في ذكرى رحيله.. معارك وتحديات صنعت هوية محمد خان السينمائية
تاريخ النشر: 26th, July 2023 GMT
لم تكن الواقعية في أفلام المخرج الراحل محمد خان -الذي تحل ذكرى رحيله السابعة اليوم- وليدة الصدفة، فالمخرج الذي اهتم بتوثيق أحوال المجتمع المصري منذ أواخر السبعينيات وحتى رحيله، واجه كثيرا من العقبات والتحديات في مشواره الذي امتد لما يقرب من 50 عاما، وهو ما جعله يقترب من الشخصيات التي عبر عنها في أفلامه، ويحتل مكانة مميزة بين رواد جيله من مخرجي المدرسة الواقعية.
ولم يكن الطريق أمام محمد خان في بداياته ممهدا، فالفتى الصغير الذي بدأت علاقته بالسينما وهو في سن السابعة، كان يسكن إلى جوار سينما كرانك وسينما برادي في القاهرة، وكان مشبعا بالأفلام، وكان مهتما بالصورة وشريط الصوت، وشاهد عددا ضخما من الأفلام قبل أن ينتقل إلى لندن للدراسة وهو في الـ17 من عمره.
قرر الشاب محمد خان دراسة السينما بدل الهندسة، ورغم أن وجوده في لندن جعله منفتحا على المدارس السينمائية المختلفة في أواخر الستينيات ومع بداية السبعينيات، فإنه شعر باليأس من تحقيق حلمه السينمائي وقام بفتح محل لبيع الملابس حتى قابلته بالصدفة المونتيرة نادية شكري.
شاهدت نادية شكري الأسقف والجدران المغطاة بأفيشات الأفلام، وطلبت من خان الرجوع إلى مصر، وبدأ بالفعل يبحث عن فكرة واهتدى إلى فكرة فيلم "ضربة شمس".
رحبت نادية ومعها المصور سعيد شيمي وقتها بإنتاج الفيلم، إلا أن نور الشريف تحمس للتجربة وقام بإنتاجها من خلال شركته لتكون بداية انطلاقة محمد خان كمخرج في الفيلم الذي صدر عام 1980.
أزمات رقابيةاصطدم خان خلال مشواره السينمائي بالرقابة في كثير من الأحيان، فكانت أغلب أفلامه تثير ضجة كبيرة. ويذكر خان -في حوار له- أن سيناريو فيلمه "زوجة رجل مهم" خضع لتعديل بعد عرضه على جهات أمنية، واضطر لتصوير مشهد يقوم خلاله المتظاهرون بإحراق سيارة، وأضيف إلى الفيلم، ليكون متفقا مع وجهة نظر تلك الجهة التي ادعت حدوث أعمال تخريبية من المتظاهرين في انتفاضة 1977.
وخاض خان رفقة السيناريست مصطفي محرم معركة أخرى مع الرقابة، حين حاولا تقديم فيلم "المسطول والقنبلة" المأخوذ عن رواية للأديب نجيب محفوظ، الذي يتناول فساد السلطة وتزوير الانتخابات والظلم الذي تعرضه له كثيرون، ورشح لبطولة هذا العمل الفنان عادل إمام على أن يقوم محمد خان بإخراجه، لكن تم رفض السيناريو من قبل الجهات الأمنية، وبعد ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011 أعاد خان ومصطفى محرم تقديم الفيلم مجددا للرقابة وتم الاستقرار على روبي وآسر ياسين لتقديم بطولة الفيلم لكن المشروع تعثر ولم يخرج للنور.
خان خاض العديد من المعارك مع الرقابة بسبب أفلامه (مواقع التواصل) "الحريف".. وقطيعة بين خان وعادل إمامفي عام 1984، كان التعاون الأول والوحيد بين محمد خان وعادل إمام في فيلم "الحريف"، والذي لم يرض عنه عادل، وقرر بعدها عدم التعاون مع خان مجددا، لأن الفيلم الذي راهن عادل من خلاله على تغيير جلده سينمائيا لم يحقق إيرادات تذكر.
وفي حوار لخان مع الإعلامية منى الشاذلي، حكى أن الفيلم كان من المفترض أن يكون من بطولة أحمد زكي، لكن الأخير كان مشاكسا، وقرر أن يحلق شعره كاملا، مما أزعج خان، فقرر إسناد البطولة لعادل إمام. لكن المفارقة كانت عدم نجاح الفيلم، في الوقت الذي اعتاد فيه عادل إمام تصدّر السوق السينمائي، فقرر وقتها عدم التعاون مرة أخرى مع محمد خان.
تجربة أخرى تعرض لها محمد خان في فيلمه "فارس المدينة"، الذي قام بطولته محمود حميدة، والذي راهن خان عليه كبطل أول في الفيلم عام 1992 بعد اعتذار فنانين آخرين، ورغم النجاح النقدي للفيلم، فإنه انتهى بأزمة لخان والذي ذكر في أحد حواراته بأنه خرج من تلك التجربة مديونا للبنوك بمبلغ كبير.
معركة الجنسية المصريةعلى الرغم من الهوية المصرية لمحمد خان بوصفه صانع سينما، لكنه ظل مقيدا لسنوات طويلة باعتباره باكستاني الجنسية، فهو مولود لأب باكستاني وأم مصرية، وظل يطالب بالحصول على الجنسية المصرية وهى الأمنية التي وصفها بالغالية في أغلب الحوارات التي أجراها، حتى صدر القرار الذي أثلج صدره وحصل على الجنسية بقرار من الرئاسة المصرية عام 2014.
في حوار له مع أحد المواقع بعد حصوله على جواز السفر المصري، قال خان إن أصعب لحظة كان يواجهها دائما حين يعود من الخارج إلى مصر، ويقدم جواز سفره البريطاني إلى ضابط الجوازات في المطار، رغم أنه ولد ونشأ في شوارع القاهرة وأحيائها الشعبية.
بعد حصوله على الجنسية بسنوات قليلة، وبالتحديد يوم 26 يوليو/تموز 2016، أُعلن رحيل محمد خان في أحد المستشفيات بمنطقة المعادي في القاهرة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: عادل إمام
إقرأ أيضاً:
جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية تُطلق مبادرة «هوية أصيلة وإرث مستدام»
أطلقت جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية مبادرة «هُوية أصيلة وإرث مستدام»، بهدف تعزيز الوعي بالتراث الإماراتي وربطه بمبادئ الاستدامة الثقافية والاجتماعية.
وتندرج هذه الخطوة في إطار استراتيجية الجامعة لدعم الجهود الرامية إلى حماية الهُوية الوطنية عبر الأجيال، ما يتماشى مع رؤية دولة الإمارات في الحفاظ على أصالتها وترسيخ موروثها الحضاري.
تضمَّنت المبادرة سلسلة من الفعاليات والبرامج التفاعلية التي تهدف إلى تمكين الطلبة من استكشاف الهُوية الوطنية الإماراتية وفهم معانيها العميقة، وشملت ورش عمل عن سنع القهوة الإماراتية، تعرَّف خلالها الطلبة على تقاليد إعداد القهوة وتقديمها، وأصالة جذروها في الثقافة الإماراتية لإبراز الكرم وتحقيق التواصل. ونظَّمت الجامعة برنامجاً تدريبياً عن فنون الصقارة، الذي يُعَدُّ رمزاً للقوة والشجاعة، بهدف إحياء هذه الرياضة التقليدية ونقل معارفها وفنونها للأجيال الجديدة.
وقال الدكتور خليفة مبارك الظاهري، مدير جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية: «تمثِّل مبادرة (هُوية أصيلة وإرث مستدام) التزاماً راسخاً من جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية بدورها في الحفاظ على مكوّنات الهُوية الوطنية، ما يتماشى مع رؤية القيادة الرشيدة لدولة الإمارات في تحقيق توازن بين تطوُّر الدولة الحضاري والاعتزاز بجذورها الأصيلة. وتأتي لتعزيز جهود الاستدامة الثقافية، من خلال تمكين الشباب من فهم دورهم في الحفاظ على التراث ونقله إلى المستقبل».
وأضاف الظاهري: «إنَّ البرامج التي تطلقها الجامعة ضمن هذه المبادرة تنقل الهُوية الوطنية من مجرَّد مفهوم إلى تجربة حيَّة ومستمرة، ترتكز على إبراز أصالة التراث الإماراتي وربطه بمبادئ الاستدامة لدى الطلبة، وتعزِّز جهود الحفاظ على الهُوية والثقافة الإماراتية».
وأكَّد سعادته أنَّ مبادرات الجامعة المختلفة لتعزيز الهُوية الوطنية تأتي تماشياً مع توجُّهات القيادة الرشيدة لترسيخ مكنونات التراث والاعتزاز به، إضافةً إلى تعزيز مكانة دولة الإمارات كإحدى أكثر دول العالم تطوُّراً حضارياً وتأثيراً إيجابياً في الحوار بين الثقافات، ونشر ثقافة السلام والتسامح وقيم العيش المشترك.