بوابة الوفد:
2024-11-27@18:55:01 GMT

المقامات العليا

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

فى اصطلاحات أهل المعرفة أن المقام ثابت راسخ يكتسب ببذل المجهود. وأن الحال متغير يأتى من عين الجود، من الفضل الإلهى، وهو وارد وهب من عطاءات الله. والمقامات والأحوال سلسلة من النظام العملى ضمن علوم التزكية لا تكاد تخلو منها فروع الدين والأخلاق. 
وكل ما يقام على المقام أو على الحال يؤسس فى طريق الله معرفةً إنْ على مستوى النظر أو على مستوى العمل، بمقدار ما يُعطى صورة وافية للموضوع الذى يندرج تحته، فإنْ قلت التوبة أو الورع أو الزهد أو قلت المحبّة أو الخوف أو الرجاء أو اليقين، فأنت أمام أبواب وميادين من المقامات والأحوال عالية المقاصد فى الدين والخُلق سواء.

وجميعها موضع اهتمام العارفين ممّن تحدّثوا فيها أو نقلت عنهم خلفاً عن سلف. والتعامل مع المقامات العليا مقصدٌ يسمو بالنفس ويرقّيها لتكون مع الله دوماً لا مع سواه، حيث لا سوى غيره، ولا حاجة للنفس إلى السِّوى وهى فى معيّة الله. 
هنالك تقترن المحبّة بالتوبة مع الرضا فى المشابهة بمقاصد التوظيف الإلهى تخريجاً للدلالة والإشارة وتسليماً للمعطيات الذوقيّة فى كل دلالة وفى كل إشارة حسب درجات القادرين عليها حتى إذا ما طرحنا السؤال المباشر: مَنْ ذا الذى تتقدَّم لديه المحبّة فتسبقه: الخالق أم المخلوق؟ العبدأم الرب؟ فالظاهر بالمباشرة أنّ العبدهو الذى يُحبُّ الله أولاً، حتى يُحبُّه الله تالياً، ولكن التأمل فى المقاصد الإلهيّة يعكس هذا الظاهر جملة وتفصيلاً ويحيله إلى النقيض، وذلك حين تقرأ قول الله تعالى: (فَسَوْفَ يَأْتِى اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ)، إذ يعلم أنّ الذى يُحبُّ أولاً هو الله. ولا طاقة لمحب من تلقاء نفسه دون سابقة محبة إلهيّة، وفى تخريج الدلالة توظيفٌ للمقصد الإلهى فى سياقاته العلويّة.
وبالمثل؛ ربما يعتقد العبدركوناً إلى نفسه أنه هو نفسه الذى يتوب أولاً حتى يتوب الله عليه تباعاً، لكنه إذ يقرأ قوله تعالى: (ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا) علم من فوره أنّ الله هو الذى يُلهمه التوبة تحقيقاً حتى يتوب.
أكثر أدعية الأولياء والعارفين تبدأ بالتوبة وتنتهى إليها، ولا مناصّ منها فى البدء والمنتهى. (فاللهم إنّا نسألك توبة سابقة منك إلينا لتكون توبتنا تابعة إليك منّا) كما فى الحزب الكبير لسيدى أبى الحسن الشاذلى رضوان الله عليه. فالتوبة سابقة من الله إلى خلقه، وتوبة الخلق تابعة لما سبق فى علمه من تقدير.
ولا مزيد على التحقيق فى غير هذا ولا فيما سواه. 
وربما يعتقد العبدأنّه هو الذى يُرضى الله أولاً، ثم يرضى الله عنه، حتى إذا قرأ قوله تعالى: (رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ).
عَلِم إذ ذاك أن الله هو الذى يرضى عن العبد أولاً. ولا بدّ من رضاه السابق؛ ليتم لعباده الرضوان كما تمّت لهم المحبّة والتوبة من المقامات العليا؛ ليغفر وليعفو، وهو وحده سبحانه ولى ذلك والقادر عليه.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: د مجدى إبراهيم هو الذى ی المحب ة

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم.. وهذا هو الحل

أكد الدكتور نظير محمد عياد، مفتي جمهورية مصر العربية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، خلال كلمته في ندوة بالجامعة المصرية الروسية حول «أهمية الأخلاق في زمن التحديات والتهديدات المعاصرة» أن الحديث عن الأخلاق أصبح ضرورة ملحة في عصرنا الحاضر في ظل التحديات الكبرى التي تواجه المجتمعات، من هجمات فكرية، ومحاولات لطمس الهوية، تهدف إلى القضاء على القيم الأخلاقية التي تعد الركيزة الأساسية لحماية المجتمعات من التفكك والانهيار.

وأشار إلى أن الأخلاق هي جوهر الرسالات السماوية، وأساس استقامة المجتمعات، مستشهدًا بقول الله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}، وهو وصفٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بعث لتتميم مكارم الأخلاق كما قال صلى الله عليه وسلم: «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق»، مضيفًا أن جميع الرسالات السماوية اجتمعت على أصول العقائد والشرائع والأخلاق، ووردت في الكتب السماوية الوصايا العشر التي دعت إلى التوحيد، وحذرت من الخيانة وسوء الأخلاق، تطبيقًا لما جاء في قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}.

مفتي الجمهورية

كما أوضح أن الأخلاق في الإسلام ترتبط بتحقيق المقاصد الشرعية الضرورية، التي تهدف إلى حفظ الدين والنفس والعقل والعرض والمال، مستشهدًا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «إن الرجل ليبلغ بحسن خُلُقه درجة الصائم القائم»، وأكد أن الشريعة لا تقتصر على الضروريات، بل تشمل التحسينيات التي تضفي الكمال على حياة الإنسان، مثل العناية بالمظهر والجمال، كما قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إن الله جميل يحب الجمال».

لقاء

وشدد المفتي على أن انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم، حيث قال الله تعالى عن قوم عاد: {فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ}، ورتَّب على ذلك العقاب في الدنيا فضلا عن عقاب الآخرة فقال سبحانه: {فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ}، وقال تعالى عن قوم لوط: {إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِّنَ الْعَالَمِينَ}.

مفتي الجمهورية

وأكد أن دار الإفتاء المصرية تضطلع بدور محوري في تعزيز القيم الأخلاقية داخل المجتمع، مستمدة رسالتها من تعاليم الشريعة الإسلامية التي تجعل الأخلاق أساس بناء الفرد والمجتمع، وتسعى الدار من خلال فتاواها ومبادراتها التوعوية إلى نشر ثقافة الالتزام بالقيم السامية، مثل الصدق والأمانة والإحسان والتسامح، وتقديم نماذج عملية تجسد الأخلاق في واقع الحياة. كما تعمل على مواجهة الظواهر السلبية التي تهدد تماسك المجتمع، وتحرص على تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تنال من القيم الإنسانية، وبهذا تؤكد دار الإفتاء أن الأخلاق ليست مجرد شعارات، بل هي ركيزة جوهرية لتحقيق السلم الاجتماعي وبناء الحضارات.

خلال ندوة اليوم

وفي رسالة وجهها إلى الطلاب، قال: «إذا أحسنتم قراءة الواقع بأدواته وظروفه، ستجدون أن الخير كل الخير يكمن في التمسك بالأخلاق، فالدين هو الخُلُق، ومن زاد عليكم في الخُلُق زاد عليكم في الدين». واستشهد بقول النبي الكريم صلى الله عليه وسلم: «أكمل المؤمنين إيمانًا أحسنهم خلقًا».

ندوة اليوم

وفي ختام الندوة، كرّم المفتي الطلاب المتميزين، معبرًا عن سعادته بحضور هذا اللقاء الذي تناول واحدة من أهم القضايا الإنسانية المرتبطة ببناء المجتمعات.

لقاء اليوم

وفي لفتة تقدير، قدم الدكتور شريف فخري، رئيس الجامعة المصرية الروسية، درع الجامعة للمفتي، تكريمًا لدوره الريادي في نشر القيم الإسلامية وترسيخ الأخلاق في المجتمع. وأعرب رئيس الجامعة عن فخره واعتزازه بحضور المفتي لهذه الندوة المهمة، التي سلطت الضوء على أهمية الأخلاق في بناء الإنسان والمجتمع.

جانب من التكريم

حضر اللقاء نخبة من الشخصيات البارزة، من بينهم الدكتورة هناء عبد الرحمن، مستشار رئيس الجامعة للأنشطة الطلابية، والدكتورة مكارم الغمري، عميد كلية الألسن، والدكتور محمد إيهاب أبو الفتوح، عميد كلية الصيدلة، والدكتور عز الدين أبو العز، عميد كلية الفنون التطبيقية، بالإضافة إلى عدد كبير من عمداء الكليات وأعضاء هيئة التدريس والطلاب، وسط أجواء اتسمت بالترحيب والحفاوة.

اقرأ أيضاًمفتي الديار الهندية يعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته

مفتي الجمهورية ينعى شقيقة شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب

مفتي الجمهورية من معهد أذربيجان للعلوم الدينية: «التشييد والبناء ليس مجرد عمل دنيوي»

مقالات مشابهة

  • إسرائيل ترفع الراية البيضاء
  • عن طعم الفرحِ المختلِف والغِبطة الفذّة
  • أعر الله جمجمتك
  • السيد عبدُالملك.. قائدٌ لا يُشبِهُ إلا نفسَه
  • حكم سرقة وصلات الأطباق الفضائية المشفَّرة
  • بيان صادر عن ديوان البلاط السلطاني
  • دور العقل في الدين والإيمان ودعاء الحفظ من الفتن
  • مفتي الجمهورية: انهيار الأخلاق هو السبب الرئيسي في زوال الأمم.. وهذا هو الحل
  • الأهل والأقارب أولاً
  • أهمية الاستغفار في حياة المسلم