لم ألتق الكاتب عبد الرحيم كمال سوى مرة واحدة، كانت لدى زيارته والشيخ صلاح التيجاني والشاعر جمال بخيت، للدكتور عبد الرحيم علي، الذي حدثني قبلها عن "كمال" وعن قلمه وأدبه وتواضعه، شعرت حينها أن هذا اللقاء استثنائيا فدونته كاملا.
كنت قبلها أعرف سطور عبد الرحيم كمال ولا أعرفه شخصيا حتى رأيته ذات مرة في إحدى البرامج الحوارية التي أجرى فيها الرئيس السيسي فيها مداخلة معه.


أدركت حينها أنه من أولئك الموهوبين الذين اغناهم الله بالكلمة وجعل ثراءهم في الحرف، فعكفوا على تشكيله خبزا وإطعامه للفقراء حول أضرحة آل البيت والأولياء، الذين يترجلون في قيظ الأيام ببساط الأحلام فيحملون العوام معهم من هوة القلق واليأس وبحر الضجر إلى شواطئ الرضا والأمل بأن كل مستحيل ممكن ما دام الله موجود.
عبد الرحيم كمال من هؤلاء الذين يصنعون مركبا في الصحراء ولا يبالون بسخرية من حولهم عن جدوى ما يفعلون، الذين يدعون العقول للاستنارة وإن وضع الناس أصابعهم في آذانهم، أولئك الذين لا تبهرهم الكاميرات ولا عبارات الإطراء ولا يتركون لأنفسهم جماح الغرور، الموهوبون المنفوحون الذين يقدرون عظمة المنحة والموهبة فيولوا وجوههم نحو الله بالشكر والتصدق بما منحهم الله لصون المنحة والنعمة واستزادة المدد والمداد، لا يجادل ولا يعاد ولا يخاصم يزرع الفسيلة ويضع الأثر ويمضي، يسير على طريق الجهل يضع علامات إرشادية للعقل ليبحث ويتحرى ويدقق فيفتح عقول العابرين للسؤال، يدرك أن الطريق إلى الله لا يصل إليه القلب وحده ولا العقل وحده لكن الله خلق الإنسان ليذهب إليه دون انتقاص فيدفع بالقلب إلى الله في "الخواجة عبد القادر" و"جزيرة غمام" ثم إذا ما تأكد أن القلب قد عرف خشي أن يغالي ويجور على العقل فيضل ويأخذه الهوى ويفقد القلب عقله ويصبح عرضة للأسر، فيغمس قلمه في مدواة العقل ويقدم "الحشاشين" ليخاطب به القلب قبل العقل ويدفعهما للبحث والتحري والتدقيق، فالدين طهر لا يجوز فيه الوضوء بالدم ولم ينزل القرآن لنصنع من آياته خناجر ولا أن نسكت حناجر إنما خلق لنتبارى في فهم المعنى والقصد، لنهدم قلاع الجهل ونبني صروحا للعلم، لنعرف أن الله دائما كان في السهل اللين ولم يكن في الصعب الصلد.
عبد الرحيم كمال ليس أستاذا للتاريخ فمدارس التاريخ تعج بالأساتذة ومع ذلك سقطنا في مادة التاريخ، لكنه "عرفات" البسيط الذي عرف الله كما يعرفه رجل من العوام قرأ واستنار فرأى الله بقلبه وعقله، فعرف الحلال والحرام باستفتاء القلب.. بالفطرة وليس من كتب التراث

عبد الرحيم كمال هو الخواجة عبد القادر، الذي لم يركض وراء "العنعنة" ولكنه وصل إلى الله بالحب.. دون أن يدخل في نزاع الطوائف ومغالاة العمامات دون أن يهمل النص ويحرف السطر ويخلط الماء بالدماء.
عبد الرحيم كمال يربي الحرف طيرا حرا ويطلقه بالرسائل في السماء يصل إلى حيث يشاء الله، ومنا من يطلق عليه الرصاص، ومنا من يضع له الطعام والشراب، ومنا من يقيد أوابده كحسن الصباح ومن على شاكلته، ومنا من يجمع السرب ومنا من يفرقه..
فيا سادة الجماجم الخلاف هنا ليس على التاريخ لكنه على الحاضر والمستقبل، الخلاف هنا ليس على رواية حسن الصباح، لكن الأطروحة على أن نأتي بصباح لا يكون فيه القتل عنوانا للزهد والإيمان، فكيف نرفع أيادينا بتكبيرة الإحرام وبراجم أصابعنا ملطخة بالدم!.

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: عبد الرحیم کمال

إقرأ أيضاً:

أسامة كمال: سيناء كانت وما زالت قلبًا ينبض في جسد بلد عظيم اسمه مصر

قال الإعلامي أسامة كمال، إن سيناء كانت وما زالت قلبًا ينبض في جسد بلد عظيم اسمه مصر، مشيرا إلى أن أهالى سيناء ضربوا أروع مثال في الانتماء. 

أسامة كمال: الحروب ليست فقط أسلحة والعالم في مرحلة جديدة من الصراع

وأضاف “كمال” خلال تقديمه برنامج “مساء dmc” المذاع على قناة “dmc”الفضائية، قائلا “سيناء هو المكان اللي داس عليه العدو فداس عليه شعب مصر .. سيناء مش أرض بعيد ولا مجرد عنوان في نشرة الأخبار ولا مشهد في قصة سينمائية .. بل هي قصة كل ما تخلص لازم نرجع نحكيها”.

وتابع أسامة كمال، أن في عيد تحرير سيناء علينا أن نتذكر بأن أرض الفيروز لم تكن أبدا حكاية منسية ولا صفحة مغلقة في تاريخ الوطن. 

مقالات مشابهة

  • القتل الرحيم في بلجيكا: قصص من حافة الحياة حول قرار المصير الأخير
  • حسين خوجلي يكتب: الوقوف على الأطلال
  • د.حماد عبدالله يكتب: قرأت لك
  • أسامة كمال: سيناء كانت وما زالت قلبًا ينبض في جسد بلد عظيم اسمه مصر
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: سبعون سنة يتيهون في الأرض
  • حسين خوجلي يكتب: حصريا على أحرار كردفان
  • كمال رزيق يستقبل مسؤولا بالمفوضية الأوروبية لبحث التعاون الاقتصادي
  • هل يجوز استخدام مزيل العرق برائحة أثناء مناسك الحج؟.. الإفتاء توضح
  • لهذا السبب..تطوير مجزر مدينة الحمام بمحافظة مطروح
  • رئيس منطقة مطروح الأزهرية يشيد بإبداعات طلاب إدارة الحمام التعليمية في ختام الأنشطة