كيف استطاعت كتيبة جنين كشف العميل المتسبب باغتيال أفرادها؟
تاريخ النشر: 22nd, March 2024 GMT
جنين- بعد تشييع ثلاث شهداء اغتالهم الاحتلال الإسرائيلي بصاروخ استهدف سيارتهم، بالقرب من مستشفى ابن سينا في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، كان أفراد من كتيبة جنين وبعض الأهالي يتجهزون في شوارع مخيم جنين للإعلان عن العثور على متخابر مع الاحتلال، قدم معلومات مكثفة لتحركات الشهداء الثلاثة، وساعد في رصد طائرات الاحتلال المسيرة لهم وتحديد مكانهم وقصفهم.
وكانت صفحات إعلامية لكتيبة جنين التابعة لسرايا القدس، الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي في مخيم جنين، قد نشرت خبر العثور على الشخص الذي تعامل مع الاحتلال وسهل طريقة اغتيال الشباب الثلاثة، وهم أفراد في الكتيبة، وأحدهم حمادة بركات أبرز المطلوبين على قائمة الاغتيالات الإسرائيلية، ومتهم بتنفيذ عدة عمليات إطلاق نار، منها عملية مستوطنة "حرميش" بالقرب من مدينة طولكرم في أواخر مايو/أيار من العام الماضي، والتي قتل فيها ضابط إسرائيلي وأصيب آخر.
الخطر الأكبر
يرى مقاتلو كتيبة جنين أن أحد أبرز أسباب الوصول إلى المطلوبين هو الخدمات التي يقدمها العملاء لمخابرات الاحتلال، وأن هذه الطريقة هي الأخطر على المجاهدين، لأن خطر العمالة يكمن في وجود العميل بين الناس، ومعرفته بتفاصيل حياتهم وقربه منهم، ومعرفة الشوارع والطرقات والحارات، لأنه شخص منهم وتربى معهم.
وفي داخل غرفة صغيرة في أحد حارات المخيم، تمكنت مجموعة من وحدة الرصد والتتبع، التابعة لكتيبة جنين، من التدقيق في كاميرات المراقبة الموجودة في منطقة الاغتيال، ويقول "ص" أحد مقاتلي الكتيبة "استطعنا في وحدة الرصد أن نرجع للوقت السابق لمرور السيارة من منطقة الاغتيال، وتتبعنا أين كانت تقف وقت ركوب الشهداء فيها، وهناك لاحظنا حركة غريبة لهذا الشخص بالقرب من السيارة، فحاولنا معرفة تحركاته بعد أن غادر مكان تواجد السيارة، ولاحظنا أنه ادعى الإصابة وأنه دخل المستشفى للتخفي، وإبعاد الشكوك عنه".
ويضيف المقاتل "العمالة هي الخطر الحقيقي علينا كشعب فلسطيني محتل، العملاء هم أخطر سلاح بيد الاحتلال، وخلال السنوات السابقة استطاع العملاء الوصول إلى مقاومين عجزت أجهزة الجيش الإسرائيلي المختلفة عن الوصول إليهم، وحتى هنا في المخيم للأسف، فعمليات الإغتيال الأخيرة والتي زادت وتيرتها كانت كلها بسبب المعلومات التي يقدمها العملاء للاحتلال، نحن نخسر مقاتلينا بسبب هؤلاء الفئة المؤذية على شعبنا".
مشاهد سابقة لأحد قادة "كتيبة جنين" الشهيد محمد حواشين، الذي استشهد مساء اليوم متأثرًا بجراحه التي أصيب بها إثر قصف الاحتلال الإسرائيلي مركبة في #جنين أمس#حرب_غزة #فيديو pic.twitter.com/hUTjiwa0by
— الجزيرة فلسطين (@AJA_Palestine) March 21, 2024
اعتراف بالعمالةأمسك مقاتلو الكتيبة بالمشتبه به، وحققوا معه بشكل مكثف، وكانت المفاجأة باعترافه بتزويد المخابرات الإسرائيلية بمعلومات عن الشهيد حمادة بركات ورفاقه، ومشاركته في أكثر من عملية اغتيال لمقاومين في جنين، آخرها عملية اغتيال الشهيدين باسل ومحمد غزاوي، والتي نفذتها قوة إسرائيلية خاصة في أحد غرف مستشفى ابن سينا.
ويؤكد المقاتل "ص" أن "عملية التتبع كانت دقيقة جداً وسرية أيضاً، وأن قرار الإعدام الذي جرى تنفيذه على العميل جاء بعد اعترافه بتحديد سيارة الشهداء لطائرة الاستطلاع الاسرائيلية لتسهيل تتبعها، وأنه ساهم في تقديم معلومات لعمليات اغتيال سابقة".
وبعد الاعتراف، تم الإعلان في عموم مدينة جنين ومخيمها عن إمساك العميل الذي تسبب في اغتيال حماده بركات ورفيقيه، وتم تنفيذ حكم الإعدام به رميا بالرصاص، وسط حشد كبير من أهالي المخيم، فيما تناقلت صفحات إخبارية مقطعاً صوتياً لشقيق العميل، يعلن فيه براءته وبراءة عائلته التامة منه.
وقال شقيقه في المقطع الصوتي "ما قام به كريم يمثله وحده، ولا يمثلني أنا أو بقية أفراد عائلتي، واعتباراً من هذه اللحظة أعلن أن كريم ليس شقيقي ولا أعرفه أبداً، ولا ينتمي لنا، وأن ما قام به شباب الكتيبة بإعدامه صحيح".
#شاهد| مسيرة غاضبة تجوب شوارع جنين بعد جريمة اغتيال الاحتلال لثلاثة مقاومين بقصف مركبتهم pic.twitter.com/5CL132u2jK
— وكالة شهاب للأنباء (@ShehabAgency) March 20, 2024
ترحيب شعبيعند لحظة الإعدام، شارك شقيق المتخابر بإطلاق النار عليه، تأكيداً على براءة عائلته منه، فيما أثنى أهالي المخيم على موقف العائلة، واعتبروا أن هذا الذنب يلحق بالمتخابر نفسه ولا يشمل عائلته، وأن عار المتعاونين مع الاحتلال لا يعم، بل يخص من تعامل بشخصه فقط.
وكانت والدة أحد الشهداء الذين تم قصفهم بطائرة مسيرة في مخيم جنين، قد حضرت إلى مكان إعدام المتخابر ليلة أمس، ووقفت أمام جثمانه وقالت "الله لا يسامحك، الله لا يسامحك كما ضيعت إبني والشبان الآخرين".
ويرى جمال خميس وهو أحد سكان المخيم ممن حضروا عملية الإعدام ليلاً أن "نظرة الناس لعائلة العملاء مهمة، فلا يجب أن تأخذ عائلاتهم بذنوبهم وبما اقترفوا، فكثير من العائلات فيها مناضلين ومقاومين، وأيضاً وُجد فيها عميل، فلا يمكن الحكم على كل أفراد العائلة بسبب تصرف فرد واحد منهم".
ويضيف "العمالة من أعظم الذنوب و أخطرها، وربما لا يوجد بعدها خطأ أو ذنب، فهي سقوط كبير في وحل النذالة، ومن يسمح لنفسه أن يكون أداه للعدو لقتل أخوتنا ومقاومينا، يكون خسر آخرته أولاً ثم خسر احترام الكل له، وحتى وإن لم يكشف أو استطاع الهرب من الإعدام على يد المقاومين، نحن نقول عنه بالعامية أنه ساقط، أي لا يمكن أن يعيش حياة طبيعية محترمه أبداً".
ويعتبر أهالي المخيم أن حجج الإسقاط في درب العمالة للاحتلال، التي يقدمها كل من سار في هذا الدرب لتبرير تعاونه من المخابرات الإسرائيلية، هي حجج فقط، وأن أرواح الشهداء أغلى بكثير من حجج الإسقاط بمكالمات مسجلة أو فيديو، أو غيرها من الأساليب التي يستخدمها الشاباك للوصول إلى الشبان الفلسطينيين، وإجبارهم على التعاون معهم.
ويذكر أهالي المخيم بقصة الشهيد زياد حمران، من قرية دير أبو ضعيف في محافظة جنين، الذي حاول ضباط الشاباك استدراجه للتعاون معهم وتجنيده لخدمتهم، لكنه استطاع خداعهم ورتب لمقابلتهم بالقرب من مدينة بيت لحم، ثم أطلق النار عليهم وأصابهم بشكل مباشر قبل أن يستشهد.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات أهالی المخیم کتیبة جنین بالقرب من
إقرأ أيضاً:
“جنين رمز المقاومة وصراع السيادة”
” #جنين #رمز_المقاومة وصراع السيادة”
د. #هشام_عوكل، أستاذ إدارة الأزمات والعلاقات الدولي
في خضم الفوضى والانهيارات المتتالية والنشوة احيانا التي تعم أقطارنا العربية، وتحت وطأة صراعات تضيق بها صدورنا وتجتمع فيها الجراح، تبقى فلسطين هي الفراشة الحالمة في حديقة الكوابيس. أو لنكن صادقين، هي القلب النابض الذي يُذكرنا دوماً بجذور الهوية العربية، والتي يبدو أنها في جعبة التاريخ، نائمة أو “معطلة مؤقتاً” كما يحلو للبعض أن يسميها٫
فلسطين، الغائبة الحاضرة، تتوارى خلف العناوين السياسية المملة، لكنها دائماً ما تعود لتصرخ، “أنا هنا!”. تجسد هذه القضية جوهر الصراع في المنطقة وتؤكد أن الحرية ليست مسألة نزهة، بل معركة حقيقية تستدعي الاستيقاظ من غفوة الأمة التي اعتادت على النوم في خيمة عدم الاكتراث.
لكن، ومن دون أي مقدمات، سأقولها بوضوح: فلسطين ليست مجرد اختبار للإنسانية، بل هي اختبار لتماسكنا أو انشقاقنا كأمة. نحن أمام اختبار حقيقي لمواقفنا ومدى إيماننا بقدرتنا على تجاوز الانقسامات. فهل نحتاج إلى مزيد من الفوضى حتى نستيقظ؟ فلسطين أولاً، لأن من دونها سنظل نبحث عن هويتنا في ضوء شاحب وأفقٍ ضبابي، تعليق أوطاننا بين مطامع الخارج وتشتت الداخل.
الواقع اليوم في الضفة الغربية ينذر بالخطر. فقد شهدت العمليات الأخيرة في مخيم”جنين” اشتباكات عنيفة، في وقت تسعى فيه أجهزة السلطة الامنية الفلسطينية لتحقيق إنجازات لا تتعدى كونها كلمات على ورق، تجسّد مشهداً مؤسفاً من الكوميديا السوداء. هل يحتاج الاحتلال الإسرائيلي حقاً إلى تنفيذ مخططاته من خلال تصفية مقاومينا او كما تسميهم السلطة” قاطعين طرق او عصابات شوراع ” ما يحدث هو جزء من “استراتيجية” مدروسة تهدف إلى خنق أي صوت معارض ومقاوم ٫٫٫يتجلى التواطؤ بشكل واضح في الإجراءات الحالية، حيث تسعى السلطة إلى وأد المقاومة. ولكن هل يعتقدون حقًا أنه بإمكانهم قتل الروح الحية للامة من خلال مثل هذه السياسات؟ يثير تساؤلاتي كيف يمكن للسلطة أن تبقى في حالة من السكون بينما الشوارع مليئة بروح الفداء والمقاومة؟!
يبدو أن بعض قادتنا يغردون خارج السرب. إنهم يقعون في فخ السياسة المتآمرة التي تهدف إلى القضاء على المقاومين، مما يساهم في إفراغ الضفة الغريبة من أي منبر مقاوم، ليبقى الاحتلال يحتسي الحدث باطمئنان ٫عندما نتحدث عن فلسطين، لا بد من العناية بإحياء ضمير واعي، لا بمجرد دغدغة المشاعر، بل بترتيب صفوفنا أمام هذه السلسلة الطويلة من التحديات حان الوقت لتوجيه البوصلة نحو الصورة الأكبر
اللحظة التاريخية مسؤولية جماعية تجاه الاحتلال الإسرائيلي الذي يسعى لزرع الفتنة بيننا. يجب أن نتجاوز خلافاتنا ونعمل على وحدة حقيقية.
لن ينجح مشروعنا الوطني إلا بتوحيد الصفوف وبناء البيت الفلسطيني فلنجعل قضيتنا المركزية هي القدس واللاجئين، رمز عزتنا.
في نهاية المطاف فلسطين ليست قضية عابرة، بل هي معركة الوجود والهوية. فإذا كنا نؤمن بقدرتنا على استنهاض الأمة من جراحها، فلندحر الفتنة الفلسطنينية ، ولنقف صفاً واحداً في وجه الاحتلال، لنعيش جميعًا كأمة تمتلك حكاياتها، وواقعها، وأحلامها، دون تردد. فلسطين هي خيارنا الأوح