مفتي عُمان يشبّه العدوان على غزة بغزوة الأحزاب
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
شبّه مفتي سلطنة عُمان الشيخ أحمد الخليلي الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة منذ أكثر من خمسة أشهر بغزوة الأحزاب، المعروفة في التاريخ الإسلامي بغزوة الخندق، في تصريح لقي إشادة وحفاوة واسعة على منصات التواصل الاجتماعي.
وقال الخليلي، في منشور على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، أمس الأربعاء "ما أشبه ما يحصل لإخواننا في غزة نتيجة الإجرام الصهيوني المدعوم من دول الطغيان بما كان في غزوة الأحزاب، وما أشبه حال منافقي اليوم بمنافقي الأمس، وقد تمايزت الصفوف في ذلك الموقف العصيب كما تمايزت صفوف اليوم، مع سابق علمه تعالى بحال المعوقين، على أنه مهما تكالب الأعداء، فإن المؤمن الصادق موقن بنصر الله".
ما أشبه ما يحصل لإخواننا في غـ.ـزة -نتيجة الإجـ.ـرام الصهيـ.ـوني المدعوم من دول الطغيان- بما كان في غـ.ـزوة الأحزاب، وقد تمايزت الصفوف يومئذ كما تمايزت صفوف اليوم، على أنه مهما تكالب الأعداء؛ فإن المؤمن الصادق موقن بنصر الله. #أنا_مسلم_والأقصى_حقي #رمضان_شهر_الانتصارات pic.twitter.com/kTSGjUHUao
— أحمد بن حمد الخليلي (@AhmedHAlKhalili) March 20, 2024
وأضاف الخليلي "فما أحرانا أن نزداد إيمانا وتسليما بوعد الله، ونحن نعيش شهر الانتصارات ونتذكر تضحيات النبي (صلى الله عليه وسلم) وصحابته الكرام (رضوان الله عليهم) والسلف الصالح من هذه الأمة المباركة، وما أخلق المؤمن أن يبذل كل ما يستطيع نصرة لإخوانه في غزة وفلسطين لينال شرفي الدنيا والآخرة. اللهم نصرك. رمضان شهر الانتصارات".
ووقعت غزوة الأحزاب أو الخندق في شهر شوال من العام الخامس للهجرة النبوية، بين المسلمين بقيادة النبي محمد (صلى الله عليه وسلم)، ومجموعة من الأحزاب وهم قبائل عربية مختلفة اجتمعت لغزو المدينة المنورة والقضاء على المسلمين، بعد نقض يهود بني النضير عهدهم مع الرسول الكريم وحاولوا قتله.
حفاوة بتصريح مفتي عُمانولقي تصريح مفتي عُمان حفاوة بالغة على منصات التواصل الاجتماعي، حيث أشاد ناشطون بمواقفه الصلبة والشجاعة، وتضامنه المتواصل مع غزة والقضية الفلسطينية وتحفيزه للمقاومة.
وقال الناشط الدكتور أمين الشامي في منشور على منصة "إكس" "بإذن الله تقر عينك وأعيننا بنصر مؤزر من ربنا، للرجال الذين يسبح الرصاص بين أيديهم، وتُسبح الملائكة فوق رؤوسهم، ومِن خلفهم محور لا يخذلهم، وشيخٌ لم يتوارَ عنهم".
بإذن الله تقر عينك وأعيننا، بنصر مؤزر من ربنا، للرجال الذين تَسبح الرصاص بين أيديهم، وتُسبح الملائكة فوق رؤوسهم، ومِن خلفهم محور لا يخذلهم، وشيخٌ لم يتوارَ عنهم.
ولا أجد قولأ يضيء أسطري، غير بيتٍ استعرته من الجواهري، في أحمد الجامِع الراكع المُدافع البدري :
تمشي الجُمُوعُ على…
— د.أمين الشامي (@aminalshami5) March 20, 2024
وشبّه الناشط خميس الهاشمي تشخيص الشيخ أحمد الخليلي للوضع في قطاع غزة بالجراح الحاذق الماهر الذي يشخص الداء ويستأصله من جسد المريض.
سماحة الشيخ أحمد الخليلي حفظه الله ورعاه مع تمام الصحة والعافية طول العمر يشخص الأمور في غزة كالجراح الحاذق الماهر نسأل الله أن يمد في عمره المبارك https://t.co/6I1pNGCQFh
— خميس الهاشمي أبو هاشم (@3010801c16494bf) March 21, 2024
وأشاد المدوّن محمد سالم بموقف الخليلي قائلا: "بيان مناصر ومحفز للمقاتلين الأبطال في المقاومة الفلسطينية وداعميهم من أحرار العالم، وبعون الله المقاومة والشعب الفلسطيني والعربي والمسلم ثابتون راسخون على إيمانهم بالنصر، وإن غدا لناظره قريب".
بيان مناصر ومحفز للمقاتلين الأبطال في المقاومة الفلسطينية وداعميهم من أحرار العالم ، وبعون الله المقاومة والشعب الفلسطيني والعربي والمسلم ثابت راسخ على ايمانه بالنصر وان غداً لناظره قريب
— سالـم محمـد (@SalimMohd8989) March 20, 2024
وأثنى الصحفي صالح خيري، على حديث الخليلي، قائلا: "عالم مخلص أصيل وصاحب الموقف المشرف في زمن عز فيه العلماء المخلصين لأمة الإسلام".
أحسن الله إليك أيها العالم المخلص الأصيل صاحب الموقف المشرف في زمن عز فيه العلماء المخلصين لأمة الإسلام https://t.co/VUIaIS2qjq
— صالح خيري الشرقاوي (@aljounalgy) March 21, 2024
مواقف قويةوفي 13 مارس/آذار 2024، أشاد المفتي بيقظة ووعي الشعب الفلسطيني لما يحاك له من مؤامرات، قائلا على منصة "إنستغرام" "إن الشعب الفلسطيني الحصيف عموما، وقطاع غزة خصوصا على يقظة ووعي بما يضمره له العدو ومن خلفه، ممن يعززونه ماديا ومعنويا ولا يألون جهدا في دعمه من مكائد".
View this post on InstagramA post shared by أحمد بن حمد الخليلي (@ahmedhalkhalili2)
وأضاف "بعد إخفاقهم في مواجهة هذا الشعب الصامد في (طوفان الأقصى) يسعى إلى تفتيت وحدته بإثارة النعرات، ولا نرتاب أن هذا الشعب الأصيل الذي لم يخضع للاحتلال منذ بدايته ولم يستكن لمكائده لن تؤثر عليه هذه المكائد، وسيردها على أعقابها كما رَدَّ قوى العدو العسكرية".
وفي 6 مارس/آذار 2024، عبّر المفتي عن ألمه لمشاهد الأطفال والشيوخ وهم يموتون جوعا في شمال غزة، بسبب الحصار الإسرائيلي الخانق دون أن يحرك ذلك ضمير العالم المتحضر ومؤسساته الحقوقية.
View this post on InstagramA post shared by أحمد بن حمد الخليلي (@ahmedhalkhalili2)
وفي منشور آخر أبدى المفتي استياءه وأسفه بسبب الغدر الذي ارتُكب بحق مواطنين عزّل في غزة، حيث قُصفوا خلال خروجهم لتلقي المساعدات الغذائية.
View this post on InstagramA post shared by أحمد بن حمد الخليلي (@ahmedhalkhalili2)
وحينما أقدم الطيار الأميركي آرون بوشنيل على حرق نفسه أمام سفارة إسرائيل في واشنطن يوم 26 فبراير/شباط الماضي، علق المفتي قائلا "هو مشهد يشد الانتباه حقا، حين أتى به من ينتمي إلى مؤسسة عسكرية تدعم الكيان الغاصب بكل ما أوتيت من قدرات وإمكانات، فلعل هذا شيء من صحوة الضمير الإنساني، حين يرى استفحال الظلم والجبروت".
View this post on InstagramA post shared by أحمد بن حمد الخليلي (@ahmedhalkhalili2)
وفي 16 فبراير/شباط 2024، تداول رواد مواقع التواصل مقطع فيديو لمفتي عُمان، وهو يستمع لكلمة أبو عبيدة الناطق العسكري لكتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
قبل قليل | سماحة شيخنا ووالدنا العلامة الجليل أحمد بن حمد الخليلي -حفظه الله وأبقاه- يستمع لخطاب القائد الهمام أبي عبيدة. pic.twitter.com/mY2cxJ4xjC
— فيصل بن علي السعيدي (@alsaidi904) February 16, 2024
ويُظهر الفيديو المفتي في أحد مجالسه مع مجموعة من الحاضرين، وهو يستمع لكلمة أبو عبيدة أثناء بثها، في إشارة للتضامن مع الشعب الفلسطيني والاهتمام بمستجدات الأحداث هناك، والوقوف في صف المقاومة.
وتواصل إسرائيل لليوم الـ166 على التوالي حربها المدمرة على قطاع غزة، مما خلف عشرات آلاف الشهداء المدنيين، معظمهم أطفال ونساء، ودمارا هائلا ومجاعة متواصلة أودت بحياة أطفال ومسنين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: رمضان 1445 هـ حريات الشعب الفلسطینی فی غزة
إقرأ أيضاً:
الإسلام ومفهوم المقاومة والثورة
أضحت كلمة "المقاومة" من الكلمات الشائعة التي يثور لغَط كثير حولها وحول مشروعيتها، وخاصة إذا ارتبطت بحركات وفصائل مسلحة ويثور الجدل أيضا حول علاقة الدين بالمقاومة أو الثورة، فبين من يستخدم نصوص الدين لإثبات وجوبها وتثوير الشعوب بها، وبين من يقول بتحريمها وتخنيع الشعوب بالاستدلال ببعضها، فأردت في هذا المقال أن نبحث عن الحقيقة من جذورها.
ابتداء، كلمة "مقاومة" لها مرادفات كثيرة منها احتجاج، اعتراض، تصد، مجابهة، مواجهة، جهاد، قتال، كفاح، نضال.. وقد تعجب أن "المقاومة" من سنن الله في كل شيء وبغير "المقاومة" يختل ميزان الحياة بأسرها.
فمثلا خُلق الله الإنسان وأودع فيه جهاز "مقاومة" وهو الجهاز المناعي يواجه الأمراض والسموم ويهاجم الفيروسات والبكتيريا والأجسام الغريبة، وإذا ضعفت "المقاومة" كان الجسم عُرضة للأمراض وإذا زادت عن الحد اللازم تسببت في كثير من الأمراض؛ لأن فرط نشاط الجهاز المناعي يُفقده معرفة البصمة الجينية للخلايا فيفقد قدرته على التمييز بين العدو والصديق فبدل أن يهاجم البكتيريا والفيروسات والسموم والخلايا الورمية، فإذا به يهاجم خلايا الجسم فيسبب ما يسمى بأمراض المناعة الذاتية مثل النزيف والجلطات الدموية وتلف العظام والمفاصل والصدفية واللوكيميا وغيرها، لذلك لا بد من وجود "المقاومة" وفي ذات الوقت ينبغي أن تكون منضبطة ومُوَجهة.
وفي عالم الفيزياء والكهرباء تحتل "المقاومة" أهمية كبيرة تتميز بها الموصلات المعدنية في الدوائر الكهربية، فـ"المقاومة" هي "المعارضة" التي تقدمها المادة لتدفق التيار الكهربائي في الدائرة لذلك فهي تتناسب عكسيا مع شدة التيار، وهي ثابتة أو متغيرة ولها أربع أنواع كربونية وسلكية وحرارية وضوئية ومع تعدد أشكال "المقاومة" يلزم وجودها للمحافظة على الأجهزة وحمايتها، وكذلك يوجد ما يسمى بـ"مقاومة" الهواء وهي القوة التي يصادفها جسم متحرك في الهواء. ولو استعرضت معالم الحياة بأسرها لا تجدها بغير "مقاومة"، والثورة والمقاومة صنوان لا يفترقان فلا ثورة بغير مقاومة. ومن مرادفات كلمة "ثورة" فورة، هبّة، انتفاضة، عصيان. ومن أضداد كلمة "ثورة" رضوخ، خمود، همود، سكون، إذعان.
لو استعرضت معالم الحياة بأسرها لا تجدها بغير "مقاومة"، والثورة والمقاومة صنوان لا يفترقان فلا ثورة بغير مقاومة. ومن مرادفات كلمة "ثورة" فورة، هبّة، انتفاضة، عصيان. ومن أضداد كلمة "ثورة" رضوخ، خمود، همود، سكون، إذعان
وقد يحسن بنا تعريف "المقاومة" بأنها مواجهة القوة الغاشمة بما يُستطاع من قوة مع حسن التقدير والتدبير.
وهنا يثور السؤال الأساس: ما علاقة الإسلام بالمقاومة والثورة؟
والإجابة أن الإسلام دين ثورة ومقاومة، نعم ثورة على كل أشكال الظلم والفساد والاستبداد والاستعباد، الإسلام دين يشترط للدخول فيه قول "لا"، أَوَ ليست كلمة التوحيد "لا إله إلا الله" تبدأ بلا؟ الإسلام دين ثورة يدعو أصحابه أن يقولوا "لا"، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيد الشهداء حمزة ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله" (رواه الحاكم وصححه وكذا الألباني)، فعد المقاوم للسلطان الجائر القائل له "لا" والمقتول في سبيل ذلك سيد الشهداء.
الإسلام يُعلِّمُ الأمةَ أن تواجه الظالم وأن تزأر في وجهه "لا" وإلا فلا قيمة لوجودها، حيث يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا رأيت أمتي تهاب أن تقول للظالم يا ظالم فقد تُوِدع منهم"، أي فقدت أهلية الحياة (رواه أحمد والحاكم وصححه ووافقه الذهبي)، ويقول الفاروق عمر رضي الله عنه: "يُعجبني الرجل إذا سِيمَ خُطة ضَيْمٍ؛ قال لا بملء فيهِ".
ويقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من قُتل دون ماله فهو شهيد ومن قُتل دون دينه فهو شهيد ومن قُتل دون دمه فهو شهيد ومن قُتل دون أهله فهو شهيد"، وفيه "ومن قُتل دون حرمته فهو شهيد"، وفيه "ومن قُتل دون أرضه فهو شهيد" (الترمذي والنسائي وأحمد وصححه الألباني).
"وجاء رجُلٌ إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ فَقَال: يَا رسولَ اللَّه أَرأَيت إنْ جاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي؟ قَالَ: فَلا تُعْطِهِ مالكَ قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَاتلني؟ قَالَ: قَاتِلْهُ. قَالَ: أَرأَيت إنْ قَتلَني؟ قَالَ: فَأنْت شَهيدٌ قَالَ: أَرأَيْتَ إنْ قَتَلْتُهُ؟ قَالَ: هُوَ فِي النَّارِ" (رواهُ مسلمٌ).
وقد أمرنا الإسلام بـ"مقاومة" المنكر ليس لإزاحته فقط بل لتغييره يقول النبي (صلى الله عليه وسلم): "مَن رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان" (رواه مسلم).
ومع الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة الآمرة بمقاومة الظلم ومواجهة الجور والثورة في وجوه الطغاة تتعجب من هؤلاء الذين يستشهدون ببعض الأحاديث، مع عدم صحتها أو ضعفها ومعارضتها لما هو أصح منها بغرض تخنيع الناس وسلب كرامتهم، فيسوقون مثلا عُجُز حديث في صحيح مسلم "أطع أميرك وإن جلد ظهرك وأخذ مالك"، ولي وقفة معه، فالحديث ليس في أصول أحاديث مسلم بل في المتابعات، وقال الدارقطني إن في سنده انقطاع (قال أبو سلام قال حذيفة)، وأبو سلام لم يسمع من حذيفة كما نص على ذلك الدارقطني وابن حجر والمزي ولذلك عده الدارقطني مرسلا وهو من أنواع الحديث الضعيف، وإن صح فهو يخالف ما هو أصح منه مما سقناه من الأحاديث السالفة وغيرها مما يَعِز حصره. وقد وجدنا بعض مشايخ السلاطين يفتى بأنك إذا رأيت الحاكم كل يوم يزني ويليط على شاشة التلفاز نصف ساعة فلا يجوز أن تؤلب الناس عليه بل يجب عليك أن تدعوهم لطاعته!!
هؤلاء يحرمون على الناس عبادة الأصنام الحجرية ويوجبون عليهم عبادة الأصنام البشرية، ويستشهدون بشطر حديث "وألا ننازع الأمرَ أهله"، نعم صحيح ولكن لماذا لا تذكرون بقية الحديث في رواية النسائي وأن نقول أو نقوم بالحق، حيث كنا لا نخاف لومة لائم. وأيضا ما المقصود بأهله؟ هل الإمام المبايَع أم المتغلب؟ هل الذي جاء بقبول الناس ورضاهم باختيار صحيح وانتخابات حرة نزيهة أم الذي جاء بانقلاب عسكري على إمام مُبايَع؟ أم الذي جاء بالتوريث ويقوم حكمه على الجور والقهر وطمس معالم الدين؟ أم الذي يوالي أعداء الله ورسوله ويسارع فيهم؟ هلا عرفتم لنا أهله حتى لا ننازع الأمر أهله؟.
الإسلام لا يعرف هذا الخنوع والذل ولا يرضى لأمته أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي منكر أو بغي بل أوجب عليهم مقاومته ومدافعته وجعل التدافع بين الحق والباطل من السنن الإلهية حفظا لاستقامة الحياة واعتدال ميزانها، وهي سنة ربانية
إن الإسلام لا يعرف هذا الخنوع والذل ولا يرضى لأمته أن تقف مكتوفة الأيدي إزاء أي منكر أو بغي بل أوجب عليهم مقاومته ومدافعته وجعل التدافع بين الحق والباطل من السنن الإلهية حفظا لاستقامة الحياة واعتدال ميزانها، وهي سنة ربانية جاء تقريرها في القرآن الكريم بصفة عامة والتنصيص عليها في آيتي البقرة والحج بصفة خاصة:
- "وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّفَسَدَتِ ٱلۡأَرۡضُ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ ذُو فَضۡلٍ عَلَى ٱلۡعَـٰلَمِینَ" (البَقَرَةِ: ٢٥١).
"وَلَوۡلَا دَفۡعُ ٱللَّهِ ٱلنَّاسَ بَعۡضَهُم بِبَعۡضࣲ لَّهُدِّمَتۡ صَوَٰمِعُ وَبِیَعࣱ وَصَلَوَٰتࣱ وَمَسَـٰجِدُ یُذۡكَرُ فِیهَا ٱسۡمُ ٱللَّهِ كَثِیرࣰاۗ وَلَیَنصُرَنَّ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥۤ إِنَّ ٱللَّهَ لَقَوِیٌّ عَزِیزٌ" (سُورَةُ الحَجِّ: ٤٠).
وشاءت إرادة الله أن يكون التدافع بين الحق والباطل والجولات بينهما سُنٌةُ ماضية لا تعرف حدود الزمان والمكان ولا نهاية لها إلا بنهاية الدنيا، ومن اليقين الجازم أن الله قادر على سحق الباطل وأهله بدون أحد، ولكنه شرع "المقاومة" وأمر بالجهاد وسَنن التدافع وضرب لنا الأمثلة بأعظم "المقاومين" من رسل الله وأنبيائه ومن تبعهم بإحسان، ولك أن تسأل هؤلاء لماذا حوكم أبو الأنبياء إبراهيم الخليل وحُكم عليه بالإعدام حرقا؟ أَوَ ليس لأنه كان مقاوما للكفر وأهله؟ واسألهم لماذا حوكم نبي الله لوط وحُكم عليه بالنفي؟ أليس لأنه كان مقاوما لتلك الفاحشة المرذولة؟ ولماذا قُطعت رأس نبي الله يحيى؟ ولماذا حُكم يوسف بالسجن؟ ولماذا صلب فرعون زوجته آسية على الأوتاد؟ ولماذا أحرق ماشطة ابنته وزوجها وأولادها؟ وكيف قاوم كليم الله موسى فرعون وهامان وقارون؟ ولماذا خُدت الأخاديد وألقيت فيها تلك الثلة المؤمنة؟ ولماذا أعلنت قريش الحرب على سيد الخلق؟ لماذا تسألهم، فالقرآن حافل بقصص المقاومة والثورة على الكفر والظلم والبغي والمنكر ويحذر من مجرد الركون إلى الذين ظلموا، ويكأنهم يريدون طي المصاحف كما يطوى السجل الكتاب ويضعونها على الأرفف ثم يتخلصوا منها، وتمضى سُنّة التدافع ليختبر الله أهلَ الحق ويبلوَ أخبارهم.
- "ذَ لِكَۖ وَلَوۡ یَشَاۤءُ ٱللَّهُ لَٱ نتَصَرَ مِنۡهُمۡ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَا۟ بَعۡضَكُم بِبَعۡضࣲۗ وَٱلَّذِینَ قُتِلُوا۟ فِي سَبِیلِ ٱللَّهِ فَلَن یُضِلَّ أَعۡمَـٰلَهُمۡ" (سُورَةُ مُحَمَّدٍ: ٤) فإذا أخذوا بالأسباب وقاموا بواجبهم أعانهم الله وساعدهم.
- "قَـٰتِلُوهُمۡ یُعَذِّبۡهُمُ ٱللَّهُ بِأَیۡدِیكُمۡ وَیُخۡزِهِمۡ وَیَنصُرۡكُمۡ عَلَیۡهِمۡ وَیَشۡفِ صُدُورَ قَوۡمࣲ مُّؤۡمِنِینَ" (سُورَةُ التَّوۡبَةِ: ١٤).
وأهل الحق المجاهدون في سبيله المقاومون لأشكال الظلم والبغي والاستبداد والاستعباد مأجورون في جميع الأحوال، فإن انتصروا عاشوا أعزة كرماء ونالوا الأجر وإن قُتلوا ماتوا شهداء وفازوا بالأجر..
وإنه لجهاد، نصرُ أو استشهاد.