لماذا انهارت خريطة الطريق الأممية في اليمن؟
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
يمن مونيتور/تقرير خاص
في أحدث إحاطة لمجلس الأمن الدولي بشأن اليمن اعترف المبعوث الأممي هانزغروندبيرغ بأن الخطة التي يعمل على صياغتها في اليمن لحل الصراع في اليمن تواجه تحديات جديدة عرقلت الخطة
وقال غروندبيرغ إنه كان يأمل أن يحل شهر رمضان وقد تم توقيع “اتفاق لوقف إطلاق النار في جميع أرجاء البلاد وتدابير لتحسين الظروف المعيشية في اليمن، وكنت آمل أن أحيطكم اليوم حول تحضيرات لعملية سياسية جامعة”.
وأضاف غروندبيرغ “كان يجب أن يكون موظفو القطاع العام في جميع أنحاء البلاد قد تقاضوا رواتبهم ومعاشاتهم التقاعدية، وكان من المفترض أن تستأنف صادرات النفط مما كان يمكن أن يسمح بتوفير الخدمات بفاعلية أكبر وبتحسين الظروف الاقتصادية، وكان ينبغي أن نتوصل لاتفاق آخر حول إطلاق سراح المحتجزين”.
وفي اعتراف يكاد يكون صريحا بأسباب انهيار خطة الطريق قال غروندبيرغ “مع تداخل المزيد من المصالح، يزداد احتمال تغيير أطراف النزاع في اليمن لحساباتها وأجنداتها التفاوضية”.
واعترف أن الانهيار قد لا يتوقف عند حد معين “السيناريو الأسوأ، قد تقرر الأطراف الانخراط في مغامرة عسكرية محفوفة بالمخاطر تعيد اليمن إلى حلقة جديدة من الحرب”.
غروندبيرغ قدم خطة للسلام في اليمن تعرف بخريطة الطريق في ديسمبر الماضي بعد مشاورات مكثفة في إيران والسعودية والإمارات وسلطنة عمان ودول أخرى و “ستشمل من بين عناصر أخرى، التزام الأطراف بتنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد، ودفع جميع رواتب القطاع العام، واستئناف صادرات النفط، وفتح الطرق في تعز وأجزاء أخرى من اليمن، ومواصلة تخفيف القيود المفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة. ستنشئ خارطة الطريق أيضا آليات للتنفيذ وستعد لعملية سياسية يقودها اليمنيون برعاية الأمم المتحدة”.
بالنسبة للمبعوث غروندبيرغ يظل استمراره في عمله أولوية له رغم تعثر محاولاته في الوصول إلى حل حيث قال في إحاطته أمام مجلس الأمن 14 مارس “جهودنا من أجل وضع الصيغة النهائية لخارطة الطريق الأممية وتنفيذها تظل مستمرة دون انقطاع مع الشعور بنفاد الصبر في سبيل تحقيق هذه التطلعات”.
لماذا انهارت الخطة أو لم تتقدم؟
في المؤتمر الصحفي الذي عقده غروندبيرغ بعد انتهاء جلسة مجلس الأمن قال إن عدة أسباب تعقد التقدم في المفاوضات أولها أنه لا يوجد اتفاق موقع لوقف إطلاق النار، والوضع هش، وهناك تحركات عسكرية على عدة جبهات.
وأضاف التصعيد في البحر الأحمر يعقد المفاوضات “الواضح أن الوضع في البحر الأحمر هو مسألة ذات أولوية في الوقت الحالي، حيث يجب تسويته وهو يؤثر على المنطقة، بل له تأثيرا عالميا”. في اتهام غير مباشر بأن الحوثيين يعقدون المفاوضات، أو أنها لم تعد لها أولوية في الوقت الحالي لديهم، خاصة مع الغارات الأمريكية على مواقع الحوثيين .
المناشدات الحكومية التي أطلقتها الحكومة المعترف بها دوليا لتعزيزها مقابل ردع مليشيا الحوثي في البحر الأحمر لم تلق آذانا صاغية من أي جهة سواء الإقليمية العربية أو الدولية، بالتزامن مع ضعف حكومي هائل وغياب دائم لمجلس قيادتها عن البلاد، واستمرار النزاع السعودي الإماراتي، في تلك المناطق، مع قلة الموارد الحكومية جراء حظر تصدير النفط وحظر استيراد الغاز المنتج في مأرب إلى مناطق سيطرة الحوثيين.
ومع أن كلا من الحوثي والمبعوث الأممي، والولايات المتحدة يرون أن خطة السلام في اليمن منفصلة عن الهجمات الحوثية البحرية، إلا أن تلك المزاعم غير صحيحة، وقد اعترف المبعوث الأممي بأنه ينعكس على تعقيد الأوضاع في اليمن أكثر من أي وقت مضى، وقد تتغير الحسابات لدرجة العودة إلى الحرب. بالمقابل، لم يقدم الحوثيون تفسيرا واضحا لعدم التقدم في مفاوضات خريطة الطريق، ويقولون إن الولايات المتحدة هي التي تمنع ذلك التقدم، دون أن يحددوا بالضبط ما الدور المعطل الذي قامت به الولايات المتحدة…
ارتفاع سقف المطالب الحوثية في خريطة الطريق:
في حديث مع مجلة ذي أتلانتك قال عضو الوفد الحوثي المفاوض عبد الملك العجري إن أي اتفاق مقبل مع القوى اليمينة لن يحد من صلاحية وسلطات عبد الملك الحوثي وأنه سيكون لديه السلطة العليا في اليمن باتفاق أو بدونه، وأن وضع عبد الملك الحوثي سيكون أقوى من وضع الخامنئي قائد الثورة في إيران الذي يحوز معظم صلاحيات إدارة الدولة هناك رغم أن العجري عاد لاحقا ونفى أن يكون قال ذلك الكلام بالنص، وأنه يقصد أن زعامة عبد الملك الحوثي ونفوذه شعبي أقوى من أي قوة أخرى وأن ذلك لن يكون محل نقاش وأن تأثيره لن يكون مقتصرا على اليمنيين فقط بل قائدا إقليميا على المنطقة كلها.
وعند العودة إلى خريطة الطريق بدأ الحوثيون يطرحون أن بعض بنود مفاوضات خريطة الطريق قد عفي عليها الزمن، مثل بند تخفيف القيود على حركة الموانئ في الحديدة، إذ سيحل بدلا منها معادلة حرية الملاحة إلى مواني جدة والمواني السعودية مقابل حرية الملاحة والحركة التجارية إلى موانئ الحديدة.
ويستند الحوثيون في تطلعاتهم هذه إلى أن هجماتهم الملاحية البحرية لم تلق ردا مؤلما من جانب الولايات المتحدة، وبالتالي لن تكون السعودية أيضا قادرة على إلحاق ذلك الرد، بالإضافة إلى اعتقادهم أن الانتخابات الأمريكية التي تجري نهاية العام الجاري لن تمنح واشنطن الذهاب في خيارات تصعيد أقوى ضد الحوثيين وفق ما قاله خليل العمري الصحفي الحوثي في صنعاء.
مفاوضات أمريكية مع إيران بشأن هجمات البحر الأحمر:
يؤكد الحوثيون في كل أحاديثهم أن الهجمات التي يشنونها في البحر الأحمر بتنسيق كامل ومتواصل مع إيران ومحورها الذي يسمونه محور المقاومة، وتشيد إيران بهجمات الحوثيين، وتمدهم بالأسلحة والصواريخ والخبرات اللازمة لتنفيذها بما فيها المعلومات الاستخباراتية الدقيقة للسفن وحركاتها ووجهاتها وملاكها ومشغليها.
واعترافا بهذه الحقائق كشفت صحف غربية أن الولايات المتحدة أجرت بوساطة عمانية مفاوضات مع إيران للحد من الهجمات الحوثية التي تستهدف الملاحة البحرية، لكن تلك المفاوضات لم تؤد إلى نتيجة حتى الآن.
المفاوضات الأمريكية مع إيران تؤكد استمرار الموقف الأمريكي الذي أعلنه ليندركينغ في آخر شهادة له أمام لجنة بمجلس النواب الأمريكي أن موقفهم ما زال ذات أولوية قصوى لتحقيق السلام في اليمن، بالنهج القائم. أي ذلك النهج الذي أدى وفق الحكومة اليمنية وخبراء محليين ودوليين إلى تعظيم المصالح الحوثية، على حساب الحكومة والشعب اليمني.
وأبرز تلك المكاسب التي انتزعها الحوثي في تلك المفاوضات كانت بمنع تصدير النفط اليمني إلا باشتراط اقتسامه لتمويل مقاتليه، قبل صرف تلك العائدات على الموظفين المقطوعة رواتبهم منذ سنوات، وهو الأمر الذي أعلنه صراحة مهدي المشاط في وقت سابق السنة الماضية، بالإضافة إلى رفض تقاسم الموارد التي يجنيها الحوثي من مواني الحديدة والضرائب والجمارك والموارد المالية الأخرى في مناطق سيطرته.
تعزيز العمق الاستراتيجي لإيران:
قال مستشار المرشد الإيراني وقائد الحرس الثوري السابق رحيم صفوي إن العمق الإيراني امتد ليشمل البحر الأحمر و5000 كم خارج مناطق إيران. وكان مسؤولون إيرانيون قد قالوا قبيل الغارات الأمريكية إن جنوب البحر الأحمر مقابل اليمن منطقة انتشار للقوات البحرية الإيرانية ولن يكون بمقدور أي قوة تنتشر هناك.
ويشير مراقبون إلى أن إدخال البحر الأحمر إلى العمق الاستراتيجي لإيران إلى أن طهران ستقوم بصياغة خطط استراتيجية طويلة المدى لتعزيز وجودها هناك، وسيؤدي ذلك بطهران إلى استغلال حالات عدم الاستقرار والاضطرابات، وتوسيع دعم وكفالة الفاعلين غير الحكوميين لتعزيز الدور الإقليمي، والتأثير على ديناميات الأمن للمناطق المتصلة ومواجهة المنافسين والخصوم عبر الحوثيين لترسيخ نفوذها وتوسيع سيطرتها في شبه الجزيرة العربية، شرق وشمال إفريقيا وعلى خطوط الملاحة الدولية ومعادلات الأمن الإقليمي والدولي.
انسحاب السعودية والإمارات:
بينما كانت تهدف السعودية والإمارات عبر الحرب قبل توقفها وانسحابها إلى الحفاظ على مصالحهما في اليمن، ومن ثم عبر الاتفاقات الثنائية مع إيران خاصة الاتفاق السعودي الإيراني بوساطة صينية للحفاظ على تلك المصالح مع اعتراف وتسليم كامل بنفوذ إيران في شمالي اليمن، فإن الهجمات الملاحية البحرية التي يشنها الحوثي تخلق واقعا جديدا يتخطى فيه المصالح العربية السعودية والإماراتية في اليمن، وفي جنوبه بشكل خاص.
ويشير خبراء إلى أن الأحداث الأخيرة في البحر الأحمر والبحر العربي أثبتت أن لدى الحوثيين وإيران قدرة على تجاوز مصالح الدولتين في جنوبي اليمن، بدون أن تستطيع الرياض وأبو ظبي حمايتها، وأن التنازلات التي كانت تقدمها الدولتين لإيران عبر المفاوضات مع الحوثي في اليمن، لم تعد مهمة أو غير كافية منذ بدء الهجمات الحوثية .
ومع أن المملكة تعول على الاتفاق السعودي الإيراني لاستمرار الهدنة في اليمن، فمن المتوقع أن انهيار خريطة الطريق الأممية قبل أن تبدأ، أو تعثر تلك الخريطة عن التقدم، لن يشمل بالضرورة عودة الهجمات الحوثية على السعودية، واقتصارها فقط على المحافظات اليمنية تحت سيطرة الحكومة…
المصدر: يمن مونيتور
كلمات دلالية: اليمن غروندبرغ الولایات المتحدة الهجمات الحوثیة فی البحر الأحمر خریطة الطریق الحوثی فی عبد الملک مع إیران فی الیمن إلى أن
إقرأ أيضاً:
اليمن يساند “غزة” رغم الاعتداءات والتهديدات، وفشل مركّب لأمريكا والصهاينة
يمانيون../
عدوان أمريكي جديد على العاصمة صنعاء، وذلك بعد ساعات من إعلان القوات المسلحة اليمنية ضرب هدف عسكري للعدو الإسرائيلي في منطقة يافا المحتلة بصاروخ باليستي فرط صوتي نوع “فلسطين٢”؛ انتصاراً لمظلومية الشعب الفلسطيني وردا على جرائم حرب الإبادة والتجويع بحق سكان قطاع غزة منذ ما يزيد عن عام وثلاثة أشهر.
المأزق الأمريكي واضح، والاعتداءات المتواصلة على اليمن دون أي نتيجة تذكر دليل على فشل مركب للجيش الأمريكي في إدارة المعركة وإنهاء “التهديدات”، إن على صعيد محاولات وقف العمليات البحرية التي تستهدف السفن المشمولة بقرار حظر الوصول إلى موانئ فلسطين المحتلة أو لجهة الحد من عمليات إسناد الشعب الفلسطيني في عمق الكيان الصهيوني الغاصب.
هل استنفدت أمريكا بنك أهدافها في اليمن؟
وبعد عام من المواجهة، يبدو أن الولايات المتحدة” استنفدت بنك أهدافها رغم ما صاحب ذلك من جهود شاقة وغير مجدية في جمع المعلومات وتحديث البيانات لا سيما مع تهاوي طائرات “إم كيو ناين” التجسسية. وعلى الرغم من ذلك، يتجه الجيش الأمريكي نحو البحث عن إنجازات دعائية باستهدافه مقرات سيادية كمقر وزارة الدفاع أكثر منها بنية تحتية عملياتية..
وبادعاء قصف مركز لتنسيق الهجمات على سفن أمريكية بجنوب البحر الأحمر وخليج عدن، تسقط واشنطن سرديتها السابقة وتنعى كل “إنجازاتها”، بدءا بمزاعم استهداف قواعد إطلاق الطائرات المسيرة والصواريخ والزوارق البحرية، قبل أن تشكل خطرا على ما أسموه الملاحة الدولية، وليس انتهاء بتدمير أماكن صناعة وتجميع هذه القدرات.
سيكون محرجا للولايات المتحدة في قادم الأيام لو نفذت القوات البحرية عملية نوعية ضد أي من السفن المرتبطة والمتعاونة مع كيان العدو وستفعل ذلك لكن المحرج أكثر لو عادت الاشتباكات المؤثرة مع أي من المدمرات الأمريكية في حال عودتها إلى البحر الأحمر وساحة الاشتباك بناء على هذه الحسابات والتقديرات.
تراكم الفشل يصنع موجة من التخبط والبدائل العقيمة
تراكم الفشل في اليمن وضع كيان العدو الإسرائيلي ومعه الولايات المتحدة أمام خيارات أكثر عدوانية، وهذا ما بات معلنا وسط دوامة من التخبط يعيشها البيت الأبيض لتحديد وسائل المواجهة وطريقة إدارتها.
بالنسبة للعدو الإسرائيلي فأثر العمليات اليمنية واضح، والتحريض قائم لتبني موجة جديدة من الاعتداءات على الشعب اليمني ومقدراته، إذ تشير “هيئة البث” الإسرائيلية إلى أن هناك إجماع كامل في المؤسسة الأمنية على “مهاجمة اليمن” لملاحظتهم أن اليمنيين أخذوا على عاتقهم مسؤولية مواصلة الهجمات على “إسرائيل”.
التقديرات الصهيونية تشير إلى إطلاق نحو عشرة صواريخ باليستية وطائرات بدون طيار على الأراضي المحتلة منذ بداية نوفمبر، بما في ذلك العديد منها خلال الأسبوعين الماضيين فقط، وهذا مؤشر على زيادة العمليات المساندة، مع الإقرار بالفشل في الرد عليها والتصدي لبعضها، حتى مع استخدام نظام الدفاع الصاروخي “حيتس” الذي يصل ثمن الصاروخ الإعتراضي منه نحو 3 ملايين دولار.
وفي حين أن خيارات الصهاينة محدودة في اليمن، إلا أن واشنطن تعمل على أكثر من اتجاه للحفاظ على مصالحها وأمن الكيان الصهيوني.
بالحصار، وتصنيف “الإرهاب” أمريكا تساوم اليمن مجددا
منذ بدء العدوان على اليمن قبل عقد من الزمن استخدمت واشنطن كل أوراق الضغط العسكري والسياسي والإنساني لكسر صمود وإرادة الشعب اليمني؛ لحمله على الاستسلام والقبول بالشروط والاملاءات الأجنبية، ومن الوسائل المجربة تشديد الحصار على موانئ الحديدة.
ومع تخفيف القيود على الميناء خلال العامين الماضيين؛ تنفيذا لاستحقاق التهدئة، عادت واشنطن لتشهر سلاح الحصار والأزمات كورقة ضغط على صنعاء؛ لثنيها وتراجعها عن دعم وإسناد غزة من خلال المساعي الحثيثة للحصول على دعم عالمي لمنح الأمم المتحدة صلاحيات أكثر لاعتراض السفن في البحر الأحمر المتجهة إلى ميناء الحديدة الذي يعد شريان الحياة لأكثر من ثلثي سكان اليمن، وعرقلة وصول الإمدادات الغذائية والدوائية والنفطية كجزء من محاولة جديدة يجري التنسيق لها مع دول غربية أخرى ؛ لإضعاف من أسموهم “الحوثيين”، وفقًا لتصريحات المندوبة الأمريكية في الأمم المتحدة والمبعوث الخاص الأمريكي تيموثي ليندر كينغ الذي لوح بإعادة تصنيف اليمنيين كجماعة “إرهابية” وهي المعايير الأمريكية المتقلبة وفقا لأجندة البيت الأبيض ومصالحه.
قائد قوات الأسطول الأمريكي الخامس “الأدميرال داريل كودل” أكد حقيقة توجه بلاده العدائي ضد اليمن بحديثه عن ضرورة منع تدفق الصواريخ والطائرات بدون طيار والأسلحة والأجزاء الأخرى من إيران إلى اليمن كمفتاح للحفاظ على ما أسماه أمن مضيق باب المندب وخليج عدن والبحر الأحمر للشحن التجاري، وهي الذريعة التي تحتاجها واشنطن في هذه المرحلة؛ لإحكام السيطرة على مضيق باب المندب في ظل تراجع حضورها والإقرار من المسؤول ذاته باتخاذ مئات السفن التجارية، وخاصة أكبر شركات نقل الحاويات، الطريق الأطول حول إفريقيا لضمان التسليم من وإلى أوروبا وآسيا بدلاً من المخاطرة بالتعرض لهجمات على الطريق الأقصر إلى قناة السويس.
الفشل في حماية الملاحة الصهيونية
همًّ أمريكي بريطاني مشترك
إلى مزيد من الفشل انتهت عمليات التحالف الأمريكي البريطاني “حارس الازدهار” في اليمن، والحال ذاته ينسحب على التحالف الأوروبي، “أسبيدس” وهو ما جعل قدرة هذه التحالفات على طمأنة شركات الملاحة الدولية لعودة حركة المرور في البحر الأحمر إلى مستويات ما قبل شهر نوفمبر العام الماضي محل شك وسخرية لدى البعض مع ما تشكله الحاجة إلى الحفاظ على سلامة الأصول البحرية من عبئ كبير لأمريكا وشركائها، فضلا عن تكلفة استنزاف أنظمة أسلحتها ضد الصواريخ والطائرات اليمنية.
مايك بومبيو وزير خارجية ترامب سابقا سخر من إدارة بايدن في معرض تعليقه على فشلها البحري بالإشارة إلى استمرار إطلاق الصواريخ على كيان العدو، واستهداف المصالح الأمريكية في “الشرق الأوسط”، معتبرا الفشل في ردع اليمن بالمحرج للغاية.
وزارة الحرب البريطانية هي الأخرى تواجه سيلا من الانتقادات على عملية البحر الأحمر باعتبار إجراءاتها ضد اليمن غير ناجحة وتأثيرها الضئيل.
في ورقة بحثية بعنوان “الملاحة في المياه المضطربة ذكرت “مؤسسة IISS” أن التدخل البريطاني والأمريكي في إطار عملية “حارس الازدهار” لا ينبغي اعتباره ناجحًا بسبب استمرار الهجمات طوال العام، وعدم عودة الشحن إلى مستوياته قبل العمليات اليمنية.
ما ركّزت عليه الورقة أيضا أنه وعلى الرغم من مزاعم إحباط العديد من العمليات البحرية إلا أنها استمرّت بمعدل ثابت منذ بدء عمليات الاعتراض وبوتيرة أعلى خلال الأسابيع الماضية.
مساع أمريكية لإعادة انتاج الأدوات المحلية
خلف ستار “العمل العسكري” في اليمن محدود وليس كافيا لطمأنة خطوط الشحن لعودة حركة المرور في البحر الأحمر؛ تحاول الولايات المتحدة أن تتهرب من واقع الإخفاق، ومن هذا المنطلق تسعى جاهدة لتوريط المزيد من الدول وإعادة انتاج الأدوات المحلية وتشكيلات مرتزقتهم المنضوين تحت العباءة السعودية أو الإماراتية.
سفير واشنطن ستيفن فاحن يقود حملة تحريضية ضد صنعاء في الداخل بلقاءات مع قيادات المرتزقة بعناوين مستهلكة وبالية ولم تعد تنطلي على أحد؛ نتيجة الاصطفاف الصارخ مع كيان العدو مع إيمانه بأن هذا الرهان خاسر ولا يبنى عليه.
الأمريكي للصهاينة عن عمليات الإسناد:
إنها مشكلة وحالة متأصلة لا يمكن القضاء عليها
من جرائم حرب الإبادة الجماعية في غزة؛ يهدف العدو إلى استعادة هيبته التي تضعضعت في السابع من أكتوبر، وخلق حالة من الخوف والرعب تتجاوز الشعب الفلسطيني إلى كل الشعوب العربية والإسلامية، لكن هذا الهدف لا يبدو أنه ترك أثرا سوى على الأنظمة المطبعة، إذ تواصل فصائل المقاومة الفلسطينية جهادها واستبسالها ومواجه الكيان؛ إصرارا يمنيا على دعم غزة ولا أمل في كسره أو تطويعه، مع قدرة أربكت حسابات العدو في استمرار القدرات اليمنية في جهودها العسكرية وتطوير وسائلها القتالية، والتكيف مع كل أشكال العدوان التي يشنها الصهاينة والولايات المتحدة وبريطانيا.
وفي ظل التهديدات بضرب الأصول والبنى التحتية في اليمن، تجمع الأوساط الصهيونية بأن ذلك لن يوقف النيران اليمنية؛ لعناد اليمنيين وعقليتهم المختلفة في عدم الاستسلام مهما كان الثمن، وهذا ما خبره واستنتجه الأمريكي ونقله إلى المسؤولين الصهاينة في بداية الحرب بقوله عن المساندة اليمنية البحرية لغزة وفق خبير عسكري إسرائيلي ” إنها مشكلة وحالة متأصلة لا يمكن التخلص منها” .
وما يزيد الأجواء قتامة في “تل أبيب” هي توقعات خبراء للعدو بأن الجبهة اليمينة ستكون أكثر حضورا وتعقيدا في وجه الكيان الصهيوني؛ لتأثير اليمن المتعاظم في المنطقة، وتحرك مسارات الملاحة وفق إرادته.
موقع أنصار الله إسماعيل المحاقري