الدكتور أحمد نبوي يكتب: أنوار الدين والدنيا
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
لقد أوجد الله تعالى الدين فى حياة الناس ليكون نوراً هادياً لهم فى دنياهم، ومن الواجب على العلماء الراسخين فى كل عصر أن يفتحوا باب التواصل الجماهيرى مع الناس لبيان صحيح الدين بعيداً عن الإفراط والتفريط، واستخدام كل الأدوات الممكنة فى سبيل ذلك.
ويأتى فضيلة العالم الجليل د. على جمعة على قمة الهرم من العلماء الأزهريين المعاصرين (فى آخر ربع قرن) ممن تواصلوا مع المجتمع والجماهير من خلال الإذاعة والتليفزيون والفضائيات، فقد تجاوزت برامجه تليفزيونياً وفضائياً «أربعة آلاف ساعة» وهو رقم لا يشاركه فيه أحد منذ إنشاء التليفزيون والفضائيات إلا الشيخ الشعراوى، رحمه الله تعالى.
ولا أزال أذكر طلعته البهية فى أكثر من 80 حلقة ببرنامج «البيت بيتك» فى التليفزيون المصرى من 2005 وحتى 2009 مع الإعلامى تامر أمين، ثم أكثر من 270 حلقة فى «مجالس الطيبين» بعد ظهر كل جمعة من 2006 وحتى 2013م.
وحينما كانت الفوضى ضاربة فى طول البلاد وعرضها، خرج الشيخ الجليل علينا ببرنامج «كلمة حق» فى عامى 2011-2012 وأكثر من 40 حلقة على التليفزيون المصرى، يستضيف عالماً من كبار العلماء، وواحداً من الشباب، وكان لى شرف الوجود معه فى حلقتين، مع الإعلامى شريف فؤاد.
ثم قام بالرد علمياً وفكرياً على آراء سيد قطب وتنظيم الإخوان فى برنامج «المتشددون» فى 44 حلقة فى التليفزيون المصرى 2015م، ثم تحول البرنامج إلى كتاب مطبوع وهو «حكاية الإرهاب»، ولا ننسى طبعاً أكثر من 200 حلقة من «حديث الجمعة» من 2011 وحتى 2015م على قناة CBC.
ثم يأتى واحد من أعظم وأهم برامج الشيخ «والله أعلم» والذى يعد سابقة هى الأولى من نوعها فى تاريخنا المعاصر أن يخرج عالم أزهرى على الهواء مباشرة مدة خمسة أيام فى الأسبوع من 2014 وحتى 2019م، ليقدم لنا حوالى 700 حلقة تحدث فيها عن كل شىء وفى كل شىء مما يشغل المسلم فى دينه ودنياه، فربط المسلمين بالإيمان بالغيب من خلال عشرات الحلقات عن الوحى وعلامات الساعة والجنة والنار، وأولى الأسرة رعاية بالغة فتحدث عن الزواج والخطوبة، وإفشاء الأسرار الزوجية، وأسباب التفكك الأسرى وكيفية معالجته، والخيانة الزوجية، وأسباب العنوسة، وعن جرائم الشرف، ودُور المسنّين، وكيفية التعامل مع المعوقين ذهنياً.
وأفرد حلقات كاملة عن التحرش، والشذوذ الجنسى، والإلحاد، وعمليات التجميل، ودعوات خلع الحجاب، والزواج العرفى، وقضية إثبات النسب والعلاقات غير المشروعة، وخطورة إنكار وجود الأديان وحدود الحرية الدينية، والرد على مُنكرى السنة، ودعوات المساواة بين المرأة والرجل فى الميراث، ومكانة القدس وكيفية إحياء القضية فى نفوس المسلمين، وكيفية الحفاظ على اللغة العربية.
وتحدث عن خطورة الشائعات، وضوابط استخدام مواقع التواصل الاجتماعى، والدروس الخصوصية، وكيفية التعامل مع غلاء الأسعار. ودافع فى حلقات كثيرة عن مناهج الأزهر، وبيّن حقيقة المذاهب الفقهية ووقف ضد اتهامها بالتشدد وصناعة التطرف.
أما شهر رمضان فقلّما كان يخلو من برنامج له طوال أيام الشهر الكريم بداية من «الإسلام كتاب مفتوح» فى قناة المحور مع الإعلامى المرحوم محمود فوزى فى رمضان سنة 2006م، وانتهاء بـ«مصر أرض الأنبياء» و«أرض الصالحين» و«أرض المجددين» و«دولة التلاوة» مع الإعلامى عمرو خليل، إلى أن جاء برنامج «نور الدين» فى رمضان هذا العام ليشتبك فيه الشيخ الجليل كعادته مع القضايا التى تشغل عقول الأطفال والمراهقين والرجال والنساء فى واحدة من العلامات الفارقة فى تاريخ برامجنا الدينية بصفة عامة، وليكون تجربة حية وتطبيقية فى باب تجديد الخطاب الدينى، لتُشرق علينا من خلاله أنوار الدين والدنيا معاً.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: العلماء الفقهاء د على جمعة قناة الناس
إقرأ أيضاً:
أحمد ياسر يكتب: أزمة النازحين تزداد سوءً
هل يمكن أن نتخيل مرور عام في الوقت الحاضر حيث ينخفض عدد اللاجئين والنازحين داخليًا؟
للأسف، يصعب تخيل هذه الظروف….
وفقًا للأمم المتحدة، هناك أكثر من 120 مليون شخص في هذه الفئة، أي 1.5% من سكان العالم، وإذا شكلوا دولة، فإنها ستحتل المرتبة الثالثة عشرة من حيث عدد السكان في العالم.
وهذا ضعف الرقم قبل عقد من الزمان تقريبًا، في عام 2014، كان الرقم 60 مليونًا، وهو رقم مثير للقلق في حد ذاته، وإذا استمرت هذه الوتيرة، فسوف يصل إلى 240 مليونًا بحلول عام 2036.
ما هي دوافع هذا النزوح الهائل؟ في عام 2024، يبرز اثنان: السودان وغزة
لقد أدى القتال المروع في السودان، الذي بدأ في أبريل 2023، إلى 1.2 مليون لاجئ و6 ملايين نازح داخليًا، إن تشاد هي الدولة الوحيدة التي استقبلت العدد الأكبر من اللاجئين، حوالي 700 ألف لاجئ. وهذا يكرر سمة أغلب الصراعات، حيث يبقى اللاجئون داخل نفس المنطقة، ومعظمهم في البلدان المجاورة ولا يصلون إلى دولة أكثر ثراءً.
والواقع أن الفقراء هم الذين ما زالوا يتحملون العبء، وقد يربك هذا نسبة ضخمة من أولئك الذين ينتمون إلى أقصى اليمين في أوروبا، والذين يعتقدون بطريقة أو بأخرى أن بلدانهم تعاني من أزمة لاجئين.
والصراع الآخر الذي يولد أعداداً متزايدة من اللاجئين هو الحرب في الشرق الأوسط، وخاصة في غزة ولبنان، فقد نزح نحو 90% من الفلسطينيين في غزة، وبعضهم نزح عشر مرات. ولابد وأن نذكر الساسة في أوروبا وحتى أولئك الذين يعملون في وسائل الإعلام بأن 70% من سكان القطاع كانوا لاجئين بالفعل قبل أكتوبر 2023. وهذا النزوح قسري!
وفي الضفة الغربية، يتم تهجير الفلسطينيين أيضًا، ومع الضم الإسرائيلي الرسمي المقرر في عام 2025، سيتم تطهير المزيد من الفلسطينيين عرقيًا أيضًا.
أما بالنسبة للبنان، فقد أدى القصف الإسرائيلي وغزو البلاد إلى النزوح الداخلي لنحو 900 ألف شخص قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار في الشهر الماضي، وعبر أكثر من 550 ألف شخص إلى سوريا ووصل آلاف آخرون إلى العراق. هذه دولة حيث كان ربع السكان لاجئين بالفعل قبل الحرب الأخيرة.
وفي الوقت نفسه، استمرت حرب أوكرانيا الآن لأكثر من 1000 يوم.. وهذا أيضًا لا يزال يدفع النزوح.
إذا ظل المجتمع العالمي منقسمًا ومنغلقًا على نفسه، فأين يمكن العثور على العزم والصبر اللازمين للتعامل مع مثل هذه الحروب؟ وتبدو الأمم المتحدة عاجزة.
يؤدي تغير المناخ إلى تدفقات اللاجئين، وقد أظهرت الأبحاث التي نشرت في نوفمبر أن ثلاثة أرباع النازحين البالغ عددهم 120 مليون شخص ــ نحو 90 مليون شخص ــ يعيشون في بلدان معرضة بشدة لتأثيرات تغير المناخ.
على سبيل المثال، اضطرت بنغلاديش، وهي دولة معرضة للفيضانات، إلى استضافة لاجئين من ميانمار، وما يحدث بعد ذلك هو أن النازحين يشعرون بأنهم مجبرون على الانتقال مرة أخرى نتيجة للفيضانات أو الجفاف أو غيرها من القضايا المتعلقة بالمناخ، كما يجعل هذا من غير المرجح أن يتمكنوا من العودة إذا تأثرت مناطقهم الأصلية بشكل خطير.
ومن المؤكد أن هذا الاتجاه سوف يزداد سوءا إذا لم يتم اتخاذ إجراءات ضخمة.
وقد حسبت المنظمة الدولية للهجرة أنه منذ عام 2014، فُقِد أكثر من 70 ألف شخص أثناء محاولتهم الوصول إلى مناطق أكثر أمانا، ويمثل البحر الأبيض المتوسط وحده أكثر من 30 ألف شخص من هؤلاء.
وإذا استمرت الحرب الإقليمية في الشرق الأوسط، فسوف يسعى المزيد من اللاجئين مرة أخرى إلى عبور بحر إيجه إلى اليونان. ومن الواضح أن المخاطر بعيدة كل البعد عن ردع هؤلاء المهاجرين، وهذا هو اليأس الذي يشعرون به.
المأساة هي أنه من خلال بذل المزيد من الجهود والاستثمار، يمكن للعالم الأكثر ثراء أن يساعد في كبح جماح محركات الهجرة من خلال سياسات فعالة تساعد البلدان المتضررة وتساعد في حل الحروب الطويلة الأمد، ولابد من إيلاء اهتمام أكبر للطرق الآمنة، حيث يمكن للهجرة أن تتم بعيداً عن العصابات الإجرامية وأن تتم إدارتها على نحو أكثر فعالية وأماناً.