بوابة الوفد:
2025-03-10@17:05:17 GMT

الصيام ووسطية الدين

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

إن العبد إذا أشرف نور الإيمان فى صدره استعذب الطاعة وحلا لقلبه نور العبادة ورايته يذهب يحمل نفسه بأكثر مما تطيق، والدين وهو الناظم لتكافل القوى بحيث لا تطغى قوة على قوة، ولا تضعف قوة تجاه قوة، لا يبيح للمتدين أن ينال من حقوق جسده، على حساب الاندفاع وراء العبادة، كما لا يسمح بأن يهضم عابد أو متحنث حقوق أهله على حساب دعوة الزهد والزهاد!

فالقوة الروحية فى نظر الدين مهما سمت وتغذت ما كان لها أن تهمل حق الجسد الترابى، أو تقصر فى حقوق الأهل والعيال، أو تختزل من واجبات الإنسان نحو المجتمع.

عن أنس – رضى الله عنه -: قال: جاء ثلاثة إلى بيوت أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسألون عن عبادته، فلما أخبروا كأنهم تقالوها قالوا أين نحن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؟ قال أحدهم أما أنا فأصلى الليل أبدا، وقال الآخر وأنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر وأنا أعتزل النساء ولا أتزوج أبداً! فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم- إليهم فقال أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إنى لأخشاكم الله وأتقاكم ولكنى أصوم وأفطر وأصلى وأرقد، وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتى فليس منى. أخرجه الشيخان والنسائى.

وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عثمان بن مظعون (وكان عثمان – عزم على نفسه – أن يقوم الليل كله ويصوم النهار ولا ينكح النساء)، فقال له رسول الله أرغبت عن سنتى؟ فقال عثمان لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب، فقال له النبى - صلى الله عليه وسلم - فإنى أنام وأصلى وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً فصم وأفطر وصل ونم. أخرجه أبو داود.

ودخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المسجد فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا؟ قالوا حبل لزينب فإذا فترت – يعنى تعبت من شدة العبادة والقيام – تعلقت به فقال لا حلوه ليصل أحدكم نشاطه، فإذا فتر فليقعد. أخرجه البخارى.

وعن أبى جحيفة – رضى الله عنه – قال آخى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين سلمان وأبى الدرداء -رضى الله عنهما – فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء مبتذلة فقال ما شأنك قالت أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة فى الدنيا، فجاءه أبو الدرداء فصنع له طعاماً وقال له كل فقال إنى صائم فقال سلمان: ما أنا بآكل حتى تأكل، فأكل فلما كان آخر الليل ذهب أبو الدرداء يقوم فقال: نم فنام، ثم ذهب ليقوم قال نم فنام، فلما كان فى آخر الليل قام سلمان: قم الآن، فصليا فقال له سلمان: إن لربك عليك حقاً، وإن لنفسك عليك حقاً ولأهلك عليك حقاً فأعط كل ذى حق حقه فذكر ذلك لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال صدق سلمان. أخرجه البخارى.

وعن عائشة – رضى الله عنها – قالت دخل علىّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعندى امرأة من بنى أسد فقال من هذه؟ قلت فلانة لا تنام الليل فقال مه، عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا، وكان أحب الدين إليه ما دام عليه صاحبه.

فالدين وإن عرف للروح حقها ونهى عن مادية متطرفة أهملت الخير والبر والنسك، نادى بنفس الوقت إلى طاعة وعبادة متزنة بحيث يرى من خلالها توزيع عادل للحقوق وانسجام محكم بديع بين مختلف القوى التى يتطلبها وجود الإنسانى فى هذا العالم الترابى.

وهو ينفى كل شذوذ لاتجاهات نفسية تسترت باسم العبادة والطاعة فلم يأذن لمتعبد ولا لمتحنث أن يخرج ببشريته عن سنة الله فى خليقته فأنكر المغالاة ودعا إلى القصد فى العبادة ضمن حدود الطاقة البشرية وإلى هذا يشير الحديث الشريف (لا تشددوا على أنفسكم فيشدد عليكم فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدد عليهم فتلك بقاياهم فى الصوامع والديار رهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم).

ويقول - صلى الله عليه وسلم - سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا، وشيئاً من الدلجة، والقصد القصد تبلغوا، واعلموا أنه لن يدخل أحدكم عمله الجنة قالوا: ولا أنت يا رسول الله قال: ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله تعالى بمغفرة ورحمة. وفى البخارى والنسائى أن هذا الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا. أخرجه الشيخان.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور الايمان رسول الله أبو داود صلى الله علیه وسلم رسول الله رضى الله الله عن

إقرأ أيضاً:

هل الاحتلام في رمضان يبطل الصيام ويوجب الكفارة والقضاء؟ الإفتاء تحسم الجدل

هل الاحتلام في نهار رمضان يفسد الصيام؟ يسأل كثير عن حكم الاحتلام في نهار رمضان، ورأى جمهور الفقهاء أنه لا يفسد الصيام، لأن الاحتلام يكون أثناء النوم، والإنسان لا دخل له فيما يرى من أحلام.

وأوضحت دار الإفتاء في فتوى لها، أن الاحتلام في النوم أثناء الصوم لا يفسده، وكل ما على الإنسان إذا استيقظ أن يغتسل حتى يصلي، ولو أخَّر الاغتسال حتى أذَّن المغرب فصومه صحيح أيضًا، والمبادرة إلى الغسل أولى وأحوط.

حكم الاحتلام في نهار رمضان

قال الشيخ أحمد ممدوح، مدير إدارة الأبحاث الشرعية بدار الإفتاء، إنَّ مَنِ احتلم وهو صائم، فليس عليه إثمٌ ولا كفارة، وصيامه صحيح، وعليه غُسْلُ الجنابة، إذا كان قد أنزل.

وأكد «ممدوح»، في إجابته عن سؤال “ما حكم الاحتلام في نهار رمضان”، أن تَجَنُّب الاحتلام ليس في طاقةَ الإنسان، ومِن المعلوم أن الله تبارك وتعالى لا يُكلِّف الإنسان ولا يؤاخذُهُ إلا بما يُطِيقه؛ كما قال تعالى: «لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا» [البقرة: 286].

واستدل بما روي وعن السيدة عائشة رضي الله عنها: «أن رجلًا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: "إني أُصْبِحُ جُنُبًا، وأنا أُريد الصيامَ"، فقال صلى الله عليه وسلم: "وأنا أُصْبُح جُنُبًا، وأنا أريد الصيام؛ فَأَغْتَسلُ وأصومُ، فقال الرجل: "يا رسول الله، إنك لست مِثْلَنا؛ قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر"، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله، وأَعلمَكم بما أَتَّبِعُ» (رواه مسلم وأبو داود) واللفظ له، ولكونه يقع منه أثناء النوم، وقد رُفِعَ عن النائمِ القلمُ حتى يستيقظَ.

آراء الفقهاء في صيام من احتلم في نهار رمضان


قالت دار الإفتاء، إن نظرًا لعظيم شأن الصوم ومكانته؛ فإنَّ الفقهاء قد تناولوا -عند تعرضهم لأحكام الصيام- كل ما يتعلق به من واجبات ومستحبات وسنن ومفسدات؛ فاتفقوا على جملة من هذه الأحكام، واختلفوا في البعض الآخر.

وأضافت دار الإفتاء: ومِن جملة ما اتفق عليه الفقهاءُ مِن أحكام الصيام: أنَّ الاحتلام أثناء النهار لا يفسد الصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ -أي: غير المتعمد-، وَالِاحْتِلَامُ، وَالْحِجَامَةُ» أخرجه الترمذي والنسائي والدارقطني في "السنن"، وأبو يعلى في "المسند"، وابن خزيمة في "الصحيح".

وتابعت: ولأنَّ الصوم إنما يبطل بارتكاب المفطرات عمدًا، والاحتلام ليس كذلك، ولا يُكَلَّف الصائم بتجنُّبه حال نومه، بل التكليف مرفوع عن النائم حتى يستيقظ؛ فعن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يكْبَرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ» أخرجه الطيالسي وأحمد وأبو يعلى في "المسند"، وأبو داود والنسائي وابن ماجه في "السنن"، والحاكم في "المستدرك" وصححه.

ونقلت قول العلامة المناوي في "فيض القدير" (4/ 35، ط. المكتبة التجارية الكبرى): [«رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثَةٍ» كناية عن عدم التكليف.. (عن النائم حتى يستيقظ) مِن نومه].وهذا ما نصَّ عليه فقهاء المذاهب الفقهية المتبوعة؛ بل نقلوا الإجماع على ذلك: قال الإمام السرخسي الحنفي في "المبسوط" (3/ 56): [وإن احتلم نهارًا لم يفطر]، وقال الإمام الكاساني الحنفي في "بدائع الصنائع" (2/ 91، ط. دار الكتب العلمية): [ولو احتلم في نهار رمضان فأنزل لم يفطره.. لأنه لا صنع له فيه فيكون كالناسي].

وعرضت قول العلامة أبو بكر الصقلي المالكي في "الجامع لمسائل المدونة" (3/ 1137، ط. دار الفكر): [قال عبد الوهاب: ومَن احتلم في نهار رمضان لم يُفسِد ذلك صومه، ولا قضاء عليه؛ لما روي: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمِ» فذكر الاحتلام، وللإجماع على أنَّ المراعاة في ذلك سببٌ يكون من المفطر، والاحتلام ليس من سببه].. وقال العلامة اللخمي المالكي في "التبصرة" (2/ 737، ط. أوقاف قطر): [ولا يفسد بالإنزال عن الاحتلام وإن كان ذلك ممَّا يُوجِبُ الغسل].

وقال العلامة العمراني الشافعي في "البيان" (3/ 509، ط. دار المنهاج): [وإن احتلم في نهار رمضان.. لم يفطر؛ لقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ: «ثَلَاثٌ لَا يُفَطِّرْنَ الصَّائِمَ: الْقَيْءُ، وَالْحِجَامَةُ، وَالِاحْتِلَامُ»، ولأنَّ هذا حصل بغير اختياره].. وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (6/ 322، ط. دار الفكر): [إذا احتلم فلا يفطر بالإجماع؛ لأنه مغلوب].

وأكملت: وقال العلامة ابن هُبَيرة الحنبلي في "اختلاف الأئمة" (1/ 248، ط. دار الكتب العلمية): [وَأَجْمعُوا على أَنَّ الصَّائِم إِذا نَام فِي يَوْمٍ من شهر رَمَضَان، فحلم فِي نَومه فأجنب؛ فَإِنَّهُ لَا يفْسد صَوْمه].

حكم صيام من احتلم في نهار رمضان

وأفادت: بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فإنَّ ما حدث لكَ من الاحتلام أثناء النوم في نهار رمضان والاستيقاظ على جنابة لا يترتب عليه فساد صومكَ، بل الصوم صحيح، ولا قضاء عليك؛ لأنَّ الصوم إنما يبطل بارتكاب المفطرات عمدًا، والاحتلام ليس كذلك، بل إنَّه لا حيلة في ردِّه، والاغتسال في هذه الحالة وإن كان واجبًا إلا أنَّه ليس شرطًا لصحة الصوم، وإنما هو شرط لصحة الصلاة ونحوها من العبادات التي تستلزم التطهّر من الجنابة.


هل يجوز تأخير الغسل من الاحتلام في رمضان؟
 

قالت دار الإفتاء المصرية، إن من أصبح وهو جنب في نهار رمضان فعليه أن يغتسل وصيامه صحيح.

وأضافت الإفتاء في إجابتها عن سؤال: «ما حكم صيام من أصبح وهو جنب في نهار رمضان؟»، أن من أصبح جنبًا فى رمضان وهو صائم ولم يغتسل إلا بعد طلوع الفجر، فإن صومه صحيح، وقد دلت على ذلك أحاديث كثيرة، فعن عائشة: «أن رجلًا قال: يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا تدركني الصلاة وأنا جنب فأصوم، فقال: لست مثلنا يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فقال: والله إني لأرجو أن أكون أخشاكم لله وأعلمكم بما أتقي». رواه أحمد ومسلم وأبو داود.

وتابعت: وعن عائشة وأم سلمة: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «كان يصبح جنبًا من جماع -غير احتلام-ـ ثم يصوم في رمضان» متفق عليه.

مقالات مشابهة

  • هل الغيبة والنميمة في نهار رمضان تبطل الصيام؟.. احذرها وسارع بالكفارة
  • غربال الثورة الناعم
  • للصائم دعوة لا ترد
  • هؤلاء المرضى يجوز لهم عدم الصيام في هذه الحالة.. تعرف عليهم
  • عمرو الورداني: استحضروا رسول الله في قلوبكم وراجعوا أمامه نياتكم في أفعال الخير
  • الذكرى تنفع المؤمنين.. هذا هو شهر رمضان
  • أنوار الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم
  • هل الاحتلام في رمضان يبطل الصيام ويوجب الكفارة والقضاء؟ الإفتاء تحسم الجدل
  • الحياء.. شعبة من الإيمان
  • شخصيات إسلامية.. أبو هريرة أكثر الصحابة رواية للحديث