الهويَّة الفلسطينيَّة في ظل التغيّرات التي طرأت عليها بفعل الحروب.. دراسة جديدة
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
عاش الفلسطينيون بفعل المشروع الاستعماري الصهيوني على أرض فلسطين التَّاريخية والنكبة سنة 1948 حالة تشتت جغرافي، مما اضطرهم لإعادة تشكيل وجودهم في واقع متباين سياسياً وثقافياً واجتماعياً تبعاً لأماكن وجودهم، سواءً في الدِّاخل الفلسطيني (فلسطينيي 1948)، أم في مناطق السُّلطة الفلسطينيَّة (الضفة الغربيَّة، وقطاع غزة)، أو خارج فلسطين في الشَّتات في دول العالم ودول اللجوء الكبرى (سورية، والأردن، ولبنان)، إضافةً إلى عدم تبلور مفهوم الهويَّة وضياعه بين أبعادها الدِّينية والقوميَّة والسِّياسية والاجتماعيَّة، وذلك لغياب إطار سياسي وجغرافي جامع وحامل لها.
وأتت الانتفاضات والحروب وموجات التهجير التي مرّ بها الفلسطينيون في مختلف أماكن وجودهم ومراحل تاريخهم، وما أحدثته من تغيّرات اجتماعيَّة وسياسية، لتلقي بظلالها وتترك أثرها على الهويَّة الفلسطينيَّة، التي تُعدُّ موضوعاً إشكالياً نظراً لتعقيدها وتشابك عناصرها وأبعادها.
وقد أصدر مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات دراسة علميّة محكّمة تحت عنوان: "الهويَّة الفلسطينيَّة لدى فلسطينيي سوريا في ظل التَّغيرات التي فرضتها الحرب السُّورية: دراسة لوجهات نظر الشّباب الفلسطيني داخل سورية"، وهي من إعداد الباحثة الأستاذة حنين عمر مراد.
أتت الانتفاضات والحروب وموجات التهجير التي مرّ بها الفلسطينيون في مختلف أماكن وجودهم ومراحل تاريخهم، وما أحدثته من تغيّرات اجتماعيَّة وسياسية، لتلقي بظلالها وتترك أثرها على الهويَّة الفلسطينيَّة، التي تُعدُّ موضوعاً إشكالياً نظراً لتعقيدها وتشابك عناصرها وأبعادها.وتبحث الدراسة الهويَّة الفلسطينيَّة لدى اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، ومدى تغيرها وتفاعلها مع الأوضاع الجديدة التي عايشها الفلسطينيون هناك، وقد عانوا ما عاناه الشَّعب السُّوري من ويلات الحرب وتداعياتها على مختلف مناحي الحياة وجوانبها، إذ نزح معظمهم مرة واحدة على الأقل داخل سوريّة، مع نزوح بعضهم عدة مرات، حيث نزح 280 ألف لاجئ داخل سورية، وتكبدوا مشقة التهجير والانتقال لمناطق جديدة. وكذلك نزح 120 ألف آخرين إلى البلدان المجاورة وبشكل متزايد إلى أوروبا، وقد استُثنوا من هذه الدِّراسة وذلك لاختلاف ظروفهم والسّياقات المتواجدين بها.
وتم تحديد الشّباب المتواجدين داخل سوريا كعينة لهذه الدِّراسة، إذ أنهم يشكِّلون أبرز الفئات المتأثرة بالحرب وتداعياتها، فقد تكبدوا الخسائر والمشقات، وما نتج عنها من تفككٍ اقتصادي واجتماعي؛ الأمر الذي خلّف جيلاً من الشّباب المنهكين الذين يشعرون بانعدام الأمان فيما يتعلق بمستقبلهم، وأدى ذلك لبحثهم عن حلول فردية أمام التحديات التي تواجههم، على الرغم من أنَّهم الفئة التي يُعوَّل عليها في حمل المشروع الفلسطيني، والمحافظة عليه أمام الواقع الجديد المفروض.
وهدفت الدِّراسة إلى معرفة وجهات نظرهم حول مفهوم الهويَّة الفلسطينيَّة وأبعادها وعناصرها المختلفة، والتغييرات التي طرأت على أوضاع فلسطينيي سوريا نتيجة الحرب السُّورية وتداعياتها، وكيف تفاعلت الهويَّة الفلسطينيَّة وما يرتبط بها من ممارسات وتعبيرات مع هذه التغييرات، وكذلك معرفة دور هؤلاء الشّباب وتطلعاتهم ومقترحاتهم.
واعتمدت الدراسة على استبانة إلكترونية لجمع البيانات المطلوبة، حيث بلغ عدد أفراد العينة 752 فرداً، وخلصت إلى مجموعة من النتائج. فتبيَّن أن معظم أفراد العيّنة مدرِكون لمفهوم الهويَّة بعناصرها ومكوناتها المختلفة، غير أنَّه ظهرت عندهم إشكاليَّة في فصل مفهوم الهويَّة الوطنيَّة عن بُعديها القومي والدِّيني، وأكَّد أغلبهم أن للهوية الفلسطينيَّة خصوصيَّة يجعل من تمييزها عن الهويات الأخرى أمراً ممكناً، كذلك أظهر أغلبية أفراد العيّنة وعيهم بالأزمة الّتي تمر بها الهويَّة الوطنيَّة الفلسطينيَّة.
كما اتضح أن الحرب السُّورية وتداعياتها فرضت مجموعة تغيرات على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، فقد أكَّد أغلبية أفراد العيّنة أن الوضع الاقتصادي قد تدهور، وعلى الصعيد الاجتماعي حدثت مجموعة تغيرات أبرزها النزوح والهجرة، مما أثر على توزّع وانتشار اللاجئين الفلسطينيين داخل سوريا. أمَّا على المستوى السِّياسي، فقد أبدت الأغلبية الموافقة على أن المواقف السِّياسية للفصائل الفلسطينيَّة كانت متباينة، وعلى صعيد التَّغيرات التي طرأت على الوضع القانوني، فقد أبدت الأغلبية وجود تغيرات تتعلق بقوانين التملّك العقاري ووثائق السفر.
وقد رصدت الدراسة انعكاس جميع تلك التَّغيرات على الهويَّة الفلسطينيَّة لديهم، فتبدلت أولوياتهم نتيجة الحرب، وتنامت مشاعر القلق والحذر، وازدادت عزلتهم الاجتماعيَّة، مما جعل الهويَّة تأخذ طابعاً وطنياً جمعياً أمام التهديدات التي تواجههم، كذلك ازداد الارتباط العاطفي بمكان الولادة والتنشئة على حساب الوطن الأصلي، وتغيرت صورة الفلسطيني ومكانته الاجتماعيَّة عند الآخر السُّوري، وأيَّد بعضهم ظهور نوع جديد من التماهي النسبي بين الهويَّة الفلسطينيَّة والسُّورية، كما لُوحظ تغيّر الطُّقوس الاجتماعيَّة المرافقة للأفراح والأتراح والأعياد..
ولاحظت الدراسة أيضاً تأثّر أدوار الشّباب الفلسطيني، وازدياد التهميش السِّياسي للشّباب الفلسطيني، حيث لم تعد الفصائل الفلسطينيَّة ومنظماتها الشّبابية تلبي تطلعاتهم وتحقق آمالهم، وتقلّصت الممارسات التي تعبر عن الهويَّة (الاعتصامات، والنشاطات السِّياسية،...) وكذلك تقلّصت الأنشطة الشّبابية التي تعزّز الهويَّة الفلسطينيَّة، ووافق أغلبية أفراد العيّنة على أن الهويَّة الفلسطينيَّة قد ازداد تشتتها.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي أفكار كتب تقارير كتب الفلسطينيون دراسة سوريا سوريا دراسة فلسطين لاجئون كتب كتب كتب كتب كتب كتب أفكار أفكار أفكار سياسة سياسة أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار أفكار سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة ة الفلسطینی الش باب
إقرأ أيضاً:
إستحداث صيغ جديدة لتمويل القطاع الفلاحي إبتداء من 2025
أكد وزير المالية، لعزيز فايد، أن كل البنوك العمومية ستشرع في توفير تمويلات فلاحية إبتداء من السنة المقبلة 2025. بغرض تعميم هذه التمويلات والرفع من مردودية القطاع الفلاحي.
وخلال جلسة علنية خصصت للأسئلة الشفوية بمجلس الأمة، أكد فايد أن سنة 2025 ستشهد الإنطلاق في التمويلات الموجهة للقطاع الفلاحي على مستوى كل البنوك العمومية. عملا بالإتفاقيات التي ستوقع بين وزارة الفلاحة والتنمية الريفية والصيد البحري وكل بنك على حدى. مذكرا بأن الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية كانت قد وقّعت مع الوزارة إتفاقية في هذا الإطار.
وأوضح الوزير، أن بعض البنوك تعتزم توسيع نطاق تدخلها في القطاع الفلاحي من خلال إستحداث صيغ جديدة مخصصة لتمويله بصيغة الصيرفة الإسلامية.
وأشاد فايد بالدور الريادي لبنك الفلاحة والتنمية الريفية “بدر” في تمويل القطاع. وكذا بجهوده في تقليص آجال دراسة ملفات طلبات القروض التي لا تتجاوز 30 يوما. مشيرا إلى أن تمويلات “بدر” تمثل أكثر من 95 بالمائة من التمويل الإجمالي للقطاع من خلال مختلف صيغ القروض.
وبخصوص دراسة البنوك لملفات القروض، ذكر الوزير بأنها تعتمد في المقام الأول على الموضوعية .وهو الأمر الذي يمكن البنوك من الاستجابة للمتطلبات الربحية والمخاطر وتأسيس علاقة مع الزبون في سياق رابح-رابح.
أما فيما يخص رفض الملفات، فأشار السيد فايد بأنها تتم لعدة أسباب تتعلق بطبيعة المشروع والضمانات الممنوحة وقطاع النشاط. حيث يعرض بعض المستثمرين “دراسة قابلية إنجاز المشروع من الناحية المالية والإقتصادية مبالغ فيها على العموم. أو يقدم ضمانات غير كافية، بحيث لا تسمح هذه الوضعية للبنك بضمان تغطية كافية للمخاطر المحتملة التي قد تقع على عاتقه بتمويل المشروع المعني.
وفي سبيل رقمنة الخدمات البنكية، أكد فايد بأن البنوك تعمل على تفعيل خدمة طلب القرض عن بعد لكل فئات الزبائن. بحيث ستوفر هذه الخدمة إمكانية طلب القروض ومتابعة تقدم دراسة الطلب، بالإضافة إلى إفادة الإبلاغ برد البنك. كما أنها ستساهم في تقليص آجال دراسة الملفات ورفع كل القيود المتعلقة بتفويض السلطات لمنح القرض”.