نجحت الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية فى إعادة المواطن المصرى إلى الشاشة الصغيرة بعد سنوات من الجفاء، بعد أن أعادت صياغة القصص الدرامية التى يتم تقديمها عبر شاشاتها خلال الموسم الرمضانى أو على مدار العام، فأصبح هناك تنوع غير مسبوق يوازن بين الحداثة والأصالة، ويفتح الباب نحو الارتقاء بالذوق العام وتعزيز الوعى المجتمعى، الذى تم التلاعب به فى السنوات التى أعقبت 2011، فقد تمكنت الشركة المتحدة من تقديم شكل جديد للدراما يراعى كافة الأذواق، ويعالج من خلالها عدد كبير من القضايا الاجتماعية التى تمس المجتمع، كذلك تعزيز القيم الاجتماعية الأصيلة التى تُعد أحد أهم ركائز المجتمع العربى عامة والمصرى بشكل خاص، لتعيد بذلك جذب المواطن العربى إلى الدراما المصرية مرة أخرى.
كما اعتمدت الشركة المتحدة على إعادة قراءة التاريخ وتقديمه من خلال أعمال درامية مميزة على كافة الأصعدة، سواء على مستوى الإخراج والكتابة والتمثيل، لتخرج للعالم صورة درامية مميزة لم يعتاد عليها الشارع العربى، بالإضافة إلى القيمة الثقافية التى تقدمها هذه الأعمال التى تربط الماضى بالحاضر والمستقبل، خاصة أن دروس الماضى يمكنها أن تساهم فى حل طلاسم الحاضر، لذلك حظى مسلسل بحجم «الحشاشين» باهتمام كبير للغاية من جانب المتابعين باعتباره نقلة نوعية فى مستوى المحتوى الدرامى المصرى، فقد نجح المسلسل فى تناول واحدة من أخطر الجماعات الدينية التى مرت على التاريخ الإسلامى، بلغة بسيطة وسهلة يتمكن أى مواطن بسيط من استيعابها، وأوضح العمل أن الجماعات الدينية بكافة أشكالها تعتمد على استغلال الدين من أجل تحقيق أهدافها السياسية، وهو ما يشبه إلى حد كبير ما تعرضت له مصر خلال فترة حكم جماعة الإخوان الإرهابية وما تبعها من محاولات لاستغلال الدين للسيطرة على عقول البسطاء واستخدامهم فى أعمال العنف والتخريب.
إن الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، نجحت وبلا أدنى شك فى تقديم مستوى إعلامى ودرامى يليق بالمشاهد المصرى ويليق بتاريخ هذا الوطن، بعد مرحلة صعبة كان التركيز فيها على أعمال العنف والجريمة والمخدرات، لدرجة أن الصورة الذهنية لدى المواطن العربى عن مصر أصبحت مرتبطة بالجريمة، وهو ما يخالف الواقع فمصر دولة تتمتع بقدر كبير من الأمان والاستقرار، فالشركة نجحت بعد سنوات قليلة من انطلاقها فى تنفيذ مشروع إعلامى متكامل يراعى محددات الأمن القومى المصرى، مدركا دورها فى معركة صناعة الوعى ومحاربة الشائعات التى تستهدف الدولة المصرى وتسعى للنيل منها وخلق حالة من الانقسام بين أبنائها، وهو ما يظهر السبب الذى دفع «المتحدة»، لتعزيز وعى الشخصية المصرية ومد جمهور المواطنين بالحقائق أولاً بأول إعمالا بمبدأ الشفافية.
ومن المكتسبات التى تحققت خلال الموسم الدرامى الحالى والتى كانت بمثابة مفاجأة هو حجم الاهتمام الذى أولته الشركة المتحدة بالطفل المصرى، وإدراكها لخطورة تركه فريسة للقيم الغربية الغريبة على مجتمعاتنا الشرقية، فكان هناك إنتاج راقى يناسب مجتمعنا يستهدف بناء شخصية النشء ويدعم القيم الدينية والاجتماعية التى تعد بمثابة الحصن لوطننا، بالإضافة إلى قيم الانتماء والولاء، وتعريف الطفل المصرى ببلده ومعالمها، وزيادة حصيلته المعلوماتية عن الوطن الذى يعيش فيه.
لذلك فتحية تقدير واجبة للقائمين على الشركة المتحدة التى ساهمت فى ضبط السوق الإعلامى والفنى، وساهمت فى رفع كفاءة المحتوى المصرى ليصبح قادرا على المنافسة عربيا وإقليميا.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الشركة المتحدة الإخوان الإرهابية حازم الجندى الموسم الرمضاني الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية الشرکة المتحدة
إقرأ أيضاً:
شعوب العصافير الملونة «الأخيرة»
أبدأ مقالى بجملة اعتراضية «اللهم ما لا شماتة فيما حدث فى أمريكا من عدل إلهى» وأكمل معكم ما بدأته حول حديث الطغاة، يعتقد الطغاة أنهم امتلكوا الحياة وما عليها، يعتقدون أنه لا نهاية لهم وأنهم مخلدون ولن يقدر عليهم أحد، يتجاهلون قراءة التاريخ الذى سجل نهايات مهولة لأمثالهم الظالمين، نهايات إلهية بها موعظة لا يغفلها أولو الألباب، لذا يعمهون فى طغيانهم خاصة حين لا يجدون من يتصدى لهم، من لا يحاول تصويب مساراتهم بالموعظة الحسنة أو بالقوة المتحدة، فيمتد بأس الطاغية ليتمدد ويتنطع، ولا يقتصر على المجتمع الواقع تحت سلطته، ولا الشعب الذى ابتلى بحكمه بل يطول الشعوب الأخرى، وإذا كان أغلبنا يعتنق ناموس الغابة بأن البقاء للأقوى لا الأصلح، الأقوى بالمعنى الوحشى من طغى وجبروت وظلم، ونستدل على ذلك بكل ما يدور حولنا فى العالم والمحيط القريب بنا، فعلينا ألا ننسى أبداً قدرة الله، القدرة الدائمة الوجود والتى تتجلى فى أوضح صورها عندما تأتى حلول السماء لقمع الطغاة وإبادتهم بعد أن فشلت حلول الأرض لإزاحته ومعاقبته.
يستمد الطغاة قوتهم من خنوع البشر حولهم، فهم يرون الشعوب التى يحكمونها أو التى يمكنهم التحكم بها حتى عن بعد بأنهم عصافيرهم الملونة، التى عليهم سجنها داخل أقفاص من حديد ليصادروا حرياتها وإرادتها وفكرها، تحت زعم أنه حامى حماهم، وأنه يكفيهم شكراً له أنه يوفر لهم الطعام لو فتاتاً، والشراب ولو قطرات مسمومة، وأقفاص يتناسلون بداخلها، فماذا يريدون أكثر من ذلك، فلا عليهم إلا الرضوخ والتسبيح بحمده وشكره، يتفنن الطاغية فى تجنيد أبواق المسئولين الخاضعين وفى مقدمتها أبواق الإعلام فى الترويج لمضمون فكرة شعوب العصافير الملونة، وهى أن الشعب لو خرج من أقفاصه للطيران بإرادة كاملة وفى حرية لماتت من الجوع والعطش ولالتهمتها الطيور الجارحة أو الوحوش الضارية التى تترقب خروجها من الأقفاص، يروج الطاغية وبطانته أنه الحامى لعصافيره ولمقدراتهم، وان الشعب بدون حكمه الحديدى سيضيع ويصبح مطمعاً ونهباً للأعداء، ينشر الطاغية فزاعات لشعبه، ويوجه أغلب أموال الدولة للتسليح وتشغيل مصانع السلاح، لأن أصحاب صناعة القتل والإبادة هم سنده ومصلحتهم معه، واستمرار وجودهم وتوحش ثرواتهم من اشتداد طغيانه.
هكذا يصنع الطاغية لشعبه أقفاصهم فلا يفرون منها، بل تتكدس أحلامهم السجينة داخل أقفاصهم أو زنازينهم حتى تموت، وتموت معها قلوبهم وأرواحهم، فيتحولون إلى أجساد بلا حياة وبلا قلوب، فلا يجدون أمامهم متنفساً سوى الاقتتال، فيتفنن بعضهم فى القضاء على الآخرين بقتلهم، بمحاربتهم فى رزقهم وطعامهم واستباحة محرماتهم، ليس أملا فى الخروج من الأقفاص، بل لتتوسع لهم مساحة فى الأقفاص، إنه الانتقام العاجز من العاجز، وهو أبشع أنواع الانتقام والتى نراها داخل الشعوب السجينة المكبوتة، حيث نرصد تزايد معدلات الجرائم البشعة بها، وتزايد جشع التجار لنهب أقوات الشعب واستلاب أموالهم.
إنها نتائج طبيعية لشعوب مغلوبة على أمرها لا تتمكن من إزاحة الحاكم وبطانته، ولا تجد العدالة أتية من قمة الهرم، فتمارس مع بعضها البعض أيضا إهدار الحقوق والعدالة فى القاع، وتوجه غضبها لإزاحة بعضها البعض عن الحياة، عسى أن يجدوا بعض المتنفس داخل زنازينهم التى باتت تطبق على أنفاسهم، وتكون النهاية دائماً مأساوية لمصائر تلك الشعوب، وهى تدمير مجتمعاتهم، ومن ثم تدمير ذاتهم، وهو ما يحدث بالإقبال على المخدرات بكل أنواعها القاتلة، الإقبال على ارتكاب الفواحش والجرائم البشعة، وعدم المبالاة بالنهايات لهم، لأنهم يرون أنفسهم أصلا فى عداد الموتى، فلا ضير أن يموت الجسد وقد ماتت القلوب والروح ومعها الضمائر كبتا وقهرا وفقدانا لكل الأمل وضياعا لكل الأحلام.
يأتى الطغاة ويرحلون ويسجلهم التاريخ بحروف سوداء ويبقى من بعدهم كهنتهم من عبدة معبدهم المنتفعين منه، الحاصدين للمصالح والأموال والمراكز، يبقى هؤلاء كالسوس الذى ينخر فى مفاصل الدولة الجديدة على أمل عودة الطاغية أو ظهور طاغية جديد، يرحل الطاغية وتبقى أثارة فى الشعب بكل فئاته من خوف من الحرية الحقيقية، ومن الديمقراطية، ومن إطلاق العقول للتفكير والإبداع، وتبقى الأخلاق والمبادئ مجرفة، وهى أثار لا تمتد لجيل واحد، بل تتوارثها أجيال، نعم واهم هو من يعتقد أن الشعب يتحرر بسرعة ويسترد عافيته برحيل الطاغية، لا، فأثار ما صنعه ورسخه من خوف وارتباك واقتتال من أجل فقط البقاء والطعام والحصول على أبسط متطلبات الحياة يبقى ويمتد من جيل لآخر بجانب وجود المنتفعين الكبار من تجار الموت والسلاح والمخدرات وغيرها، قد تتعافى الشعوب بعد سنوات طويلة إذا ما أهداها الله الحاكم العادل الذى يطبق الديمقراطية بمفهومها السليم ويبذل جهده للقضاء على موروث الفساد، أو قد لا تتعافى الشعوب مطلقاً، وتكون الطامة بظهور طاغية جديد يتولى السلطة، لتتكاثر سلالات المنتفعين والمجرمين ولصوص أقوات الشعب بجانب زبانية مصادرة وتعذيب الحريات.
الطاغية أخطبوط تمتد أذرعه المتوحشة فى الداخل والخارج لينتج وسائل عصرية تبيد الإنسان وتتحكم فى مصيره وتقوده إلى الهلاك، انظروا حولنا وسترون هؤلاء الطغاة ما أكثرهم فى تلك الدول التى تتاجر فى أرواح الشعوب، تصادر حرياتهم وتبيد الملايين منهم، هؤلاء يتوشحون زوراً بالديمقراطية أمام العالم رافعين رايات حماية الشعوب المستضعفة، ليخفوا وحشية استراتيجيتهم التى تعمد إلى الإبادة والقتل ومصادرة الحريات والأحلام، لأن العالم كله بالنسبة لهم فى بساطة مجرد عصافيرهم الملونة.
[email protected]