حاسبة الموت.. الذكاء الاصطناعي يتلاعب بالأقدار
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
طوّر باحثون في الدنمارك أداة ذكاء اصطناعي أطلقوا عليها اسم "حاسبة الموت"، استعانوا فيها ببيانات ملايين الأشخاص.
وذلك للمساعدة في توقع مراحل حياة الفرد حتى النهاية، في خطوة يأملون من خلالها زيادة الوعي بقوة لهذه التكنولوجيا ومخاطرها.
وشرح أحد معدّي الدراسة التي نشرتها مجلة "ناشيونال كمبيوتايشونال ساينس" الأستاذ في "جامعة داناميرك التقنية" سوني ليمان لوكالة "فرانس برس" أن الأداة هي بمثابة "إطار عام جداً للتنبؤ بحياة الإنسان، ويمكنها التنبؤ بأي شيء إذا توافرت لها بيانات تدريبية".
وأشار إلى أن الاحتمالات مفتوحة ولا حصر لها، إذ إن الأداة "قادرة على التنبؤ بالنتائج الصحية، وتستطيع توقع الخصوبة أو السمنة، أو ربما من سيصاب بالسرطان أم لا، وفي وسعها التنبؤ بما إذا كان الشخص سيجني الكثير من المال".
عملياً، تستخدم "لايف2فِك" life2vec نموذج تشغيل مشابهاً لنموذج "تشات جي بي تي"، ولكن بدلاً من معالجة بيانات نصية، تتولى تحليل مراحل الحياة مثل الولادة أو الدراسة أو حتى ساعات العمل.
ولاحظت الدراسة أن "الحياة هي بمعنى ما مجرد سلسلة من الأحداث: يولد الناس، ويقصدون طبيب الأطفال، ويرتادون المدرسة، وينتقلون من منزل إلى آخر، ويتزوجون، وما إلى ذلك".
وأضافت "نحن هنا نستفيد من هذا التشابه لتكييف الابتكارات في المعالجة الآلية للغة الطبيعية مع مستلزمات درس تطور الحياة البشرية وإمكان التنبؤ بها بناءً على تسلسل مفصّل للأحداث".
تستند الأداة إلى بيانات غير إسمية من نحو ستة ملايين دنماركي جمعها معهد الإحصاء الوطني.
ويتيح تحليل التسلسل التنبؤ بالمراحل الباقية حتى نهاية الحياة. فيما يتعلق بالوفاة، تصيب الخوارزمية بنسبة 78% من الحالات، وفي حالات الهجرة بنسبة 73%.
وقال ليمان "من خلال مجموعة صغيرة جداً من الأشخاص الذين تراوح أعمارهم بين 35 و65 عاماً، نحاول التنبؤ، استناداً إلى فترة ثماني سنوات من 2008 إلى 2016، بما إذا كان الشخص سيموت في السنوات الأربع التالية، حتى عام 2020، ويقوم النموذج بهذه المهمة بشكل جيد جداً، أفضل من أي خوارزمية أخرى".
وتتيح هذه الفئة العمرية التي تكون فيها الوفيات عادة قليلة، التحقق من مدى موثوقية البرنامج، بحسب الباحثين.
لكن الأداة غير جاهزة بعد للاستخدام من قبل عامة الناس لأنها لا تزال تنطوي على ثغر، وهي "في الوقت الراهن مجرّد مشروع بحثي يستكشف مجال الاحتمالات، ولا نعرف ما إذا كان يعامل الجميع على قدم المساواة".
يمثّل المشروع في نظر الأستاذ الجامعي ثقلاً علمياً موازِناً للخوارزميات التي ابتكرتها شركات التكنولوجيا الكبرى المعروفة بـ"غافام" Gafam، أي "غوغل" و"أبل" و"فيسبوك" و"أمازون" و"مايكروسوفت".
وقال "في استطاعة هذه الشركات أيضاً بناء نماذج كهذه الأداة، لكنها لا تعلن عنها، ولا تتحدث عنها". ولاحظ الباحث أن هذه الشركات تكتفي باستخدام هذه الخوارزميات لجعل العامّة "يشترون المزيد من المنتجات".
وشدّد على أهمية "تَوافُر ثقل مُوازِن متاح ومفتوح يوضح ما يمكن فعله ببيانات من هذا النوع".
وأشارت الخبيرة في أخلاقيات البيانات بيرنيل ترانبرغ إلى أن الخوارزميات من هذا النوع تُستخدم أصلاً في مجال التأمين.
وأضافت "لقد تم وضعنا بالتأكيد في مجموعات ويمكن استخدام ذلك ضدنا، إلى حدّ دفعنا مثلاً إلى شراء بوليصة تأمين بسعر أعلى، والحؤول دون حصولنا على قرض في البنك أو على الرعاية الحكومية لأننا سنموت في أي حال".
لكنّ هذا لا ينطبق على المشروع البحثي، إذ إنه غير مخصص للاستخدام الفردي، نظراً إلى أن هوية مصادره تبقى طي الكتمان.
وطمأنت إلى أن "أي أمثلة على تسرب البيانات الشخصية" لم يسبق أن سجّلَت مع معهد الإحصاء الوطني، و"البيانات ليست بأسماء أفراد"، لكنها نبّهت إلى أن "كل شيء يتسارع" بفعل تطور الذكاء الاصطناعي.
وتعليقاً على محاولة البعض استغلال الفكرة لأغراض تجارية، قالت ترانبرغ "على شبكة الإنترنت، نرى بالفعل ساعات تنبؤ، تُشير إلى العمر الذي سيصل إليه الشخص، وبعضها لا يتمتع بأي صدقية".
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: إلى أن
إقرأ أيضاً:
حرب الذكاء الاصطناعي.. من ينتصر؟!
يشهد العالم اليوم سباقاً خطيراً وسريعاً بين الولايات المتحدة والصين للهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي.. سباق بات هو الأعلى صوتاً بعد وصول الرئيس ترامب للمكتب البيضاوي وإعلانه عن مشروع «ستارغيت» الضخم لإنشاء بنى تحتية لهذه التكنولوجيا في الولايات المتحدة باستثمارات تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار بهدف التفوق على الصين.
وحتى نرى الصورة كاملة من المهم فهم أن الهيمنة على مجال الذكاء الاصطناعي في هذه المرحلة الزمنية لا تقتصر على تحقيق التفوق العلمي فقط، بل تشمل الجوانب العسكرية والاستخباراتية، ولهذا فإن التنافس المحموم يعكس إدراك الدولتين لمدى خطورة الذكاء الاصطناعي كعنصر حاسم في تشكيل مستقبلهما وتغيير قواعد اللعبة العالمية لتعزيز نفوذهما، بل وربما تمكين إحداهما من السيطرة على مستقبل البشرية!الولايات المتحدة لديها ميزة الريادة التقليدية بفضل نظامها البحثي القوي وشركاتها التكنولوجية الكبرى مثل Google ،Microsoft ،OpenAI، بجانب تبني واشنطن سياسات صارمة للحد من تصدير التقنيات المتقدمة والرقائق إلى الصين، في محاولة أخيرة للحفاظ على التفوق التكنولوجي.
ومن جهتها تواصل الصين تحقيق تقدم سريع في مجال الذكاء الاصطناعي، مدفوعة بخطة وطنية معلنة تهدف إلى تحقيق الريادة العالمية بحلول عام 2030. وتقود جهودها شركات التكنولوجيا الصينية العملاقة مثل «علي بابا»، «تينسنت»، و«بايدو».. وقد أثبتت هذه الشركات قدرتها على تطوير نماذج ذكاء اصطناعي تنافس النماذج الغربية، على الرغم من القيود الأمريكية على تصدير التقنيات المتقدمة، مثل أشباه الموصلات والرقائق الدقيقة، وتبرر واشنطن ذلك بكون الذكاء الاصطناعي ساحة رئيسية للتنافس العسكري بما في ذلك الطائرات بدون طيار، والأسلحة الذكية، وتحليل البيانات الاستخباراتية، وهو ما قد يدفع العالم مستقبلاً لوضع قوانين دولية لتنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال العسكري.
السباق الصيني الأمريكي يختلف اختلافاً واضحاً في الأساليب المتبعة، ففي حين تعتمد واشنطن على الابتكار الفردي والتعاون بين القطاعين العام والخاص، تركز الصين على التخطيط المركزي والاستثمارات الحكومية الكبيرة. وهو تباين يعكس اختلاف الفلسفة الاقتصادية والسياسية لكل من البلدين.