أفاد مقال في مجلة "فورين بوليسي" الأميركية بأن شبح دونالد ترامب يطارد أوروبا في كافة أرجائها، حيث يخيم جو من "الذعر المستتر" من احتمال عودة الرئيس الأميركي السابق إلى سدة الحكم مرة أخرى، لكن بالنسبة للقارة الآسيوية، الأمر مختلف.

ويقول كاتب العمود بالمجلة، جيمس كرابتري، إن هناك هدوءا لا تخطئه العين يسود آسيا من نيودلهي وسنغافورة حتى تايبيه وطوكيو، استنادا إلى أن اعتقاد تلك العواصم الآسيوية مبني على أنها سبق أن تعاملت مع ترامب عندما كان رئيسا للولايات المتحدة.

وبحسب الكاتب، فهذا الهدوء يعكس "سوء تقدير خطير"، وهناك من الأسباب ما يدعو آسيا لدق ناقوس الخطر من عودة ترامب. ويقول إن الأوروبيين "المتوترين" ربما بدؤوا يفقدون أعصابهم، لكن "صوت العقل" هو الراجح في آسيا الصاعدة.

وتابع بأن الهدوء السائد في العواصم الآسيوية يصل إلى حد الغرور، إذ إنها تسيء تقدير مدى التأثير الذي يمكن أن تحدثه عودة ترامب على أمن القارة، وتخطئ في قراءة نطاق خطته وطموحه في إعادة صياغة سياسة الولايات المتحدة الخارجية.

مبالغة

ثم إن الهدوء الذي يعم تلك العواصم -يضيف كرابتري- ينم عن مبالغة في تقدير قدرة الحكومات الآسيوية على "ترويض" ترامب، سواء كانت دول القارة الحليفة الأساسية للولايات المتحدة أو بلدان عدم الانحياز في جنوب شرق آسيا وأماكن أخرى.

ويقول إنه لفهم هذا الإحساس المفاجئ بالهدوء، لا بد من تذكر كيف كان صناع السياسة في آسيا ينظرون بارتياح بوجه عام إلى ترامب عندما كان رئيسا.

ويزيد بأن الرأي القائل بأن ترامب سيكون "طيِّعا"، أو مقدورا عليه، هذه المرة، نابع من ارتياح باستمراره في سياساته السابقة تجاه دول القارة الآسيوية.

ووفقا لكرابتري، يسود اعتقاد لدى حكومات عدة في المنطقة أن علاقاتها تحسنت مع واشنطن إبان إدارة ترامب السابقة، حتى إن وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار قلل -في منتدى حواري عُقد في نيودلهي الشهر المنصرم- من شأن المخاوف من أن عودة الرئيس الأميركي السابق إلى السلطة قد تجلب معها تحديات.

وقال الوزير في هذا الصدد: "مثل أي علاقة، كانت هناك قضايا"، متسائلا: "هل توطدت علاقاتنا خلال سنوات حكمه الأربع؟ وهل تطورت؟ بالتأكيد".

مصالح جوهرية

ويمضي مقال فورين بوليسي إلى الإقرار بأن للولايات المتحدة مصالح جوهرية في آسيا، بغض النظر عن من هو في سدة الحكم.

ولطالما عملت الولايات المتحدة خلال أكثر من قرن من الزمان، على منع أي قوة منافسة من الهيمنة على أوروبا أو آسيا، وفق كرابتري الذي يرى أن التحدي المتمثل في بروز الصين كمنافس سيجعل حتى ترامب يجد صعوبة في العزلة المحضة "لأن ذلك يعني التنازل عن جزء كبير من آسيا لبكين".

ومع أن كاتب العمود، الذي عمل سابقا مديرا تنفيذيا في المعهد الدولي للدراسات الإستراتيجية في آسيا، يتوقع أن تكون هناك بعض الاستمرارية إذا تولى ترامب منصبه في عام 2025، إلا أنه يتكهن مع ذلك، بأن تكون هناك كثير من الفوضى والاضطرابات أيضا.

وقال كرابتري إن من المشاكل الكبرى التي يجب أن تؤرق مضاجع الزعماء الآسيويين، عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب، وليس أدل على ذلك من موقفه الأخير تجاه منصة التواصل الاجتماعي "تيك توك"، فقد غيّر موقفه تماما بشأنها من تأييده لحظر التطبيق المملوك للصين إلى معارضته.

كما أن العلاقات الصينية الأميركية باتت أكثر هشاشة مما كانت عليه في عام 2017، حيث يظل خطر تحول التوتر الراهن إلى أزمة حقيقية احتمالا قويا.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات فی آسیا

إقرأ أيضاً:

اليمين الأوروبي يكتسب زخماً بعودة ترامب

تنفس مراقبون كثر الصعداء في وقت سابق من هذه السنة عندما احتفظ التحالف السائد المؤيد للاتحاد الأوروبي ــ من أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط والأحزاب الليبرالية ــ بأغلبيته في انتخابات البرلمان الأوروبي.

جدار الحماية ضد اليمين المتطرف الذي يعمل في مختلف أنحاء أوروبا

ومن المقرر أن تدعم هذه الأحزاب التي حكمت أوروبا على مدى العقود الأربعة الماضية، الفريق الجديد للمفوضية الأوروبية برئاسة أورسولا فون دير لاين بحلول نهاية الشهر. ويتمثل هدفها المعلن في جعل الاقتصاد الأوروبي أكثر اخضراراً وتنافسية وأمناً.
لكن وحسب أستاذ قانون الاتحاد الأوروبي في جامعة الدراسات العليا لإدارة الأعمال في باريس ألبيرتو أليمانو، يكمن وراء هذا الحساب المعتاد للقوة السياسية في الاتحاد الأوروبي واقع مختلف وأقل إثارة للطمأنينة، إذ يتمتع اليمين المتطرف بتأثير يفوق وزنه وسيكتسب المزيد من الجرأة مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض. تحول غير مسبوق

كتب أليمانو في صحيفة "ذا غارديان" أن البرلمان الأوروبي الجديد الذي تقع على عاتقه مهمة دعم مفوضية فون دير لاين الثانية هو الأكثر يمينية في تاريخ الاتحاد الأوروبي، فأكثر من نصف أعضائه يأتون من "حزب الشعب الأوروبي" الذي تنتمي إليه فون دير لاين، ومن جماعات يمينية متطرفة تضم ائتلاف "المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين" الذي يجمع حزب رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني مع أحزاب اليمين الأكثر تطرفاً مثل حزب "الاستعادة" الفرنسي وحزب "الديمقراطيين السويديين". 

For the first time in its history, we could be looking at a genuinely rightwing European Union
Ursula von der Leyen knows that her new commission will need support from the kind of hard-right parties it once swore to shunhttps://t.co/NFJLbQVagr

— Wisdom of Cats #Empathy ????????????????????⚛️????????️‍????????️‍⚧️ (@WisdomOfCats) November 19, 2024

وهناك أيضاً مجموعة "وطنيين من أجل أوروبا" التي بقيادة مارين لوبان وفيكتور أوربان، و"أوروبا الدول السيدة" الأكثر تطرفاً والتي يهيمن عليها حزب البديل من أجل ألمانيا.
وينطبق الشيء نفسه على المؤسستين الرئيسيتين الأخريين اللتين تتقاسمان السلطة التنفيذية في أوروبا. أكثر من نصف أعضاء مفوضية الاتحاد الأوروبي المقبلة ومجلس الاتحاد الأوروبي من اليمين.
هذا التحول نحو اليمين في توازن القوى غير مسبوق ويمكن أن يعني نهاية الأغلبية الوسطية التي حكمت أوروبا منذ إنشاء الاتحاد الأوروبي.

ترامب يعتمد أسلوب الصدمة والرعب - موقع 24"مرحباً بعودتك"، بهذه العبارة، خاطب الرئيس الأمريكي جو بايدن دونالد ترامب، سلفه وخلفه، خلال المصافحة بينهما في المكتب البيضوي.  

وفي حين قدمت فون دير لاين تعهدات علنية في ولايتها الأولى بالالتزام بالسياسات الوسطية، قد تشعر المفوضية المقبلة بإغراء النظر إلى يمين كتلة المحافظين التقليدية في حزب الشعب الأوروبي لمتابعة أهدافها السياسية.

كيف؟

وتم بناء الائتلافات في برلمان الاتحاد الأوروبي تاريخياً على أساس كل قضية على حدة، ولم تعتمد أي مفوضية على أغلبية برلمانية محددة مسبقاً خلال ولايتها التي استمرت خمس سنوات.

وهذا يعني أن أصوات أقصى اليمين ربما تقدم وسيلة لفون دير لاين كي تمرر بعض سياساتها الأكثر محافظة، مع الحفاظ على قشرة الاحترام التي توفرها أحزاب الاتحاد الأوروبي السائدة. 

For the first time in its history, we could be looking at a genuinely rightwing European Union https://t.co/D9j3MuMn0z

— J.J. Sánchez Arévalo (@JJSA1931) November 19, 2024

ولأن رئيسة المفوضية الجديدة ليست ملتزمة سياسياً ولا تخضع للمساءلة أمام تحالفها السائد المؤيد للاتحاد الأوروبي، يظل الباب مفتوحاً للتعاون مع أقصى اليمين.

ويبلغ مجموع نواب الائتلافات اليمينية المتطرفة الثلاث ما يصل إلى 187 من 720 مقعداً في البرلمان. وهذا يجعلهاً حليفاً جديداً قوياً لحزب الشعب الأوروبي. بالإضافة إلى ذلك، يهيمن على مجلس الاتحاد الأوروبي الذي يتألف من رؤساء الدول 14 حكومة وطنية يقودها أو يدعمها اليمين أو اليمين المتطرف، ويمكنهم إجبار المفوضية على الانفصال عن أولوياتها المعلنة.

ماذا عن المستقبل؟

ويشير الكاتب إلى أن أفضل وسيلة لاستشراف المستقبل، هي النظر إلى وقت سابق من هذه السنة عندما استسلمت فون دير لاين لاحتجاجات المزارعين المدعومين من أقصى اليمين، وتخلت عن الصفقة الخضراء.

لعنة بودابست.. هل تتحمل أوروبا قومية "أمريكا أولاً"؟ - موقع 24رأى الكاتب السياسي جدعون راخمان أنه بالنسبة للقوميين والشعبويين في أوروبا، تبدو العودة الوشيكة لدونالد ترامب إلى البيت الأبيض وكأنها عودة للنفوذ الأمريكي.

ومنذ ذلك الحين، برز نمط واضح لسياسة الاتحاد الأوروبي الرامية إلى إزالة السياسة الخضراء.

وفي البداية، جاءت المقاومة ضد حظر محركات الاحتراق والذي يتطلب من جميع السيارات الجديدة أن تكون انبعاثات ثاني أكسيد الكربون فيها صفرية اعتباراً من 2035، ثم تلا ذلك تأخير تنفيذ تنظيم إزالة الغابات وتخفيف توجيه الاستدامة المؤسسية وتأجيل القواعد اللازمة لجعل السياسة الزراعية المشتركة أكثر ملاءمة للبيئة.

لماذا يرحب اليمين الأوروبي بعودة ترامب؟ - موقع 24لا يبدو أن فيكتور أوربان رئيس الوزراء المجري، وحده من يرحب بعودة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في البيت الأبيض.

ويضيف أن الاستيلاء الصامت من جانب التيار السائد على أجندة اليمين المتشدد واضح من خلال حصول حزب ميلوني "إخوة إيطاليا" على منصب نائب رئيس البرلمان الأوروبي، إلى جانب العديد من رؤساء اللجان البرلمانية وربما مفوض واحد من الاتحاد الأوروبي.

اخترقوا جدار الحماية

صحيح أن حزب أوربان وحتى السياديين الأكثر تطرفاً لا يزالون مستبعدين رسمياً من الانضمام إلى الأحزاب الرئيسية في الاتحاد الأوروبي بموجب اتفاق غير مكتوب بين الأحزاب الوسطية لاستبعاد القوى الهامشية على طرفي الطيف السياسي. لكن هذا لم يمنع حزب الشعب الأوروبي من التصويت في سبتمبر (أيلول) مع كل الجماعات اليمينية المتطرفة على قرار يعترف بإدموندو غونزاليس رئيساً لفنزويلا.

والواقع أن جدار الحماية ضد اليمين المتطرف الذي يعمل في مختلف أنحاء أوروبا قد تعرض بالفعل للاختراق في جمهورية تشيكيا وإيطاليا وهولندا وسلوفاكيا والسويد، حيث تتألف الائتلافات الحاكمة من المحافظين والسياسيين من أقصى اليمين.

وكان للعديد من قادة حزب الشعب الأوروبي اتصالات مكثفة مع أعضاء البرلمان الأوروبي من أقصى اليمين المتحالفين مع ميلوني على مدى العام الماضي، وتبنت فون دير لاين مراكز الترحيل البحرية في إيطاليا. وبالإضافة إلى ذلك، رفض حزب الشعب الأوروبي التوقيع على إعلان يدعمه الاشتراكيون والخضر والليبراليون واليسار لإبقاء اليمين المتطرف بعيداً على كل المستويات. دق هذا ناقوس الخطر الذي يزداد صخباً يوماً بعد يوم.

مرحباً بكم!

تمت مقابلة جميع المفوضين المعينين على مدى الأسبوعين الماضيين في جلسة استماع عامة للبرلمان الأوروبي لمعرفة ما إذا كانوا على قدر المهمة.

وقد يرفض البرلمان الأوروبي قائمة المرشحين بأكملها. لكن من غير المرجح أن يحدث هذا، لأن من شأنه أن يؤخر بشكل كبير دخول المفوضية الأوروبية الجديدة إلى السلطة.

بوتين يترقب إدارة ترامب.. هل يتخلى عن المواجهة مع الغرب؟ - موقع 24أشار مدير مركز كارنيغي لشؤون روسيا وأوراسيا في برلين ألكسندر غابويف إلى تصريح للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قال فيه: "ما قيل عن الرغبة باستعادة العلاقات مع روسيا، بإنهاء الأزمة الأوكرانية، يستحق في رأيي الاهتمام على الأقل"، إذ جاء تصريح بوتين بعد فوز المرشح الجمهوري دونالد ترامب ...

وبحسب الكاتب، ينبغي لأعضاء البرلمان الأوروبي ألا يفوتوا الفرصة لمطالبة فون دير لاين ومعينيها بالتوضيح حول سؤال مهم واحد: أي أغلبية سياسية ستعتمد عليها وتستجيب لها على مدى السنوات الخمس المقبلة؟ أغلبية يمينية متطرفة من المحافظين المؤيدين لترامب والفاعلين الهامشيين سابقاً، أم قوى سياسية سائدة كالاشتراكيين والليبراليين والخضر؟

ورأى أليمانو أن تصرفاتها على مدى الأشهر القليلة الماضية تشير فقط إلى اتجاه واحد. "مرحباً بكم في أوروبا الجديدة".

مقالات مشابهة

  • بوريل: على أوروبا دعم أوكرانيا بغض النظر عن موقف ترامب
  • اليمين الأوروبي يكتسب زخماً بعودة ترامب
  • وول ستريت جورنال: عودة ترامب "تُفاقم الضغوط" على تايوان والصين
  • هل يدفع ترامب أوروبا للتخلي عن أوكرانيا؟
  • تزايد احتمال تثبيت الفائدة الأميركية في ديسمبر
  • كيف ستؤثر عودة ترامب على العلاقة مع الصين؟
  • وسط عودة ترامب للرئاسة.. قمة العشرين تواجه أزمات بشأن المناخ وأوكرانيا وغزة
  • المملكة المتحدة تواجه اختيارًا حاسمًا بين الشراكة مع أوروبا أو أمريكا
  • عبدالعزيز الغيامة: عودة سعود عبدالحميد ستُضعف صورة الاحتراف السعودي .. فيديو
  • الرئيس الصيني يدعو لتعزيز التجارة الحرة بين دول آسيا والمحيط الهادي