قائد الثورة: حادثة مدينة رداع مؤسفة ومؤلمة ونبرأ إلى الله من تلك التجاوزات
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
صنعاء – سبأ :
توّجه قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالدعوة لأبناء الشعب اليمني للخروج المليوني المشرف يوم غدٍ الجمعة بالعاصمة صنعاء والمحافظات للتضامن مع الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وقال السيد القائد في كلمته مساء اليوم حول آخر التطورات والمستجدات على الساحة اليمنية والفلسطينية والإقليمية، “أتوجه إلى شعبنا العزيز وأدعوه بدعوة الله تعالى القائل: “انفروا خفافا وثقالا وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم في سبيل الله ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون” وبدعوة رسوله صلى الله عليه وعلى آله القائل: “من أصبح لا يهتم بأمر المسلمين فليس من المسلمين، ومن سمع مناديا ينادي يا للمسلمين فلم يجب فليس من المسلمين”.
وأضاف “وهذا النداء يا للمسلمين يا للعرب هذا النداء ناداكم به الأقصى الشريف والمرابطون فيه، ناداكم به أكثر من مليوني مسلم في قطاع غزة فاخرجوا غدا يا شعب الوفاء والشهامة والإيمان والشرف والثبات والنخوة والرجولة، اخرجوا على بركة الله”.
وأكد الاستمرار في التحرك الشامل في شهر رمضان شهر فتح مكة شهر غزوة بدر الكبرى ويوم الفرقان.. مبيناً أن خروج الشعب اليمني أسبوعياً وسط التخاذل والصمت المطبق هو شرف كبير وتجسيد لانتمائه وقيمه الإيمانية.
وتحدث قائد الثورة عن حادثة مدينة رداع بمحافظة البيضاء، التي وصفها بالمؤسفة والمؤلمة للجميع.
وقال “حصل في هذا الأسبوع في مدينة رداع استهداف للآمنين نتج عنه استشهاد اثنين منهم فكانت ردة الفعل من بعض الأمنيين بالاعتداء والتصرف الهمجي وغير القانوني وتفجير منزل تلاصقه منازل أخرى، وكانت المأساة باستشهاد وجرح البعض من الأهالي وتضرر منازلهم وتهدم البعض منها”.
وعبر عن خالص العزاء والمواساة لكل أسر الشهداء من أصحاب منازل المواطنين التي تضررت وتهدّمت نتيجة تصرف غير قانوني من بعض الأمنيين، مضيفاً “نبرأ إلى الله تعالى من تلك التجاوزات والاعتداءات وما يماثلها”.
ومضى “وجهنا على الفور الجهات الرسمية المعنية باتخاذ الإجراءات ضد المتورطين في الاعتداء والتسريع بالتعويض العادل الشامل للمتضررين”، وهناك اهتمام وأسف وتألم تجاه ما حصل من تصرف فردي إجرامي غير قانوني، ولا مقبول”.
وتطرق السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي إلى الإجراءات التي اتخذتها وزارة الداخلية بشكل عاجل من خلال تحركها فوراً لتنفيذ ذلك، مؤكدا أن “التجاوزات والاعتداءات الفردية التي تحصل من شخص هنا أو هناك، منتسب للأجهزة الأمنية أو غيرها وهي تجاوزات بها ظلم أو اعتداء لا تعبّر عنا وليست من أخلاقنا ولا ديننا ولا قيمنا”.
وأوضح أن الجهات الرسمية معنية ومسؤولة بالسعي الدائم لمنع تلك التجاوزات والحيلولة دونها والسيطرة التامة على الأداء العملي والإنصاف بشكل عاجل مما يحدث من تجاوزات أو اختراقات، مشيداً بوعي الأهالي في رداع وفي محافظة البيضاء عموماً، خاصة في ظل حرص الأعداء وما يبذلونه من جهد لاستغلال الحادثة وتوظيفها لإثارة الإشكالات الداخلية.
وأشاد بموقف الأهالي في رداع الذي كان واعياً ومشرفا ومسؤولا وعندما لمسوا الإجراءات المنصفة فوتوا الفرصة على الأعداء والحاقدين.. مؤكداً “أن الدم اليمني غالي علينا ولن ندّخر جهداً في أن تكون الدماء والأعراض والممتلكات مصونة، وأهلنا في رداع هم أهلنا وأبناؤنا وإخوتنا ونحن نتألم مما حصل هناك”.
وقال “من الظريف أن تصدر بشأن حادثة رداع المؤسفة إدانة من وزارة الخارجية الأمريكية وتعليقات تحريضية من العدو الإسرائيلي”.. مبيناً أن تحرك الأبواق في إطار الموقف الأمريكي والإسرائيلي بشأن رداع كان بتمويل سعودي.
وانتقد السيد القائد كل مساعي الأعداء تجاه ما حدث في رداع، مؤكداً أنهم ليسوا مبالين بالأهالي في رداع، ولا مبالين بالشعب اليمني وقد سعوا لإبادته.
وأشار إلى أن ثقافة أبواق الأعداء عبّر عنها أحد علمائهم بأنه لا مانع من إبادة 25 مليون يمني من أجل مليون آخر، موضحاً أن أتباع ثقافة الإبادة ليسوا مكترثين لما يحصل في غزة ولا اكترثوا لما حصل من مجازر ضد اليمن على مدى تسع سنوات.
وذكر أن أبواق الأعداء برروا الجرائم بحق الشعب اليمني والبعض شارك والآخر أيد وحرضوا على إبادة الشعب اليمني، مضيفاً “عندما يذرف الأعداء دموع التماسيح هم لا يبالون بشعبنا فيما يحصل وكل مسعاهم تشويه موقف اليمن تجاه مظلومية فلسطين”.
وجدد التأكيد على أن الأعداء يحاولوا تثبيط الشعب اليمني عن التحرك في ذلك خدمة للعدو الإسرائيلي، مشيراً إلى توظيف الأعداء لأي حادثة أو مشكلة أو مظلومية أو قضية لتثبيط الشعب اليمني عن التحرك في موقفه العظيم والمهم لمناصرة الشعب الفلسطيني في غزة.
ولفت قائد الثورة إلى أن موقف الأبواق من المرتزقة تناسق مع الموقف الأمريكي والتحريض الإسرائيلي والبعض من المرتزقة هم أبواق للأمريكي وللإسرائيلي يرددون كالببغاء ما قاله الأمريكي لكن باللغة المحلية واللغة العربية، معتبراً سجل أبواق الأمريكي الإجرامي الدموي الوحشي معروفاً في كل المحافظات.
وخاطب السيد القائد أبواق الأمريكي “أين هو دوركم تجاه غزة؟، نافسوا وقفوا موقفا أشرف، قفوا موقفاً بنواياكم التي تزعمون أنها نوايا مخلصة”، قفوا موقفاً مع غزة بدلا من أن تسعوا دائما لتشويه المواقف الأخرى أو التثبيط عنها”.
وقال “لدينا الشجاعة للاعتراف بأخطاء من يخطئ ويذنب ومعاقبته والإنصاف منه، فهل لديكم هذه الشجاعة تجاه الجرائم التي ترتكب في المحافظات المحتلة؟، نحن أحرص على شعبنا العزيز من الأمريكي والإسرائيلي والتحالف وأبواق وعملاء التحالف”.
وأضاف “سأترك الرد على الأمريكي وعلى الإسرائيلي لأهلنا وأحبائنا وإخوتنا في رداع بما يخرسهم، سيما والموقف الأمريكي لا هم له إلا حماية الإجرام الإسرائيلي في غزة والحد من أي تحرك مساند للشعب الفلسطيني”.
وأكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي أن الأمريكي أكبر قاتل ومدمر على مدى التاريخ .. وتابع “لا يمتلك الأمريكي اللياقة لأن يتظاهر بالتعاطف تجاه قضية هنا أو هناك والشعب اليمني قتل في جرائم إبادة جماعية بالقنابل الأمريكية في مختلف المحافظات”.
وعّد الموقف المساند للشعب الفلسطيني، موقفاً يعبّر عن كل حر وإنسان بقيت له إنسانية في بلدنا، ولا يخص فئة معينة، ولا ينبغي ربط الموقف المساند للشعب الفلسطيني بأي إشكالية هنا أو هناك.
وأشار قائد الثورة، إلى أن حرب الإبادة الجماعية التي يمارسها العدو الإسرائيلي بشراكة أمريكية سياسة ممنهجة ومدروسة ومعتمّدة، معتبراّ تلك الإبادة شاهداً حياً على بشاعة وإجرام الصهاينة وهم بذلك يمثلون خطراً على البشرية بأكملها.
وقال “الصهاينة تربوا منذ طفولتهم على أفكار ومناهج تعليمية ترسخ الكراهية وحب القتل لكل عربي ومسلم”.. مشيراً إلى أن الإبادة الجماعية التي تدعمها أمريكا تشهد على الانحطاط الأخلاقي والإفلاس الإنساني لدولة خدعت الكثير بزعم أنها تقود العالم المتحضّر.
وأفاد بأن الجرائم الرهيبة في غزة تكشف قبح أمريكا وتقرع جرس الإنذار عن خطورة ممارساتها تجاه غيرها من الشعوب، وتذكّر في ذات الوقت من نسي من سكان العالم بماضي أمريكا الأسود الذي تأسس على الإجرام والغطرسة.
وأكد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، أن مأساة غزة كفيلة بكشف حقيقة أمريكا وربيبتها “إسرائيل” التي ترضع الدماء منذ ولادتها غير الشرعية، كما أنها تعد فضيحة للمجتمع الدولي ودوس لقوانينه وأعرافه الدولية وعاراً على المجتمع المسلم.
وأوضح أن العدو الصهيوني يتحرك في حرب التجويع الممنهجة بغزة في اتجاهين، يتمثل الأول في إعاقة دخول المساعدات إلا النادر، والثاني في استهداف من تصل إليهم.. مؤكدا أن المشاهد المأساوية في غزة ليست قصصاً تحكى، بل هي مآسٍ وأوجاع يجب أن تُحيي الضمائر لمن بقي له قلب.
وأوضح أن المأساة في غزة لعنة على القتلة المجرمين وعلى داعميهم ووصمة عار في جبين الساكتين والمتفرجين.
ولفت إلى أن الأمريكي يُصر على الاستخفاف بحرب التجويع رغم التقارير التحذيرية من الأمم المتحدة والدول والمنظمات، مؤكداً أن الوحشية الصهيونية تكشف مزاعم المطبعين العرب الذين قدموا “إسرائيل” على أنها حمامة سلام.
ووصف قائد الثورة الوضع الصحي في غزة بالكارثي بكل المقاييس نتيجة تدمير العدو الصهيوني للمنظومة الصحية، مشيراً إلى أن العدو الإسرائيلي يحاول إيجاد بيئة مهيأة لفرض عملائه في قطاع غزة والسيطرة على الوضع بما يخدمه.
وأشاد بوعي وبصيرة أهالي قطاع غزة الذين رفضوا بشكل حاسم التعامل مع العدو الإسرائيلي أو عملائه، معتبراً صمود المجاهدين في قطاع غزة آية من آيات الله ومفخرة للشعب الفلسطيني في كل الأجيال اللاحقة.
كما أكد فشل العدو في إحكام قبضته على غزة أو التخلص من المجاهدين واستعادة أسراه والحصول على صورة للنصر، وهناك أزمة لدى العدو الإسرائيلي في التجنيد وهذا يفيد بصعوبة المعركة مع المجاهدين في غزة.
وتطرق إلى خسارة العدو الإسرائيلي للكثير من القتلى والجرحى والمرضى النفسانيين والمختلين عقلياً والمتهربين من القتال.. لافتاً إلى أن العدو يحاول أن يعوض خسائره بالتجنيد لكنه يواجه رفضاً من فئات متعددة من الإسرائيليين، وهناك من يهددون بالمغادرة من فلسطين والبعض يختارون السجن بدلاً من التجنيد.
وبين السيد القائد أن التجنيد في إسرائيل أصبح أزمة واضحة ومشكلة داخلية لدى العدو، وهذه من نتائج صمود الشعب الفلسطيني ومجاهديه.
واستعرض، الخسائر الاقتصادية التي يصفها ما يسمى بوزير المالية الإسرائيلي بالكارثة التي تزداد ويرتفع سقفها وأرقامها، ومن ضمن ما أثر على العدو الإسرائيلي في وضعه الاقتصادي تعطل ميناء أم الرشراش التي يسميها العدو بـ “إيلات”.
وأضاف “أصبح من المقرر عند العدو تسريح نصف العاملين في الميناء بعد تعطله بشكل تام ما أثر على الاقتصاد، وتصريحات العدو الإسرائيلي تعبّر عن الخيبة والخسائر الفادحة للإسرائيليين، ووسائل إعلام إسرائيلية تقول نحن في أخطر فضيحة منذ تأسيس “الجيش” وأخطر فشل منذ تأسيس “إسرائيل”.
وتابع “وسائل إعلام العدو تقول إن الجبهة الداخلية غير مستعدة لحرب إقليمية وستكون أصعب وأخطر بآلاف المرات من الحرب بقطاع غزة، والإسرائيليون يُقَيِّمون فعالية جيشهم في مواجهة آلاف من المجاهدين في غزة بإمكانات بسيطة جداً وفي ظل حصار ممتد لسنوات”.
ولفت قائد الثورة إلى أن هناك قيمة كبيرة وأثر عظيم لصمود وثبات واستبسال المجاهدين في غزة ولصمود الأهالي رغم حجم المعاناة والتضحيات، مؤكداً أن المرحلة الراهنة، مرحلة مفصلية وتاريخية ومصيرية، ولها أهميتها وآثارها المستقبلية.
وتناول دور جبهة لبنان المشتبكة بشكل مباشر مع العدو الإسرائيلي، والمستمرة في التنكيل بالعدو وتأثيرها الكبير عليه، مبيناً أن جبهة اليمن نُفّذت الأسبوع الحالي عمليات بـ18 صاروخا باليستيا ومجنحا وطائرة مسيّرة.
وعرض عمليات القوات المسلحة اليمنية خلال الأسبوع الجاري وأبرزها تلك التي تسببت بقلق كبير عند العدو عملية باتجاه أم الرشراش بصاروخ مطور، تمكن من الوصول إلى أم الرشراش متجاوزاً كل تقنيات الرصد والاعتراض لدى الأمريكي والإسرائيلي.
وأفاد السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بأن الصاروخ المطور فاجأ العدو الإسرائيلي وفتح للقوة الصاروخية أفقاً جديداً في تطوير المديات البعيدة، مشيراً إلى أن القوات المسلحة نفذت عمليات لاستهداف السفن الإسرائيلية والأمريكية في البحرين الأحمر والعربي، كما نفذت القوات المسلحة عملية جديدة إضافية في المحيط الهندي الأسبوع الجاري.
وأوضح أنه تم إطلاق 479 صاروخا ومسيّرة منذ بداية العمليات على العدو الصهيوني.. مبينا أن العدو الأمريكي وفي إطار إسناده للكيان الإسرائيلي شن خلال الأسبوع الجاري 31 غارة وقصفاً بحرياً على اليمن.
وقال ” بلغ إجمالي الغارات والقصف البحري التي ينفذها الأمريكي البريطاني إسناداً للعدو الإسرائيلي ضد بلدنا 407، ورغم استخدام الأمريكي لإمكاناته وسلاحه المتطور فهو فاشل ومعترف بفشله في ردع ومنع عمليات بلدنا المساندة لفلسطين”.
وكشف السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي عن تطور واضح وملموس في القدرات العسكرية اليمنية، والعدو لاحظها في استخدام الصواريخ الباليستية لأول مرة في تاريخ استهداف السفن في البحر.. معتبراً الصاروخ الذي وصل إلى أم الرشراش والاستهداف إلى المحيط الهندي تطورات ذات أهمية كبيرة جداً، كما أن هناك تطورات أكبر وأكثر أهمية وتأثيرا بإذن الله تعالى ونترك المجال للفعل أولا ثم للقول.
وقال “الفشل الأمريكي والبريطاني واضح في عدم تمكنهم من حماية السفن التابعة للعدو الإسرائيلي، ومنذ أن اشترك الأمريكي والبريطاني في الإسناد للعدو الإسرائيلي بالعدوان على بلدنا أصبحوا عاجزين حتى عن حماية سفنهم”.
وذكر أن من معايير نجاح القوات المسلحة اليمنية، هو قلة الحركة للسفن الإسرائيلية والمرتبطة به والأمريكية والبريطانية إلا في النادر.. لافتاً إلى أن الأعداء قاموا بعمليات تمويه كبيرة لسفنهم عبر نشر عقود جديدة للتمويه على أنهم قد باعوا تلك السفن، ومع كل تمويه الأعداء وخداعهم لحماية سفنهم يفتضحون ويندهشون كيف أمكن اكتشافهم.
وأضاف “الأمريكي يتظاهر وكأنه مفلس ويبيع سفنه بشكل عاجل ويخادع برفع أعلام دول أخرى ويقدم معلومات مغلوطة عن السفن”.. مؤكداً أن الأعداء بعد الفشل العسكري يبحثون عن وسائل التمويه وهذا شاهد واضح على مدى فشلهم.
وسخّر من لجوء الأعداء مع ما يمتلكونه من إمكانيات إلى عمليات التمويه التي عادة ما يستخدمها الطرف الأقل إمكانية، مؤكداً أن خسائر الأمريكي والبريطاني مستمرة، وارتفاع الأسعار مستمر، وأصبحت فاتورة الطعام وحدها على متن السفينة الأمريكية تبلغ اثنين مليون دولار شهرياً.
وأردف قائلاً “انعدمت لدى العدو الإسرائيلي بعض السلع وارتفعت أخرى إلى حد كبير، وسيستمر إن شاء الله أكثر مع خطوات وإجراءات أخرى، وباتت الكلفة المالية مشكلة عليهم، ومن الصعب تحديد الفوز والخسارة في هذا النوع من الصراع، ويحاول الأعداء توريط الآخرين ليخففوا الكلفة عليهم وهذه سياسة أمريكا في كل الصراعات والاعتداءات”.
وبين قائد الثورة أن تكاليف الشحن لسفن العدو ترتفع إلى أضعاف وإلى مستويات مرتفعة، لافتاً إلى أن الحالة المعنوية للبحرية الأمريكية في البارجات والسفن الحربية التي أوكلت إليها مهمة إسناد العدو الإسرائيلي هابطة.
وقال “ضابط أمريكي في البحرية الأمريكية يصف المواجهة في البحر الأحمر بحرب بلا هوادة والتحدي الأكبر للبحرية الأمريكية في التاريخ الحديث”، مشيراً إلى أن مدى تأثير وفعالية عمليات القوات المسلحة اليمنية نعمة كبيرة ونصر وتأييد إلهي.
ولفت إلى “أن الأمريكيين كل يوم هم في قلق دائم في سفنهم وعندما يقول البحارة الأمريكيون إننا بعيدون عن ديارنا، نقول لهم: عودوا إلى دياركم أنتم المعتدون، سيما والجيش الأمريكي متعود على الراحة وأفراده مدللون، أما مجاهدونا فهم متمرسون على تحمل الصعوبات ومعتادون على تحمل الشدائد”.
وتوّقف السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي، عند المسار الأمريكي الذي يتحرك باستمرار ضد اليمن للضغط الاقتصادي والإنساني بهدف وقف عملياته المساندة للشعب الفلسطيني، يسانده مسار إعلامي أمريكي بدأ بوتيرة معينة ويتصاعد باستمرار عبر أبواقهم.
وبين أن الأمريكي يرسم السياسات الإعلامية ويقدم العناوين وأبواقهم من المنتسبين للشعب اليمني يتحركون والسعودي يمول، ما يتطلب من الشعب اليمني أن يكون على وعي تام في أن هناك مسار إعلامي من جهة الأمريكي والإسرائيلي والبريطاني.
واعتبر المسار الإعلامي جزءاً من معركة الأمريكي البريطاني الصهيوني ضد اليمن والشعب الفلسطيني.. مبيناً أن الأنشطة الشعبية ذات أهمية كبيرة وجزء من الجهاد في سبيل الله وأداء لمسؤولية، وفريضة من فرائض الله تعالى.
وأكد قائد الثورة أنه لا يجوز لأي مسلم أن يكون بدون موقف تجاه مظلومية الشعب الفلسطيني، لافتاً إلى أن الشعوب المغلوبة على أمرها تستطيع المقاطعة للبضائع والمنتجات الأمريكية والإسرائيلية والمساندة الإعلامية وتقديم التبرعات.
وقال “جاءت الفرصة لشعبنا العزيز بحمد الله سبحانه لموقف شامل ونقص علينا مسألة التفويج للمقاتلين مباشرة نظراً للفواصل الجغرافية”.. موضحاً أن دول عربية لم تقبل بفتح ممرات برية لعبور المجاهدين من اليمن والقوات المسلحة بالاشتراك مع الشعب الفلسطيني.
وأضاف “الدول العربية التي تفصل بيننا جغرافيا وبين فلسطين رفضوا رفضا قاطعا أن تفتح ممرات برية لعبور مجاهدينا”.. مؤكداً أن تجاوز التقنيات الأمريكية والإسرائيلية في الرصد والتشويش والاعتراض يعني انتصاراً وتطورا كبيراً للقدرات اليمنية.
وجدد التأكيد على أن لدى القوات المسلحة اليمنية مخططات ذات أهمية كبيرة في المستقبل من أجل ضربات أكثر تأثيراً على العدو.. وقال” أي شيء نستطيع أن نعمله مما هو مشروع نعمله بدون تردد أو قلق من تهديدات الأعداء وتصنيفاتهم وحملاتهم”.
ومضى السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بالقول “همنا الأكبر هو تقوى الله والعمل بما يرضيه وأن نلبي نداء الضمير الإنساني في وجداننا تجاه مساندة الشعب الفلسطيني، وعلى المستوى العسكري سنستمر في تطوير الفعل والعمليات العسكرية أكثر وأكثر والخيارات في ذلك أكثر فأكثر”.
وحدّد أسلوب الأمريكي الدائم في إعاقة أي موقف من الداخل والمتمثل بالتشويش وإثارة المشاكل وفرض أولويات تتوّه الناس عن أكبر المسؤوليات، مبيناً أن الشعب اليمني جرّب لتسع سنوات محاولات الأمريكي وأبواقه في الإلهاء عن الجرائم الهائلة والحصار الشديد لكنه اصطدم بصخرة الوعي الشعبي اليمني.
وذكّر الجميع بأن الموقف الشعبي والأنشطة الشعبية ذات أهمية كبيرة جدا مع المواقف العسكرية وغيرها.. مشيراً إلى الإحساس بالمسؤولية الدينية والضمير الإنساني الحي الذي حرك ملايين من أبناء اليمن للخروج في 147 ساحة في الجمعة الأولى من شهر رمضان.
وقال “رأينا الإيمان والوفاء والرجولة والكرامة والنخوة في وجوه الذين خرجوا للساحات دون أن يبرروا للقعود بصيامهم”.
ووصف قائد الثورة الخروج في 147 ساحة في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك بالمشرف والعمل العظيم والمهم، بالتزامن مع إقامة ألف و975 أمسية وخمسة آلاف و658 ندوة، وهو تحرك مهم يغيظ الأعداء.
المصدر: الوحدة نيوز
كلمات دلالية: الامم المتحدة الجزائر الحديدة الدكتور عبدالعزيز المقالح السودان الصين العالم العربي العدوان العدوان على اليمن المجلس السياسي الأعلى المجلس السياسي الاعلى الوحدة نيوز الولايات المتحدة الامريكية اليمن امريكا ايران تونس روسيا سوريا شهداء تعز صنعاء عاصم السادة عبدالعزيز بن حبتور عبدالله صبري فلسطين لبنان ليفربول مجلس الشورى مجلس الوزراء مصر نائب رئيس المجلس السياسي نبيل الصوفي السید عبدالملک بدر الدین الحوثی القوات المسلحة الیمنیة الأمریکی والإسرائیلی للعدو الإسرائیلی العدو الإسرائیلی الشعب الفلسطینی للشعب الفلسطینی المجاهدین فی السید القائد الشعب الیمنی الأمریکیة فی أن الأمریکی قائد الثورة الله تعالى أم الرشراش أن العدو وأوضح أن قطاع غزة فی رداع إلى أن فی غزة على أن
إقرأ أيضاً:
قائد الثورة : رسالة للمجرم «ترامب» بأن شعبنا ثابت بكل قناعة في مواجهة الطغاة المستكبرين
الثورة /
أَعُـوْذُ بِاللَّهِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيْمِ
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيْمِ
الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، وَأَشهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ المُبين، وَأشهَدُ أنَّ سَيِّدَنا مُحَمَّداً عَبدُهُ ورَسُوْلُهُ خَاتَمُ النَّبِيِّين.
اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، وَبارِكْ عَلى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّد، كَمَا صَلَّيْتَ وَبَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، وَارضَ اللَّهُمَّ بِرِضَاكَ عَنْ أَصْحَابِهِ الْأَخْيَارِ المُنتَجَبين، وَعَنْ سَائِرِ عِبَادِكَ الصَّالِحِينَ وَالمُجَاهِدِين.
الَّلهُمَّ اهْدِنَا، وَتَقَبَّل مِنَّا، إنَّكَ أنتَ السَّمِيعُ العَلِيم، وَتُبْ عَليَنَا، إنَّكَ أنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمْ.
أيُّهَا الإِخْوَةُ وَالأَخَوَات:
السَّـلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛
خروج شعبنا اليوم، الخروج العظيم، الواسع، الكبير، في العاصمة صنعاء وبقية المحافظات، كان إحياءً عملياً جهادياً عظيماً للذكرى التاريخية العظيمة: ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، وأكرم وأنعم به من إحياء! إحياء بالموقف، إحياء بالعمل، إحياء بالاستمرار على الخط، والنهج، والطريق، في الصراط المستقيم، وهذه نعمةٌ كبيرةٌ، وتوفيقٌ من الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى».
في خروج شعبنا اليمنى في هذه الذكرى، ليؤكِّد على ثباته على موقفه المناصر للشعب الفلسطيني، ووقوفه ضد الطغيان الأمريكي والإسرائيلي، وتصديه للتصعيد العدواني الأمريكي تجاه بلدنا، هذا الخروج هو خروجٌ جهاديٌ في سبيل الله تعالى، في إطار الموقف الحق، الموقف الذي يرضي الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ويُعبِّر عن هوية هذا الشعب، عن قيمه، عن انتمائه الإيماني الأصيل، عن وفائه لرسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، وللإسلام العظيم، عن أنه شعبٌ يتمسك بمبادئه الإسلامية العظيمة؛ ولـذلك هو شعبٌ يتمتع بالعزَّة الإيمانية، لا يقبل بالإذلال، ولا يقبل بالاستباحة، ولا يقبل بالخنوع لأعداء الله.
هذا الإحياء العملي، العظيم، المهم، هو تعزيزٌ يصل به هذا الشعب العزيز حاضره بماضيه المجيد، في نصرة الإسلام، في الجهاد في سبيل الله تعالى، في حمل راية الإسلام، وفي نفس الاتِّجاه، الاتِّجاه ضد الطغيان، الطغيان الكافر، طغيان قوى الشر، قوى الإجرام، قوى الكفر، القوى الظلامية، الظالمة، المفسدة، المستكبرة في الأرض، فمثلما كان الطغيان الكافر آنذاك مُتَمَثِّلاً بجبهة الكفر، التي حاربها رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»؛ الطغيان الكافر الظالم في هذا العصر يَتَمَثَّل في أمريكا وإسرائيل، ومن يدور في فلكهم، شعبنا العزيز هو يسير في اتِّجاه الاقتداء برسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، والسير على نهجه وفي طريقه.
رسالة اليوم، التي قدَّمها شعبنا العزيز بخروجه الواسع العظيم، هي رسالةٌ واضحة:
• أولاً: للشعب الفلسطيني، شعبنا يؤكِّد لهم باستمرار أنهم لن يكونوا وحدهم، الشعب الفلسطيني لن يكون وحده، لن نقبل- كشعبٍ يمني- بأن يستفرد به العدو الإسرائيلي، بشراكةٍ وحمايةٍ أمريكية، للعمل على إبادته، وتجويعه، وتهجيره، وتصفية قضيته، ومصادرة فلسطين والمُقَدَّسَات في فلسطين، هذا هو الهدف الإسرائيلي والأمريكي، لكنَّ شعبنا لن يقبل بذلك أبداً؛ باعتبار موقفه الإيماني، والتزامه الديني والأخلاقي والإنساني، تجاه هذه القضية وهذه المظلومية.
• ورسالةٌ واضحة فيما يتعلق بالتصدِّي للعدوان الأمريكي، حينما أعلن الأمريكي جولةً جديدةً من العدوان على بلدنا، إسناداً منه للعدو الإسرائيلي؛ فشعبنا العزيز لن يقف مُتفرِّجاً تجاه هذا العدوان الذي يستهدفه، ويستهدفه لموقفه الحق، فشعبنا العزيز قدَّم رسالة صمود وثبات، في مواجهة الطغيان والعدوان الأمريكي.
• رسالةً للمجرم المعتوه الكافر [ترامب]، بأن شعبنا العزيز هو ثابتٌ بكل قناعةٍ، بكل بسالةٍ، بِعِزَّة الإيمان، بثقته بالله تعالى، واعتماده على الله، وتوكله على الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وإيمانه بوعد الله الصادق بالنصر، في مواجهة الطغاة المستكبرين.
ولـذلك فهذه الرسائل المهمة للأعداء، الأمريكيين والإسرائيليين أيضاً، والرسالة التي يؤكِّد بها شعبنا العزيز ثباته على موقفه في مناصرة الشعب الفلسطيني، هي رسائل واضحة وجليَّة، ومعها الموقف، البارحة اشتبكت قواتنا المسلحة المجاهدة مع حاملة الطائرات الأمريكية، التي هربت أثناء الاشتباك إلى أقصى شمال البحر الأحمر، تهرب إلى مسافة (ألف وثلاثمائة كيلو)، كذلك تصدَّت قواتنا المسلحة لمحاولات الأعداء لشن هجومٍ عدواني.
فهذه الرسائل العملية، في إطار الموقف الشعبي، وإطار الموقف من القوات المسلحة، في أدائها الجهادي العظيم، يجعل- فعلاً- من إحياء هذه المناسبة فرقاناً عظيماً في هذا العصر، فرقاناً مهماً بين الإسلام والكفر، بين الإيمان والنفاق، بين خيار الخنوع والذِّلَّة للكافرين، الذي يَتَبَنَّاه البعض من أبناء الأُمَّة للأسف، وبين الاتِّجاه الإيماني الثابت، بالعِزَّة على الكافرين، الامتداد لنهج الإيمان، لموقف رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ».
فأمام هذا المشهد العظيم، الذي كان واضحاً في الحضور المليوني لشعبنا العزيز، في إطار الموقف العملي الجهادي، نُقدِّم أيضاً من جديد التحذير للأمريكي: أن استمراره في عدوانه على بلدنا، إسناداً منه للعدو الإسرائيلي، إنما يدفع بنا إلى مواجهة تصعيده بخياراتٍ تصعيدية إضافية، نحن نواجِّه الآن عدوانه بالاستهداف لحاملة طائراته، بالاستهداف لبوارجه وقطعه الحربية في البحر؛ ولكن حينما يستمر في عدوانه لدينا خيارات تصعيدية أكبر من ذلك، وأكثر إيلاماً له، وإزعاجاً له، وغيظاً له من ذلك، فنحن نوجِّه إليه التحذير، وليستفد مما قدَّمه شعبنا العزيز اليوم من رسالة واضحة وقوية، تؤكِّد على ثباته على موقفه.
أيضاً بالنسبة للعدو الإسرائيلي، إصراره على منع دخول المساعدات إلى قطاع غزَّة، هو عدوانٌ كبير، إجرامٌ رهيبٌ وفظيع، لا يمكن السكوت عنه، ونحن حتى تجاه هذه المسألة، قلنا: موقفنا في حظر الملاحة على السفن الإسرائيلية هي خطوةٌ أولى، لكن عندما تشتد مجاعة الشعب الفلسطيني في قطاع غزَّة، لا يمكن أن نتفرَّج وأن يكون موقفنا فقط عند هذا المستوى؛ لأن المعيار لمواقفنا هو: مسؤوليتنا الدينية والإيمانية والأخلاقية، مع فعل ما نستطيعه، وما نتمكن منه؛ ولـذلك لا نتردد عندما يستلزم الحال، وتقتضي المسؤولية، أن نُقْدِم على خطوة أكبر، أو عملٍ أكبر، فنحن مستعدون.
في محاضرة اليوم، نتحدث أيضاً- بعد أن نتوجَّه إلى شعبنا بالشكر والإشادة، ونسأل الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أن يكتب أجركم، وأن يُبَيِّض وجوهكم، وأن يرفع قدركم، وأن يتقبَّل منكم هذا الخروج العظيم، والإحياء العظيم لهذه الغزوة المباركة لذكرها، في إطار الموقف والعمل الذي يرضي الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، وَالتَّحَرُّك جهاداً في سبيل الله وابتغاء مرضاته- نتحدث في هذه المحاضرة عن غزوة بدرٍ الكبرى، بما تُقَدِّمه لنا، ونحن في إطار الموقف والعمل؛ ولأُمَّتنا، وهي بحاجة إلى التذكير بذلك، من دروسٍ وعبرٍ مهمة.
محاضرتنا في هذا اليوم سنبدأ فيها بمقدِّمات مهمة لهذه الغزوة، هذه الغزوة التي تُذَكِّرنا برسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، بمسيرته، بجهاده، وهو لنا الأسوة والقدوة، الذي نهتدي به، ونهتدي بسيرته، بمواقفه، بتحركاته، نحن نؤمن بأنه رسول الله وخاتم أنبياءه، القدوة، الأسوة، والهادي لنا إلى طريق الحق؛ ولـذلك عندما نعود إلى مثل هذه المناسبات، ونستذكر من خلالها ما هو جزءٌ من سيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، فذلك في إطار الاهتداء، والاقتداء، والاتِّباع.
مسيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» في إقامة الدين، وفي بناء الأُمَّة، وفي الحركة في مختلف المجالات في هذه الحياة على أساس القرآن الكريم، هي مسيرة هدايةٍ للمسلمين على امتداد التاريخ، وليس فقط للجيل المعاصر له من المسلمين؛ وإنما يحسب هو «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» حساب كل الأجيال اللاحقة؛ ولـذلك فهو يتحرَّك بناءً على ذلك، يُقَدِّم في حركته، في ترتيباته العملية، في خطواته العملية، في مواقفه العملية، ما فيه الهداية لكل الأجيال المسلمة إلى نهاية التاريخ، ولا يحسب فقط حساب عصره وزمنه، فيما يقوم به في إطار حركته في إقامة دين الله، وبناء الأُمَّة، والعمل في مختلف المجالات على أساس هدي القرآن الكريم، وهذه مسألة مهمة بالنسبة لنا أن نعيها جيداً؛ لأنها تُقَدِّم لنا ما يقوم به رسول الله «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» في إطار الاهتداء، لنستفيد منه، ونهتدي به.
عادةً ما يدرس الناس الأحداث التاريخية؛ للاستفادة منها في معرفة الأسباب والنتائج، يعني: هذه من أهم ما يستفيد منها البشر، عندما يعودون لدراسة الأحداث التاريخية؛ ليستفيدوا منها- من واقع التجربة العملية التي قد حصلت- معرفةً بالأسباب والنتائج: أسباب النصر، وأسباب الهزيمة؛ وأن يدرسوا أسباب النجاح، أسباب الفشل… وهكذا، وهذه مسألة مهمة جدًّا، ومفيدة في نفس الوقت.
لكن فيما يتعلق بسيرة رسول الله «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، والأحداث التاريخية في إطار جهاده وعمله، فهي مع أنها غنيةٌ جدًّا بالدروس المرتبطة فيما يتعلق بهذا الجانب، مدرسة كبيرة مهمة وملهمة في الدروس والعبر، فيما يتعلق بالأسباب، والنتائج، والسُّنَن في هذه الحياة، فهناك أيضاً اعتبار آخر مع ذلك، أرقى وأهم، وهو: أن رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، مع نجاحه العظيم الذي لا مثيل له؛ لأنه يُقاس فيه:
• الإمكانات البسيطة جدًّا، على المستوى المادي، وعلى مستوى العدد والعُدَّة.
• وفي نفس الوقت التعقيدات الكبيرة، على مستوى الظروف، والوضع، وجهة الأعداء.
• وحجم النتائج، والإنجاز العظيم الذي تحقق مع كل ذلك.
وهذه مسألة مهمة جدًّا، في نظرتنا إلى ما تحقق على يد رسول الله «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» والمؤمنين معه، وطبيعة ونوعية الإنجاز الذي حققه؛ لأنه إنجاز عظيم، يعني: صناعة تحوُّل كبير جدًّا في الوضع بكله، وفي مسار التاريخ.
مع كل ذلك، رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» هو في موقع القدوة والهداية، هو رسول الله الذي يصلنا به انتماؤنا الديني والإيماني، على قاعدة وأساس الاتِّباع، الاتِّباع له؛ ولـذلك هذه ميزة كبيرة لسيرة رسول الله «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، فرقٌ بين أن نقرأ- مثلاً- الأحداث التي في سيرته، والأحداث الأخرى:
• الأحداث الأخرى قد نستفيد منها في إطار استيعاب السُّنَن الإلهية، فيما يتعلق بالأسباب والنتائج.
• لكن هذا نستفيده من سيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، وفي مقام الاهتداء، والاقتداء، والاتِّباع، من واقع هذه الصلة، وهذا الانتماء الإيماني.
ولـذلك يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» في القرآن الكريم: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا}[الأحزاب:21].
للأحداث التاريخية، التي غيَّرت مجرى التاريخ، وصنعت تحوُّلات كبيرة في واقع البشر والناس، لها أهمية خاصة بين بقية الأحداث، التاريخ مليءٌ بالأحداث، لكن هناك أحداث تختلف عن غيرها، بهذه الميزة: أنها أحداث غيَّرت مجرى التاريخ، صنعت تحوُّلات جديدة في واقع المجتمع البشري، كانت لها تأثيرات كبيرة، وممتدة عبر الأجيال، لم تكن تأثيراتها محدودة على مستوى ظرف مُعَيَّن، أو مجتمع مُعَيَّن، أو لزمن محدود؛ بل امتدَّت على مستوى نطاقها الواسع في الواقع البشري، وعلى مستوى الزمن، امتدَّت إلى الأجيال، لهذه الأحداث أهمية خاصة بين غيرها من الأحداث.
ومن تلك الأحداث التاريخية، التي لها هذه الأهمية، وهذه الميزة، هي: غزوة بدرٍ الكبرى، وأيضاً فتح مكة، وسيأتي الحديث عن فتح مكة في محاضرة أخرى إن شاء الله، هذه التأثيرات، هذه التحوُّلات، امتداد هذا التأثير إلى زمننا هذا، وما بعد زمننا إلى نهاية التاريخ؛ فلها أهمية كبيرة، ولها علاقة كبيرة بنا.
أُمَّتُنَا في هذه المرحلة بالذات، وهي في حالة كبيرة من الاستهداف، ويقابلها حالة كبيرة من التخبُّط في داخل الأُمَّة، على مستوى الخيارات، والقرارات، والمواقف، والتوجيهات، أُمَّتنا- بالنظر إلى كل ذلك- هي أحوج ما تكون إلى العودة إلى سيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، واستلهام الدروس والعبر منها، ومن جهاده، من موقع التأسِّي، والاقتداء، والثقة، كما قلنا: العلاقة برسول الله هي علاقة إيمانية، وحركته ومسيرته هي مسيرة إيمانية، يعني: لم يكن يعمل ما يعمل، ويتَّخذ ما يتَّخذ من قرارات كآراء شخصية، بعيدة عن الموقف الإيماني والديني، أو منفصلةً عن الاعتبار الإيماني والديني؛ إنما كان يتحرَّك بنور الله، بهدى الله، وفق تعليمات الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، عن غزوة بدر، يقول الله له: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ}[الأنفال:5]، في إطار توجيهات الله، وتعليمات الله، ولـذلك فحركة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ» العملية (في جهاده، في مسيرته) هي في إطار العمل لتطبيق تعليمات الله، وتنفيذ توجيهات الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»؛ فهي مدرسةٌ:
• في الالتزام الإيماني والديني.
• وفي الأداء للمسؤوليات الإيمانية والدينية على أساس ذلك.
فلها هذه القيمة، يعني: ليست المسألة أننا ندرس أفكار أشخاص، تصرفات أشخاص عاديين، في إطار تجاربهم كأشخاص عاديين، نحن عندما ندرس سيرة رسول الله ندرس الإسلام، ندرس الإيمان، ندرس الحق يتجسَّد عملياً في الواقع، يتحرَّك في ميدان الحياة، ونرى أنفسنا- بحكم انتمائنا الإيماني- مُلزمين بأن نسير في هذا الاتِّجاه، وأن نهتدي برسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، وبما قدَّمه، وتتعزز لدينا الثقة بأنها منهجية ناجحة.
رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ» تحرَّك بالقرآن الكريم، تحرَّك بتوجيهات الله وتعليماته، التي نقرأها في كتابه، ندرسها في القرآن، فكيف كانت النتائج؟ واجه ظروفاً صعبة، بالغة التعقيد، لكن كيف كانت النتائج؟ هذا نراه جَلِيّاً في سيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»؛ مما يعزز الثقة في الانطلاقة الإيمانية، مما يعطي الاطمئنان تجاه النتائج المهمة لتعليمات الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» حينما نتحرَّك على أساسها، أن لها نتائج عظيمة؛ لأنها من حكمة الله، من رحمته، بعلمه «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، ليست توجيهات عشوائية، ممن لا يعلم ما يجري في الزمن من متغيرات، ومن ظروف، هي تعليمات الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»، الذي يعلم الغيب والشهادة، {يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[الفرقان:6].
ولـذلك يجب أن ننطلق من هذا المنطلق في قراءتنا للسيرة، في نظرتنا إلى الأحداث في عصر رسول الله، في حركة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، فتعاليمه القَيِّمَة هي على أساسٍ من نور الله وهدايته، ويجب أن ننطلق بثقة، وأن تتعزز هذه الثقة، وأن نستفيد منه في كيفية التطبيق.
ثم- بناءً على ذلك- أن تكون هي (القرآن الكريم، ومسيرة رسول الله وجهاده) معياراً لنا نحن المسلمين، في هذه المرحلة بالذات، لتقييم الآراء، والتوجيهات، والمواقف؛ لأن هناك- وللأسف الشديد- حالة تخبُّط كبيرة جدًّا في واقع الأُمَّة.
الأعداء يتَّجهون لاستهدافها، (الأمريكي، والإسرائيلي، والحركة الصهيونية اليهودية) يتَّجهون لاستهداف هذه الأُمَّة، ولديهم خيارات واضحة، وخطوات واضحة، ومواقف واضحة، وتوجُّه ناجز، ومحدد وواضح، يعني: ليست المسألة عندهم مسألة يغرقون على كل خطوة، على كل إجراء، على كل موقف، في جدل، وينشغلون، ويتعرقلون نتيجةً لذلك، لا، لديهم مخطط يسيرون عليه، ومشروع واضح، هو (المشروع الصهيوني)، هو الأساس الذي يتحركون عليه، ولديهم أهداف عملية محددة وواضحة، ولديهم سياسات محددة أيضاً وواضحة، كلها سياسات عدوانية، ويعملون على تحقيق المكاسب المرحلية؛ ليصلوا- في نهاية المطاف- إلى الأهداف النهائية، فلديهم وضوح في اتِّجاههم.
وللأسف الشديد، كان هذا لا ينبغي أن يكون لديهم وفي نفس الوقت مفقود لدى المسلمين، يعني: أن المسلمين هم الأولى، بأن يكونوا هم الذين يتحرَّكون ضد أعدائهم، على أساس المواقف الواضحة، والثوابت، وعلى أساس الرؤية الصحيحة المدروسة، والخطة الكاملة؛ لأن المواقف لدى المسلمين ليست مواقف ثابتة، هي مجرد ردود أفعال عارضة، يعني: كلما أقدم الأعداء على خطوة في نطاق مشروعهم الواسع؛ كانت ردة فعل المسلمين، المتفاوتة، المتناقضة، المضطربة، ردة فعلٍ لحظية، لحظية، في الموقف المستجد، وكأنه موقف ليس له أي سياق، وليس وراءه أيضاً أي شيء يتبعه، يعني: كأن اليهودي فقط افتعل مشكلة هكذا طارئة، كيف يتعاملون معها، ثم افتعل مشكلة ثانية… وهكذا، يتخبَّطون- للأسف الشديد- في حالةٍ من العمى، من العمى، في حالةٍ من الغباء، في حالةٍ من الجهل الرهيب والفظيع، وهذا هو نتيجة لإعراضهم عن القرآن، لإعراضهم عن رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، وعن الاستفادة منه في الحركة على أساس القرآن، ونتيجةً لعدم نظرتهم الجادَّة، الموضوعية، إلى الأعداء، وما هي خطة الأعداء، وما هو المشروع الحقيقي للأعداء، الذي يتحركون على أساسه.
ولــذلك فالحركة الارتجالية للأُمَّة، والمواقف الآنية واللحظية، ليست صحيحة إطلاقاً، وتتفاوت، وتضطرب، وأكثرها في الاتِّجاه الذي ليس له أي أثر أبداً في مواجهة الأعداء، ولا أي قيمة، ولا أي أهمية.
فنحن بحاجة إلى أن نجعل من حركة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، ومن سيرته، ومن مواقفه الناجحة، التي ثبت نجاحها، مدرسةً لنا، وأن نُقَيِّم بناءً على ذلك- شعوب إسلامية وبلدان إسلامية- أن نقيم الآراء والتَّوجُّهات: هل هي في نفس هذا الاتِّجاه؟ هل هي تنسجم مع القرآن، مع حركة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، أو لا تنسجم؟ إذا كانت لا تنسجم، فلا ينبغي أن تأخذ بها الأُمَّة، أن تغرق فيها الأُمَّة، أن تُضِيْع الأُمَّة لأجلها الوقت، الجهد، الفرص، وبالشكل الذي يتيح للأعداء تحقيق المزيد من الإنجازات، وتعزيز فرصهم؛ لتحقيق إنجازاتٍ أخرى إضافية، هذه مسألة مهمة جدًّا.
الأُمَّة مستهدفة في غاية الاستهداف، وفي وضعٍ خطيرٍ للغاية، أعداؤها واضحون، واضحون جدًّا في القتل اليوم، في الاحتلال، في التدمير، والأعداء هم يسعون إلى ماذا؟
• إلى تدمير هذه الأُمَّة.
• إلى طمس هويتها الدينية.
• إلى احتلال أوطانها.
• إلى نهب ثرواتها.
• إلى استعبادها.
• إلى إذلالها.
ولهـذا لا يتوقفون، من حربٍ إلى حرب؛ ومن غزو بلد إلى غزو بلد؛ ومن تدمير بلد بمؤامراتهم عليه من الداخل، إلى اجتياح بلد آخر بشكل مباشر… وهكذا.
يعني: عندما- مثلاً- نعود إلى هذه السنوات الماضية، لِنُقَيِّم- هذه مسألة التَّقْيِيم غائبة لدى المسلمين- لِنُقَيِّم على مدى عشرين عاماً، كيف يفعل الأمريكي والإسرائيلي، هل تركوا هذه الأُمَّة لتهدأ؟ على مدى عشرين عاماً فقط، فما بَالُك والمسألة من قبل ذلك بكثير، ومستمرة، وستستمر من جانب الأعداء، ستستمر من جانبهم، لن يتوقفوا عن ذلك، لن يوقفهم إلَّا الردع، إلَّا الهزيمة، إِلَّا مَنَعَة في واقع الأُمَّة، تَحُوْلُ بينهم وبين تخطيط مؤامراتهم، وتنفيذ أعمالهم العدوانية والإجرامية تجاه هذه الأُمَّة.
فالأُمَّة هي تتضرر بالخيارات الخاطئة، والقرارات الخاطئة، التي تتيح لأعدائها المزيد من السيطرة، من التمكُّن من تنفيذ مؤامراتهم في داخلها؛ لأنهم يشتغلون في كل الاتِّجاهات: الاجتياح المباشر، الأعمال المباشرة، والأعمال التي من داخل الأُمَّة؛ فهم يشتغلون ويَتَحَرَّكون بهذا الشكل.
يَــوْمُ الفُرْقَــان، هو العنوان العظيم لغزوة بدرٍ الكبرى، (يوم الفرقان) كما سمَّاه الله في (سورة الأنفال)، يعني: أنه يومٌ فارقٌ في التاريخ؛ ولـذلك يجب أن ننظر إلى هذه الذكرى باهتمام كبير؛ لأنه تَرَتَّب عليها نتائج عظيمة جدًّا، والمهم أن نستفيد منها ومن أمثالها:
• في تصحيح الرؤية في واقع الأُمَّة، هذا جانب.
• وأيضاً في استنهاض العزائم والهمم في داخل الأُمَّة.
• في ترسيخ الأمل في الاتِّجاه العملي الصحيح.
لأن هنـــاك مـن جــانب الأعــــداء:
• ضخّ هائل جدًّا للإرجاف، والتهويل، والتيئيس، والإحباط، في أوساط الأُمَّة.
• وهناك أيضاً على مستوى التشويش للرؤية ضخّ كبير جدًّا، شغل كبير من جانب الأعداء: تشكيك، تلبيس، ترسيخ لخيارات خاطئة كما قلنا.
أمام هذا وذاك يجب أن ننظر إلى (يوم الفرقان)، إلى ذكرى غزوة بدرٍ الكبرى، وما بعدها، وما قبلها، في سيرة رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ»، بما يفيدنا لتصحيح الرؤية، بما يفيدنا لاستنهاض العزائم والهمم، بما يفيدنا أيضاً لترسيخ الأمل في الثقة بوعد الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» والنصر، والتغيير للواقع المظلم والمذلِّ، والمهين والمخزي للأمة، والدفع في الاتِّجاه الصحيح، الاتِّجاه العملي الصحيح الذي يحقق ذلك.
من أول الدروس في غزوة بدرٍ الكبرى، هو: درس يتعلق بأهمية الجهاد في سبيل الله تعالى، أنه هو الخيار الصحيح، الذي يصنع الله به التَّحَوُّلات، الذي يُشَكِّل حمايةً حقيقيةً للأمة، الذي يدفع الخطر من جهة الأعداء، ويدفع شَرَّهُم، هذه مسألة مهمة.
الخيارات التي تُطرح في الساحة، والخيارات المُتَّبعة- بالفعل- في واقع الأُمَّة، هي الخيارات الأخرى:
• خيارات (الجمود، القعود، الاستسلام): وهذا لدى فئة واسعة من أبناء الأُمَّة: لدى أنظمة، وحكومات، وزعماء، واتِّجاهات فكرية، واتِّجاهات ثقافية، واتِّجاهات سياسية، ولدى جماهيرها من أبناء الأُمَّة، رؤيتهم هي هكذا: أنه في مقابل ما يعمله الأمريكيون، ماذا نعمل نحن كمسلمين؟ نسكت، نجمد، نتركهم لفعل ما يفعلون، ونترك الساحة مفتوحةً أمامهم لفعل ما يريدون.
وهذا هو أيضاً تَوجُّهٌ ليس حتى في الإطار العقلاني الفطري، يعني: يَشُذُّ حتى عن الفطرة، كيف ذلك؟! كيف ذلك؟! لكنَّها حالة خطيرة في واقع الأُمَّة، أن يكون هذا تفكيراً سائداً لدى فئة واسعة من المسلمين: حكومات، وفي أوساط الشعوب، وفي أوساط النُّخَب… وغيرهم.
• هناك اتِّجاه آخر من أبناء الأُمَّة له رأي أسوأ من ذلك: رأيه هو التعاون: التعاون مع الأعداء، التحالف مع الأعداء، التَّجَنُّد مع الأعداء، الدخول في إطار مؤامراتهم كأدوات لهم.
أمَّا هذه فهي طامة كبرى، واتِّجاه يُمَثِّل حالة ارتداد عن مبادئ الإسلام، وقيمه العظيمة، وأخلاقه الكريمة، ومشروعه لإقامة العدل في الحياة؛ وفي نفس الوقت تمكين تام للعدو، وإعانة له على النفس، على هذه الأُمَّة، على أوطانها، على شعوبها، على ثرواتها، وَتَجَنُّد مضاد لمبادئ الإسلام، يتناقض معها كلياً.
الجهاد في سبيل الله تعالى هو الوسيلة الحقيقية التي يمكن أن تحمي الأُمَّة، أن تدفع عنها الشَّرّ والأشرار؛ لأنه في إطار سُنَّة من سُنَنِ الله تعالى، سُنَّة من سُنَنِه في هذه الحياة، سُنَّة من السنن الحاكمة، الحاكمة في مسألة الأسباب والنتائج في مسيرة البشر.
الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» قال في القرآن الكريم: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}[البقرة:251]، هذه هي سُنَّة من سُنَن الله تعالى: أن الله يدفع الناس بعضهم ببعض، هذا التدافع، هذا الدفع الذي يأتي في إطار المواقف العملية، في إطار المواجهة، في إطار التَّصدِّي للطغيان، الذي يَحُدّ من طغيان الآخرين، لولا هذه السنة الإلهية لفسدت الأرض بالكامل، ولما بقيت حياة للمجتمع البشري عليها؛ لأن هناك في أوساط البشر من هم في مستوى طغيانهم، وعدوانيتهم، وشَرِّهِم، وإجرامهم، إلى درجة يمكن ألَّا تبقى الحياة معهم، وألَّا يُبْقُوا للحياة وجوداً على هذا الأرض، إلَّا بشكلٍ فاسدٍ تماماً، يعني: ليس فيه أي شيءٍ من الصلاح، يعني: تتحول الحياة في المجتمع البشري: إمَّا أن تنتهي بالكامل؛ وإمَّا أن تصل إلى درجة- من فسادها- إلى درجة فظيعة جدًّا، تتحوَّل إلى حياة حيوانية، بهيمية، لا يبقى فيها أي قيمة للوجود الإنساني، ولا للجوهر الإنساني، للكرامة الإنسانية، للاعتبار الإنساني، ولا يبقى فيها أي مستوى من الاستقرار إطلاقاً، ولا تبقى فيها أي شيءٍ من مظاهر الاستخلاف في الأرض: لا عِمارة للحياة، ولا ازدهار في الحياة، ولا استقرار في الحياة.
ولـذلك هذه السُّنَّة الإلهية في دفع الناس بعضهم لبعض، يأتي في إطارها عنوان الجهاد في سبيل الله، يقول الله «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى»: {وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَوَاتٌ وَمَسَاجِدُ يُذْكَرُ فِيهَا اسْمُ اللَّهِ كَثِيرًا}[الحج:40]، على مستوى الشعائر الدينية، حتى هي لَما بَقِيَت.
ولـذلك عندما أتى الإذن والتوجيه للمسلمين بالجهاد، في قول الله تعالى: {أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ}[الحج:39]، يأتي أيضاً في سياق الدفع للظلم، إذا كانت الأُمَّة لا تريد أن تُقاتل، فالأعداء يريدون هم أن يقاتلوها، وأن يقتلوها، وأن يُبِيدُوها، العدو الإسرائيلي يَقْتُل يومياً، يَقْتُل من الناس المسالمين، يَقْتُل من الناس العاديين، يَقْتُل من العاملين في المجال الإنساني، من صحفيين، مدنيين، بشكلٍ يومي، يقتلهم عدواناً وظلماً؛ ولـذلك فالأُمَّة بحاجة إلى أن تتحرك في إطار السُّنَّة الإلهية؛ لدفع الظلم عن نفسها، لدفع الخطر عنها؛ ولـذلك تحرَّك رسول الله «صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ» في غزوة بدرٍ الكبرى.
لو كان هناك نجاح للخيارات الأخرى، وكانت أرشد، وأصوب، وأحكم، وأرحم، وأنسب؛ لكان رسول الله هو الأَوْلَى «صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ»، فيما هو عليه من رشد، من رحمة، من حكمة، بأن يتبنى أي خيار آخر بديلاً عن الجهاد في سبيل الله.
نكتفي في هذه المحاضرة بهذا المقدار، في هذه المُقَدِّمَة.
وَنَسْألُ اللَّهَ «سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى» أَنْ يُوَفِّقَنَا وَإِيَّاكُم لِمَا يُرْضِيهِ عَنَّا، وَأَنْ يَرْحَمَ شُهْدَاءَنَا الأَبْرَار، وَأَنْ يَشْفِيَ جَرْحَانَا، وَأَنْ يُفَرِّجَ عَنْ أَسرَانَا، إِنَّهُ سَمِيعُ الدُّعَاء.
وَالسَّلامُ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ؛؛؛