البام يعلن تجميد عضوية برلمانيين من الحزب
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
أخبارنا المغربية ـــ هدى جميعي
قرر المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة، تجميد عضوية البرلمانيين الحبيب بن الطالب وصفية بلفقيه.
وأوضح المكتب السياسي للحزب، المنعقد أمس الأربعاء، في بلاغ له، أنه أخذ علما بتقارير حزبية عن مخالفات تنظيمية مسترسلة قام بها برلمانيان من الحزب. وأشار المصدر إلى "تعمدهما عدم القيام بواجباتهما المنصوص عليها داخل القانون الأساسي للحزب، وعدم الامتثال لقرارات مؤسساته، ومقاطعة الأنشطة الرسمية للحزب دون مبرر وعلى رأسها مقاطعة فعاليات المؤتمر الوطني الخامس، وتماديهما في عقد تحالفات مع أحزاب أخرى خارج ما هو مقرر من أجهزة الحزب".
وعليه، قرر المكتب السياسي تجميد عضويتهما وإحالة ملفهما على اللجنة الحزبية المختصة في التحكيم والأخلاقيات.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
تونس: الأزمات الاجتماعية والتأزيم السياسي
في عالمنا الموسوم بـ"النامي" أي المتخلف، ترتبط كل المسائل الاجتماعية بالسياسة، إذ تشتغل عليها السلطة كما المعارضة، فلا يُنظَر للخدمات الصحية والتعليمية وغيرها من الخدمات على أنها من حقوق المواطن من ناحية ومن واجبات السلطة من ناحية أخرى، إنما يُنظَر إليها على أنها شهادة إيجابية لصالح السلطة، فيشتغل عادة مسؤولون كبار وصغار في التعريف بتلك الإنجازات؛ يريدون بها كسب مقبولية أوسع لدى عموم الناس لتلك السلطة.
في المجتمعات المدنية، حيث الحق والواجب وحيث القانون والعدالة وحيث المسؤولية مشتركة بين الجميع في خدمة البلاد وفي تحقيق أكبر قدر من عوامل الرفاه والأمان والسلام، لا يشتغل الإعلام في خدمة السلطة وفي التعريف بإنجازاتها، وإنما يُترَك الأمرُ لتقييمات المواطن الذي يعيش تفاصيل حياته في بيئة يجد فيها راحته أو تتسبب له في أتعاب، ذاك المواطن هو الذي سيعبّر لاحقا عن موقفه من تلك السلطة أو من مسؤول معين في محطة انتخابية قادمة.
في مجتمعات متخلفة، كما تشتغل الأنظمة على توظيف إنجازاتها توظيفا سياسيا، فإن معارضيها من السياسيين هم أيضا يوظفون مظاهر تقصيرها أو فشلها توظيفا سياسيا، فلا يكتفون بممارسة نقد هادئ ولا يقدمون مقترحات، لأنهم يرونها خادمة لتلك السلطة، وإنما يحرصون على الربط بين كل أزمة أو كارثة (حتى طبيعية) وبين الحكم على تلك السلطة بكل ما يعيبها من فشل وفساد وعدم مسؤولية، بل قد يذهبون إلى المطالبة برحيلها ويحرّضون الناس ضدّها، مستثمرين في حالات الفقر والحرمان والأحزان التي تنتجها حوادث ووقائع سواء كانت طبيعية أو بشرية.
هذا ما عايشناه خاصة بعد انتخابات 23 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، إذ اشتغل سياسيون مؤدلجون واشتغل إعلاميون مكلّفون واشتغلت نخبة تافهة في تنظيم هجمات مكثفة على حكومة "متربّصة" يصمونها بالفشل ويُحَمّلونها حتى مسؤولية الزلازل والفيضانات وحوادث الطرقات وطَفْح السدود وانتحار اليائسين وفقدان مواد في غير مواسمها، بل ويصطنعون أزمات وكوارث حتى يجدوا ما يشنّعون به على أولئك الحكام المتربصين.
نعم، إن الناس لا تعنيهم أفكارُ من يحكم ولا يهتمون بثقافته ومؤلفاته، ولا تعنيهم نظافته ما لم يجدوا أثرَ صِفاتِه تلك في معيشتهم، وليسوا معنيين كثيرا بمعارك السياسيين خاصة إذا ما طال أمدُها وكانوا هم ضحايا، لذلك نجح معارضو الحكام المتربصين في إفقادهم توازنهم وفي تدويخهم حتى لم يعودوا يعرفون ماذا يفعلون، ثم كانت عملية إخراجهم من المشهد سهلة ولم يجدوا عموم الناس (من غير المُسيّسين) يدافعون عنهم.
قيس سعيد نفسه، برّر إقدامه على فرملة مسار "التدريب الديمقراطي" بعدة عوامل سلبية عرفها ذاك المسار، منها: فوضى البرلمان، وخدش جبين نائب (قال دماء تسيل)، وانقطاع الماء صيفا على بعض سكان قفصة، وتأخر تلقيح كورونا، وغيرها من النقائص وفيها ما هو حقيقي وما هو مفتعل أو مبالغ فيه.
طبعا، من يحكم يتحمّل دائما المسؤولية، والناس لا يبحثون له عن أعذار ولا يقولون "لم يتركوه يعمل"، حتى وإن كان التعطيل حقيقيا أو كان التوظيف مبالغا فيه.
بالمعايير الأخلاقية، لا يليق استثمار الكوارث والمصائب في الصراعات السياسية، وبالمعايير الوطنية أيضا، كل استثمار سياسي في الأزمات هو تعميق لها، وهو إشاعة لروح اليأس والتخاذل بين الناس، لقد رأينا زمن الترويكا من يعرض صغاره للبيع وتلك جريمة لم تحترم الدولة نفسها حين لم تحاكمه، كما رأينا وسمعنا من يصرخ ملء الشاشة قائلا "أنا جيعان"، وما تربّينا على سماع هذه الكلمة لا من رجل أو من امرأة ولا من كهل، إلا أن نقولها لأمهاتنا حين نطلب ما نأكل عند الحاجة إلى الأكل.
لقد أساء سياسيون كثيرون إلى صورة بلادنا وإلى السياسة بما هي أرقى الفنون، كما أساؤوا إلى رصيدنا الأخلاقي حين مارسوا أسلوب "تطييح القدر" فكانوا أسوة سيئة لغيرهم من عموم الناس ومن المراهقين، لم نتعوّد النيل من أعراض الناس علانية وفي وسائل مقروءة ومشهورة، سواء كانوا في السلطة أو خارجها؛ لأسباب سياسية متخلفة ولأطماع في حقائب ومناصب لا تصدر إلا عن ضعاف النفس وفاقدي الهمّة وساقطي الأخلاق.
هل ننظر إلى ما يحدث اليوم من تعامل مع الأزمات والفواجع، خارج أزمة مجتمعنا الأخلاقية والسياسية؟
الاستثمار في انقطاع الماء والكهرباء، وفي حوادث شاحنات عاملات الحقول، وفي فواجع جرائم القتل، وفي سقوط جدار معهد، وفي انتحار عدد من اليائسين، هو نفس الأسلوب الذي اعتدناه منذ صارت السياسة متاحة للصادقين كما للمنافقين، ومنذ أصبحت الدولة رقعة شطرنج يتساوى فيها وعليها حدَثُ سقوط بيدق أو سقوط ملك أو احتراق كل قطع الخشب.
وحتى يكون "الفاعلون" في المشهد منسجمين مع أنفسهم، عليهم اعتمادُ وحدة المعايير، فلا يُبيحون لأنفسهم ما يعيبونه على غيرهم، ولا يُدينون غيرَهم بما يمتدحون به أنفسهم.
وكما أفشلت البيئة السياسية الرديئة مسار التدريب الديمقراطي، فإنّ نفس هذه البيئة التي لم تتعاف، سيتعطل فيها مسار ما بعد 25 تموز/ يوليو 2021، ولن يتساءل الناس إن كان السبب عدم كفاءة أم كانت عرقلة داخلية وخارجية، لأن الناس لا ينظرون إلى أي سلطة إلا على أنها خادمة لهم ولا يقيسون جودة خدمتها وصدق عزمها إلا بما يتحقق في معاشهم الذي هو واقع وليس وعودا.
والذين يستعجلون نهاية "فصل" في المشهد، عليهم أن يتساءلوا إن كان تغيّر شيء في "العمق"، أي في أعماق الذوات سواء كان في عالم السياسة أو عالم "النخبة" أو عوالم الناس، وهل إن الوصفات الخارجية أو "أصابعها" ضامنة لحصول نقلة نوعية باتجاه مستقبل يجعل عموم الناس يشعرون بالتفاؤل في بلدهم، فتثور عزائمهم فيبدعون ويبتكرون ليقتربوا من مفهوم السيادة في عالم يحكمه قانون الغلبة؟
إنّ الفقر، فقر الأفراد أو فقر الدول، لا يُمِيتُ الشعوب، وإنما تُميتُها الأحقاد والأنانية، ويُميتها الكذب والنفاق، والأكثر مرارة أنها لن تكون إلا موتة خارج فلسفة الحياة وخارج ملحمة الموت..Bottom of Form
x.com/bahriarfaoui1