جنين- بعد تشييع ثلاث شهداء اغتالهم الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ استهدف سيارتهم، بالقرب من مستشفى ابن سينا في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، كان أفراد من كتيبة جنين وبعض الأهالي يتجهزون في شوارع مخيم جنين للإعلان عن العثور على متخابر مع الاحتلال، قدم معلومات مكثفة لتحركات الشهداء الثلاثة، وساعد في رصد طائرات الاحتلال المسيرة لهم وتحديد مكانهم وقصفهم.

وكانت صفحات إعلامية لكتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين، قد نشرت خبر العثور على الشخص الذي تعامل مع الاحتلال وسهل طريقة اغتيال الشباب الثلاثة، وهم أفراد في الكتيبة، وأحدهم حمادة بركات أبرز المطلوبين على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، ومتهم بتنفيذ عدة عمليات إطلاق نار، منها عملية مستوطنة "حرميش" بالقرب من مدينة طولكرم في أواخر مايو/أيار من العام الماضي، والتي قتل فيها ضابط إسرائيلي وأصيب آخر.

الخطر الأكبر

يرى مقاتلو كتيبة جنين أن أحد أبرز أسباب الوصول إلى المطلوبين هو الخدمات التي يقدمها العملاء لمخابرات الاحتلال، وأن هذه الطريقة هي الأخطر على المجاهدين، لأن خطر العمالة يكمن في وجود العميل بين الناس، ومعرفته بتفاصيل حياتهم وقربه منهم، ومعرفة الشوارع والطرقات والحارات، لأنه شخص منهم وتربى معهم.

وفي داخل غرفة صغيرة في أحد حارات المخيم، تمكنت مجموعة من وحدة الرصد والتتبع، التابعة لكتيبة جنين، من التدقيق في كاميرات المراقبة الموجودة في منطقة الاغتيال، ويقول "ص" أحد مقاتلي الكتيبة "استطعنا في وحدة الرصد أن نرجع للوقت السابق لمرور السيارة من منطقة الاغتيال، وتتبعنا أين كانت تقف وقت ركوب الشهداء فيها، وهناك لاحظنا حركة غريبة لهذا الشخص بالقرب من السيارة، فحاولنا معرفة تحركاته بعد أن غادر مكان تواجد السيارة، ولاحظنا أنه ادعى الإصابة وأنه دخل المستشفى للتخفي، وإبعاد الشكوك عنه".

ويضيف المقاتل "العمالة هي الخطر الحقيقي علينا كشعب فلسطيني محتل، العملاء هم أخطر سلاح بيد الاحتلال، وخلال السنوات السابقة استطاع العملاء الوصول إلى مقاومين عجزت أجهزة الجيش الإسرائيلي المختلفة عن الوصول إليهم، وحتى هنا في المخيم للأسف، فعمليات الإغتيال الأخيرة والتي زادت وتيرتها كانت كلها بسبب المعلومات التي يقدمها العملاء للاحتلال، نحن نخسر مقاتلينا بسبب هؤلاء الفئة المؤذية على شعبنا".

مشاهد سابقة لأحد قادة "كتيبة جنين" الشهيد محمد حواشين، الذي استشهد مساء اليوم متأثرًا بجراحه التي أصيب بها إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي مركبة في #جنين أمس#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/hUTjiwa0by

— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 21, 2024

اعتراف بالعمالة

أمسك مقاتلو الكتيبة بالمشتبه به، وحققوا معه بشكل مكثف، وكانت المفاجأة باعترافه بتزويد المخابرات الإسرائيلية بمعلومات عن الشهيد حمادة بركات ورفاقه، ومشاركته في أكثر من عملية اغتيال لمقاومين في جنين، آخرها عملية اغتيال الشهيدين باسل ومحمد غزاوي، والتي نفذتها قوة إسرائيلية خاصة في أحد غرف مستشفى ابن سينا.

ويؤكد المقاتل "ص" أن "عملية التتبع كانت دقيقة جداً وسرية أيضاً، وأن قرار الإعدام الذي جرى تنفيذه على العميل جاء بعد اعترافه بتحديد سيارة الشهداء لطائرة الاستطلاع الاسرائيلية لتسهيل تتبعها، وأنه ساهم في تقديم معلومات لعمليات اغتيال سابقة".

وبعد الاعتراف، تم الإعلان في عموم مدينة جنين ومخيمها عن إمساك العميل الذي تسبب في اغتيال حماده بركات ورفيقيه، وتم تنفيذ حكم الإعدام به رميا بالرصاص، وسط حشد كبير من أهالي المخيم، فيما تناقلت صفحات إخبارية مقطعاً صوتياً لشقيق العميل، يعلن فيه براءته وبراءة عائلته التامة منه.

وقال شقيقه في المقطع الصوتي "ما قام به كريم يمثله وحده، ولا يمثلني أنا أو بقية أفراد عائلتي، واعتباراً من هذه اللحظة أعلن أن كريم ليس شقيقي ولا أعرفه أبداً، ولا ينتمي لنا، وأن ما قام به شباب الكتيبة بإعدامه صحيح".

#شاهد| مسيرة غاضبة تجوب شوارع جنين بعد جريمة اغتيال الاحتلال لثلاثة مقاومين بقصف مركبتهم pic.twitter.com/5CL132u2jK

— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) March 20, 2024

ترحيب شعبي

عند لحظة الإعدام، شارك شقيق المتخابر بإطلاق النار عليه، تأكيداً على براءة عائلته منه، فيما أثنى أهالي المخيم على موقف العائلة، واعتبروا أن هذا الذنب يلحق بالمتخابر نفسه ولا يشمل عائلته، وأن عار المتعاونين مع الاحتلال لا يعم، بل يخص من تعامل بشخصه فقط.

وكانت والدة أحد الشهداء الذين تم قصفهم بطائرة مسيرة في مخيم جنين، قد حضرت إلى مكان إعدام المتخابر ليلة أمس، ووقفت أمام جثمانه وقالت "الله لا يسامحك، الله لا يسامحك كما ضيعت إبني والشبان الآخرين".

ويرى جمال خميس وهو أحد سكان المخيم ممن حضروا عملية الإعدام ليلاً أن "نظرة الناس لعائلة العملاء مهمة، فلا يجب أن تأخذ عائلاتهم بذنوبهم وبما اقترفوا، فكثير من العائلات فيها مناضلين ومقاومين، وأيضاً وُجد فيها عميل، فلا يمكن الحكم على كل أفراد العائلة بسبب تصرف فرد واحد منهم".

ويضيف "العمالة من أعظم الذنوب و أخطرها، وربما لا يوجد بعدها خطأ أو ذنب، فهي سقوط كبير في وحل النذالة، ومن يسمح لنفسه أن يكون أداه للعدو لقتل أخوتنا ومقاومينا، يكون خسر آخرته أولاً ثم خسر احترام الكل له، وحتى وإن لم يكشف أو استطاع الهرب من الإعدام على يد المقاومين، نحن نقول عنه بالعامية أنه ساقط، أي لا يمكن أن يعيش حياة طبيعية محترمه أبداً".

ويعتبر أهالي المخيم أن حجج الإسقاط في درب العمالة للاحتلال، التي يقدمها كل من سار في هذا الدرب لتبرير تعاونه من المخابرات الإسرائيلية، هي حجج فقط، وأن أرواح الشهداء أغلى بكثير من حجج الإسقاط بمكالمات مسجلة أو فيديو، أو غيرها من الأساليب التي يستخدمها الشاباك للوصول إلى الشبان الفلسطينيين، وإجبارهم على التعاون معهم.

ويذكر أهالي المخيم بقصة الشهيد زياد حمران، من قرية دير أبو ضعيف في محافظة جنين، الذي حاول ضباط الشاباك استدراجه للتعاون معهم وتجنيده لخدمتهم، لكنه استطاع خداعهم ورتب لمقابلتهم بالقرب من مدينة بيت لحم، ثم أطلق النار عليهم وأصابهم بشكل مباشر قبل أن يستشهد.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات أهالی المخیم کتیبة جنین بالقرب من

إقرأ أيضاً:

الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويواصل عدوانه على جنين وطولكرم

واصلت قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحاماتها لمناطق وبلدات عدة في الضفة الغربية، في ظل عدوانها المستمر على طولكرم وجنين، وسط تدميرها البنية التحتية ومنازل المواطنين وتهجير الأهالي.

وقد قالت مصادر للجزيرة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مخيم الجلزون شمال رام الله، ونفذت اقتحامين آخرين بمدينة بيت لحم، ومنطقة الكسارة بالخليل جنوبي الضفة الغربية.

مصادر محلية: قوات الاحتلال تقتحم مخيم الجلزون شمال رام الله pic.twitter.com/0NHshwIz2Q

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) February 20, 2025

وفي جنين، يواصل جيش الاحتلال لليوم الـ33 عدوانه على المدينة ومخيمها، كما منع آلاف الفلسطينيين من سكان المخيم من العودة إلى منازلهم.

وقد دفع جيش الاحتلال بتعزيزات عسكرية إلى مخيم جنين معززة بجرافات، فيما تنفذ جرافاته منذ أمس الأول الثلاثاء عملية هدم منازل فلسطينية لشق طرقات وسط المخيم.

وفي طولكرم، قالت مصادر للجزيرة إن اشتباكات مسلحة اندلعت خلال حصار قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلا في بلدة بلعا شرق المدينة.

كما أفادت مصادر محلية باستشهاد فلسطيني متأثرا بإصابته بعد أن صدمت آلية الاحتلال مركبته أمس، في حين وثقت منصات مشاهد من تدمير الاحتلال شوارع المدينة وإحراقه بناية سكنية في مخيم نور شمس.

إعلان

 

وقد فجرت قوات الاحتلال أمس الخميس منزل عائلة الفلسطيني عمار عودة في مدينة سلفيت، حيث اقتحمت قوة عسكرية إسرائيلية المدينة وحاصرت منزل عودة، وأخلت المبنى المكون من 3 طوابق من السكان وفخخته بالقنابل ثم فجرته.

وفي نابلس، هدمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منزلا في قرية مجدل بني فاضل جنوب المدينة، إذ اقتحمت قوات الاحتلال منطقة الجبيل غرب القرية، وأجبرت الفلسطيني محمد أبو زايد وعائلته على إخلاء المنزل، وباشرت هدمه.

لحظة تفجير منزل الشهــيد عمار عودة في مدينة سلفيت، قبل قليل. pic.twitter.com/kBhV8SChxd

— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 20, 2025

"عملية هجومية"

وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الخميس، أنّه أمر الجيش بـ"تكثيف عملياته" في الضفة الغربية المحتلة، عقب وقوع انفجارات في 3 حافلات بتل أبيب، لم ترد على إثرها تقارير بوقوع إصابات.

كما نقلت صحيفة يسرائيل هيوم عن مسؤول في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يوجّه بتنفيذ "عملية هجومية صارمة" على الضفة عقب تفجير الحافلات.

والأسبوع الماضي، توعّد وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش بأن عام 2025 سيشهد هدم إسرائيل مباني فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة أكثر مما يتم بناؤه، وذلك للمرة الأولى منذ عام 1967.

وخلّف عدوان جيش الاحتلال الإسرائيلي على شمال الضفة منذ 21 يناير/كانون الثاني الماضي 59 شهيدا وفق وزارة الصحة، إلى جانب نزوح آلاف آخرين ودمار واسع في الممتلكات والمنازل والبنية التحتية.

ومنذ بدء حرب الإبادة بقطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 وسّع جيش الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنون اعتداءاتهم في الضفة الغربية -بما فيها القدس الشرقية- مما أسفر عن استشهاد ما لا يقل عن 920 فلسطينيا، وإصابة نحو 7 آلاف واعتقال 14 ألفا و500 آخرين، وفق معطيات فلسطينية رسمية.

إعلان

مقالات مشابهة

  • الاحتلال يقتحم مناطق بالضفة ويواصل عدوانه على جنين وطولكرم
  • لأكثر من شهر.. جيش الاحتلال يواصل حربه على جنين  
  • لليوم الـ 31 على التوالي: العدوان على مدينة جنين ومخيمها يتواصل
  • إسرائيل تمنع آلاف الفلسطينيين من العودة لمخيم جنين
  • خروقات الاحتلال تتواصل.. اغتيال شاب جنوب لبنان وإطلاق نار على البلدات
  • الاحتلال يعتقل الطفل كريم جرار من منزله في جنين
  • إصابة سيدة برصاص الاحتلال عند مدخل مخيم جنين
  • شهر من العدوان الصهيوني على مدينة ومخيم جنين
  • شهر من العدوان الاسرائيلي على مدينة ومخيم جنين
  • من فلسطين إلى قائد كتيبة البراء بن مالك المصباح ابوزيد