بوابة الوفد:
2024-11-21@19:18:56 GMT

الصيام ووسطية الدين

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

إن العبد إذا أشرف نور الإيمان فى صدره استعذب الطاعة وحلا لقلبه نور العبادة ورايته يذهب يحمل نفسه بأكثر مما تطيق، والدين وهو الناظم لتكافل القوى بحيث لا تطغى قوة على قوة، ولا تضعف قوة تجاه قوة، لا يبيح للمتدين أن ينال من حقوق جسده، على حساب الاندفاع وراء العبادة، كما لا يسمح بأن يهضم عابد أو متحنث حقوق أهله على حساب دعوة الزهد والزهاد!

فالقوة الروحية فى نظر الدين مهما سمت وتغذت ما كان لها أن تهمل حق الجسد الترابى، أو تقصر فى حقوق الأهل والعيال، أو تختزل من واجبات الإنسان نحو المجتمع.

عن أنس – رضى الله عنه -: قال: جاء ثلاثة إلى بيوت أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادته، فلما أخبروا كأنهم تقالوها قالوا أين نحن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم أما أنا فأصلى الليل أبدا، وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً! فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنى لأخشاكم الله وأتقاكم ولكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى. أخرجه الشيخان والنسائى.

وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون (وكان عثمان – عزم على نفسه – أن يقوم الليل كله ويصوم النهار ولا ينكح النساء)، فقال له رسول الله أرغبت عن سنتى؟ فقال عثمان لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب، فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم - فإنى أنام وأصلى وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً فصم وأفطر وصل ونم. أخرجه أبو داود.

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا؟ قالوا حبل لزينب فإذا فترت – يعنى تعبت من شدة العبادة والقيام – تعلقت به فقال لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد. أخرجه البخارى.

وعن أبى جحيفة – رضى الله عنه – قال آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبى الدرداء -رضى الله عنهما – فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مبتذلة فقال ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة فى الدنيا، فجاءه أبو الدرداء فصنع له طعاماً وقال له كل فقال إنى صائم فقال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل فلما كان آخر الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام، ثم ذهب ليقوم قال نم فنام، فلما كان فى آخر الليل قام سلمان: قم الآن، فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذى حق حقه فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صدق سلمان. أخرجه البخارى.

وعن عائشة – رضى الله عنها – قالت دخل علىّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندى امرأة من بنى أسد فقال من هذه؟ قلت فلانة لا تنام الليل فقال مه، عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.

فالدين وإن عرف للروح حقها ونهى عن مادية متطرفة أهملت الخير والبر والنسك، نادى بنفس الوقت إلى طاعة وعبادة متزنة بحيث يرى من خلالها توزيع عادل للحقوق وانسجام محكم بديع بين مختلف القوى التى يتطلبها وجود الإنسانى فى هذا العالم الترابى.

وهو ينفى كل شذوذ لاتجاهات نفسية تسترت باسم العبادة والطاعة فلم يأذن لمتعبد ولا لمتحنث أن يخرج ببشريته عن سنة الله فى خليقته فأنكر المغالاة ودعا إلى القصد فى العبادة ضمن حدود الطاقة البشرية وإلى هذا يشير الحديث الشريف (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديار رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).

ويقول - صلى الله عليه وسلم - سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا، وشيئاً من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله تعالى بمغفرة ورحمة. وفى البخارى والنسائى أن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا. أخرجه الشيخان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور الايمان رسول الله أبو داود صلى الله علیه وسلم رسول الله رضى الله الله عن

إقرأ أيضاً:

حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا

قالت دار الإفتاء المصرية لا يجوز شرعًا قراءة القرآن الكريم مع تلحينه تلحينًا موسيقيًّا؛ لكون هذا العمل يخرج القرآن عن جلالته وقدسيته، ويصرف السامع عن الخشوع والخضوع عند سماعه، كما يجعله أداة لهوٍ وطربٍ، وكل عمل يخرج كتاب الله عن غايته يعد عملًا منكرًا لا يقره الدين.

وأكدت الإفتاء أنه يجب عند قراءته مراعاة الرجوع إلى ما كان عليه في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابه والتابعين، وكذلك لا يجوز تصوير القرآن تصويرًا فنيًّا؛ لما في ذلك من مفاسد يجب منعها؛ كتصوير الأنبياء ونحوه مما هو محاط بالقداسة في الشريعة الإسلامية.

بيان حكم تلحين القرآن الكريم تلحينًا موسيقيًّا

جاء في مقدمة الإمام الطبري والقرطبي من أن العلماء قالوا: إن المعلوم على القطع والبينات أن قراءة القرآن تلقينًا متواترةٌ عن كافة المشايخ جيلًا فجيلًا إلى العصر الكريم إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وليس فيها تلحينٌ ولا تطريبٌ مع كثرة المتعمقين في مخارج الحروف وفي المد والإدغام وغير ذلك من كيفية القراءات، ثم إن في الترجيع والتطريب همزُ ما ليس بمهموزٍ ومَدُّ ما ليس بممدود، فترجع الألفُ الواحدة ألفاتٍ، والواوُ الواحدة واواتٍ؛ فيؤدي ذلك إلى زيادة في القرآن، وذلك ممنوعٌ. وإن وافق ذلك موضع نبرٍ وهمزٍ صيَّروها نبراتٍ وهمزاتٍ، والنبرة حينما وقعت من الحروف فإنما هي همزةٌ واحدةٌ لا غير إما ممدودةٌ أو مقصورةٌ.
وروى عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: "قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في مسيرٍ له سورة الفتح على راحلته فرجع في قراءته"، وذكره البخاري، وقال في صفة الترجيع: آء آء آء ثلاث مرات.
قلنا: ذلك محمولٌ على إشباع المد في موضعه، ويحتمل أن يكون حكاية صوته عند هز الراحلة كما يعتري رافع صوته إذا كان راكبًا من انضغاط صوته وتقطيعه لأجل هز المركوب، وإذا احتمل هذا فلا حجة فيه، وقد خرّج أبو محمد عبد الغني بن سعيد الحافظ من حديث قتادة عن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أبيه رضي الله عنهم قال: "كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم المد ليس فيها ترجيع".

وروى ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مؤذن يطرب؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ الْأَذَانَ سَهْلٌ سَمْحٌ؛ فَإِنْ كَانَ أَذَانُكَ سَمْحًا سَهْلًا، وَإِلَّا فَلَا تُؤَذِّنْ» أخرجه الدارقطني في "سننه"، فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد منع ذلك في الأذان فأحرى أن لا يجوزه في القرآن الذي حفظه الرحمن؛ فقال وقوله الحق: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ [الحجر: 9]، وقال تعالى: ﴿لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾ [فصلت: 42]. قلت: وهذا الخلاف إنما هو ما دام يفهم معنى القرآن بترديد الأصوات وكثرة الترجيعات، فإن زاد الأمر على ذلك حتى لا يفهم معناه فذلك حرام بالاتفاق.
ذكر الإمام الحافظ أبو الحسين رزين وأبو عبد الله الترمذي الحكيم في "نوادر الأصول" من حديث حذيفة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «اقرأوا الْقُرْآن بِلُحُونِ الْعَرَب وَأَصْوَاتهَا، وَإِيَّاكُم وَلُحُون أهل الْعِشْق وَأهل الْكِتَابَيْنِ؛ فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قوم من بعدِي يرجعُونَ بِالْقُرْآنِ تَرْجِيع الْغناء والرهبانية وَالنوح لَا يُجَاوز حَنَاجِرهمْ، واللحون جمع لحن؛ وهو التطريب وتحسينه بالقراءة والشعر .

وسئلت أم سلمة رضي الله عنها عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟ فقالت: "ما لكم وصلاته؛ كان يصلي ثم ينام قدر ما صلى، ثم يصلي قدر ما نام، ثم ينام قدر ما صلى حتى يصبح" ثم نعتت قراءته فإذا هي تنعت قراءة ميسرة حرفًا حرفًا. أخرجه النسائي، وأبو داود، والترمذي، وقال هذا حديث حسن صحيح غريب. اهـ. انظر: مقدمة القرطبي في "تفسيره" (1/ 15-17، ط. دار

وأضافت الإفتاء قائلة: لذلك يجب عند قراءة القرآن مراعاة الرجوع إلى ما كان عليه الناس في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه والتابعين وليس فيها ترجيع أو غناء، وإذا كان المسلمون قد بدؤوا بعد المائة الأولى من الهجرة بأن عدلوا عن القراءة على هذا النحو فإن ذلك يعتبر بدعة في قراءة القرآن أي في أمر مرتبط ارتباطًا وثيقًا بكتاب الله الذي نزل على رسوله وسمعَهُ الرسول من الوحي، وقرأه عليه ونقله إلى أصحابه كما سمعه.

 

مقالات مشابهة

  • هذه الصلاة من أبرك الأعمال وأفضلها وأكثرها نفعا بالدين والدنيا.. داوم عليها
  • جمعة: "رسول الله ربّانا على القوة والمبادئ السامية"
  • كيفية إحسان الصلاة على سيدنا النبي عليه السلام
  • مفتاح الجنة: عبادة بسيطة تقربك من رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • احصل على ثواب صلاة الجماعة خلف رسول الله في دقائق.. اعرف هذه العبادة
  • حكم تلحين القرآن وتصويره تصويرًا فنيًا
  • علي جمعة: ما ترك لنا رسول الله طريقا يؤدي الى النار إلا وحذرنا منه
  • معنى قوله تعالى: ﴿يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ﴾ وسبب نزولها
  • تجلب الرزق وتمنع البؤس.. تعرف على فضل قراءة سورة الواقعة
  • مشروب محرم في الأفراح يخسف بك الأرض ويمسخك قردا أو خنزيرا.. فاحذره