بعد 10 سنوات من توقف التوظيف الحكومي في مصر، أعلنت الحكومة عن توفير 70 ألف وظيفة جديدة للعام المقبل، الأمر الذي أثار تفاؤلا بين قطاعات واسعة من المصريين بإمكانية تحسين أوضاعهم الاقتصادية، لكن فرحة هؤلاء لم تكتمل إذ وضعت الحكومة أمامهم عوائق صعبة وغير متوقعة وحالت بين الآلاف منهم وبين الحصول على الوظيفة.

القصة بدأت بإعلان وزير المالية المصري محمد مَعيط فتح الباب للتقديم على 70 ألف وظيفة حكومية في تخصصات مختلفة خلال العام المالي 2023 و2024، بينها 30 ألف وظيفة في قطاع التعليم كمعلمين في مرحلتي رياض الأطفال والمرحلة الابتدائية، وبالفعل تقدم للمسابقة نحو 240 ألف شخص، وتمكن 30 ألفًا منهم من اجتياز جميع مراحل الاختبارات التي أعلنت شروطها وزارة التربية والتعليم.

لكن الذين اجتازوا الاختبارات تفاجؤوا بأن ذلك ليس كافيا للحصول على الوظيفة، إذ تلقوا طلبات للتوجه لمقر الكلية الحربية في القاهرة لإجراء اختبارات لياقة بدنية تنفيذًا لقرارٍ من مجلس الوزراء نشرته صحف مصرية يشترط إخضاع جميع المتقدمين لشغل وظائف حكومية لدورات عسكرية واختبارات لياقة بدنية في الكلية الحربية، علما أنه لم يذكر في الشروط أي اجتياز لاختبارات بدنية.

وبعد الانتهاء من اختبارات اللياقة البدنية، بدأت الشكاوى تتعالى، حيث تم رفض عدد من لمتقدِمات رغم استيفائهن لشروط الوظيفة المعلنة بحجة زيادة الوزن أو الحمل، وهو الأمر الذي أثار حالة من الجدل والاستغراب الواسعتين على مواقع التواصل الاجتماعي في مصر.

وقد رصد برنامج شبكات بحلقته بتاريخ (2023/7/26) بعض التغريدات التي أطلقها نشطاء كردة فعل على ما حدث مع المتقدمين للوظائف، ومن هذه التغريدات تغريدة للناشطة أماني مجدي التي أشارت إلى أنه لم يتم فرض الوزن والحمل ضمن الشروط منذ البداية وقالت: "لم يكن الوزن والحمل شرطا من شروط المسابقة وليس لأي شخص الأحقية في إدراج هذا الشرط للتعيين نحن لسنا عارضات أزياء ولا مضيفات ولا ضباط جيش".

وكذلك ذهبت الناشطة سما للتأكيد على أن الحمل لم يكن عائقا عن العمل وكتبت: "يا معالي الوزير متى كان الحمل الذي هو طبيعة بيولوجية عائقا عن العمل.. أنا واخدة (حاصلة على) امتياز مع مرتبة الشرف الأولى على الدفعة أراد الله أن أحمل الآن رغم سعيي لسنوات هكذا أعاقب، حسبنا الله إليه المشتكى".

لكن أحمد وجد الإجراء الحكومي منطقيا ويخدم المصلحة العامة، حيث غرد قائلا "المعلم قدوة علشان كده لازم يكون رياضي وصحته كويسة ومنضبط وده الهدف من الدورة العسكرية، الحكومة عايزة تحول المعلم لأسلوب حياة مش مجرد واحد بيلقن الطلاب وخلاص.. لما يكون بيقول الطالب لازم يكون رشيق لازم هو قبله يكون كده".

من جهته، تساءل الناشط محمد صقر عن دور جمعيات حقوق المرأة قائلا: "فين جمعيات حقوق المرأة…. هو التعيين ده مش حق للمرأة ازاى ماتتقبِلش عشان حامل ولا وزن زائد، ايه التهريج ده.. هو ده كده مش تمييز وعنصرية ضد المرأة.. هو عايز معلمات ولا مودلز اعلانات اقسم بالله قمة الاهانة للمعلمين وخصوصا السيدات".

وكذلك ذهب حساب توتا للتأكيد على أن أصحاب الوزن الزائد متضررون جدا من هذه الشروط وقال: "نرجو من سيادة الوزير ينظر بعين الرأفة لزمايلنا أصحاب الوزن الزائد لأنهم تعبوا جداااا في الإجراءات وصرفوا كتير جدااا ومنهم الي ساب شغله ممكن يمضوا العقود معانا وياخدوا فرصة سنتين يظبطوا فيها وزنهم.. ولا يتم تعيينهم رسمي الا بعد ما يكونوا نزلوا في الوزن".

وبهذا الشأن، أصدرت وزارة التربية والتعليم المصرية بيانًا حول الموضوع وقالت فيه "ستتم إتاحة الفرصة للمعلمين والمعلمات الجدد لاستكمال الاختبارات المتبقية لهم في المسابقة الذين حالت ظروفهم الصحية دون استكمالها والتي تتعلق بـ(الحمل – الولادة – الوزن الزائد)".

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

غرامات التأخير.. عائق أم فرصة للتطوير؟!

 

 

 

فايزة سويلم الكلبانية

faizaalkalbani1@gmail.com

 

يُواجه العديد من أصحاب المشاريع تحديات تطال استمرارية أعمالهم، ومن أبرزها تراكم الرسوم الحكومية الناتجة عن "غرامات تأخير سداد الرسوم الحكومية"، هذه الغرامات قد تُصبح السبب الرئيسي لخسارة مشاريعهم؛ حيث يضطر البعض- خاصة أصحاب المشاريع الصغيرة- إلى إغلاق أعمالهم بعد سنوات من الكفاح والجهد. والمفارقة أنهم لم يعانوا من نقص في العملاء أو سوء في جودة الخدمات؛ بل كانت المشكلة في تراكم الغرامات بشكل يفوق قدرتهم على السداد.

ولقد فوجئ الآلاف من أصحاب الأعمال والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بالقرار الذي بدأ تنفيذه قبل أيام، ويفرض غرامة 50 ريالًا على كل سجل تجاري، غير مُدرج في نظام حماية الأجور. ومع إيماننا الكبير بأهمية هذا النظام في الحفاظ على حقوق العمال، لكن في المُقابل هل يُعقل أن يتم فرض الغرامات دون مُقدمات ودون توعية واضحة للمُستهدفين؟! من الغريب في هذه الأيام أن نجد وزارة أو جهة تقول إنِّها نظمت حملة توعوية عبر وسائل التواصل الاجتماعي!! وكأنَّ هذه الوسائل باتت المنابر التي يمكن من خلالها الوصول إلى جميع رواد الأعمال وأصحاب المؤسسات. وكان من المفترض أن يتم إطلاق حملة إعلامية موسعة، وعندما أقول إعلامية فإنني أقصد الصحف المطبوعة والمواقع الإخبارية والمحطات الإذاعية والقنوات التلفزيونية، تتولى هذه الحملة التوعية بأهمية ما تريد الوزارة أو الجهة إخبار المواطن به، ولا يجب أن تتركه عرضة لهكذا صدمات.

المطلوب دائمًا أن تتعزز الشراكة بين الجهات الحكومية، ووسائل الإعلام، بصورة تبرهن على التضافر المنشود بين الجميع، لا أن تعمل الوزارات والهيئات الحكومية في معزل عن المجتمع، بحجة أنها نشرت على وسائل التواصل الاجتماعي!

ما يزيد الأمر تعقيدًا هو غياب أنظمة فعّالة تُخطر أصحاب المشاريع بالمواعيد النهائية للسداد، إضافة إلى عدم دراية البعض بالإجراءات اللازمة لتجنب الغرامات. وكل تأخير- مهما كان بسيطًا- يتحول مع الوقت إلى عبء مالي ثقيل، حتى يجد أصحاب المشاريع أنفسهم أمام مأزق مالي يصعب الخروج منه. هذه التحديات لا تُؤثر فقط على الأفراد، بل تمتد آثارها لتنعكس على الاقتصاد الوطني ككل، مما يجعل البحث عن حلول أمراً بالغ الأهمية.

هذه المواقف ليست حالة فردية؛ بل تمثل تحديًا يعاني منه العديد من أصحاب المشاريع والمؤسسات في مختلف القطاعات. وإدراكًا لهذه المشكلة وأهميتها، بادر فرع غرفة تجارة وصناعة عُمان بمحافظة جنوب الباطنة بالتعاون مع جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بالمصنعة بإعداد دراسة بحثية بعنوان "دراسة معاينة نظام غرامات التأخير من سداد الرسوم الحكومية". هدف الدراسة كان واضحًا: فهم جذور المشكلة وآثارها على الشركات والمؤسسات، وتقديم توصيات عملية لمُعالجتها بما يدعم بيئة الأعمال في السلطنة.

اعتمدت الدراسة على منهج علمي دقيق، حيث شملت عينة مكونة من 120 مؤسسة متنوعة في أحجامها وقطاعاتها الاقتصادية، من بينها قطاعات التعليم، السياحة، الزراعة، والنقل. استخدمت الدراسة أدوات بحثية متعددة، مثل الاستبيانات والمقابلات والزيارات الميدانية، لتقديم رؤية شاملة حول تأثير نظام الغرامات على مختلف أنواع المؤسسات.

كشفت النتائج أنَّ غرامات التأخير تُثقل كاهل المؤسسات، خاصة الصغيرة والمتوسطة، التي غالبًا ما تفتقر إلى الموارد اللازمة لإدارة المستحقات الحكومية بشكل منتظم. كما أظهرت الدراسة أن غياب نظام تنبيه مبكر يُخطر المؤسسات بمواعيد السداد، إلى جانب تعقيد الإجراءات وتعدد الجهات المسؤولة، يمثلان عقبتين رئيسيتين أمام الامتثال الكامل. وأبرزت النتائج أيضًا أن القطاعات الموسمية، مثل السياحة والزراعة، تتأثر بشكل أكبر، حيث تعتمد أعمالها على دورات اقتصادية غير منتظمة.

قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات التي تهدف إلى تحسين بيئة الأعمال ومعالجة هذه الإشكاليات. من أبرز هذه التوصيات إنشاء نظام إلكتروني للإشعارات المبكرة يُنبه الشركات بالرسوم المستحقة ومواعيد السداد، مما يقلل من فرص التأخير غير المقصود. كما دعت إلى إنشاء منصة موحدة لجميع المعاملات الحكومية، لتسهيل الإجراءات وتقليل الوقت والجهد المبذول من قبل المؤسسات.

أوصت الدراسة أيضًا بتقديم تسهيلات للشركات التي تواجه أزمات استثنائية، مثل الركود الاقتصادي أو الكوارث الطبيعية، من خلال أنظمة تقسيط ميسّرة أو تخفيضات جزئية على الغرامات. هذه الخطوات من شأنها أن تخلق توازنًا بين تحصيل الإيرادات الحكومية وضمان استدامة الشركات.

الدراسة أكدت أهمية العمل المشترك بين الجهات الحكومية ومجتمع الأعمال لتحسين السياسات والإجراءات بما يدعم التنمية الاقتصادية المستدامة. وتطبيق التوصيات سيعزز من قدرة المؤسسات على الامتثال، وسيسهم في تقليل الأعباء المالية والإدارية، مما يتيح للمشاريع النمو والازدهار في بيئة أعمال تنافسية ومستقرة.

إننا يجب أن نطرح دائمًا سؤالًا بالغ الأهمية: ما دور القرارات التنظيمية والإجرائية التي تفرضها المؤسسات الحكومية على القطاع الخاص؟ هل هي بهدف تسهيل الأعمال وتوسيع القاعدة الإنتاجية وضمان نمو القطاع الخاص؟ أم بهدف التضييق عليه وإزعاجه في كل شيء، حتى نجد رائد العمل أو صاحب المؤسسة الصغيرة أو المتوسطة، يتخارج من السوق وينسحب تمامًا من ممارسة الأعمال؟ الواقع أنه خلال اليومين الماضيين فقط، وقعت غرامات بمئات الآلاف على الآلاف من شركات ومؤسسات القطاع الخاص، فهل هذا الأمر يتماشى مع رؤية "عُمان 2040" وسعيها الحثيث من أجل تعظيم أدوار القطاع الخاص، لا سيما فيما يتعلق بالتشغيل والإسهام في نمو الناتج المحلي؟! سؤال أتركه بلا إجابة، لكل من يهمه الأمر!

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • كيف تنهكنا منصات التواصل الاجتماعي عقليًا ونفسيًا؟
  • ماسك وتحية النازية: إشارة تغني عن عبارة قد تدفع للتخلي عن منصات التواصل الاجتماعي؟
  • جنوب السودان يوقف منصات التواصل الاجتماعي 30 يوما
  • مريم الأنصاري تخلع الحجاب.. فيديو
  • شبانة: جراديسار قد يكون مفاجأة الأهلي أمام بيراميدز
  • شبانة: جراديسار قد يكون مفاجأة الأهلي أمام بيراميدز.. وتصريحات كولر كارثية
  • شبانة: جراديشار قد يكون مفاجأة الأهلي أمام بيراميدز
  • غرامات التأخير.. عائق أم فرصة للتطوير؟!
  • متى تصبح السمنة تهديدًا لحياتك؟
  • نوع من المياه قد يكون مفتاحا غير متوقع لفقدان الوزن