واجهت الزعيم السادات 10 سنوات صعبة، منذ وفاة جمال عبدالناصر وتوليه السلطة عام 1970 حتى تم اغتياله فى أكتوبر 1981 يوم احتفاله بالذكرى الثامنة لنصر أكتوبر المجيد.
تغييرات هائلة حدثت فى عهد السادات على كل الأصعدة الداخلية والخارجية، لكن المؤكد أنه ساهم فى بناء دولة كانت منكسرة تماما بعد هزيمة عام 1967 التى دمرت فيها إسرائيل 70٪ من العتاد الحربى، وسقط شهداء بالآلاف ضحوا بأرواحهم للحفاظ على الأرض ووضع اقتصادى سيئ.
السادات العظيم بدأ بناء الجيش المصرى بالسلاح والثقة بعد انكساره فى 5 يونيو 1967 بخطة بدأت قبل حرب أكتوبر 1973، واستمرت إلى أن وضع شروطا على الجانب الإسرائيلى بعد ذلك بحق تعداد وتطور ونوعية الأسلحة التى يحق للجيش المصرى الحصول عليها، ومناطق انتشاره فى سيناء مقابل تسوية سلمية أعادت إسرائيل بموجبها صحراء سيناء بالكامل إلى السيادة المصرية.
دور السادات فى إعادة بناء الجيش هو محل تقدير لكل العسكريين الكبار فى الجيش المصرى، وأكدها الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما قال خلال ندوة القوات المسلحة التثقيفية، فى الذكرى الـ36 لتحرير سيناء عندما قال إن الجهود التى كانت تبذل لإعادة بناء القوات المسلحة كانت مضنية للغاية، وكان يعيشها الشعب المصرى يوما بعد يوم، مشيدا بجهود الرئيس الراحل أنور السادات والجيش المصرى فى هذا التوقيت.
قاد السادات مصر إلى أول انتصار عسكرى على إسرائيل، وقد كان هذا الانتصار مدخلا لرسم معالم جديدة لنهضة مصر بعد الحرب بانفتاحها على العالم فكان قرار الانفتاح الاقتصادى، بتغيير التوجه المالى للدولة من الاشتراكية إلى الرأسمالية والاقتصاد الحر، وارتبطت تلك الفترة فى مصر بنمو رؤس الأموال الصغيرة التى كانت موجود فى ظل النظام الاشتراكى وتحولها إلى رؤس أموال كبيرة وظهور طبقة ثرية فى مصر كانت قد اختفت فيما بعد الثورة عام 1952.
فى مايو 1971، اتخذا السادات قرارا حاسما بالقضاء على مراكز القوى فى مصر وهو ما عرف بثورة التصحيح، وفى نفس العام أصدر دستورا جديدا لمصر.
وفى نوفمبر 1977، أعلن فى البرلمان قراره الذى سبب ضجة بالعالم العربى بزيارته للقدس ليدفع بعملية السلام بين مصر وإسرائيل، وبالفعل قام فى عام 1978 برحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية من أجل التفاوض لاسترداد الأرض وتحقيق السلام كمطلب شرعى لكل دولة، وخلال هذه الرحلة وقع اتفاقية السلام فى كامب ديفيد برعاية الرئيس الأمريكى جيمى كارتر.
فى عام 1976، أعاد السادات الحياة إلى الديمقراطية وكان قراره بعودة الحياة الحربية، فظهرت المنابر السياسية ومن رحم هذه التجربة ظهر أول حزب سياسى وهو الحزب الوطنى الديمقراطى كأول مولود حزبى كامل النمو بعد ثورة يوليو، ثم توالى بعده ظهور أحزاب الوفد والتجمع والأحرار.
كان للسادات موقف قوى فى القضية الفلسطينية حيث كان أول رئيس عربى ينصر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى ودعم استقلاله واقامة دولته وعاصمته القدس، وذلك لأول مرة فى حضور مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلى، فى كلمته أمام الكنيست الإسرائيلى، ونصح فيها الدولة الإسرائيلية فى كلمة موجزة قائلا: «إذا كنتم وجدتم المبرر القانونى والأخلاقى لاقامة وطن على أرض لم يكن كلها ملك لكم فمن الأولى بكم أن تتفهموا إصرار شعب فلسطين على إقامة دولتهم من جديد».
وتقديرا لشجاعته فقد نال السادات جائزة نوبل للسلام مناصفة بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلى مناحم بيجن، وألف الزعيم السادات عدة كتب منها «قصة الثورة كاملة»، «صفحات مجهولة من الثورة»، «يا ولدى هذا عمل جمال»، البحث عن الذات.
استشهد الرئيس العظيم أنور السادات برصاص الخسة والغدر والندالة فى 6 أكتوبر 1981 على أيدى أصوليين إسلاميين أثناء احتفاله بذكرى حرب أكتوبر، ودفن بالقرب من مكان مقتله فى ساحة العرض العسكرى وبجوار قبر الجندى المجهول.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: حكاية وطن السادات العظيم محمود غلاب الزعيم السادات نصر أكتوبر المجيد
إقرأ أيضاً:
قانون الإيجار.. والسلام المجتمعى
عقب صدور حكم المحكمة الدستورية العليا الخاص - بعدم دستورية - ثبات أجرة الأماكن المؤجرة لأغراض السكن، والذى تضمن موعد إعمال أثر الحكم فى اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى لمجلس النواب.. ثارت المخاوف وحالة جدلية كبيرة فى المجتمع المصرى، انتقلت بطبيعة الحال إلى معظم وسائل الإعلام والسوشيال ميديا، وتباينت الآراء والمواقف، على اعتبار أن هذا القانون يمس حياة ملايين المصريين.. إلا أن الملاحظ أن بعض وسائل الإعلام المنوط بها المسئولية وتبديد المخاوف ودحض الشائعات واستقرار المجتمع، ساهمت دون أن تدرى فى زيادة المخاوف والشائعات عندما تناولت أثر هذا الحكم بشكل سطحى ومن خلال طرح حالات فردية لا تعبر بأى حال من الأحوال عن حجم وعمق واتساع المجتمع المصرى، وأيضًا ظروفه الاقتصادية والاجتماعية، خاصة أن القضية تمس ملايين الناس، وفوجئنا بعملية شخصنة لبعض الحالات الفردية أو الصارخة فى بعض المناطق الراقية بالقاهرة باعتبارها نموذجاً للأزمة، وهى فى حقيقة الأمر تشكل نسبة ضئيلة جدًا من نسبة الإيجارات الكبيرة فى القاهرة الكبرى وكل مدن ومحافظات مصر.
الحقيقة أننا أمام تباين كبير فى وجهات النظر حول مسألة تحديد القيمة الإيجارية للأماكن القديمة.. صحيح أن هناك حالات فردية صارخة وغير مقبولة لبعض الأماكن فى المناطق الراقية بالقاهرة، ساهم فى فجاجتها قوانين الدولة العتيقة والمجحفة مثل تحميل قيمة الصيانة والعوائد وغيرها علي المالك، وكان يجب تعديل هذه القوانين بحيث يتحملها المستأجر أو المنتفع بالعين للمواءمة بين الطرفين.. ولكن فى المقابل تبقى هذه النماذج هى حالات فردية لا تعبر بحال من الأحوال عن الأغلبية الكاسحة من الملايين التى تقطن فى أماكن مستأجرة فى عشرات الأحياء بالقاهرة والجيزة، ومئات المدن والأحياء بالمحافظات، وهى الشريحة الأكبر والأعظم والتى تقدر بأكثر من 15 مليون نسمة، وهذه الشريحة فى أفضل الأحوال يمكن أن تصنف بالطبقة المتوسطة وما دونها، التى باتت تعانى من الظروف الاقتصادية والغلاء المعيشى الذى يواجه كثيراً من المصريين بسبب التغيرات الدولية قبل سنوات قليلة نتيجة جائحة كورونا ثم الحرب الروسية الأوكرانية التى ضاعفت من أسعار المنتجات والسلع الغذائية وأسعار الطاقة فى العالم، وباتت هذه الشريحة الآن أمام مخاوف هائلة من تحرك القيمة الإيجارية لمساكنهم ومدى قدرتهم على سدادها فى ظل تدنى المرتبات والمعاشات والدخول بشكل عام.
هذه القضية بالغة الأهمية، وتحتاج إلى أقصى درجات الحكمة والموضوعية، لأنها ترتبط بشكل وثيق بالسلام والاستقرار المجتمعى على أرض المحروسة، وكلنا يعلم حالة التربص بالمجتمع المصرى من جماعات الشر، ونشر الشائعات من حين لآخر.. فما بالنا بطرح هذا القانون الشائك فى هذا التوقيت وفى ظل هذه الظروف الاقتصادية، وسبق أن تخوفت حكومات كثيرة من طرحه، وهو الأمر الذى يضاعف المسئولية على شتى المؤسسات المصرية الآن وفى مقدمتها مجلس النواب الذى بات مسئولاً عن إصدار تشريع جديد، يجب أن يضع على رأسه المصلحة الوطنية والاستقرار المجتمعى من خلال مراعاة ظروف شتى الأطراف والشرائح والطبقات، والظروف المعيشية والاقتصادية، وهذا لن يتأتى إلا من خلال عمل شاق لمعظم لجان المجلس ومن خلال بيانات وإحصائيات دقيقة من أجهزة الدولة المتخصصة حتى يخرج القانون بشكل متوازن ومرضٍ للجميع وللظروف التى تمر بها البلاد، ويجب على وسائل الإعلام أن تتحلى بالمسئولية الوطنية من خلال الطرح الموصى للقانون أثناء مناقشته فى البرلمان، وتبديد مخاوف الملايين من المستأجرين فى شتى أرجاء مصر، بدلاً من طرح النماذج الفردية التى لا تعبر عن مجمل المجتمع المصرى الذى يجب أن نسعى جميعًا من أجل تماسكة واستقراره ونهضته.
حفظ الله مصر