أثير – محمد الهادي الجزيري

منذ السابع من أكتوبر 2023 وأنا أغدّر الصفحات البيضاء بأحزاني وأبكي في صمت وقد أنوح وأولول ولكن من يجيب.

كتبتُ في لحظات العزيمة القويّة والعناد المستميت:
“هل مللتَ النشر وإعادة النشر؟
هل تعبت أم هزمت قبل الهزيمة؟
هل المشاهد مروعة ومذهلة وقاتلة مؤلمة؟
هل ستترك أهل غزة في جحيم غزة.

. وتصمت؟
لا لا لا… ما زلتُ هنا أصيح وأهتف باسم فلسطين
وأنقل ما أستطيع من صور للمجازر والفيديوات
ولن يصيبني اليأس.
لن يمروا أبدا…”
ويبدو أنّهم مرّوا بجحافلهم ومرتزقتهم ولم يبق لي سوى الصمت الشبيه بالموت..

ووزعّتُ رسومات مربكة خلّد فيها الإنسان كلّ شيء: القتل الممنهج، التجويع المدروس، التشريد المخطّط له دون تأثير واضح، الكلّ وخاصة العرب المسلمون نأوا بأنفسهم بعيدا عن كلّ ذلك فكتبت لهم:
“إنّ قتل الناس بتعلّة إلغاء حماس..
والسكوت عن هذه الإبادة الجماعية
هو الجنون بعينيه
أمة معتوهة.. وكفى”

وأضفت مرّات أخرى:
“لا يعني أن تكون صاحب فكر مضاد لخونجة حماس
أو غيرها من أحزاب المقاومة
أن تكون فرحا بأشلاء الناس في الطرقات بلا رحمة أو حرمة
هذا جنون يا عرب”

وحبّرت لست أدري كم من مرّة:
“سادية ونازية غير مسبوقة
يقترفها الجيش الصهيوني
في حق أهالي غزة
والعالم.. باستثناء القليل
يتفرّج.. وكأنه يشاهد فيلما شيقا
فكم سيقتل هذا الكلب المنفلت
لتتحرك الإنسانية
أسجل تعجب شديد
ليس من أجل القضاء على حماس
يباد الشعب الفلسطيني”

ووزعت فيديوهات لأطفال جوعى يقتاتون قطع الخبز وهم ينقعونه بالماء، ومشاهد لا حاجة لأحد في رؤيتها كأنّ غزة قطعة من عالم آخر، الكلّ يمرّ بما كتبت ويفرّ إلى نفسه، إلى مشاغله وموائده العامرة وهواجسه الفارغة، حتّى إن افتتحت قولي بسم الله:

“يا الله.. يا إنسان
إنهم يموتون جوعا
أو يسقطون بالقنابل والرصاص
ليتدخل أحد
أوقفوا هذه المهزلة التاريخية”

نشرتُ صورة لما يشبه رغيف خبز مصنوع من أعلاف حيوانات، منظره مقزّز وكريه وكتبت عنه “هذا أكل أهل غزة” ولم يحرّك أحد ساكنا سوى البعض ممّن جنّوا ولم يستطيعوا فعل شيء وصحت بملء فمي:

“صيد وقنص الناس
وهم ينتظرون الرغيف
حكاية لا يصدقها عقل
وتبصرها العين على التلفزة
تمت المهزلة”

وفزعتُ لمشهد التجويع، ولم أبك فقد جفّ الدمع واكتفيت بالصياح في وجه العالم:
“اللعنة
كلّ طفل أو طفلة
حامل إناء.. وواقف في الصف
ينتظر لقمة من الأكل
سأجنّ قريبا.. يا عالم يا عرب”

وكتبتُ في لحظات الإيمان بالمقاومة والصمود، كلّ واحد منّا يفعل ما عليه فعله:
“ليس مهما عدد الذين يمرون بي
الأهم مواصلتي لهذا الجهد اليومي وإن كان قليلا مقارنة بما يتكبده أهل غزة،
هذا الجهد يتمثل نشر عديد الصور العاكسة لبشاعة الكيان الشاذ النازي الصهيوني
ذاك هو الأهم… والنصر للثابتين”
وسخرت من الكيان الغاصب ودمّرته له أعصابه، وقلت لهذه الدولة اللقيطة:
“قد تربحين الحرب
لكن كيف ستعيشين بيننا
اللهم في لفافة حديدية
كم من أجيال قادمة
تلهج: الموت لإسرائيل.. كم وكم”

لعلّني لست وحدي في هذا المأزق الوجودي، فمعي نزر قليل من شرفاء العرب من تفاعلوا مع كلّ ما نزفتُ مثل هذه الصرخة المدوية:
‏ “أيّ حرج وأي خجل وأنا كمواطن عربي..
أتفرج في شعوب العالم تدافع عن غزة..
وأنا عاجز عن ذلك… يا للعار”

وآخر قول لي… في هذا الجرد التاريخي لما كتبت على أدوات التواصل وعزوف الخلق عنه ربّما خوفا من الساسة الضعفاء مع أعدائنا والأقوياء مع نفوسنا الضعيفة، على كلّ سأذكّر العدو اللدود بما كتبته ..نكاية فيه :

“لن نكفر بالإنسانية
مهما أجرمتم في حقنا
سنظل نهتف أبدا:
يحيا الإنسان..”

لن يفلحوا الصهاينة في آخر الزمن أن جعلنا نكفرَ بالإنسان..
هذا حرام، وهو ما سنتجنّبه إلى أن نموت.

المصدر: صحيفة أثير

إقرأ أيضاً:

كيف يسهم الفلفل الحار في تخفيف آلام الأعصاب المزمنة؟

يمانيون- منوعات

تُعرف آلام الأعصاب بكونها من أكثر الآلام صعوبة في العلاج، إذ تترك المصابين يعانون من إحساس دائم بالحرق أو الوخز الذي يعيق حياتهم اليومية. في خطوة مبتكرة وغير تقليدية، بحسب صحيفة تاغيس تسايتونغ الألمانية لجأ الأطباء إلى استخدام مادة الكابسيسين، المستخلصة من الفلفل الحار، كعلاج للألم.

بيد أنّ المفارقة المثيرة أن هذه المادة تُسبب ألمًا شديدًا عند استخدامها، لتثبت صحة القول المأثور: “الألم يُعالج بالألم”.

الفلفل الحار: من المطبخ إلى العلاج الطبي

الكابسيسين هو المكون النشط في الفلفل الحار، وهو المسؤول عن الطعم الحارق الذي يشعر به من يتناوله. هذه المادة لا تقتصر على إثارة التذوق، بل لديها تأثيرات طبية عميقة، إذ تعمل على تحفيز الأعصاب الحسية في الجلد بشكل مكثف، ما يؤدي إلى “إرهاق” هذه الأعصاب وجعلها أقل حساسية للألم مع مرور الوقت.

كيف تعمل لاصقات الكابسيسين؟

تعتمد هذه الطريقة على وضع لاصقة تحتوي على نسبة عالية من الكابسيسين (8%) على المنطقة المصابة بالألم العصبي لمدة تتراوح بين 30 و60 دقيقة. خلال هذا الوقت، يعاني المريض من إحساس حارق شديد يشبه وضع الفلفل الحار على جرح مفتوح. هذا الألم المؤقت يهدف إلى إرهاق الأعصاب الحسية المسؤولة عن نقل إشارات الألم إلى الدماغ.

أحد المرضى، الذي عانى من آلام عصبية شديدة لسنوات، وصف تجربته مع العلاج بالكابسيسين للصحيفة الألمانية بأنها “ألم لعلاج الألم”.

يقول المريض: “في البداية، شعرت وكأنني وضعت صلصة الفلفل الحار على جرح مفتوح. لكن بعد انتهاء الجلسة، بدأت ألاحظ تحسنًا كبيرًا في حدة الألم، واستطعت تقليل استخدامي للمسكنات.”

رغم الألم المؤقت الذي يسببه العلاج، إلا أن النتائج تبشر بتحسن طويل الأمد. تظهر الدراسات أن تأثير اللاصقات يمكن أن يستمر حتى ثلاثة أشهر، مع إمكانية تكرار العلاج عند الحاجة. ومن بين الفوائد الإضافية، تقليل الاعتماد على المسكنات التي غالبًا ما تكون ذات آثار جانبية كبيرة.

عقبات أمام انتشار العلاج

رغم فعالية العلاج، إلا أنه ما زال غير شائع الاستخدام. يعزو الخبراء ذلك إلى نقص الوعي بهذه التقنية، بالإضافة إلى الحاجة إلى تجهيزات خاصة لإجراء الجلسات تحت إشراف طبي، نظرًا لأن الكابسيسين يمكن أن يرفع ضغط الدم أثناء الجلسة بسبب الألم الشديد الذي يسببه.

ويرى الخبراء أن هذا العلاج يعيد تعريف مفهوم علاج الألم، عبر استثمار خاصية الحرق الشديد في الفلفل الحار للتغلب على آلام مزمنة يصعب علاجها.

ورغم صعوبة التجربة في البداية، إلا أن نتائجها تعد بالكثير للمصابين الذين يعانون من آلام عصبية أثرت على حياتهم لسنوات طويلة. يبدو أن الفلفل الحار، المعروف بلسعته الحادة، قد أصبح حليفًا غير متوقع في رحلة تخفيف الألم.

مقالات مشابهة

  • لا تقللوا من شأنهم أبدا.. ماذا نعلم عن جنود كوريا الشمالية في روسيا؟
  • عبيدات يكتب .. بين حرية الإنسان ، وحرية الأوطان
  • محمد حماقي يحيي حفل رأس السنة في إمارة أبو ظبي
  • الشكليات لا تعنينا.. الجزيري يدعم زيزو بعد خسارته لقب أفضل لاعب بإفريقيا
  • محمد كركوتي يكتب: معضلة الطاقة الأوروبية
  • كيف يسهم الفلفل الحار في تخفيف آلام الأعصاب المزمنة؟
  • نبيل الحلفاوي.. محمد صبحي يودع صديقه بكلمات يعتصرها الألم: «وداعًا إلى أن نلتقي»
  • محمد نبيل يكتب: ضي ورامبو وسنو وايت .. مصر تنير مهرجان البحر الأحمر
  • أروى جودة في «سيد الناس» برمضان
  • محمد بن راشد: يحيا الإنسان بالأمل.. وتنطلق المجتمعات للحياة بناءً على قوة الأمل