التيار يدعو مجدّدًا لحوار مسيحي.. هل يبصر النور؟!
تاريخ النشر: 21st, March 2024 GMT
مجدّدًا، دعا رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل إلى "حوار مسيحي" برعاية بكركي، حيث طلب من البطريرك الماروني بشارة الراعي "المؤتمن على مجد لبنان"، أن يجمع القيادات السياسية المسيحية، مشدّدًا على أنّ "الوقت ليس للمزايدات ولا للعدائية"، ومناشدًا "القوات" و"الكتائب" و"المردة" وضع "خط أحمر عريض تحت الوجود والشراكة المتناصفة"، وفق تعبيره.
وإذا كان باسيل وضع هذا الحوار في خانة "الطبيعي"، باعتباره أنه "لا يوجد سبب لعدم اللقاء"، فإنّ دعوته تأتي في وقت لا يزال مبدأ الحوار مثيرًا للجدل في الأوساط السياسية، ولا سيما المسيحية منها، في ظلّ الموقف المعروف خصوصًا لحزبي "القوات" و"الكتائب" اللذين يعتبران أنّ المطلوب اليوم الذهاب إلى مجلس النواب لانتخاب رئيس للجمهورية بالطرق الديمقراطية، بعيدًا عن فرض "بِدَع جديد" من نوع الحوار السابق للانتخاب.
وفي وقت لم يصدر موقف رسميّ عن بكركي إزاء دعوة باسيل المتجدّدة، علمًا أنّ محاولات الراعي رعاية حوار مسيحي قبل أشهر اصطدمت بالفيتوات والتحفظات، التي دفعته لتحويل الحوار إلى الصلاة، تُطرَح علامات استفهام عن "مغزى" الدعوة في هذا التوقيت، ولكن أكثر من ذلك، عن مدى قابليّتها للتنفيذ، فهل يمكن لحوار مسيحي من هذا النوع أن يبصر النور اليوم؟ وما هو المأمول منه في هذه الحالة، في ظلّ الاستقطاب السياسي الحاد؟
أهمية الحوار المسيحي
في سياق دعوته الراعي إلى جمع القيادات المسيحية في بكركي، قال باسيل إنّه "لا يوجد سبب لعدم الالتقاء"، وهو بالتحديد ما ينطلق منه المحسوبون على باسيل في الدفاع عن فكرة الحوار المسيحي المسيحي، والتأكيد على أهميته في هذا التوقيت بالتحديد، ولنقاش مسائل ترتبط بجوهر الوجود المسيحي في لبنان.
وإذا كان الاستحقاق الرئاسي يأتي على رأس "الأجندة"، في ظلّ الفراغ الرئاسي المستمرّ في قصر بعبدا منذ نهاية تشرين الأول 2022، في وقت يدرك القاصي والداني أنّ اتفاقًا مسيحيًا حقيقيًا يمكن أن يضع له حدًا، ويشكّل مَدخَلاً بديهيًا لانتخاب الرئيس، فإنّ أوساط "التيار" تشدّد على أنّ فكرة الحوار المسيحي ينبغي أن تكون أعمق وأبعد من الاستحقاق الآني، وتركّز على جوهر "الشراكة" بمنطق "المناصفة" بالدرجة الأولى.
من هنا، تقول أوساط "التيار" إنّ السؤال لا يجب أن يكون عن مغزى الحوار، أو الحوافز التي يمكن أن تدفع باتجاهه، بل على النقيض، عن أسباب عدم حصول التلاقي المسيحي، رغم الأزمات الوجودية التي يواجهها المسيحيون على غير صعيد، وهي تعرب عن "تفاؤلها" بأنّ الفكرة ستجد آذانًا صاغية في بكركي، ولا سيما أنّ البطريرك الماروني هو من الدعاة إلى الحوار والتلاقي، ولا يوفّر فرصة إلا ويحثّ فيها الأطراف على تجاوز خلافاتهم.
تحفّظات وتعقيدات
لكن، في مقابل تفاؤل أوساط "التيار"، لم توحِ المؤشّرات الأولية بأنّ دعوة باسيل قوبلت باهتمام في الأوساط المسيحية، سواء منها الكنسية أو السياسية، بل إنّ العارفين يتحدّثون عن "برودة" قوبلت بها حتى في بكركي، التي لا تبدو في وارد تكرار التجربة "المُرّة" السابقة يوم فشلت في جمع النواب المسيحيين على لقاء أبعد من "الصلاة والتأمّل"، فضلاً عن كونها لا تحبّذ الدعوة إلى حوار من أجل الحوار، بل هي تريد ضمان نجاحه سلفًا، وهو ما لا يبدو متوافرًا الآن.
في المقابل، فإنّ القوى المسيحية الأساسية التي توجّه إليها باسيل، أي "القوات" و"الكتائب" و"المردة"، لم تبدُ هي الأخرى "مرتاحة" لدعوة باسيل، وإن تريّث بعضها في حسم موقفه منها، بانتظار نضوج الفكرة على الأقلّ، فأوساط "المردة" مثلاً تبدو حَذِرة في التعامل مع مثل هذه الدعوة، التي لا تقرأ فيها سوى فصل جديد من فصول محاولات إسقاط ترشيح النائب السابق سليمان فرنجية، وهو الأمر الوحيد الذي يبدو أنّ الأحزاب المسيحية الأخرى تتّفق عليه.
ولا يبدو موقف "القوات" و"الكتائب" أفضل، ولو تفاوتت نظرتهما إلى التفاصيل، فـ"القوات" لا ترى طائلاً من الحوار في الوقت الحالي، وتعتبر أنّ الأولوية يجب أن تكون محصورة بانتخاب رئيس، علمًا أنّ المشكلة الأكبر مع باسيل تكمن في موقفه من سلاح "حزب الله"، فيما تبدي أوساط "الكتائب" مرونة أكبر في الموقف، لكنّها تعتبر أنّ الحوار حول الرئاسة غير مُجدٍ، إذا لم يسبقه إعلان واضح وصريح بسحب ترشيح سليمان فرنجية من التداول.
لا توحي المعطيات المتوافرة أنّ "الحوار المسيحي" الذي دعا إليه باسيل سيبصر النور، في ظلّ المعطيات الآنية، ولو أنّه يفتح الباب أمام علامات استفهام أخرى، فكيف لمن يرفض حوارًا وطنيًا موسّعًا أن يقبل بحوار محصور بصبغة طائفية محدّدة؟ وأليس الأوْلى أن يتلاقى جميع الأطراف، تحت سقف حوار وطني، للتفاهم على وضع حدّ للشغور الرئاسي، الذي يعني كل اللبنانيين بطبيعة الحال؟!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أبوظبي تستضيف المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح فبراير المقبل
تنطلق في أبوظبي يوم 19 فبراير المقبل، تحت رعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، فعاليات الدورة الثانية من "المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح"، تحت شعار "تمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح"، الذي ينظمه مركز باحثي الإمارات للبحوث والدراسات، التابع لمؤسسة الإمارات للعلوم والبحوث، بالشراكة مع وزارة التسامح والتعايش، وبدعم من مكتب أبوظبي للمؤتمرات والمعارض التابع لدائرة السياحة والثقافة في أبوظبي.
وسيقدم المتحدثون في المؤتمر الذي يعقد في مركز أبوظبي للطاقة ويستمر حتى 21 فبراير 2025، رؤى متنوعة حول تأثير تمكين الشباب في تعزيز التسامح، مع مواضيع تشمل التبادل الثقافي، ودور التعليم في تعزيز التعايش، وأهمية تبني التنوع الثقافي لبناء مجتمعات متماسكة.
وقال معالي الدكتور عبدالله بلحيف النعيمي، رئيس المجلس الاستشاري لإمارة الشارقة، ورئيس مجلس أمناء مركز باحثي الإمارات، إن انعقاد هذا المؤتمر في أبوظبي للمرة الثانية يجسد التزام دولة الإمارات بدورها الريادي في تعزيز قيم التسامح والحوار العالمي، لافتا إلى أن تمكين الشباب لا يقتصر على إعدادهم للمستقبل، بل من خلال ترسيخ قيم إنسانية عميقة في قلوبهم وعقولهم، ليصبحوا دعاة سلام وبناة جسور بين الثقافات والحضارات، خصوصا وأنهم يشكلون الركيزة الأساسية لتحقيق التغيير الإيجابي، ومؤكدا أن المؤتمر يوفر لهم الأدوات والرؤى ليشكلوا مستقبلًا قائمًا على التفاهم والتعايش والتناغم بين الشعوب.
من جانبها أكدت عفراء الصابري، مدير عام وزارة التسامح والتعايش، أن انعقاد "المؤتمر الدولي لحوار الحضارات والتسامح" للمرة الثانية في العاصمة أبوظبي، برعاية معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير التسامح والتعايش، وبحضور شخصيات بارزة حول العالم، يؤكد أن دولة الإمارات في ظل قيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئس الدولة، حفظه الله، أصبحت عاصمة عالمية للتسامح والتعايش والأخوة الإنسانية، ومثالا ونموذجا لتعزيز ثقافة التعايش السلمي والحوار حول العالم.
أخبار ذات صلة «شجرة العجائب».. ترسخ قيم التسامح في نفوس الأطفال نهيان بن مبارك: "شتاء صندوق الوطن" يستهدف تعزيز الهوية الوطنيةوأضافت، أن وزارة التسامح والتعايش حريصة على التعاون مع المؤسسات المحلية والدولية من أجل تحقيق الأهداف السامية التي تأسست من أجلها، مؤكدة أن معالي الشيخ نهيان بن مبارك آل نهيان، يطالب دائما بتفعيل قدرات الوزارة كافة بالتعاون مع مؤسسات المجتمع، المحلية والاتحادية والأكاديمية؛ لتجسيد أهدافها على أرض الواقع، من خلال الوصول بثقافة التسامح والتعايش إلى كل فئات المجتمع ولا سيما الشباب، مشيدة باختيار "تمكين الشباب"، كموضوع رئيسي للنسخة الثانية من المؤتمر، باعتبارهم الفئة الأهم في المجتمع، وعنوان الحاضر وصناع المستقبل المزهر للإمارات والعالم أيضا.
ويستعرض المؤتمر كيفية تمكين الشباب لقيادة مبادرات التسامح التي يمكن أن تشكل هياكل اجتماعية شاملة، وهو ما يتماشى مع التزام دولة الإمارات برعاية قادة شباب يركزون على الاحترام المتبادل والتفاهم، بالإضافة إلى جلسات تفاعلية مثل "مبادرات شبابية لتعزيز التعايش الثقافي" و"شراكات عالمية لتمكين الشباب من أجل التسامح".
ويشارك في المؤتمر أكثر من 100 متحدث من الدول والقطاعات المختلفة، بما في ذلك ممثلون عن القطاعات الحكومية والدبلوماسية والأكاديمية والدينية والثقافية، ومن المتوقع أن يستقطب أكثر من 5000 مشارك، ويعرض 120 ورقة بحثية و25 ورشة عمل تفاعلية، ما يعكس الأهمية العالمية لتمكين الشباب من أجل مستقبل متسامح.
المصدر: وام