الوطن:
2025-03-16@23:26:08 GMT

الدكتور محمد وسام يكتب: اتقوا الله في عالم الأمة

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

الدكتور محمد وسام يكتب: اتقوا الله في عالم الأمة

السباحة فى أذهان المجتهدين لنفكر كما فكروا، ونفهم كما فهموا، فهم المناهج دون الوقوف عند المسائل، تحويل الأوامر الشرعية إلى برامج عمل واقعية، الحكم على شىء باعتبار شىء آخرَ حكمٌ على الشىء الآخر، المزية لا تستلزم الأفضلية، قيدُ الحيثية مُراعى، المرادُ لا يدفع الإيراد، فرقٌ بين الفهم والتبنى، الحكم على الشىء فرع عن تصوره، لا بد من معرفة المفتَى فيه معرفة تستوفيه، قد يتحدان ذاتاً ويختلفان اعتباراً، فقد الوجدان لا يستلزم فقد الوجود، عدم العلم ليس علماً بالعدم، الإذن فى الشىء إذن فى مكملات مقصوده، لا تصح المصادرة على المطلوب، فرق بين أن نعيش العصر النبوى وأن نطبق المنهج النبوى، الفتوى تتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والأحوال، فرق بين الحكم الثابت والفتوى المتغيرة، فرق بين الدرس الفقهى والترجيح الإفتائى، النكات لا تتزاحم، الدين أوسع من المذهب، لا يُعترض بمذهب على مذهب، الاجتهاد لا يُنقَض بالاجتهاد، الوسائل لها أحكام المقاصد.

بأمثال هذه القواعد الفقهية والضوابط الإفتائية، عشنا مع مولانا الإمام العلامة الأستاذ الدكتور على جمعة، حفظه الله ورعاه، منذ نحو ثلاثين عاماً، فى الحوزة الأزهرية، ذلك الرباط الأكبر فى الجامع الأزهر، سنين عدداً بشكل يومى من الصباح الباكر حتى الزوال، وليس لنا إلا طلب العلم من غرض ولا نوال، ونحن نتناقل العلوم، ونتلاقح الفهوم، دراسةً وتصحيحاً، وحفظاً وتنقيحاً، فى مجلس علمى أشبه بمجلس إمام الحرمين الجوينى، والذى أصبح تلاميذه فيه أساتذة الدنيا بعد ذلك، كحجة الإسلام الغزالى، وإلكيا الهراسى، وأبى المظفر الخوافى، وأبى الفتح الأرغيانى، وأبى نصر القشيرى، وتمتعنا بهذا الجو العلمى الرائد، الذى لا يتوافر فى أرقى الجامعات والمعاهد، وقد وطنّا أنفسنا على أننا حلقة وصل، تصل الفرع بالأصل، لننقل هذا الدين عمن قبلنا إلى من بعدنا، أو كما سمى الرودانى المالكى [ت1094هـ] كتابه: (صلة الخلف بموصول السلف).

ثم انتقلنا من عشرين سنة إلى دار الإفتاء المصرية، لنمارس فى كل فتوى كنا نصدرها مع شيخنا فضيلة الإمام العلامة مفتى الديار وحامى الذمار، عملية «تجديد الخطاب الدينى» بشكل يومى عملى، عشنا هذا التجديد بقلوبنا وعقولنا؛ حراكاً علمياً، ودرساً فقهياً، وعملاً إفتائياً جماعياً، عشناه فى عملنا وبيوتنا، عشناه بأجسادنا وأرواحنا، واصلنا فيه الليل بالنهار، لم نكتف بالمطبوعات حتى رجعنا إلى المخطوطات، حتى استطعنا بفضل الله أن نكوِّن فى دار الإفتاء حصيلةً هائلةً من الفتاوى المؤصلة العصرية، التى أخذت مكانتها العليا بين علماء العالم الإسلامى، وحتى صارت اللجنة الفقهية بمجمع البحوث الإسلامية تستعين بهذا الفريق العلمى الذى صنعه على عينه فضيلة الإمام العلامة، والذى واءم فيه بين أصالة التراث الفقهى، وتطور العصر وسماته، بحيث تحتاج كل فتوى منها إلى ورشة عمل، لبيان مراحلها، وشرح مقدماتها ونتائجها، والعمق الأصولى الذى استندت إليه، والمنهج الرصين الذى انتهجَتْه، والكمية الهائلة من المراجع والأبحاث المتنوعة التى اعتمدَتْ عليها فى شتى المجالات العلمية المختلفة.

إنها عقد الجواهر اللؤلؤية التى تتزين بها دار الإفتاء المصرية، تلك هى أزهى عشر سنوات فى تاريخها منذ أن أنشئت إلى يوم الناس هذا، نقلها فيها مولانا نقلة نوعية، من المحلية إلى العالمية، ومن المحدودية إلى الشمولية، ومن اليدوية إلى الإلكترونية، ومن قضايا الإعدام إلى وسائل الإعلام، ومن رؤية الهلال إلى الدخول فى كل مجال.

وها هو مولانا العلامة، رضى الله عنه، يحرك المجتمع كما حرَّك المؤسسة، ويلقى بالضوابط والقواعد فى الماء الراكد، بنظره الثاقب وفكره الرائد، يطبق من خلاله قواعد الفتوى على ما عمت به البلوى، ويعلم الناس التقوى، ليكونوا بالعلم أقوى، فى شهر التقوى، ويتناول مسائل الحراك المجتمعى التى يزورُّ عنها كل عالم، ويتهيبُها كل فقيه، وينبو عنها كل متنطع، إنه المثال الحى لتطبيق الإسلام فى دنيا الناس، غضاً طرياً، وحديثاً ندياً.

اتقوا الله فى عالم الأمة ومُربّى الأجيال، الذى لا تتكرر منه الأمثال، اتقوا الله فى هذا الكنز النورانى الذى حبا الله به مصر دون سائر الأمصار، فلو عرفتموه كما عرفتُه، لأحببتموه كما أحببتُه.

وسيعلم الذين ظلموا أى منقلب ينقلبون.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قناة الناس شهر رمضان د على جمعة مكانة العلماء

إقرأ أيضاً:

الدكتور أسامة الجندي يفسر اشتياق سيدنا زكريا لإنجاب الولد.. فيديو

أكد الدكتور أسامة الجندي، وكيل وزارة الأوقاف لشئون المساجد، أن سورة مريم تناولت قصة النبي زكريا عليه السلام، الذي كان يتمنى الولد ليس لحمل اسمه أو ليكون امتدادًا له في الدنيا، وإنما ليواصل الدعوة إلى الله ويحمل منهجه، وينقل الناس من عادات الأرض إلى أخلاق السماء.

أسامة الجندي: مفهوم التوبة في الإسلام يرتكز على التوازن بين صفات الجمال والجلال للهأسامة الجندي: رمضان هدية إلهية وفرصة للتقرب إلى الله

وأوضح خلال تقديم برنامج «وبشر المؤمنين» المذاع على قناة «صدى البلد» أنه على الرغم من أن الأسباب الطبيعية للإنجاب كانت معطلة – فقد بلغ زكريا من الكِبر عتيًّا، وكانت زوجته عاقرًا – إلا أن الله سبحانه وتعالى أكرمه برحمته، كما ورد في مطلع السورة: "ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا"، ليؤكد أن الأسباب لا تعمل بذاتها، بل بأمر الله.

واختتم: يظهر في دعائه المستمر: "رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ" أن طلبه للولد لم يكن بدافع شخصي، بل لغاية نبيلة ترتبط بنشر رسالة الحق. وتأتي القصة لتُرسخ مفهوم التوكل على الله، والتأكيد على أن تحقيق الأمنيات بيد الله وحده، مهما بدت الظروف مستحيلة.


 

مقالات مشابهة

  • وزير الثقافة يطمئن على صحة العلامة المطاع
  • الدكتور أسامة الجندي يفسر اشتياق سيدنا زكريا لإنجاب الولد.. فيديو
  • عبد الله مشنون يكتب..إستفحال مظاهر العنصرية في الجزائر ضد ذوي البشرة السمراء
  • العلامة مفتاح يرأس اجتماعاً للجنة التحضيرية للمؤتمر الثالث “فلسطين قضية الأمة المركزية”
  • ليه ربنا حطنا في اختبار وهو عارف نتيجته.. رد حاسم من الدكتور علي جمعة
  • بأرقام قياسية.. المغربي حمد الله يكتب التاريخ بالدوري السعودي
  • إسحق أحمد فضل الله يكتب: قاموس الأفكار
  • غالبني الوجع وأنا أتلقى نبأ استشهاد صديقي الدكتور عمر محمد علي
  • اللواء أركان حرب محمد أبو الفتوح جاب الله يكشف مراحل نشأة وتطور قوات الصاعقة المصرية
  • الشيخ كمال الخطيب يكتب .. أنا السجّان الذي عذّبك