يُعَدُّ مولانا د. على جمعة علَّامة وعلَامة فارقة فى هذا الزمان، وقَلَّ أن يجودَ بمثله الزمان، وهذا فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم، وما شاهدناه فى برنامج «نور الدين»، حيث يتلقى الشيخ على جمعة بعض الأسئلة الشائكة، تلك الأسئلة التى يخاف بعضُهم من خوض غمارها لئلا يقعوا فى مأزقها، لكن مولانا «أسد» فى الدعوة، لا يبالى بذلك، ولا يبقى ساكتاً عن مناقشة هذه الموضوعات التى لم يقترب منها كثيرٌ من علماء الدين على مر عقود من الزمان، خاصة أنها تشغل عقولَ الأطفال والشباب، فالشيخ على جمعة لديه القدرة على الرد بطريقة تناسب الجميع، فتأتيك الإجابة عنها صحيحة بأسلوب سهل بسيط، فيثرى معرفة الطلاب وينير عقولهم ويقدم إجابات شافية لتساؤلات الأطفال التى يراها بعضهم أنّها تعجيزية، كذلك يُقدِّم محتوى هادفاً للأسرة بأكملها، يعتمد على أسلوب الحوار التفاعلى بين الإمام العلَّامة وطلاب المدارس من الأطفال فى مراحل عمرية مختلفة.

لذلك وجبت التحية والتقدير لمولانا د. على جمعة الذى تبحر فى العلوم، فحينما يتكلم، يتحدث بالعلوم الشرعية والاجتماعية بما يتناسب مع الدين وأحوال الناس فى معيشتهم، كذلك تحية له على تصديه طوال أعوام دعوته إلى الله لأصحاب الأفكار المتشددة من جماعات التشدد والظلام، الذين يستقطبون الأطفال والشباب فى هذه الفئة العمرية، فى المدارس والكتاتيب وحتى الجامعات، لذلك أزعجهم برنامج «نور الدين» لأنه يتصدى لوجودهم، لذلك قاموا بحملات تشويه ممنهجة ضد الشيخ على جمعة، وتلك عادة الله فيه، وليست بجديدة عليهم، فكل فترة يقومون بتلك الحملة ضد الشيخ على، بل وصل الأمر لمحاولات اغتيال كان منها محاولة اغتياله أمام منزله وهو داخل للمسجد.

يدرك الدكتور على جمعة مقتضيات الواقع وكيفية التصدى لجماعات الشر جيداً، ولا يرد على تلك الجماعات بالسب والشتم كما يفعلون هم، بل يعاملهم بالحسنى والموعظة الحسنة ورد السيئة بالحسنة، والمناظرة بالعلم، فكم من المتشددين أصبحوا من تلاميذ الشيخ على جمعة واعتدلوا وأصبح فكرهم أزهرياً تماماً، وتلك أمور لا تحدث بسهولة ولا يقدر عليها إلا مولانا الدكتور على جمعة، حيث تحمّل من أساءوا الأدب معه فى البداية، وحينما ناظرهم الحجة بالحجة وجدوا العلم الواسع لدى الشيخ على، وكم هو على يقين من مواقفه وقربه من الصواب والحقيقة، ولم يجدوا إلا توجههم نحو الحق والصواب والعودة من طريق الضلال.

يمثل مولانا د. على جمعة المنهج الأزهرى التربوى الصحيح، فى مقابل طريق المتشددين، الذين يأتون ليكرِّهوك فى الدين، فالشيخ على جمعة يرى أن الرقعة واسعة بين المذاهب الأربعة، تصلح لأن يوجد علماءُ مجتهدون لقياس الأمور واستخراج المسائل، فالدين كبير وواسع، والشيخ فى برنامجه «نور الدين» أراد تبسيط الأمور للأطفال لتفهمَه عقولُ الأطفال الصغار، فيأتى كلامه مطابقاً لمقتضى الحال فلا يصلح فى مثل هذا أن يكلمهم بالمجمل والمبين ولا الخاص والعام ولا المطلق والمقيد، فهذه كلها أمور لن يفهمها الطفل الصغير.

حملة شرسة تعرض لها الشيخ، حينما تحدث عن ضوابط تعامل البنت والولد فى المدارس، فهو تحدث وذكر رؤية بعض العلماء، فالشيخ لم يخرج فى حديثه عن الشريعة، لكنّ عقلَ المهاجم لا يحب الشيخ على جمعة ولا يسعى لفهم حديثه، لأن هذا العلم فوق مستوى تفكير المهاجمين، فالشيخ على جمعة عالم ويتحدث باجتهاد، وأهل الاجتهاد إذا أصابوا فلهم أجران وإذا أخطأوا فلهم أجر.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: قناة الناس د على جمعة مكانة العلماء الشیخ على جمعة

إقرأ أيضاً:

أيمن عقيل يكتب: ثورة 30 يونيو.. ما الذي تغير؟

قد ينسى البعض، أو يتناسون عمداً، فى ظل الأزمات والتحديات التى تحيط بالدولة المصرية من حروب ونزاعات على حدودها الشرقية والجنوبية، الأهمية التى تمثلها ثورة 30 يونيو خلال ذكراها الحادية عشرة، لكن كل شخص يمتلك ذاكرة قوية، وعقلاً ناقداً ورؤية تحليلية قائمة على الأدلة، لا يمكن أن ينسى أهمية 30 يونيو وآثارها، فكانت هذه الثورة بمثابة ضوء فى نهاية نفق مظلم كادت تورط فيه جماعة الإخوان الدولة المصرية فى مشكلات لا حصر لها تعصف بكيان الدولة، وكان الإعلان الدستورى الذى أصدره محمد مرسى والذى حصّن فيه قراراته ومنح نفسه بموجبه سلطات مطلقة بمثابة النقطة المفصلية التى قرر عندها المصريون أن يضعوا حداً لهذا التصرفات غير المسئولة لأنهم استشعروا الخطر الذى يمكن أن يمثله استمرار الجماعة فى الحكم. كان ذلك دافعاً أمام 33 مليون مصرى للخروج فى الشوارع والساحات العامة من أجل المطالبة بإنهاء حكم الجماعة، لذلك يمكن الجزم بأن 30 يونيو أعادت توحيد المصريين حول قيم كاد مشروع الإخوان أن يفقدهم إياها، وهى قيم المواطنة والتسامح والتعايش السلمى.

هذه مقدمة كان لا بد منها قبل أن أنتقل إلى آثار وتبعات هذه الثورة فى ذكراها الحادية عشرة، فقد نظرت إلى هذه الآثار أو التغيرات التى طرأت على الدولة المصرية بعد 30 يونيو من بُعد حقوقى واجتماعى وتنموى، فعلى الصعيد الحقوقى تم تعزيز عمل المجتمع المدنى فى إطار القانون 149 لسنة 2019 الخاص بممارسة العمل الأهلى وهو القانون الذى يعد نقلة نوعية فى تعزيز العمل الأهلى. وفى سياق مكافحة الإرهاب والتطرف العنيف تراجعت معدلات العمليات الإرهابية لمستوى لم يعد يذكر، وكان ذلك نتيجة طبيعية لخطوات قامت بها الدولة المصرية وقواتها المسلحة اعتماداً على ثنائية مكافحة الإرهاب والتنمية كمسارين متوازيين، ففى إطار مكافحة الإرهاب أقر التقرير السابع عشر للأمين العام للأمم المتحدة الخاص بالتهديد الذى يشكّله تنظيم داعش على السلم والأمن الدوليين بأن مصر لجمت مخاطر إنشاء فرع محلى لتنظيم داعش، كما انحسر نشاط جماعة بيت المقدس كنتيجة للجهود التى قامت بها السلطات المصرية، أما فيما يتعلق بمسار التنمية فقد أعادت مصر افتتاح مطار العريش الدولى، وأنفقت خلال العقد الأخير 750 مليار جنيه على مشاريع التنمية فى سيناء، كما شمل المشروع القومى لتنمية سيناء إنشاء ما يقترب من 77 ألف وحدة سكنية وشبكة طرق بجانب مناطق صناعية فى شبه جزيرة سيناء.

كما شهد التوسع العمرانى وبناء المدن الجديدة مساراً لم يكن موجوداً قبل 30 يونيو، وقامت ببناء 48 مدينة سكنية جديدة وفقاً لبيانات وزارة الإسكان فى ضوء استراتيجية لزيادة المساحة المأهولة بالسكان ولضمان تطبيق معايير السكن اللائق كحق من حقوق الإنسان الواردة فى العهد الدولى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذى صادقت عليه مصر، كما اتخذت تحدياً للقضاء على المناطق العشوائية بعد 30 يونيو وهو ما تحقق بالفعل بإعلان رئيس مجلس الوزراء بالقضاء على المناطق العشوائية الخطرة.

لم تتوقف الآثار على ما سبق، لكن توازى مع هذه الخطوات رغبة فى الإصلاح السياسى تمثلت فى صدور قرار رئيس الجمهورية رقم 570 لسنة 2013 بتشكيل لجنة الخمسين لتعديل الدستور وهى اللجنة التى أفضت جهودها إلى صدور دستور 2014 والذى جرى تعديله فى عام 2019 وهو الوثيقة التى احتوت على ضمانات لتعزيز حقوق الإنسان، حيث اعتبر الدستور المصرى فى المادة 92 أن الحقوق والحريات المرتبطة بالمواطن لا يمكن أن تتعرض للتعطيل أو النقصان كما لا يجوز لأى قانون أن يفرض قيوداً عليها، كما اعتبر الدستور فى المادة 92 أن استقلال القضاء هو الضمانة الأساسية لحماية الحقوق والحريات. وجاء هذا الدستور ليكون بديلاً للدستور المعيب الذى صاغته جماعة الإخوان والذى قيد سلطات القضاء وميز ضد المرأة وعصف بالحريات المدنية والدينية. ودولياً وإقليمياً عززت مصر علاقاتها بالمؤسسات الدولية والإقليمية عقب 30 يونيو، وانتخبت مصر عضواً غير دائم بمجلس الأمن فى عامى 2016- 2017، كما أنها اختيرت فى 24 أغسطس 2023 للانضمام إلى مجموعة بريكس وهى تكتل اقتصادى يستحوذ على 25% من الاقتصاد العالمى، أما إقليمياً فنجحت الدولة المصرية فى استعادة عضويتها فى الاتحاد الأفريقى بعد أن جُمدت هذه العضوية فى أعقاب 30 يونيو 2013 وانطلقت من حينها لتعزز علاقاتها بالدول الأفريقية. أخيراً يمكن الجزم أن «30 يونيو» مثلت لحظة فارقة فى التاريخ الحديث للدولة المصرية، اللحظة التى قرر فيها المصريون والقادة الوطنيون التصدى للمكائد التى دبرها الإخوان والعزم على معالجة الأزمات التى فرضتها الجماعة من خلال محاولة الاستئثار بالحكم وحدهاً خروجاً على الإجماع الشعبى

مقالات مشابهة

  • ثقافة: من هو الليبي هشام مطر الفائز بجائزة جورج أورويل 2024؟
  • مجدي البدوي يكتب: ثورة بناء
  • أحمد العوضي يكتب: نقطة تحول تاريخية
  • أيمن عقيل يكتب: ثورة 30 يونيو.. ما الذي تغير؟
  • الدكتور رامي عطا يكتب: عودة مسار المواطنة
  • الدكتور باسل عادل يكتب: ميلاد ثورة ووأد جماعة
  • طارق سعدة يكتب: كُتب علينا التصحيح (30 يونيو)
  • طارق الخولي يكتب: 11 سنة ثورة
  • الشيخ ياسر مدين يكتب: كيف وصلتنا السُّنة؟ (8)
  • لأنه تحدث عن مكانة الشهيد.. لائحة اتهام إسرائيلية ضد الشيخ عكرمة صبري