صحيفة عاجل:
2024-11-05@13:46:54 GMT

ذكريات الماضي تجدد حضورها في رمضان جدة

تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT

جرت العادة أن تحضر تفاصيل الحياة القديمة بكافة جوانبها الاجتماعية والثقافية وحتى الاقتصادية، بين جنبات مدينة جدة في شهر رمضان المبارك، إذ تعج أشهر مناطقها بالعديد من المظاهر المرتبطة في الذاكرة والتي تجد في الأجواء الرمضانية بوابة تخترق من خلالها أذهان الأهالي كل عام.

وتحضر المأكولات والمشروبات التراثية بين أزقة المنطقة التاريخية، من خلال أبناء جدة وفتياتها، ممن يروّجون لبيعها بطرق تقليدية قديمة لا تخلو من الأهازيج الشعبية التي يتوارثونها أبًا عن جد، إذ تنتعش بسطات الكبدة والبليلة والبطاطس، في حين تتصدر "السوبيا" المشهد مع مشروبات أخرى متنوعة.

وللحياة الاجتماعية القديمة، نصيب كبير من الأجواء الرمضانية بجدة، حيث تبرز الموائد القديمة كفعاليات تشهدها مناطق متفرقة في جدة، إلى جانب استعراض العادات المنتشرة بين المجتمعات الجداوية القديمة والتي لا تزال مستمرة حتى الآن وإن اختلفت وسائلها وأساليبها ومسمياتها.

كما يرى المتجول بين أرجاء جدة في رمضان، البصمة الاقتصادية الواضحة على أهلها، فتبرز عروض المهن والحرف القديمة في فعاليات متعددة، فضلًا عن محاكاة "دكاكين رمضان القديمة"، من خلال بازارات متنوعة تقدّم تجربة ثقافية فريدة من نوعها، والتي تهدف في مجملها إلى إعادة إحياء التقاليد الرمضانية الأصيلة.

وتكتمل الأجواء الرمضانية في جدة، بالجلسات البسيطة المستقاة من المجتمع المحلي في الحقب الزمنية القديمة، والتي تنتشر في مرافق عامة مختلفة، حيث توفر أمام زوارها فرصة الانغماس في لعب الألعاب الشعبية، من ضمنها الكيرم والفرفيرة وغيرها.

المصدر: صحيفة عاجل

كلمات دلالية: جدة شهر رمضان

إقرأ أيضاً:

من ذكريات نوفمبر

 

علي بن سالم كفيتان

قرية هادئة في ريف ظفار الحالم.. الصباح كالعادة يبدأ قبل شروق الشمس بتوقيت الريفيين لتدب الحياة في المكان، مع تصاعد الأدخنة من أفنية الحظائر؛ لتطرد الحشرات والأرواح الشريرة- كما يعتقد الرعاة الأوائل- وتخرج القطعان من بيوت الحجر والطين وجذوع الأشجار وتعزف ثُغاء الأمهات الصباحي، وترد عليها العجول المتشوقة لحليب الضرع الدافئ.

هناك نساء من ذلك الزمن يتحسسن كل شيء، ابتداءً من مهمة تجهيز العلف وأواني الحلب وحبل توثيق أرجل الأبقار (محزيج) قبل نزول سيد المكان؛ للبدء في طقوس الإنتاج اليومي للسلعة الرئيسية للأسرة الريفية (الحليب)، بينما يفوج ذلك الطفل الصغير العجول الواحد تلو الآخر للساحة، ليندفع مسرعًا إلى حضن أمه، ويرشف على عجل ما استطاع من حليبها، وبعد استدرار عاطفتها وامتلاء ضرعها، تأتي يد تجر ذلك المسكين إلى حيث كان مع لقمة من الطحين المخلوط بالعلف، تعويضًا عن الحرمان، بينما تنطلق البقرة إلى حظيرة الإنتاج ليمسدها ذلك الرجل المعضل إلى سطل، وهو يعزف سيمفونية السطل المتلقي لزخات الحليب وصوتاً يصدره من فمه يتناغم مع العملية، بينما البقرة يغوص رأسها في الحوض ملتهمة بشراهة العلف؛ فالوقت من ذهب في هذه اللحظات للعجل والبقرة والراعي.

بعدها يبسط رداء الشمس ضياءه تدريجيا على القرية وتتصاعد الأصوات من بيوتها وحظائرها، وفي غضون ساعة ترى النساء وهن يقفلن عائدات إلى المنازل، وقدور الحليب الممتلئة على رؤوسهن، والرجال يتوجهون إلى خزان الماء (تانكي) لغسل وجوههم وأيديهم وأرجلهم؛ لتأتي البنت حاملة معها ملابس نظيفة للأب المتحفز للذهاب إلى الفرقة (مراكز الفرق الوطنية في جبال ظفار) مبكرا، وتوصيل الطلبة للمدرسة. يتم إشعال محرك السيارة وتترك لتحتر حسب الطقس اليومي، بينما يرتشف الراعي كوب حليب ساخن بجوارها ويتهادى الطلبة والطالبات إلى الصندوق الخلفي للسيارة المغطى بطربال كاكي.

في نوفمبر، تحرص الأمهات على أن يبدو أبناؤهن الذاهبون للمدرسة في أبهى حلة، فهناك احتفال قادم بعد أيام تتجهز له كل القرى في هذه الجبال. يصعد الجميع إلى السيارة ويختفي أزيزها رويدا رويدا بين بيوت الحجر والوهاد البعيدة،  لتسكن القرية مجددًا وتعود النساء إلى أعمالهن المعتادة في رعاية الصغار وإدارة الحظائر وسقي العجول، بينما يتولى شيبان القرية اصطحاب القطعان إلى المراعي ومورد الماء، مرددين معزوفة "يا يا يا" وهي صيحات تحفز الأبقار على الذهاب إلى المرعى. بعده تخلو القرية من معظم ساكنيها؛ لتبدأ الريح الشمالية إطلاق نسماتها الباردة، معلنة قدوم بوادر الشتاء والعيد الوطني.

تصطف سيارات نقل الطلبة أمام المدرسة الرابضة في المركز الإداري إلى جوار المسجد الجامع والمركز الصحي ومكتب ممثل الوالي، ويتوسط المكان السوق التجاري الذي يفد إليه الجميع متحلقين، وهم يتناولون أطراف الحديث عن أخبارهم اليومية وأحوال مراعيهم وما يستجد من أمور حياتهم. وفي خضم المشهد يتصاعد النشيد الوطني من عُمق المدرسة (يا عمان نحن من عهد النبي.. أوفياء من كرام العربِ)؛ ليتوافد الناس بعدها إلى سبلة ممثل الوالي لتناول القهوة والتمر والتباحث في شؤونهم العامة مع المسؤول الأول عن المكان، وزواره من أعضاء لجان الخدمات الحكومية والخاصة. وعندما تنطلق الفسحة يتراكض الطلبة إلى الدكاكين ويحتلون ردهات السوق التجاري للقرية وأشجار الظل الممتدة حوله، ويذهب الكبار لاستكمال حديثهم في مركز الفرقة الوطنية وتناول وجبة الغداء. كل ذلك كان يشكل المشهد اليومي لهؤلاء القرويين القادمين من أتون الثورة وتجلياتها الصانعين لمشهد السلام والاستقرار، بقيادة رجل عظيم عرف كيف يسوس المرحلة ويبنى وطنًا للجميع.

في صبيحة العيد الوطني الموافق 18 من نوفمبر، تتوشح الأرض برداء الحب والولاء للسلطان، ويتوافد الجميع في أبهى حلة إلى المركز الإداري، بمن فيهم النساء والأطفال. يصطف ممثل الوالي وكبار الشيوخ والأعيان في خيمة بساحة الاحتفال، وتدخل جموع الهبايب (مفردها هبوت؛ وهو فن رجالي يؤدى في الاحتفالات الوطنية والمناسبات العامة) إلى المكان، وبعدها ينتظم الطلبة والطالبات مع معلميهم في أرتال ترفع صورة القائد وعلم عمان وصيحات "بالروح بالدم نفديك يا قابوس"، إلى ميدان الاحتفال؛ لتتصاعد زغاريد الفرح من جموع النساء مع الهبايب وصيحات الولاء للسلطان من أبنائه الطلبة والطالبات.

ويتخيل لي اليوم بعد مرور 54 عامًا، أن السفوح والهضاب المجاورة للمكان ما تزال تردد النشيد الخالد لروح القائد العظيم، عليه رحمة الله، بعد أن هجر الناس المراكز الإدارية، واستوطنت الاحتفالات قاعات المدارس.

حفظ الله بلادي.

رابط مختصر

مقالات مشابهة

  • «الزراعة»: الأجواء المناخية الحالية إيجابية.. ويجب الالتزام بالخريطة الصنفية
  • الزراعة توجه مناشدة عاجلة للمزارعين بسبب الأجواء المناخية
  • تراجع فرص الأمطار على البلاد وعودة الأجواء الحارة | تفاصيل طقس اليوم
  • محمد رجب لـ«الأسبوع»: «الحلانجي» يعيدني إلى الدراما الرمضانية.. و«كوكتيل» فيلمي الجديد في السينما
  • طقس الاثنين..سحب واستمرار الأجواء الباردة
  • تحذيرات من الأجواء الباردة في صعدة وصنعاء وذمار
  • من ذكريات نوفمبر
  • الأرصاد يحذر المواطنين من الأجواء الباردة خلال الليل والصباح الباكر
  • زخات من الأمطار ما بعد الظهر تتركز شمال المملكة
  • الأرصاد يكشف حالة الطقس المتوقعة خلال 24 ساعة