوان شعري مشترك في جمهورية مصر العربية مع مجموعة من شعراء الوطن العربي بعنوان «لآلئ»، وله مقالات منشورة في صحف ومجلات عربية ومحلية، وهو مشارك في العديد من الفعاليات والمهرجانات الثقافية.
بينما أحرز جائزة شعر التفعيلة الشاعر الفلسطيني حسن ماجد محمود قطوسة، الحاصل على ماجستير اللغة العربية وآدابها، وهو مقيم في رام الله، وله العديد من المشاركات والمقالات الأدبية والنقدية، وقد حاز على جوائز أدبية عدة منها جائزة القوافي الذهبية في مهرجان الشارقة للشعر العربي عام 2023.
وأحرزت جائزة قصيدة النثر الشاعرة السورية المقيمة في دمشق آلاء حيان السياف، وهي في الوقت نفسه فنانة تشكيلية وكاتبة لها كتابات ومقالات أدبية عدة.
جدير بالذكر أن إجمالي عدد المشاركين في الجائزة بلغ 664 متسابقاً، شارك 301 منهم في الشعر العمودي، و159 في شعر التفعيلة، و204 متسابق في قصيدة النثر.
وقد راعت لجنة التحكيم عند اختيارها الفائزين أهم شروط الجائزة، وهي أن تتسم القصيدة بالجدة وجودة البناء الشعري وقوة الصور والأخيلة، علاوة على سلامة اللغة وحسن اختيار الموضوع الذي يدور حول القضايا الإنسانية العامة.
وتبلغ قيمة الجوائز المخصصة للأفرع الثلاثة 150 ألف درهم إماراتي، بواقع 50 ألف درهم لكل فرع. وسيتم تكريم الفائزين بالجائزة في حفل يقام بعد نهاية شهر رمضان المبارك.
وبهذه المناسبة، صرح بلال البدور، رئيس مجلس إدارة ندوة الثقافة والعلوم رئيس مجلس أمناء الجائزة، أن المشاركات التي تقدم بها الشعراء أكدت سعة أفق المشاركين وثقافتهم من حيث تنوع القضايا المطروحة وقوة الطرح والأساليب ولغة الشعر، وتقدم بالشكر للجان التحكيم التي قرأت جميع القصائد، وتناولتها بالحيادية والشفافية والتجرد، واحتكمت إلى الإبداع والفن الشعري، دون معرفة أسماء الشعراء ومواطنهم.
ومن جانبه، قال علي عبيد الهاملي، نائب رئيس مجلس إدارة الندوة الأمين العام لمجلس أمناء الجائزة، إن جائزة الشعر العربي تعد إضافة نوعية للجوائز التي تقدمها ندوة الثقافة والعلوم منذ تأسيسها وعلى مدى تاريخها الممتد، والذي يوشك أن يكمل أربعة عقود من الزمن.
وأضاف أن الجائزة توافق أمنيات شعراء العربية الفصحى في عصرنا الحالي، وتنسجم مع ما وصل إليه الشعر العربي من تنوّع وتطور، وتستجيب لما يتطلع إليه محبو الشعر العربي الفصيح من ارتقاء بالذائقة الشعرية العربية في عصر التكنولوجبا المتقدمة ووسائط التواصل الحديثة، التي أتاحت للشعر العربي انتشاراً غير مسبوق. وقال إن الغرض من الجائزة هو أن تسهم الندوة في انتشار الشعر العربي الفصيح بأنواعه المختلفة، وتشجيع الشعراء، وفتح آفاق جديدة من الإبداع أمام مواهبهم، والمحافظة على المكانة الرفيعة التي تبوأها الشعر الفصيح في الأدب العربي عبر العصور المختلفة.
وختم الهاملي قائلاً إننا سعداء بحجم المشاركة التي لقيتها الدورة الأولى من الجائزة، حيث شارك عدد كبير من الشعراء من مختلف أنحاء الوطن العربي رغم حداثة الجائزة، وتمنى أن تتضاعف أعداد المشاركين فيها بعد الإعلان عن أسماء الفائزين بالدورة الأولى منها، وإقامة الحفل الذي سيتم تكريمهم فيه.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الشعر العربي ندوة الثقافة والعلوم للشعر العربی الشعر العربی
إقرأ أيضاً:
أمسيات القوافي في عيون الشعراء.. ليست مجرد إلقاء!
أسماء الحمادي: الأمسيات دفعتني دفعا للاشتغال على الشِّق الثاني من القصيدة «الإلقاء»
يوسف الكمالي: المشاركات الشعرية توفر بيئة حيوية ومباشرة لممارسة التلقي
صهيب نبهان: التجربة الشعرية تتأثر وتتغير وتتطور بمُزاحمة الشعراء وحضور الأماسي
تكثر الجلسات الشعرية، سواء أكانت أمسية أو أصبوحة، وتشكل مناسبة جاذبة لمحبي الشعر وجمهوره. وجاء في سياق الألسن أن نقول: «أمسية شعرية» إذ تكثر هذه الجلسات مساءً مقارنة بما يقام منها في الصباح، لترد في ذهني مجموعة أسئلة عما تعنيه الأمسيات الشعرية للشاعر، وكيف تساهم في نقل صوره وإحساسه بشكل مباشر أمام جمهوره؟ بل هل يخفي الشاعر بعضًا من نصوصه أمام الجمهور المباشر، ويمررها في ديوان له إذا قام بإصدار واحد؟ وغيرها من الأسئلة الواردة لدي وأنا أجدول عملي لحضور أمسية شعرية في معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والأربعين، التي شارك فيها الشاعر العماني يوسف الكمالي، والشاعرة الإماراتية أسماء الحمادي، وأدارتها أسماء الظنحاني، بتنظيم «دارة الشعر العربي»، وهي مؤسسة ثقافية تأسست في إمارة الفجيرة تهتم بالشعر العربي منذ بزوغه في تاريخ الحضارة العربية الإسلامية إلى هذا الوقت، كما جاء في تعريفها عن نفسها في صفحتها على إنستجرام.
بل كان من حسن حظي أن تلفت فتاة انتباهي للأمسية الحماسية الجماهيرية الأخرى التي قدمها الشاعر المصري هشام الجخ في أكسبوا الشارقة، سائلة عن موقعها، وقد حضرتها قبل أن تمتلئ الأمسية بالحضور حتى قفلت الأبواب دون سماح للكثير بالدخول.
وكانت الأمسية الأولى التي قصدتها فرصة لاستطلاع رأي المشاركَيْن فيها حول ما تعنيه الأمسيات الشعرية للشعراء، إضافة إلى مشاركة الشاعر صهيب نبهان الذي كان من بين حضور الأمسية.
كان السؤال الأول «ما هو تأثير الأمسيات الشعرية بالنسبة لك، من ناحية تطوير تجربتك الشعرية؟».
وقال يوسف الكمالي في إجابته: «التجربة الشعرية تقوم على جدل الكتابة والتلقي، والمشاركات الشعرية سواء في أماس أو أصبوحات أو ملتقيات، توفر بيئة حيوية ومباشرة لممارسة التلقي. ذلك بلِحَاظ أن أشكال التلقي وإمكاناتها تختلف، فالتلقي السماعي يختلف عن التلقي القرائي، وكلاهما لا غنى عنه في سياق تحويل التجربة الشعرية الخاصة إلى حالة شعرية عامة».
في حين أجابت الشاعرة أسماء الحمادي على السؤال ذاته قائلة: «أعتقد أن الأمسيات الشعرية دفعتني دفعاً للاشتغال على الشِّق الثاني من القصيدة، الذي لا تكتمل إلا به، ألا وهو الإلقاء، فحين حان تكثيف الحضور والمشاركات في الأمسيات الشعرية، كان لا بد من الالتفات إلى الإلقاء كذلك، إلى جانب موهبة الكتابة الشعرية، حتى وجدت تطوراً في إلقائي، مازال مستمراً متجدداً، الكتابة الحَقَّة لا تكون إلا في لحظات التجّلي، والإلقاء كذلك وجهٌ من وجوه التجلّي، فالإلقاء الجيد يمنح الشاعر الفرصة لتمثُّل القصيدة والتفاعل معها، بل وتعميقها في وجدانه، بينما يكون -في الواقع- يتفاعل مع ذاته، ومن ثَمَّ يمنح المتلقي فرصةً لمعايشة القصيدة بدوره والتفاعل معها». أما الشاعر صهيب نبهان فيجيب من زاوية الجمهور، قائلا: «الشاعر في حضوره للأمسية مرهونٌ بعدة أمورٍ أهمها المذهب الشعريّ للشعراء المشاركين في الأمسية الذي يعكس هوية الشاعر وأسلوبه الفنيّ، يجب أن أكون مُطَّلِعًا على التاريخ الأدبيّ للشاعر حتى أحدد مدى استفادتي من حضور أمسيته، شخصيًا أفضل القصائد الاجتماعية والإنسانية والتي تحاكي الواقع بحُلْوِهِ ومُرِّهِ، والقصائد التي تصف خلاصة تجربة الشاعر في حِلِّه وتِرحاله، وألمه في الغربة وحنينه إلى موطنه، وقصائد النُّصح والحكمة؛ عن القصائد الغزلية التي أجِدُها في غير موضعها وأجدُ في نفسي حرجًا مِن التفاعل معها، إضافةً إلى ذلك؛ قدرة الشعراء على نقل أحاسيسهم الداخلية، واختيار لغة الجسد دون تصنُّعٍ أو مبالغة، والنجاح في التفاعل مع كيمياء الحضور بكل بساطةٍ وعُذوبةٍ وعفويّة، وقراءة وجوه الحاضرين، وترك فكرة إجبار الجمهور على إبداء الإعجاب بصورةٍ معينة أو بيتٍ بعينه، فالحضور إما أن يكون أغلبهم من الشعراء -الذين يصعب إرضاؤهم-، أو من الجمهور الذي يملك قدرًا كافيًا من الذائقة الشعرية، كل هذه العوامل مِن شأنها أن تترك بصمةً واضحةً على تجربتي الشعرية، التي لا شك أنها تتأثر وتتغير وتتطور بمُزاحمة الشعراء وحضور الأماسي، وهذا التطور لا ينتهي إلا بموت الشاعر، فليس هنالك مُنتَهًى للشعر».
التفاعل المباشر
سؤالي الثاني كان «كيف تصف تجربة التفاعل المباشر مع الجمهور، خاصة أنه يقال: إن الشعر الأولى به أن (يُسمع) لا أن (يقرأ)؟».
أجاب الكمالي بقوله: «تعتمد تجربة التفاعل بشكل كبير على ظروف التلقي ونوعية المتلقي، فإلقاء نص في قاعة الشهباء في جامعة نزوى، أو في أمسية من تنظيم جماعة الخليل في جامعة السلطان قابوس بطبيعة الحال ليس كإلقاء نص في فعالية ترفيهية من تنظيم الجمعية العامة للسيارات، ومن باب أولى فإلقاء نص أمام جلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم -حفظه الله- في مسقط رأس الشاعر، وما يرتسم من انفعال وابتهاج على قسمات وجهه ليس كنشر قصيدة وطنية في مواقع التواصل الاجتماعي وتلقي ردود الفعل المكتوبة من عامة الناس، وهذا ليس تخفيضا من أهمية الذائقة العامة التي لا أجد -شخصيا- معيارا أصدق من عفويتها في تقييم التجربة الشعرية والفنية عموما، بقدر ما هي إشارة إلى ضرورة الالتفات إلى بيئة التلقي التي تشكل وسطا حيويا لتفاعل الشاعر مع جمهور الشعر».
وبدورها قالت أسماء الحمادي: «في ملّتي واعتقادي، الأمسيات الشعرية فرصة للشاعر يحصد من خلالها تفاعل الجمهور مع النص الشعريّ ويستجلي انطباعاته، كما أنها فرصة للمتلقي حيث يستمع إلى النص من أفواه الشعراء مباشرة، فهي تجربة تفاعلية مزدوجة بامتياز، وذلكم تفاعلٌ صوتيّ وبصريّ في آنٍ معا. فالشعرُ يُرى كذلك في ملامح الشعراء أوانَ الإلقاء، وفي ملامح المتلقين أوانَ التفاعل والتماهي».
فيما قال صهيب نبهان: «في حوارٍ مع بعض الأدباء والمفكرين؛ كدنا نتفقُ جميعًا على أنَّ الشعر منه ما يُسمَع، ومنه ما يُقرَأ، بعضُ الشعراء يُحسِن الكتابة ولا يُحسِن التسويق لقصيدته؛ بل ويُفسِد القصيدة بإلقائه، وبعضهم لا تجد لذةً حقيقيةً في شِعره أو متعة في قراءته؛ إلا أنه يرتكب أسلوبًا مميزًا في الإلقاء والحضور يجذبُ به انتباه الجمهور، ورغم أنَّ هذه الحيلة لا تنطلي على الجمهور المتذوق للشعر بل وينفر منها؛ إلا أنَّ لها رواجًا عند مَن يتخذون -لزوم ما لا يلزم- مبدأً، وهناك نوعٌ من الشعراء يُقرأ ويُسمَع بكل لذةٍ واستمتاع، ونوعٌ يفرضه الواقع علينا لا يُقرأ ولا يُسمع».دافعٌ للأمسية
والسؤال الثالث: «هل الأمسيات دافع لكتابة نص جديد مرتبط بمناسبة الأمسية؟».
يقول يوسف الكمالي: «لا أذكر أنني كتبت نصا خاصا بأمسية شعرية، كما لو كانت موعدا ليليا حميما. لكنني أراعي كثيرا شخصية الحضور في الأمسية وأسعى إلى أن أجعل له في نصوص مشاركتي ما يكون مَعنيًّا ومشغولا به، لُغة وموضوعا وعاطفة».
وتقول أسماء: «من تجربتي الخاصة، الأمسيات حافز لاستكمال قصيدة غير مكتملة، وتلك قصيدةٌ يكون الشاعر قد نسِيَها أو انشغل عنها أو تكاسل عن تشطيبها وتنقيحها في ازدحام الأعباء والمسؤوليات وتسارع الأيام، فحين أكون مُقْبِلة على أمسية شعرية، أعود في أحايين كثيرة إلى أوراقي متحفِّزة لإحياء قصيدة لم تُكتب لها الحياة بعد؛ لأصافح بها جمهور الشعر».
أما صهيب فيقول: «الأمسيات بشكل عام مُحفّزٌ جيّدٌ لكتابة الشعر، ورؤيةُ الجمهور وهو يتلذذ بأبيات شاعرٍ آخر، وصوره البلاغية؛ تستثيرني أدبيًّا، خصوصًا مع قدرتي على إخراج ذلك المارد الكامن بأعماقي، الذي لا يوقظه إلا ما يمسُّ كينونتي ويؤثر في داخلي، لذا أعتقدُ أنني أفشلُ دائمًا في أنْ أكون شاعر مناسبات، ربما بسبب قلة ارتكاب هذا النوع من الشعر، هذا إن كان السؤال يقصد الأمسية في موضوعها، أما إن كان الارتباط مكانيًا، فبكل تأكيد؛ المكان وقيمته الثقافية والإعلامية لهما دورٌ كبير في دفعي لأن أترك بصمتي، وهذا ما يصبو إليه جميع الشعراء».
الذائقة العامة
رابع الأسئلة التي طرحت: «كيف تسهم الأمسيات الشعرية في تشكيل الذائقة الأدبية العامة؟»
وهنا أجاب الكمالي قائلا: «كما يتشكل المطر بحسب الأرض التي يهمي عليها، فيصبح نهرا في الوادي، وعشبا في المرعى، وحديقة غناء في البستان، فإن الشعر والشاعر يتشكلان بحسب الوسط الجمالي والوجداني والثقافي الذي ينفعلان به ومعه».
وتُجيب أسماء: «لعلَّ الأمسيات الشعرية تُسْهِم في تعريف الجمهور على شعرنا العربيّ المعاصِر، بأشكاله وقضاياه واتجاهاته الرائجة، ثُمّ قد نجدها تؤثِّر بشكل أو بآخر في الوعي الجمعيّ والذوق الأدبيّ السائد، وذلك يكون بشكلٍ تراكميّ، قصيدةً بعد قصيدة، وأمسيةً بعد أمسية».
أما الشاعر صهيب فأجاب: «في مقالة تتحدثُ عن الذائقة الأدبية؛ يُعرِّف الكاتب الذائقة بأنها (كائنٌ حقيقيّ يتطور ويحتاج إلى ما يُغَذيه، وتتطور منهجيتها بتطور الوعي والثقافة لدى الكاتب، وأن يكون ذا وعيٍ ونُضجٍ وثقافةٍ واسعة، وهذه بدورها تُشكل نمطًا استثنائيًا لتطوير الحواس التي تُشكل بدورها تناميًا فعليًّا في تحسين الذائقة لديه أولاً)، أرى أنَّ الشاعر حين يمتلك ذائقةً قويةً وذكيّة، ورؤيةً واسعةً ومعاصرةً للوسط الأدبي، وإلمامًا بالمستوى الثقافيّ عمومًا، يستطيع أنْ يجعل نفسه دائمًا في مرحلة الإقلاع وما قبل الطيران، حيث يأخذك ببساطةٍ إلى عوالم أخرى، ويفتح أمام المتلقي آفاقًا جديدة، تعود بعدها الذائقة أقوى من سابق عهدها، لدرجة أنَّ المُتلَقّي نفسه لن يرضى في قادم الأمسيات بأقل من ذلك الشاعر الذي شكّل أفُقًا أكثر اتساعًا لذائقته الأدبية».
متى يُقال؟ ومتى يُكتب؟
وآخر الأسئلة «متى يفضل الشاعر أن يحتفظ بقصيدة في ديوانه ولا يقرأها أمام جمهور؟ ومتى يحدث العكس؟».
وهنا يجيب يوسف الكمالي قائلا: «سؤال عبقري.. أتعمد نشر بعض النصوص مكتوبةً حين أشعر أنها تخاطب القيعان في عين المتأمل، بمعنى أن تكون بحاجة إلى ما يسمى في علم النفس بنظام التفكير (البطيء) أكثر من حاجتها إلى كيمياء التفاعل اللحظي».
وتقول أسماء الحمادي مجيبة: «لديَّ في دواويني قصائد لم أقرأها يوما في أمسية، ولربما ذلك يعود إلى أنها ليست بقصائد منبرية، فهي من النوع الذي يقرأه القارئ بينه وبين نفسه، في حين أنَّ عندي قصائد أكاد لا أترك أمسية إلا وأقرأها فيها، ولعلَّي أذهب إلى أنّهنّ المُؤنِسات الغاليات، أم ربما هنّ القصائد الرُّؤيَوِيَّات ذوات العمق المُتجدِّد والأسئلة التي لا تنطفئ».
وختاما يقول الشاعر صهيب: «يعود الاختيار هنا إلى مناسبة الأمسية وتوقيتها وموقعها الجغرافي وقيمتها، لكل أمسيةٍ استعداداتٌ خاصة بها، وهناك بطبيعة الحالِ نصوصٌ لا تصلح للأمسيات الشعرية كرسائل الأصدقاء أو رسائل التهنئة أو الأبيات المتفرقة وربما الهجاء، والتي لا تجد إلا الديوان ملاذًا لها، ورغم ذلك ربما أعتبرها حشوًا لا فائدة منه، ويعتبرها بعض الشعراء قطعةً منهم يجب أن تعيش على أوراق دواوينهم، وفي المقابل؛ بعض النصوصِ لا أستطيع أن أتركها حبيسة الورق؛ بل ولا أنشرها قبل أن ألقيها في أمسيةٍ ما، إيمانًا مِنّي بذلك الشعور الذي يخبرني بأنَّ وَقْعًا مُميزًا سيكون لها وأصداءَ قويةً ستظل تتردد لفترةٍ من الزمن».