تربى فى حلقات الذكر والتصوف.. ونافس الشيخ «التونى» ابن قريته «الحواتكة»مستشرق ألمانى أفرد فصلاً فى كتابه عن «سلطان المنشدين».. ودراسة كاملة لأمريكى عن أدائه الصوتى
يُحيط محبو ياسين التهامى بعددٍ كبيرٍ من الألقاب، فهو عندهم شيخ المنشدين وسلطان المنشدين «كروان الصعيد».. و«بلبل الصعيد» وسفير السماء وهديتها، ورغم امتنانه الشديد لمن يطاردونه بهذه الألقاب، إلا أنه يفضل عليها جميعًا لقبًا واحدًا، لم يطلقه عليه أحد، بل أطلقه هو على نفسه، هذا اللقب هو «خادم الأحباب» فيقول: أنا لست إلا خادمًا لمن يحيطوننى بكل هذه المحبة، فهم من صنعوا ياسين ومنحوه من محبتهم، أعتبر نفسى قدر الله الذى ساقه إليهم، أغازل أرواحهم ويغازلون روحى.
الشيخ ياسين تهامى حسانين محمد المولود بقرية «الحواتكة» فى مركز منفلوط بمحافظة أسيوط سنة 1949، تلك القرية التى تزخر بالكثير من أضرحة أولياء الله الصالحين، وأهمها ضريح والده الشيخ تهامى حسانين وضريح الشيخ الحلوى والشيخ الريدى والشيخ أبى الحسن المحمدى، وأغلب أهالى القرية يميلون إلى التصوف وحب آل البيت.
محمود التهاميتربى «التهامى» فى بيت دينى، فكان والده أحد أولياء الله الصالحين، اهتم بالموالد وحلقات الذكر والإنشاد، مما كان له الأثر العميق على ابنه الشيخ «ياسين»، إضافة إلى كون شقيقه الأكبر الشيخ محمود تهامى حسانين خريج كلية أصول الدين 1974 والذى تدرج فى سلك الأوقاف حتى صار مديرًا لأوقاف منفلوط حتى تمت إحالته للمعاش 2011 وهو وكيل المشيخة العامة للطرق الصوفية عن مركز منفلوط والذى يقول عنه الشيخ ياسين «كلنا تحت رايته بعد وفاة والدى» وبهذا نشأ الشيخ ياسين التهامى فى قلب جو دينى وحب وذكر لله عز وجل، فقد كانت تقام ليالى الذكر فى المناسبات الدينية على يد والده، ليدرس بعد ذلك الشيخ ياسين حتى المرحلة الثانوية، وحفظ القرآن الكريم كاملًا، فقد ظلت كلمة والده ما زالت تتردد فى مسامعه «القرآن سر الوصول» وفى عام 1970 بعد أن وصل إلى الصف الثانى الثانوى فى دراسته الأزهرية ترك معهده دون عودة، معللا ذلك بأنها حالة كانت فوق طاقته ليأخذ قراره بترك المعهد، بعدها قرر «عميد المداحين» أن يكون منشدًا فى حب رسول الله وآل البيت الكرام، وكانت نقطة التحول عندما أنشد فى حلقة الذكر التى كان يقيمها والده من كلمات سلطان العاشقين «عمر بن الفارض»، فهو الذى يقول عن «ابن الفارض»: سيدى عمر بن الفارض له مكانة خاصة عندى تزيد على كل السادة الصوفية، فقد تذوقت الشهد بقصائده خاصة «تائيته» المشهورة، بعدها قرر عميد المداحين أن يكون منشدًا فى حب رسول الله وآل البيت الكرام، ليصبح أول منشد فى عائلته، حتى سار على طريقه بعده ثلاثة من أولاده هم محمود نقيب المنشدين ومحمد ومهدى.
مهدى التهامينافس «التونى»لم تكن فى ذلك الوقت أسماء لامعة فى عالم الإنشاد غير الشيخ أحمد التونى ابن قرية الحواتكة أيضاً، لكن كان الإنشاد يستند إلى لحنٍ معينٍ لم يخرج عنه إلا الشيخ ياسين التهامى الذى فضل أن ينتقل بهذا الفن ويرتقى به، ويختار الأصعب من الكلام والقصائد، فهو يحفظ القرآن الكريم الذى مكَّنه من إتقان لغة الضاد، فكان وحده الذى جذب الجمهور إليه بأدائه وأسلوبه وإحساسه العميق ببواطن الكلم، حتى أن جمهوره صار يردد تلك القصائد التى يسمعها من «التهامى» ولو لم يفهم معنى كلماتها لكنه عاش إحساسها، ليصبح عميد الإنشاد الدينى صاحب مدرسة فريدة استطاعت أن ترتقى بالإنشاد من لغة العوام إلى الشعر الفصيح الصوفى لكبار المتصوفة، ورغم أنه لا يخرج كثيرًا عن عيون الشعر الصوفى، إلا أنه ينشد لآخرين لديهم نفس الروح مثل أحمد شوقى وطاهر أبوفاشا وإيليا أبو ماضى، ورابعة العدوية والمتنبى، حتى صار جمهوره يحفظ عبارات وأشعارًا بأكملها لأقطاب الصوفية من كثرة ما صار ينشدها مع الشيخ ياسين التهامى فى حفلاته ولياليه.
ظاهرة فريدةيبقى ياسين التهامى ظاهرة فريدة متفردة فى عالم الإنشاد الدينى، وقد أنشد فى أكثر من بلد عربى وأجنبى، وحصل على كثير من الجوائز والتكريمات، فقد تردد على بريطانيا أكثر من عشر مرات لإحياء حفلات صوفية عرفت بالمهرجان الصوفى أو الموسيقى الروحية، كما قالت عنه الصحافة الإسبانية «ياسين التهامى ظاهرة الشرق» فقد امتلك مساحة وطاقة صوفية عملاقة، حتى أنها أغرت باحثًا أمريكيًا اسمه «مايكل فروشكوف» بتخصيص دراسةٍ كاملةٍ عن أدائه الصوتى وقالت عنه هيئة الإذاعة: «إنه صاحب صوت إنسانى فضفاض يستوعب أى إنسان على اختلاف لغته وموسيقاه أكبر من الشعر، أيضاً أفرد المستشرق الألمانى «كولن» قسمًا مستقلا فى كتابه عن «الموسيقى الشرقية» للحديث عن «التهامى» باعتبار أنه مرتجل لنغم صوفى جديد دون تعليم أو دراسة أكاديمية، كما نسبت إليه رسالة ماجستير فى كلية اللغة العربية جامعة الأزهر عن الشعر الصوفى الذى يعشقه قال: «تزين ألفاظه معانيه.. وألفاظه زائنات المعانى».
درج «التهامى» على إحياء ذكرى موالد آل بيت رسول الله والأولياء الصالحين والعلماء.
ياسين التهامى لخَّص حالته فى تعبير صدر بلسانه فى حوار مع جريدة «الوفد» فى سبتمبر 2008، حيث قال عن تجربته مع الإنشاد: «أنا لم أعمل أى شىء على مدار تاريخى، أنا عبارة عن قدر ساقه الله للبشر، وأسأل الله أن أكون قدر خير، بل إن كل ما أقوله فيه موهبة ومنن من الله وليس مكتسبًا، لأننى لم أضف لهذا الشىء شيئًا، ولكن الإنشاد أضاف للفقير وجعل له اسمًا.
سيظل سلطان المداحين الشيخ ياسين التهامى مدرسة خاصة فى عالم الإنشاد لما يتمتع به من أسلوب عذب وإحساس يجعلك تعيش حالة من الوجد الذى يبلغ ذروته حينما يتفاعل معه كل مستمعيه، وهم يتمايلون معه فى نشوة بالغة يرددون كلمات الشعر الصوفى التى تنساب على لسان «التهامى» حتى وإن لم يكونوا يفهمون معناه لكنهم يعيشون إحساسه.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: شيخ المنشدين الإنشاد الديني محافظة أسيوط مركز منفلوط الحواتكة
إقرأ أيضاً:
في ذكرى وفاته.. قصة خلاف رياض القصبجي وإسماعيل ياسين
تحل اليوم ذكرى وفاة الفنان رياض القصبجي الشهير ب الشويش عطية حيث بدأ حياته كمساري بالسكة الحديد، ثم أصبح عضوا بجماعة التمثيل الخاصة بالسكة الحديد والتحق بفرقة أحمد الشامي المسرحية التي كان أغلب أعضائها من الهواة، إلا أن صيته ذاع في الأوساط الفنية وأصبح له جمهوره ومحبيه، إنه الفنان رياض القصبجي، والذي تحل علينا اليوم ذكرى ميلاده، لذا نخوض خلال السطور القادمة صفحات في تاريخه.
الفرق التي عمل بها رياض القصبجيعمل رياض القصبجي في فرق علي الكسار وجورج أبيض وإسماعيل ياسين، كما عمل في السينما مع الفنان إسماعيل ياسين في أغلب الأعمال التي حملت اسمه، وشارك إسماعيل ياسين فى معظم أفلامه، واشتهر بـ«الشاويش عطية» حيث كان هذا اسمه فى غالبية الأفلام التى قدمها مع إسماعيل يس وكان تميمة حظه، ورغم الموهبة الكبيرة التى تمتع بها إلا أنه ظل حبيسًا فى الأدوار المساعدة، وكان يعرفه الجمهور بـ«الشاويش عطية» أكثر من اسمه الحقيقى
شكل ثنائيًا ناجحًا مع الفنان إسماعيل ياسين، من خلال أدائه شخصية «الشاويش عطية» في عدد من الأفلام أبرزها: «إسماعيل ياسين في الجيش»، وإسماعيل ياسين في البوليس السري»، و«مغامرات إسماعيل ياسين»، ولقب بالشاويش عطية.
وفي حوار مع ابنه الراحل فتحي قال إن "الفنان إسماعيل ياسين لم يزر أبي في مرضه ولو مرة واحدة ورغم أن أبي أصيب بالشلل النصفي وظل لسنوات عاني المرض وجاء له أغلب نجوم جيله والأجيال الأخرى مثل المخرج نور الدمرداش وتوفيق الدقن وأبناء الليثي مضيفا أما الفنان فريد شوقي فكان يأتي إلينا في المنزل بكل ما لذ وطاب من الطعام لدرجة أنوالدتي كانت “توزع هذا الطعام علي الجيران”.
وتابع فتحي القصبجي قائلا "رغم اشتراك والدي مع الفنان إسماعيل ياسين في معظم الأعمال الفنية التي كانت سببافي شهرته إلا أن المفاجأة التي أذهلت الجميع أنه حتى لم يأت للعزاء فيه، موضحًا لقد كنت متوقعا منه أن يكون بجوارنافي العزاء، مضيفا نحن والحمد لله لم نكن في احتياج لأحد لكن للصداقة والأصول والوفاء أهمية في الظروف التي يتحتمعليها الوجود، مشيرًا إلى أن هذا الموقف كان له تأثير سيئ علي نفسية والدي قبل الوفاة وكان يسأل ”طيب وهو أناعملت فيك إيه يا إسماعيل ده إحنا كنا اخوات يا اخي طب تعالى زورني وانا عيان”.
زيجات رياض القصبجبيتزوج رياض القصبجبى مرتين، وأنجب ولدين الأول محمود رياض القصبجي وشهرتة فايق من زوجته الأولى وولد آخر من زوجته الثانية وهو فتحي رياض القصبجي، وأصيب بشلل نصفي في الجانب الأيسر بعد ارتفاع ضغط دمه، واستدعاه المخرج حسن الإمام لأداء دور في فيلم «الخطايا» أمام عبد الحليم حافظ لكن حالته الصحية لم تسعفه وانسحب ثم توفي.
أهم أعمال رياض القصبجيمن أهم أفلام القصبجي مع إسماعيل ياسين «ابن حميدو»، «إسماعيل يس بوليس حربى»، «بحبوح أفندى»، «إسماعيل يس فى مستشفى المجانين»، «إسماعيل يس بوليس سري»، «إسماعيل يس فى الطيران»، «العتبة الخضراء»، «لوكاندة المفاجآت»، «شارع الحب»، «إسماعيل يسن فى الأسطول»، «إسماعيل ياسين فى جنينة الحيوانات» وغيرها من الأفلام.