أكدت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار الإمام الأكبر، شيخ الأزهر الشريف، أن الإسلام نظر إلى المرأة على أنها قوام المجتمع وأساس نهضته وتقدمه.

ملتقى الجامع الأزهر : أمتنا عصية ومنصورة تضعف أحيانا لكنها لا تنكسر ملتقى الجامع الأزهر يؤكد: الإسلام اعتنى عناية شديدة ببناء الأسرة المسلمة

وأوضحت خلال كلمتها في افتتاح (ملتقى الفتاة الأزهرية) أننا في هذه الأيام في أمس الحاجة وأشدها لأن تتبوأ المرأة المكانة اللائقة بها عضوًا رئيسًا وفاعلًا في المجتمع.

وبيَّنت أن ذلك لن يكون إلا بتقديم جميع أوجه الدعم لها، والعمل على تمكينها تمكينًا عمليًّا وفعليًّا، انطلاقًا مما لها من مكانة عالية في الإسلام، وتأثير مهم على تشكيل حياة أفراد المجتمع، عبر تنشئتهم التنشئة السليمة.

الإسلام يولي المراة أهمية خاصة

كما أوضحت أن هذا هو ما جعل الإسلام يولي المراة أهمية خاصة؛ حيث منحها الكثير من الامتيازات والحقوق، ووضع الأسس الصحيحة؛ لتمكينها في المجتمع، على أن يكون هذا التمكين من منطلق التعاليم الإسلامية والأحكام القرآنية التي وضعت كل الضمانات لذلك، وليس ما جاء به المشروع الغربي للتمكين، والذي يهدف في معظمه إلى إخراجها عن رسالتها الأساسية، وتغيير هويتها، وانسلاخها من ثقافتها الإسلامية.

وأكدت أنه من الضرورى أن يتم التمكين للمرأة المسلمة؛ بتوفير الفرص الكاملة لها للتطور والتقدم في مختلف مسارات حياتها المجتمعية والسياسية والاقتصادية وغيرها، وبحيث تصبح عنصرًا فعالًا في تحقيق نهضة المجتمع وتقدمه، على أن يكون هذا التمكين متماشيًا مع هويتنا وثقافتنا الإسلامية الأصيلة، وأن تبتعد عن ذلك النموذج الغربي المليء بالعيوب والمساوئ الذي لا يتناسب وطبيعة ديننا الحنيف، وشريطة أن تتمسك المرأة المسلمة بما حباها الله تعالى من خصوصية فريدة.

وأوضحت أن الإسلام قد كفل للمرأة حقوقها كاملة، وأوصى القرآن الكريم، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- في أكثر من موضع بها، وهناك الكثير من الأحاديث والآيات القرآنية التي دعت إلى إعطاء المرأة حقوقها، ودعت إلى رفع ما كانت تعانيه من ظلم في عصور ما قبل الإسلام، فكان ظهور الإسلام سببًا في إنهاء حقبة مظلمة تعرضت خلالها المرأة للكثير من الظلم والاضطهاد.

وبينت أن القرآن الكريم والسنة النبوية والتعاليم الدينية قد طالبت في كثير من الآيات والأحاديث بوضع المرأة في المكانة اللائقة بها، وقررت الشريعة الإسلامية لها من الحقوق ما جعلها على قدم المساواة مع الرجل؛ فبعد أن كانت المرأة في الجاهلية سبة وعارًا؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِالْأُنثَىٰ ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ﴾ وكانت تتعرض للكثير من الظلم، بل كان يتم وأدها رضيعة؛ مصداقًا لقوله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ (8) بِأَيِّ ذَنبٍ قُتِلَتْ﴾، فجاء الإسلام ليرفع عنها كل هذا الظلم، ويمنحها حقوقها ليضعها شريكة للرجل، وليضع أساسًا عامًّا في شريعتنا الغراء أساسه ما جاء في قوله تعالى: ﴿أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾، في دلالة واضحة على أنه لا فضل إلا بالتقوى، وكانت هذه هي البداية الحقيقية لتتمكين المرأة في الإسلام.

كما بينت أن السنة النبوية مليئة بالكثير  من النماذج المبهرة في تمكين المرأة بعد ظلم، ورفعها بعد مهانة؛ حيث قال نبينا الكريم: «إنما النساء شقائق الرجال»، بما يعني أنه لا فرق بين المرأة والرجل إلا بالتقوى، وأن لكل منهما حقوقه وعليه واجباته، دون تمييز أو تفرقة.

وأضافت الصعيدي أن تمكين المرأة له صور وجوانب كثيرة؛ أهمها: تمكين المرأة اجتماعيًّا، وتمكينها اقتصاديًّا، وتمكينها دينيًّا، وكان الإسلام كفيلًا بكل هذه الجوانب؛ حيث كفل لها الحق في التعلم، وكفل لها ذمة مالية مستقلة، ومنحها حقوقها السياسية بالانتخاب والترشح وغيرها، فأصبح من المتاح للمرأة في الإسلام أن تنتخب لأول مرة، بل أصبح من حقها أن تترشح كوكيلة عن الرجال والنساء، بحيث تصبح نائبًا في البرلمان مثلها مثل الرجل، ما دامت امتلكت المقومات والكفاءاءت اللازمة لذلك، فكان الإسلام بذلك أول من كفل للمرأة هذا الحق، بخلاف حقوق أخرى كثيرة؛ كحق التملك، والذمة المالية المستقلة، وأهليتها في التكليف الشرعي، وأهليتها في المسئولية والجزاء، وتمكينها أيضًا من حق العمل خارج البيت، وتمكينها من حق الميراث والصداق، وتمكينها من حق البيعة والشورى والانتخاب.

إلا أنه ورغم كل ذلك، وما كفله الإسلام صراحة للمرأة من تمكين كامل للحصول على جميع حقوقها؛ فإن هناك تراجعًا كبيرًا في كثير من المجتمعات الإسلامية على مستوى منح المرأة حقوقها كاملة، وتمكينها التمكين الذي دعا له الإسلام، والذي تستحقه المرأة؛ لذا فإن الحاجة ملحة لسن بعض القوانين والتشريعات التي تضع عقوبات رادعة، وضمانات كافية لتحقيق هذا التمكين، مع بذل مزيد من الجهود لإبراز مكانة المرأة المسلمة وقيمتها في بناء مجتمعاتها، وبيان هذه الحقوق التي كفلها لها الإسلام، ووضع الحلول العاجلة لكل ما يواجهها من عقبات وتحديات، قد تكون سببًا في منع تمكينها، أو الانتقاص من حقوقها، مع وضع الضمانات اللازمة لتحصل المرأة في عالمنا الإسلامي على حقها في التعلم والرعاية الصحية وغيرها من الحقوق التي أوجبها لها ديننا الإسلامي الحنيف.

واستعرضت جهود الأزهر الشريف نحو تمكين المرأة، وأكدت على أن الأزهر الشريف كان سباقًا في عنايته ورعايته للمرأة ومنحها حقوقها كاملة غير منقوصة، وكان لفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، الكثير من الإجراءات والقرارات التي مكنت للمرأة في الأزهر الشريف؛ فرأينا -وللمرة الأولى- المرأة تتولى مناصب لم تكن متاحة لها في الأزهر الشريف من قبل؛ فرأينا أول مستشارة لشيخ الأزهر الشريف، ورأينا أول امرأة تشغل منصب الأمين العام المساعد لمجمع البحوث الإسلامية، ورأينا أول امرأة تشغل منصب «رئيس الإدارة المركزية في الأزهر»، وكانت كل هذا المناصب من قبل حكرًا على الرجال دون النساء، فجاء فضيلة الإمام الأكبر ليمنح للمرأة تمكينًا حقيقيًّا وعمليًّا، وكان لفضيلته القدوة والنموذج في تحقيق التمكين.

وبينت أن الهدف من تمكين المرأة المسلمة هو منحها كل حقوقها كاملة في جميع المجالات الحياتية: السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وبحيث تصبح جزءًا من بناء الأمة ونهضتها، فمن خلال التمكين الفعلي للمرأة يمكن للدول الإسلامية أن تحقق خططها التنموية، وأن تعزز خططها لتحقيق العدالة الاجتماعية، على اعتبار أن المرأة قوة لا يستهان بها في الإنتاج، كما يجب تمكينها من التعلم، ووضع كل الفرص والإمكانات أمامها، وقد أثبتت التجارب ما تمكنت المرأة المسلمة من تحقيقه على المستوى العلمي، شريطة توفير الفرصة كاملة أمامها، فرأينا أكثر من نموذج عالمي لنساء مسلمات، أسهمن في تقدم مجتمعاتهن.

وطالبت ببذل المزيد من الجهود في مجتمعاتنا المسلمة لتمكين المرأة في جميع المجالات الحياتية في التعليم عبر تشجيعها على التعليم وتوفير الفرص التعليمية الكاملة لها، وفي القيادة عبر تشجيعها على تولي المناصب القيادية في جميع مناحي الحياة، وفي المشاركة السياسية، عبر تشجيعها على الانتخاب والترشح، وأيضا تمكينها اقتصاديًّا، عبر توفير فرصها في ريادة الأعمال، وتوفير فرص عمل عادلة لها، مع تمكينها من الاستقلال الاقتصادي وامتلاك ذمة مالية مستقلة، فكل ذلك يسهم دون أدنى شك في تحقيق النهضة لمجتمعاتنا المسلمة، وتحقيق ما تسعى إليه من خطط للتنمية المستدامة والرخاء الاقتصادي.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأزهر شيخ الأزهر الإمام الأكبر الإسلام المراة القران الكريم السنة النبوية المرأة المسلمة الأزهر الشریف تمکین المرأة تمکینها من المرأة فی المرأة ا تمکین ا على أن

إقرأ أيضاً:

«الشؤون الإسلامية» يطلق برنامج «شموس أزهرية» بمسجد مصر الكبير اليوم

يطلق المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية برئاسة الدكتور أسامة الأزهري وزير الأوقاف، اليوم، برنامج «شموس أزهرية في سماء العالم»، ويكرم اسم أحد الشخصيات البارزة من علماء الأزهر الشريف في الخارج، بالقاعة الكبرى بمسجد مصر الكبير والمركز الثقافي الإسلامي بالعاصمة الإدارية الجديدة، وذلك في تمام الساعة الحادية عشرة صباحا.

وأكد المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، أن هذا البرنامج يهدف إلى إبراز دور العلماء الأزهريين الوافدين الذين تلقوا تعليمهم في الأزهر الشريف ثم عادوا إلى أوطانهم، ليسهموا في النهضة العلمية والتربوية والوطنية، وتركوا أثرًا راسخًا في مجتمعاتهم.

تكريم اسم الشيخ محمد عليش عوضة

وأشار المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية أن من الشخصيات البارزة الشيخ محمد عليش عوضة -رحمه الله-، موضحا أنه أحد أبرز علماء تشاد في القرن العشرين، والذي تلقى تعليمه في الأزهر الشريف بمصر، وكان له دور رائد في تطوير التعليم العربي النظامي في تشاد، إذ نقل إليها التجربة الأزهرية وأسهم في ترسيخها.

وحول جهود الشيخ محمد عليش عوضة، ذكر المجلس أنه أسس أول معهد علمي في مدينة أبشة على غرار المعاهد الأزهرية، ووضع مناهج متكاملة تسهل دراسة العلوم، ومنها علم النحو.

توطيد العلاقات بين مصر والدول الأفريقية

وأشار المجلس إلى أن الشموس الأزهرية هم العلماء الذين أسهموا في توطيد العلاقات بين مصر والدول الشقيقة، لا سيما في العمق الإفريقي، من خلال نشر العلوم الأزهرية وبناء جسور المعرفة والتواصل.

مقالات مشابهة

  • رئيسة القومي للمرأة: السيدة الفلسطينية ستظل دائما في أرضها
  • «الشؤون الإسلامية» يطلق برنامج «شموس أزهرية» بمسجد مصر الكبير اليوم
  • أمين «البحوث الإسلامية» يبحث التعاون الدعوي والثقافي مع الدنمارك
  • بدء الدورة التدريبية للمرشحين للابتعاث الخارجي بالأزهر الثلاثاء المقبل
  • أمين البحوث الإسلامية يوجّه رسائل مركزة من خطبة الجمعة بالدنمارك
  • باحث بمرصد الأزهر: الحدود تهذيب لا تنكيل.. والإسلام لم يترك تطبيقها للأفراد والجماعات
  • الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
  • “اغاثي الملك سلمان” يحتفي باليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم بمخيم الزعتري بالأردن
  • الأزهر للفتوى: تحويل القبلة يؤكد وسطية أمة الإسلام والعلاقة الوثيقة بين المسجدين الحرام والأقصى
  • مسيرة تمكين وتقدم المرأة في مملكة البحرين.. قصة نجاح ورحلة ممتدة من العطاء